تقبل الكثير من الدول التى تمتلك أنهارا بأراضيها على بناء العديد من السدود بغرض توليد الكهرباء التى تستخدم فى عمليات التنمية المختلفه و رغم اختلاف أحجامها و تصميماتها من مكان الى أخر الا أنها جميعا تعمل بفكرة واحدة و هى فتح منافذ من السد لتسقط المياه من أعلى بعامل الجاذبية الأرضيه و تتحول طاقة الوضع الكامنة فيها الى طاقة حركية يتم استغلالها عبر سقوطها على توربينات متصلة بمولد للطاقه يقوم بتحويل الطاقة الحركية الى كهربائيه و التى تنتقل بدورها عبر شبكات التغذية الكهربائيه ليتم الانتفاع منها فى حياتنا العاديه سواء كانت فى المنازل أو المصانع أو أماكن أخرى , و رغم شهرة العديد من السدود حول العالم نتيجة ضخامة حجمها أو كميات الطاقة المولدة منها الا أنه يوجد واحدا منهم فى الصين يطلق عليه إسم سد الخوانق الثلاث و الذى قد أثير الكثير من الجدل عنه مؤخرا حيث يقول البعض بأنه حال إحتفاظه بكميات ضخمة من المياه فإن ذلك كافيا لإبطاء و تغيير سرعة دوران الأرض و تغيير طول الأيام فهل تعد تلك المعلومة صحيحه ؟ .

التقييم

الأدله

يعتبر سد الخوانق الثلاث في الصين و الذي سمي بهذا الاسم نسبة إلى الفجوات الثلاثة التي يشملها هو أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في العالم و يقع على نهر “اليانجتسى” و تبلغ طاقته التوليدية 22.5 جيجاوات أي ما يقرب من أربعة أضعاف المنتج من “سد جراند كولي” على نهر كولومبيا في “واشنطن” و يبلغ ارتفاعه 183 متر و طوله 2.4 كيلومتر كما أن لديه خزان متصل بالسد على مساحة ألف كيلو متر مربع و القادر على استيعاب حجم الكبير من المياه و الذي يُشاع أنها تبطئ و تغير سرعة دوران الأرض حيث كانت تلك الاقاويل مجرد شائعات تداولت منذ أكثر من عقد من الزمان الا أنه أتضح بالفعل أنها صحيحة و تم التحقق منها من قبل مجلة ” بيزنس انسايدر ” الامريكيه في يونيو عام 2010 و التى قالت أنه بمجرد ملء خزان السد بالمياه فستكون كتلتها كافية لتغيير سرعة دوران الأرض حيث قالت :

سوف تزن تلك المياه أكثر من 42 مليار طن و بالتالى فإن أي تحول في كتلة بهذا الحجم سيؤثر على دوران الأرض بسبب ظاهرة تعرف باسم “لحظة القصور الذاتي” و كلما طالت المسافة بين الكتلة و محور دورانها كانت سرعتها أبطأ و اذا كنت لا تستطيع استيعاب تلك الامور الفيزيائيه فيمكن التوضيح بمثال و هو أن الغواص الذي يحاول الانزلاق بشكل أسرع فى الهواء يجعل جسده مضموم قبل وصوله الى المياه . لذلك فإن رفع 42 مليار طن من المياه لارتفاع 175 مترًا فوق مستوى سطح البحر سيزيد من عزم القصور الذاتي للأرض و بالتالي إبطاء دورانها و رغم ذلك الا أن التأثير سيكون ضئيلًا للغاية حسب علماء ناسا حيث سيزيد طول اليوم بمقدار 0.06 ميكروثانية فقط و سيجعل الأرض أكثر استدارة قليلاً في المنتصف و أكثر استواءً فى الأعلى كما أنه سيغير موضع القطب بحوالي سنتيمترين و هى كلها تحولات صغيرة جدًا بحيث لا يتم الاحساس بها و لكن يمكن حسابها و رصدها .

اضافة الى ذلك فقد قالت وكالة “ناسا” انها أستقت تلك المعلومات من تقرير صدر من مختبر الدفع النفاث و الذي نُشر في يونيو عام 2005 و فيه قارن العلماء آثار ذلك السد بزلزال وقع باندونيسيا فى ديسمبر عام 2004 الذي تسبب في حدوث تسونامي ضخم أودى بحياة ما يقرب من 230 ألف شخص حيث لاحظوا أنه من خلال عملية تُعرف باسم “لحظة القصور الذاتي” التى نجمت عن الزلزال فإنها قد قللت من طول اليوم بمقدار 2.68 ميكروثانية و انخفض انحراف الأرض و عليه فقد تؤثر التحولات في الكتلة مثل تلك الناتجة من الزلازل أو الخزانات على دوران الأرض بسبب ما يُعرف بلحظة القصور الذاتي , ففي حالة السد تعتمد لحظة القصور الذاتي للأرض على الماء و توزيعه بالنسبة لمحور الدوران أي عبر نقله من مناطق الى أخرى فى الخزان حيث أشارت ” ناسا ” إلى أن محور الأرض هو قطب وهمي يمر عبر مركز الأرض من “أعلى” إلى “أسفل” و تدور الأرض حوله بدورة كاملة كل يوم و لكن مع تحرك تلك الكتلة الضخمة على الكوكب فيمكن لهذا التحول أن يغير قليلاً من الدوران و بالتالي طول الأيام على الأرض.

أقرأ أيضا : هل يوجد قمر صناعى يدور حول الأرض قام بصنعه فضائيين لمراقبتنا ؟

و يعد ذلك الامر ظاهرة طبيعيه فالتحول في كتلة أي جسم على الأرض بالنسبة لمحور الدوران سيغير من لحظة من القصور الذاتي و على الرغم من أن معظمها صغير جدًا بحيث لا يمكن قياسه الا انها تحدث نتيجة عوامل طبيعية أخرى مثل الرياح و الضغوط الجوية و الزلازل و التى تنتقل فبها كتلة كبيرة من موقع الى اخر على الكوكب بأي وقت حيث لوحظت تحولات في الدوران خلال الزلازل الكبرى في شيلي عام 2010 و في اليابان عام 2011 و كلاهما أدى إلى تغير فى سرعة دوران الأرض و بالتالي تقليل طول اليوم.

و عليه فأنه في حين أنه قد يبدو مزعجًا للبعض أن سد الخوانق الثلاث و خزانه لهما القدرة على تحويل محور الأرض و تغيير طول الأيام فإن تفسيره العلمى يعتبر أمرا طبيعيا و يحدث بالفعل نتيجة ظواهر أخرى سواء كان هناك سدا أم لا .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *