تشتهر الثقافات حول العالم بتقاليدها الفريدة خاصة تلك المرتبطة بالزواج التي تعكس قيم المجتمع و معتقداته و لعل أبرزها عادة تمارس في المناطق الريفية باسكتلندا و أيرلندا الشمالية تعرف بإسم التسويد Blackening و التي تقام قبل أيام أو أسابيع من حفل الزفاف و يتضمن تغطية العروس و العريس أو أحدهما بمواد لزجة و كريهة الرائحة مثل القطران أو الطعام الفاسد ثم يتم عرضهما علناً في الشوارع إعتقادا منهم أن ذلك الأمر يجلب الحظ الحسن لهم و يؤهلهم لمواجهة تحديات الحياة الزوجية و رغم غرابة التقليد إلا أن سكان تلك المناطق لا يجدون غضاضة في ممارسته لأنه يحمل في طياته و بحسب معتقداتهم معاني عميقة تتعلق بالبركات و التضامن الإجتماعي إضافة إلي إعتباره رمزاً للتراث الثقافي و التمسك بالهوية المحلية .
يعود تقليد التسويد إلي قرون مضت حيث كان في السابق طقس اسكتلندي يُعرف بإسم “غسل الأقدام” و كان يُمارس كجزء من التحضيرات للزواج حيث يتم غسل أقدام العروس و العريس كرمز للتطهير و البدء بحياة جديدة و مع حلول القرن التاسع عشر تحولت تلك العادة إلي لعبة ترفيهية حيث يتم تغطية الأقدام و الأرجل بمواد سوداء ثم تنظيفها و هو ما أضاف عنصر المرح إلي الإحتفال و بمرور الوقت تطورت الطقوس لتشمل الهروب و المطاردة و إستخدام القطران و الريش مما جعله أكثر تعقيداً و إثارة و هو ما أدي إلي تغيير إسمه من “غسل الأقدام” إلي “التسويد” و أصبح يُمارس في الهواء الطلق بدلاً من المنازل.
و في تقليد التسويد يتم إختطاف العروس و العريس أو أحدهما من قبل الأصدقاء و العائلة ثم يتم تغطيتهما بمواد لزجة مثل القطران أو العسل أو حتى الطعام الفاسد و بعد ذلك يتم وضعهما في شاحنة مفتوحة و الطواف بهما في الشوارع بينما يقرع المشاركين الأواني و المقالي لإحداث ضجة و صخب كبير و يهدف ذلك إلي جعل الزوجين في حالة من الفوضي و عدم الراحة مع ضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من أفراد القرية حيث يُعتقد أن هذه الطقوس تُعدهم لتحديات الحياة الزوجية كما أنها تجلب الحظ و السعادة لهما و رغم غرابة العادة إلا أنه تحظى بشعبية كبيرة في المناطق الريفية باسكتلندا و أيرلندا الشمالية.
و تقليد التسويد ينظر إليه في مناطق ممارسته بإعتباره ليس مجرد طقس ترفيهي فحسب بل له جذور ثقافية و إجتماعية عميقة حيث يعكس قيم المجتمع الريفي الذي يعتبر الزواج حدثاً جماعياً يشارك فيه الجميع فمن خلال هذا الطقس يتم تعزيز الروابط الإجتماعية بين أفراد القرية كما يتم إظهار الدعم للزوجين في بداية حياتهما الجديدة إضافة إلي الأعتقاد بأن ممارسته تجلب البركات و تبعد الأرواح الشريرة عنهم و هو السبب الذي يجعل البعض يختار مادة القطران تحديدا خلال تلك العادة بإعتبارها رمزاً للحماية كما أنها تعكس أيضاً روح الفكاهة و المرح التي تتميز بها الثقافة الاسكتلندية.
إقرأ أيضا : بولترابند .. تقليد ألماني يقوم فيه المقبلين علي الزواج بتكسير الأواني الخزفية لضمان حياة سعيدة
و حتي اللحظة لا تزال عادة التسويد تمارس في المناطق الريفية بتلك البلاد و إن كان بطرق أكثر إعتدالاً بسبب حدوث تغيرات في القيم الإجتماعية لذلك أصبحت تمارس بشكل ترفيهي أكثر من كونها ذات دلالات تراثية عميقة كما يتم تنظيم حفلات خاصة بها و توثيقها عبر وسائل التواصل الإجتماعي و هو ما يجعلها أكثر إنتشاراً و شعبية .