في عالم الحيوان توجد العديد من القصص التي تُظهر أحيانًا تعقيدات العلاقة بينهم و بين عالم البشر و تكشف عن كيفية تعامل المجتمعات معهم في ظل ظروف غير عادية واحدة منها ترجع إلي قرد من نوع المكاك عاش في منطقة بالاسوار بولاية أوديشا الهندية و يدعي رامو الذي أصبح بين عشية و ضحاها رمزًا مثير للجدل حول قضايا حقوق الحيوان و طبيعة العدالة الإجتماعية في الهند و ذلك عقب قضاءه خمس سنوات من حياته محتجزًا داخل مركز شرطة ريمونا بزعم الإخلال بالإنسجام المجتمعي و هي تهمة أثارت إهتمام وكالات الأنباء بجانب ناشطي حقوق الحيوان محليا و عالميا .
بدأت القصة عام 2001 حين كان القرد ” رامو ” يبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط عندما هاجم عددًا من الأطفال في قرية جاجاناثبور و هو ما تسبب في حدوث إصابات طفيفة لهم نتيجة العض و رغم بساطة الحادث إلا أنه أصبح مثير للجدل بسبب أنه كان تحت رعاية عائلة مسلمة بينما كان الأطفال الذين تعرضوا للهجوم ينتمون إلي المجتمع الهندوسي و هو أمر قد يسمح بحدوث توترات طائفية في المنطقة خاصة بعد أن بدأ البعض في تفسير الحادث من منظور ديني و إجتماعي لذلك قررت الشرطة المحلية إعتقال القرد في محاولة لتهدئة الأوضاع و منع تفاقم التوترات .
و عقب إعتقال ” رامو ” ظل في مركز الشرطة لفترة ثم أطلق سراحه لكنه عاد إلي سلوكه العدواني بعد مهاجمته لأطفالًا مرة أخرى و هو ما أدى إلي إعتقاله مجددا و لكن تلك المرة قررت الشرطة إحتجازه بشكل دائم خلف القضبان و رغم معاملته بشكل جيد إلا أن إحتجازه لفترة طويلة أثار إستياء المهتمين بأنشطة حقوق الحيوان لأنه بحسب القوانين الهندية للحياة البرية يُعتبر قرد المكاك الريسوسي من الأنواع المهددة بالإنقراض مما يعني أنه لا يمكن الإحتفاظ به كحيوان أليف أو إحتجازه في أقفاص و مع مرور الوقت بدأت الضغوط تتصاعد من قبل الناشطين الذين طالبوا بإطلاق سراح ” رامو ” و تسليمه إلي سلطات الغابات كما لاقت القضية إهتمامًا عالميًا بعد تسليط الضوء علي معاناته بسبب قضاءه سنوات طويلة في الحبس دون أي ذنب يُذكر .
و في 18 أكتوبر عام 2006 و بعد حملات ضغط مكثفة أطلقت الشرطة سراح القرد رامو و سلمته إلي مسؤولي الحياة البرية و وفقًا لتصريحات الضابط المسؤول في مركز شرطة ريمونا ” نيرانجان كومار دير ” أن القرد كان يُعامل بشكل جيد خلال فترة إحتجازه حيث كان يحصل علي أربع وجبات يومية و يتم الإعتناء به و تنظيفه بإنتظام إلا أنه كان من الضروري الإفراج عنه لإنهاء الجدل الدائر حول حقوق الحيوان و مدى ملاءمة إحتجازه .
إقرأ أيضا : تاريخ أوروبا المجنون في محاكمة الحيوانات و إعدامها
و رغم غرابة قصة القرد رامو إلا أنه من المثير للإهتمام أنها ليست الأولي من نوعها في ” الهند ” حيث توجد حالات عديدة تم فيها إحتجاز حيوانات بسبب سلوكيات إعتبرها البشر تهديدًا للمجتمع فعلى سبيل المثال عام 2018 تم إعتقال فيل في ولاية جهارخاند بتهمة التسبب في أضرار للمحاصيل الزراعية و لعل تلك الأمثلة أثارت تساؤلات حول كيفية تعامل البشر مع الحيوانات في المناطق التي تتداخل فيها الحياة البشرية مع الحياة البرية كما أظهرت قصة القرد رامو تحديدا أهمية التوعية بحقوق الحيوان و الحاجة إلي تطبيق القوانين التي تحمي الأنواع المهددة بالانقراض فوفقًا لتقارير منظمة “بيتا” (PETA) فإن ” الهند ” لديها واحدة من أكثر القوانين صرامة في مجال حماية الحيوان و لكن تطبيق هذه القوانين لا يزال يواجه تحديات كبيرة بسبب نقص الوعي و الموارد.