جوستين سيجموند .. القابلة الألمانية التي أحدث نصها الطبي ثورة في علم التوليد

علي الرغم من أن عمليات الولادة في الوقت الراهن أصبحت من الأمور السهلة إلا أنها لم تكن كذلك في القرن السابع عشر بعد أن كان ينظر إليها بإعتبارها أمر خطير و معقد نظرا لأن المعرفة حولها كانت محدودة للغاية كما أنه كان يصحبها العديد من المضاعفات التي كانت في بعض الأحيان قاتلة للأم و أطفالها إلا أن ذلك قد تغير بشكل جذري علي يد سيدة ألمانية تعمل قابلة و تدعي جوستين سيجموند و التي قامت بتثقيف نفسها حول طبيعة أجساد النساء و الحمل و الولادة و وضعت تقنيات و أساليب تمكنت من خلالها في توليد آلاف الأطفال بأمان و قامت بنقلها في نص طبي عام 1690 حمل عنوان قابلة البلاط و الذي ساهم في إحداث ثورة في عمليات الولادة و جعلها أكثر أمانًا للنساء .

جوستين سيجموند .. القابلة الألمانية التي أحدث نصها الطبي ثورة في علم التوليد

وُلدت ” جوستين سيجموند ” عام 1636 في قرية روهنستوك البولندية و طوال حياتها كانت تعاني من هبوط في الرحم أي أن العضلات و الأربطة المحيطة به كانت ضعيفة و هو ما كان يعطيها أعراضًا مثل الشعور بالثقل في أسفل البطن لذلك كانت تبدو ” جوستين سيجموند ” كما و لو أنها كانت حاملاً لذلك و نتيجة شعورها بالإحباط مما هي فيه شرعت في التعرف علي مهنة و خبرات القبالة بنفسها من خلال معرفة تقنياتها و علي الرغم من أن القابلات كانوا قليلين الكلام حول أسرار عملهن إلا أن ذلك لم يمنعها من تثقيف نفسها في ذلك المجال و بدأت عملها في إنجاب الأطفال بداية من عام 1659م و علي عكس زميلاتها نادرًا ما إستخدمت ” جوستين سيجموند ” الأدوية أو الأدوات الجراحية أثناء عمليات الولادة و كان بداية عملها مع النساء الفقيرات فقط لكنها سرعان ما صنعت إسمًا لنفسها و بدء إستدعاؤها للعمل مع نساء العائلات النبيلة أيضًا و بحلول عام 1701 ذاع صيت موهبتها لذلك تم إستدعائها إلي برلين للعمل كقابلة رسمية للبلاط .

جوستين سيجموند .. القابلة الألمانية التي أحدث نصها الطبي ثورة في علم التوليد

و بصفتها قابلة للبلاط في ” برلين ” نمت سمعة ” جوستين سيجموند ” بسرعة خاصة بعد أن ساهمت في إنجاب أطفالًا للعائلة المالكة و مساعدتها للنساء النبيلات الذين عانوا من مشاكل صحية مثل أورام عنق الرحم و هو ما جعل ” ماري الثانية ” ملكة إنجلترا سعيدة جدًا بعملها لدرجة أنها طلبت منها كتابة نص تعليمي للقابلات الأخريات و علي الرغم من أن القبالة كانت إلي حد كبير تقليدًا شفهيًا و كانت النصوص الطبية عادةً ما يكتبها الرجال إلا أن ” جوستين سيجموند ” إمتثلت لطلب الملكة و كتبت النص الطبي الذي حمل عنوان قابلة البلاط عام 1690 في محاولة منها لمشاركة خبراتها التي وصلت إلي المساهمة في توليد ما يقرب 6200 طفل مع الآخرين و في النص شرحت كيف أنجبت أطفالاً أصحاء في عمر 37 أسبوعًا و هو ما بدد فكرة أن الأطفال لا يمكنهم البقاء على قيد الحياة إلا بعد 40 أسبوعًا و وضحت أهمية ثقب الكيس السلوي لمنع النزيف في المشيمة المنزاحة .

أقرأ أيضا : جهاز بولنسكي .. أغرب أداة في عالم ولادة الأطفال بإستخدام قوة الطرد المركزية

و في النص الطبي قابلة البلاط وضعت ” جوستين سيجموند ” إرشادات للأمهات خلال حالات الولادات الصعبة و طبيعة الأخطاء التي من الممكن أن تمثل خطورة علي الأم و الطفل مع إيضاح كيفية تدوير الرضع لتوليدهم بأمان كما دحضت الأسطورة القائلة بأن الأطفال لا يمكن إنجابهم إلا عن طريق الرجال بل بإمكان النساء أيضا فعل ذلك و هو ما أثار حفيظة العديد من الأطباء و القابلات الذكور الذين بدأوا في تسفيه إرشاداتها و لكن رغم تلك الإنتقادات إلا أن النص الطبي الذي وضعته ” جوستين سيجموند ” كان أول إرشادات شاملة عن طرق و أساليب الولادة في ” ألمانيا ” خلال القرن السابع عشر لأنه قبل ذلك لم يكن هناك نص موحد يمكن للأطباء مشاركته لتثقيف أنفسهم حول تقنيات الولادة الأكثر أمانًا و لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى تُرجمت إرشاداتها التي نُشرت لأول مرة باللغة الألمانية إلي لغات أخري و رغم وفاتها عام 1705 عن عمر يناهز 68 عامًا إلا أنه حتي اللحظة لا يزال نصها الطبي يمثل موسوعة شاملة للعديد من الكليات و المعاهد الطبية .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *