لطالما أسرت أفلام المطاردات بالسيارات قلوب عشاق السينما نظرا لأنها تجمع ما بين التشويق الحركي و الحبكات المثيرة لأنه فيها يتم تحويل السيارات من مجرد أدوات نقل إلي شخصيات محورية تساهم في سرد الرواية و رغم كثرة الأعمال السينمائية التي تتناول المطاردات إلا أنه يبرز من بينهم فيلم كوميدي موسيقي أنتج عام 1980 و حمل عنوان ذا بلوز برازرز The Blues Brothers الذي يعد أيقونة خالدة في عالم أفلام المطاردات و ذلك لأنه لم يقتصر علي سرد قصة تتعلق بالشقيقين جيك و إلوود برازرز فحسب بل تعدي ذلك ليكون رحلة مليئة بالمغامرات و الموسيقى و الكوميديا بصحبة عنصر أساسي و هي السيارة الشهيرة بلوزموبايل التي أصبحت رمزًا تجاوز الفيلم نفسه .
و يدور فيلم ذا بلوز برازرز The Blues Brothers حول الشقيقين ” جيك و إلوود ” اللذان يجمعهما هدف نبيل يتمثل في محاولتهم إنقاذ دار أيتام كانا قد تربّيا فيه من الإغلاق بسبب تراكم الديون و لتحقيق هذا المسعي كان من الضروري القيام برحلة غير تقليدية لجمع الأموال من خلال إعادة تشكيل فرقتهما الموسيقية و خلال أحداث الفيلم الذي حمل مزيجًا من الكوميديا و المواقف الطريفة ظهرت عدد من الرسائل التي تتناول مفاهيم الروابط الأسرية و المسؤولية المجتمعية بالإضافة إلي ظهور سيارة فريدة من نوعها حملت إسم “بلوزموبايل” و شاركت بفاعلية في تشكيل هوية العمل بعد أن ساهمت في إبراز طبيعة الشقيقين المتمردة و روح المغامرة التي تميزهما .
و السيارة “بلوزموبايل” التي ظهرت في فيلم ذا بلوز برازرز و كانت تعد أحد أبطاله هي “دودج موناكو موديل 1974” لم يكن إختيارها عشوائيا بل جاء قرار الإعتماد عليها لتتوافق مع الطابع العفوي و البسيط للشخصيتين الرئيسيتين حيث تم شرائها من مزاد للسيارات المستعملة و حظيت بعد ذلك بتعديلات خاصة لتلائم متطلبات التصوير و خلال أحداث الفيلم تم إظهارها كسيارة شرطة سابقة بشكل يبرر قدراتها الخارقة في مشاهد المطاردات التي أبهرت الجمهور و خلال التصوير تم إستخدام 13 نسخة مختلفة كل واحدة منها خصصت لتأدية دور محدد مثل الحركات البهلوانية أو الإصطدامات كذلك تم تخصيص أكثر من 60 سيارة شرطة مستعملة لتجسيد مشاهد المطاردات المكثفة و هو ما أضاف مصداقية إستثنائية للعمل .
و لعل من أكثر ما يلفت الإنتباه في فيلم ذا بلو برازرز هي طريقة تصوير مشاهد المطاردات التي مثلت لحظات حاسمة جعلته ينفرد بأسلوبه المميز ففي أحد أكثر المشاهد إثارة تقطع السيارة “بلوزموبايل” شوارع شيكاغو بسرعة مذهلة بلغت 190 كيلومتر في الساعة و هذا المشهد تحديدا تم تصويره دون أي تلاعب بصري حيث أصر المخرج ” جون لانديس ” علي تقديم الواقعية المطلقة فيه و لتحقيق ذلك تم إغلاق شوارع كاملة خلال عطلات نهاية الأسبوع من أجل توفير بيئة آمنة للتصوير حيث أصبحت تلك المشاهد ليس مجرد عروض حركية فحسب بل بمثابة درس في كيفية إستخدام المدن كجزء من الحبكة السينمائية و هو ما أضفى بُعدًا إضافيًا من التشويق و الإثارة .
و لم تقتصر أهمية السيارة “بلوزموبايل” علي دورها في فيلم ذا بلو برازرز فقط بل إمتدت إلي الرمزية الثقافية التي جسدتها ففي القصة تم تصوير السيارة علي أنها “مباركة” نتيجة كون الشقيقين في “مهمة مقدسة” و هذا العنصر أضاف غموضًا و سحرًا خاصًا لها جعل الجمهور يتساءل عن السر وراء قدراتها الخارقة كما أنه في مرحلة الإنتاج تم تصوير مشهد يُظهر السيارة و هي تشحن طاقتها من محولات كهربائية في مخبأ سري إلا أن هذا المشهد تم حذفه من النسخة النهائية مما زاد من الغموض المحيط بها و بذلك أسهمت تلك التفاصيل الصغيرة في تحويل السيارة من مجرد أداة إلي شخصية محورية في أحداث الفيلم .
أقرأ أيضا : كيف تم تصوير شوارع لندن و هي فارغة بإفتتاحية فيلم 28 يوم لاحقًا 28 Days Later
و عقب عرض فيلم ذا بلوز برازرز أصبحت “بلوزموبايل” جزءًا من الإرث السينمائي حيث تم نقل بعض من نسخها المتبقية إلي المتاحف بينما استخدمت نسخ أخرى في عروض ترويجية و حتى اليوم تُعتبر السيارة مصدر إلهام لعشاق السيارات و الأفلام حيث سعى العديد منهم إلي بناء نسخ مقلدة تشارك في معارض السيارات الكلاسيكية أو إعادة تمثيل مشاهد الفيلم في المهرجانات السينمائية و لعل هذا الحب المتجدد للسيارة أبرز كيف يمكن لعنصر بسيط أن يترك تأثيرًا دائمًا علي الجمهور و كيف ساهمت في جعل الفيلم أيقونيا خاصة بعد دخوله موسوعة جينيس للأرقام القياسية بعد أن تم تدمير أكثر من 103 سيارة خلال أحداثه و هو رقم غير مسبوق في ذلك الوقت لم يتجاوزه سوى جزأه الثاني ذا بلوز برازرز 2000 Blues Brothers الذي كسر ذلك الرقم بتحطيم 104 سيارة و هو ما عزز مكانة الفيلم بشكل أكبر كواحد من أكثر الأفلام تأثيرًا في تاريخ أفلام الحركة و الكوميديا.