لا يزال حتى وقتنا الراهن مأساة غرق السفينة الشهيرة تيتانيك بعد اصطدامها بجبل جليدى عام 1912 و غرقها فى قاع المحيط الاطلنطى مثار حديث الناس خاصة بعد صدور الفيلم السينمائى الشهير الذى يحمل اسمها و انخراط الكثير من الباحثين فى محاولة فهم الظروف التى ادت الى وقوع تلك الكارثه و التى بعضها قد يكون منطقى اعتمادا على أسبابا ملاحيه اما البعض الأخر فقد ألقى باللوم كله على أسباب ما ورائيه و خارقة للطبيعه أشهرها ان السفينة كانت تحمل مومياء فرعونية ملعونة و بسبب وجودها غرقت السفينه فهل كانت تيتانيك بالفعل تحمل مومياءا ملعونه ؟

التقييم

لأن السفينة الشهيرة تيتانيك لم تكن تحمل أى مومياء فرعونية ملعونه او اى مومياء على الاطلاق

الأدله

يرجع أصل تلك المعلومة الى قصة لاميرة فرعونية كانت تعمل كاهنة اسمها ” أمين رع ” و التى عاشت منذ نحو 1500 سنة قبل الميلاد و عندما توفيت وضعت في تابوت خشبي مزخرف ودُفنت في قبو عميق بمدينة الاقصر على ضفاف النيل و في أواخر تسعينيات القرن التاسع عشر قام أربعة شبان انجليز بزيارة مصر و مدينة الاقصر حيث قاموا بشراء تابوت تلك الاميرة و رفاتها و دفعوا مقابلها الاف من الجنيهات ثم حملوها الى الفندق الذى يقيمون فيه و فى نفس اليوم و بعد سويعات قليله شوهد واحد من هؤلاء الشبان و هو يسير هائما فى اتجاه الصحراء ثم لم يعد قط من هناك … و فى اليوم التالى اطلق احد الخدم المصريين العاملين فى الفندق النار عن طريق الخطأ على واحد من الثلاثة شبان الباقين و الذى اصيب فى ذراعه بجروح بالغه ادت الى بترها و لم تتوقف القصة على ذلك حيث وجد الرجل الثالث في تلك المجموعة الرباعية عند عودته إلى منزله أن البنك الذي يحتفظ بكل مدخراته قد أفلس و فقد كل امواله اما الشاب الرابع فقد أصيب بمرض خطير و فقد وظيفته وتحول إلى بيع أعواد الكبريت في الشارع .

و رغم كل تلك الكوارث التى حلت على اصحاب التابوت الا انه كان قد استقر فى انجلترا ليشتريه رجل اعمال من لندن و الذى تبرع به الى المتحف البريطانى بعد إصابة 3 من أفراد عائلته في حادث سير و تضرر منزله بحريق غامض و خلال نقل ذلك التابوت و تفريغه من احدى الشاحانات في فناء المتحف تحركت الشاحنة فجأة إلى الخلف وحاصرت أحد المارة و كادت ان تقتله اما العمال الذين حملوا التابوت فخلال صعودهم الى السلم سقط أحدهما وكسر ساقه اما الاخر فكان يبدو بصحة جيدة الا أنه مات بشكل مفاجئ بعد مرور يومين و بمجرد تثبيت تابوت الأميرة في الغرفة المصرية بدأت المشاكل حيث كثيرا ما سمع حراس المتحف ليلا صوت طرق محموم و نحيب من داخل التابوت اما باقى المعروضات الأخرى الموجودة في الغرفة فقد كانت تُلقى في كثير من الأحيان سرعان ما توفي أحد الحراس أثناء الخدمة و هو الامر الذى جعل الباقين و من بينهم عمال النظافة يتحاشون الاقتراب من التابوت و عندما قام زائر يوما بازالة الغبار من الوجه المرسوم على التابوت بسخريه بواسطة قطعة قماشية مات طفله من الحصبة بعد ذلك بوقت قصير .

تابوت الاميرة امين رع فى المتحف البريطانى المتهم بتسببه فى غرق السفينة الشهيرة تيتانيك

نتيجة لكل تلك الكوارث قامت السلطات بحمل المومياء إلى الطابق السفلي اعتقادا منهم بأنها لا يمكن أن تسبب أي ضرر هناك و في غضون أسبوع أصيب أحد العمال الذين شاركوا فى النقل بمرض خطير و تم العثور على مشرف النقل ميتًا على مكتبه و نظرا لكثرة تلك الحوادث بدء اهتمام الصحافة بالتابوت حيث التقط مصور صحفي صورة للمومياء و عندما حمضها كانت للمومياء وجه بشري مرعب و قيل إن المصور عاد إلى منزله حينها ليغلق باب غرفة نومه و يطلق النار على نفسه.

بعد ذلك بوقت قصير باع المتحف المومياء لجامع تحف خاص و نتيجة لكثرة الكوارث و الوفيات التى رافقتها قرر وضع التابوت بمفرده فى مكان أعلى المبنى و بعدها بفترة زارت مدام “هيلينا بلافاتسكي ” المبنى و هى وسيطة روحانيه شهيرة و لها خبرات ضخمة فى مجال السحر والتنجيم و عند دخولها انتابتها نوبة من القشعريرة بعد ان تأكدت من وجود مصدر ما لقوى شريرة به لتبدء فى تفتيش المنزل بحثا عنها حيث وصلت أخيرًا إلى العلية و وجدت ذلك التابوت حينها سألها المالك عما اذا كان بامكانها طرد تلك الروح الشريرة الا انها اجابت بالنفى و بأن الروح الشريرة سوف تظل مستمرة الى الابد و ناشدتهم بسرعة التخلص من ذلك الشر فى أسرع وقت ممكن .

كانت المعضلة امام مالك التابوت هى صعوبة تقبل اى متحف بريطانى لتلك المومياء بعد ان انتشرت سمعتها السيئة و ارتباطها بكوارث حلت على ما يقرب من 20 شخصا ما بين مصائب او وفاة في غضون 10 سنوات تقريبًا الا انه اتى الحل اخيرا من عالم اثار امريكى لم يكن يصدق كل تلك الاحداث الكارثيه باعتبارها مجرد صدف و اشترى المومياء بمبلغ كبير و رتب لنقلها إلى نيويورك في أبريل عام 1912 و اصطحب المالك الجديد كنزه على متن السفينة الجديدة و الشهيرة “تيتانيك” و التى كانت على وشك القيام برحلتها الأولى إلى نيويورك و فى صباح يوم 15 من أبريل و وسط مشاهد من الرعب غير المسبوق رافقت الأميرة “آمين رع” ما يقارب 1500 راكب إلى حتفهم في قاع المحيط الأطلسي .

تلك هى القصة المزعومة و لكن هل هى حقيقيه ؟ .. الاجابة كانت و بالتحرى عنها ثبت انها ملفقة بالكامل نظرا لوجود اخطاء غير منطقية فى سردها تبدء يإن مومياء الأميرة “أمين رع” المخيفة و التى تم شراؤها في الأقصر بمصر من قبل أربعة شبان إنجليز كانت في أواخر تسعينيات القرن التاسع عشر و مع تسلسل الاحداث و بالرجوع الى الوقت الذى ذكرت فيه لاحقا تصريحات “هيلينا بلافاتسكي” إلى جامع التحف سوف نجد صعوبة فى تصديق ذلك نظرا لوفاة ” هيلينا ” بسبب الإنفلونزا عام 1891 كما أن رحلة “تيتانيك” الأولى و الوحيدة لم تتم حتى عام 1912 لذلك توجد فجوة زمنية كبيرة بين تصريحات ” هيلينا ” المزعومة و رحلة ” تيتانيك ” .

بالاضافة الى ذلك و فى عام 1985 تمكن “تشارلز هاس ” رئيس الجمعية الوطنية لتاريخ “تيتانيك” من الوصول إلى بيانات شحن السفينة و مخططات البضائع و التى تضمنت الريش الخام و الكتان و القش و الأنسجة و قطع غيار السيارات و الجلود و شعر الأرانب و الأشرطة المطاطية و شبكات الشعر و أجهزة تبريد و رغم كل ذلك إلا أنه لم يتم إدراج مومياء واحدة فى سجلات شحن السفينة كما ان المومياء التى ذكرت فى تلك القصة الاسطوريه لا تزال موجودة حتى اللحظة فى المتحف البريطانى .

أقرأ أيضا : فيلم تايتنك بين الواقع و الدراما .. 12 قصة إنسانيه لشخصيات حقيقيه ظهرت من خلال أحداث الفيلم

اذن من اطلق تلك القصة الاسطورية المزعومة ؟ .. بدأت تلك القصة فى مطلع القرن العشرين على يد اثنان من الانجليز و هم ” ويليام ستيد و دوجلاس موراي ” حيث كان “ستيد” يعمل صحفيًا و محررًا مشهورًا حارب من أجل القضايا الليبرالية و كان شخصا مؤمنًا بالامور الروحانيه و الخوارق و ينشر دورية صحفية ذات صلة اما ” موراى ” فلا يعرف الكثير عنه سوى انه عالم مصريات حيث صاغ الاثنان قصة متقنة حول مومياء احضرها ” موراى ” إلى إنجلترا من مصر و وضعت في غرفة رسم لأحد معارفهم و زعموا أنه في صباح اليوم التالي لوصول المومياء تم تدمير كل شيء قابل للكسر بالغرفة ليتم نقلها من غرفة إلى أخرى داخل المنزل و لكن حدث بها نفس الدمار و حيثما حلت تلك المومياء كانت تجلب المرض و الموت والدمار للمحيطين بها و بعد أن اخترع “ستيد وموراي” حكايتهما تلك عن مومياءهما كانا يزوران الغرفة المصرية بالمتحف البريطاني حيث لاحظا غطاء تابوت كاهنة آمون الاميرة ” امين رع ” ليبدئوا فى اختلاق قصة أخرى مفادها أن مظهر الرعب و الكرب في ذلك الوجه المرسوم على غطاء التابوت يشير إلى أن الساكن الأصلي له كان روحًا شريرة معذبة و أنها الآن طليقة في العالم و روى “ستيد وموراي” قصتهما الخيالية لمراسلي الصحف المتحمسين لقصة جيدة حيث تم دمج القصتين في واحدة و التى انتشرت على نطاق واسع و أصبحت مومياء ” أمين رع ” معروفة بأن رفاتها تتسبب في الفوضى و الكوارث أينما تم تخزينها .

الصحفى ويليام ستيد

بعد ذلك سرعان ما تم ربط كوارث تلك المومياء المزعومة بكارثة السفينة الشهيرة “تيتانيك” خلال ركوب ” ستيد ” لها متوجها الى الولايات المتحدة عام 1912 لالقاء كلمة فى مؤتمر للسلام تحت رعاية رئيس الدولة ” ويليام تافت ” و فى احدى حفلات العشاء على متن السفينة يوم 12 ابريل بدء فى قص روايته المزعومه حول المومياء و كوارثها و لم ينتهى من قصته الا بعد منتصف ليل يوم 13 و بعد غرق تايتانك بيومين روى أحد الناجين حكاية “ستيد” عن المومياء الملعونة في مقابلة مع جريدة “نيويورك وورلد” و مع ربط ” ستيد ” بالقصه و ركوبه تلك السفينه و غرقه عليها اصبح الأمر مختلطا مما ادى الى إنتاج أسطورة جديدة حول مومياء حقيقية و ملعونه على متن السفينة الشهيرة “تيتانيك” بعد اجراء بعض من التعديلات عليها و ظهرت كما تم روايتها فى البدايه بل ان البعض أضاف احداث اخرى عليها بأن مالك المومياء الامريكى قد قام بدفع رشوة لتهريبها على متن قارب انقاذ ثم تم تحميلها على متن السفينة ” كابارثيا ” التى التقطت الناجين و وصلت بالفعل الى مدينة “نيويورك” حيث استمرت المومياء في إحداث الفوضى في منزلها الجديد لينقلها المالك إلى كندا استعدادًا لشحنها و ارجاعها إلى إنجلترا و تم وضعها على متن السفينة “إمبريس أوف إيرلندا” و التى اصطدمت بسفينة فحم نرويجية أثناء رحلتها من مدينة كيبيك إلى ليفربول في 29 مايو عام 1914 و تغرق بسرعة كبيرة لدرجة أنه لم يكن من الممكن إطلاق سوى 7 قوارب نجاة من أصل 40 لتغوص فى الاعماق مصطحبة معها 840 راكبًا .

و تلك هى حقيقة القصة المزعومة و اذا كنت لا تزال غير مقتنع فيمكنك التأكد من وجود المومياء في المتحف البريطاني عن طريق زيارته و الذهاب الى غرفة الحضارة المصريه .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *