ماريا أورسولا .. قصة الفتاة التي تنكرت في هوية رجل للإلتحاق بالجيش البرتغالي

في خضم تاريخ البرتغال الثري بالأحداث تبرز قصة فتاة تدعي ماريا أورسولا دي أبرو إي لينكاستري و المعروفة بإسم دونا ماريا كواحدة من أبرز الأمثلة علي الجرأة و الإبتكار حيث وُلدت عام 1682 بمدينة ريو دي جانيرو التي كانت جزءًا من البرازيل البرتغالية آنذاك و منذ صغرها عُرف عنها عدم خوفها من التحديات و إمتلاكها روح مغامرة حولتها من فتاة حالمة بالمستقبل إلي قائدة عسكرية محترمة بعد أن تحدت القواعد الإجتماعية التي تفرض قيود صارمة علي النساء و تحصرها في أدوار محددة و أثبتت من خلال أفعالها أنها قادرة علي قيادة الرجال و إتخاذ قرارات حكيمة في ساحات القتال و تصبح بذلك رمزًا للقيادة و الشجاعة في عصر لم يكن من السهل علي المرأة أن تتولي مثل تلك المناصب .

نشأت ” ماريا أورسولا ” في عالم كانت فيه حكايات المعارك و الإستراتيجيات العسكرية جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية و أصبحت تلك القصص التي تتردد في أرجاء منزل عائلتها الفخم تشعل في داخلها شغفًا عميقًا بالتاريخ العسكري رغم أنه لم يكن أمر مألوف لفتاة من طبقتها الإجتماعية الإنشغال بمثل تلك الأمور و مع مرور الوقت أصبح الشغف طموحًا جامحًا نحو الإنضمام إلي الجيش إلا أنها إصطدمت بعقبة إجتماعية كبيرة تمثلت في أنه خلال القرن السابع عشر لم يكن مسموحا بدخول المرأة إلي الحياة العسكرية و كانت فكرة مشاركة النساء في القتال أمر مستحيل في نظر المجتمع .

ماريا أورسولا .. قصة الفتاة التي تنكرت في هوية رجل للإلتحاق بالجيش البرتغالي

و لم تكن ” ماريا أورسولا ” لتتقبل ذلك الوضع خاصة عندما يتعلق الأمر بالتخلي عن أحلامها و كان كلما قيل لها “لا” زادت إصرارًا علي تحقيق ما تريد و في النهاية أدركت أن الطريق المباشر للإنضمام إلي الجيش مغلق في وجهها كإمرأة لذا قررت أن تبحث عن طريق آخر و بخطة جريئة غيرت ” ماريا أورسولا ” مظهرها بالكامل و تبنت شخصية جديدة تحت هوية رجل و هو “بالتازار دو كونتو كاردوسو” و قامت بقص شعرها و إرتداء زي عسكري و تعلمت كيفية التحدث و التحرك مثل الرجال و خلال تلك الفترة كان عليها أن تكون دقيقة في كل تفاصيلها حتى تتمكن من الإندماج بين الجنود دون أن تلفت الإنتباه .

ماريا أورسولا .. قصة الفتاة التي تنكرت في هوية رجل للإلتحاق بالجيش البرتغالي

و بحلول عام 1700 إنضمت ” ماريا أورسولا ” إلي الجيش تحت هويتها الجديدة و كانت حياتها العسكرية مليئة بالتحديات اليومية حيث كان عليها أن تثبت جدارتها في بيئة يهيمن عليها الرجال و تشكك في قدرات النساء بالعمل في تلك المجالات كما لم تكتفي بالبقاء في الخلفية بل تفوقت في أدوارها القيادية و العسكرية كقائدة أظهرت ذكاءً إستراتيجيًا حادًا و قدرة علي إتخاذ القرارات الصعبة و هو ما أكسبها إحترام زملائها و رؤسائها و جعلها تتدرج في الرتب العسكرية بفضل إنجازاتها خلال فترة مضطربة من تاريخ بلادها في الهند البرتغالية حيث شاركت في غزو قلعة بمنطقة ” أمونا جوا ” و قادت كتيبة في حملة حاسمة حققت فيها إنتصارات غيرت مجرى الصراع و تمت ترقيتها إلي رتبة نقيب و أُسندت إليها مسؤولية قلعة ” مادري دي ديوس ” عام 1703 .

إقرأ أيضا : جيمس باري الفتاة التى تنكرت فى هيئة رجل و نجحت فى خداع الجيش البريطاني لعقود بعد العمل فيه

و رغم حرص ” ماريا أورسولا ” في الحفاظ علي سرها إلا أنه لم يستمر إلي الأبد فخلال إحدي المعارك العنيفة أصيبت بجروح خطيرة مما إضطرها إلي الكشف عن هويتها الحقيقية في المستشفى الميداني و إنتشرت مفاجأة الإكتشاف بسرعة بين صفوف أفراد الجيش البرتغالي و كانت ردود الفعل مزيجًا من الدهشة و الإعجاب كما توجد رواية أخري تشير إلي أنها كشفت عن جنسها طواعية عام 1714 لأنها أرادت الزواج من رجل و هو ” ألفونسو أراس تيكسيرا دي ميلو ” و أي كانت صحة الروايتين لكن رغم مخالفة ” ماريا أورسولا ” للقوانين العسكرية أنذاك بتزييف هويتها إلا أن قيادتها العسكرية قررت تكريمها بدلًا من معاقبتها و الإحتفاء بها في حفل عام كرمز للشجاعة و القيادة بعد أن رأي فيها الجمهور نموذجًا لتحدي القيود المجتمعية و بعد تقاعدها من الحياة العسكرية واصلت الدفاع عن حقوق المرأة و التعليم و أسست برامج لتمكين الشابات و تشجيعهن علي تحقيق طموحاتهن .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *