البكاء هو جزء أساسى من طبيعة مشاعرنا البشريه سواء أحببت ذلك أم لا حيث تشير الدراسات الى أن النساء يبرعون فى ذلك المجال أكثر من الرجال حيث يذرفون الدموع بواقع خمسون مرة سنويا مقارنة بالرجال الذين لا تتجاوز محاولاتهم العشرة و رغم ذلك الشعور العفوى بين سائر البشر الا أنه يطرح سؤلا هاما و هو لما نبكى و لماذا نرى دائما عيوننا ممتلئة بالدموع عند المرور بأى موقف عاطفى سواء كان حزنا أم فرحا لذلك قررنا فى تلك المقالة الاجابه على تلك الاستفسارات .

بداية يتم تعريف البكاء على أنه ذرف للدموع استجابة لحالة عاطفية و المختلفة تمامًا عن خروجه من العين بشكل غير عاطفى و رغم ان مصدر تلك الدموع فى كل الحالات يعتبر واحدا إلا ان طبيعة و تكوين الدموع تختلف من حالة الى اخرى فعند مرور الإنسان بازمة عاطفيه تدفعه الى البكاء فإن الدموع تفرز من الغدة الدمعيه الموجودة بين مقلة العين والجفن و هى تتكون من الماء للترطيب و زيوت ملينه لمنع تبخرها و مخاط للمساهمة فى انتشار الدموع على سطح العين كالغشاء و الذى يحدث عبر اغماض الانسان لعينيه وفتحها لعدة مرات بشكل تلقائى و مع غزارتها فى العين تبدء فى طريقها للخروج حيث يوجد لها طريقين إما عبر العينين عند امتلائها كالمياه التى تخرج من الحوض المغلق بسداده لتنساب على الجفون و الخدود أو عن طريق الأنف لذلك فإنك قد تلاحظ حالة من السيلان عبر الأنف خلال البكاء .

و تعتبر الدموع مثالا رئيسيا على بديع خلق الله لجسم الانسان حيث لا يصنع نوعا واحدا منها بل ثلاثة أنواع تم تصنيفهم بالدموع القاعدية و الانعكاسية و النفسية , و اذا بدأنا بالدموع القاعديه فيطلق عليها البعض بالدموع العامله نظرا الى اهميتها فى المحافظة على صحة العين من ناحية تغذية القرنيه و الحفاظ على رطوبتها حتى لا تجف أما الدموع الانعكاسيه فهى تعمل على التخلص من أى تهيج للعينين ينتج عن أى مؤثرات سواء كانت جزيئات مثل الأتربه أو الأبخرة و الروائح الغريبة مثل تقطيع البصل أو القنابل المسيلة للدموع اما الدموع النفسيه فهى نتاج تعرض الانسان لمشاعر قويه مثل التوتر و السرور والغضب و الحزن و المعاناة و حتى الألم الجسدي التى يستجيب لها الجسم بالبكاء و ذرف الدموع و هو نوعا يكون مختلفا عن سابقيه فى أنه يحتوى على مسكن طبيعى للألم يسمى “ليسين إنكيفالين ” و الذى ربما يكون جزءًا من السبب الذي يجعلك تشعر بتحسن بعد البكاء لفترة .

و يبقى السؤال لماذا ترتبط الدموع بالبكاء و للاجابة على ذلك فأنها ترجع الى وجود منطقة فى المخ هى المسئولة عن المشاعر الانسانيه تسمى “الجهاز الحوفي” و المتصلة بالجهاز العصبى اللاارادى و هو جزءا لا يستطيع الانسان السيطرة عليه او التحكم فيه حيث يمتلك ناقلا عصبيا يسمى ” أستيل كولين ” الذى لديه درجة من التحكم في النظام الدمعي للجسم المحفز الى إنتاج الدموع و باختصار و لنكون أكثر تبسيطا فأن رد فعلك العاطفي تجاه موقف ما يعمل على تحفيز جهازك العصبي و الذي بدوره يأمر جهاز إنتاج الدموع لديك بالعمل كنوع من أشكال التواصل غير اللفظي للحصول على المساعدة والدعم من الناس حولك وقت الحاجة و هو الامر الذى يعتقد منه علماء النفس بأنه السبب الرئيسى فى الشعور بالتحسن بعد البكاء بسبب هذه المدخلات الاجتماعية و الشعور بالحصول على الدعم من الاخرين .

أقرأ أيضا : تذيب العينين و تؤدى الى تفحم الجلد .. تسعة معلومات صادمة عن تأثيرات الإصابة بالصعق الكهربائى

و يقسم العلماء حالة البكاء الى نوعين احداهم مكانيه و الأخرى زمنيه حيث يكون النوع الاول مرتبط بالمكان فعلى سبيل المثال قد تبكى بسبب رغبتك فى أن تكون في مكان ما على و ليكن المنزل أو أى مكان أخر اما النوع الزمنى فيدور حول التفكير فى الماضي أو المستقبل و هو الامر الذى يتسبب فى إثارة المشاعر مثل تفكيرك فى الذكرى السنوية لفراق شخص عزيز لديك كما أن البكاء فى حد ذاته يعد امرا مثيرا للاهتمام نظرا الى أنه لا يجعل وجهك مبللاً فقط بل يرتبط بمجموعة كاملة من التأثيرات الأخرى فيحدث ازدياد فى معدل ضربات القلب و التعرق و تباطئ فى التنفس مع امكانية الاصابه بغصة في الحلق حيث تحدث كل تلك الظواهر نتيجة تنشيط الجهاز العصبي السمبثاوي استجابةً لتلك الحالة العاطفيه التى تمر بها أو أي حالة نفسية أخرى منتجة للدموع حيث توجد بعض من الاقاويل التى تقول انه اذا بدات العين اليمنى فى ذرف الدموع اولا فهذا دليل عن السعادة و اذا كانت فى اليسرى كانت دليل على الحزن حيث أثبتت الابحاث العلمية خطأ ذلك المعتقد .

و لا ينحصر البكاء على الكبار فقط و لكن للاطفال أيضا و الذين يستخدموه بشكل أكبر كنوع من أنواع التواصل مع الكبار أكثر منه كاظهارا للمشاعر نظرا لمحدودية قدراتهم من التعبير عن أنفسهم حيث ينقسم بكائهم الى ثلاثة أنواع البكاء و هم البكاء الأساسي للتواصل و الغاضب للتعبير عن الاستياء و الألم النابع من شعور مؤلم لديه .

و أخيرا فإن الدموع هي تمثيل إيجابي لمن نحن فيه لأنها توضح روابطنا العاطفية العميقة مع عالمنا فى الماضي والحاضر والمستقبل كما ثبت علميًا أنها ضرورية للانسان لتجعله يشعر بتحسن لذلك فلا عيب أبدا من البكاء او ذرف الدموع لصالح صحتك النفسيه .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *