تشارلز فانس ميلر

غالبا ما يدور فى مخيلة الناس أن عالم رجال الاعمال لا يعترف سوى بلغة الأرقام و الحديث حول الاستثمارات و متابعة حركة البورصات و قضاء أغلب الأوقات فى حسابات للمكاسب و الخسائر و هو الأمر الذى قد يجعل حياتهم رتيبة و ممله الا أنه و خلافا لذلك الاعتقاد يوجد العديد منهم يمتازون بحس الفكاهه و يحاولون دائما كسر تلك الصورة النمطية عن رجال الأعمال و ذلك من خلال إدخال بعض من الطرافه فى حياتهم منهم أحد الأثرياء الكندييين و يدعى تشارلز فانس ميلر الذى عرف بحسه الفكاهى من خلال وضع من حوله فى مواقف طريفه و وصل به الأمر الى تنظيمه مسابقة غريبة من نوعها بدأت بعد وفاته و خصص جزء من ثروته كجائزة لها و التى تمحورت حول تشجيع النساء على الانجاب خلال فترة زمنية محددة و من تستطيع أن تكون أما لأكبر عدد من الأطفال تكون هى الأحق بالجائزة .

وُلد “تشارلز فانس ميلر” في كندا عام 1853 و كان بارعا فى كل شيء تقريبًا و حصل على علامات شبه مثالية في الجامعة التى درس فيها القانون حيث أصبح واحدا من أشهر المحامين فى البلاد و كان يحظى بإحترام كبير من قبل الناس كما أنه بجانب عمله فى سلك القانون كان حريصًا على ممارسة الأنشطة التجارية و الاستثمارية بشكل جعله يمتلك ثروة هائله أستغلها فى تمويل شغفه الحقيقي بالمقالب و الألعاب الطريفه حيث كان شخصية تمتلك روح دعابة أسطورى و لديه نظريته الخاصة فى الحياه و هى أن “كل رجل له سعره” حيث كان معتادا على القاء حفنة من النقود على الرصيف و مشاهدة الناس و هم يحاولون سرًا التقاطها .

تشارلز فانس ميلر

و نتيجة انشغال ” تشارلز فانس ميلر ” فى أعماله و استثماراته كان رجلا عازبًا طوال حياته و لم يكن لديه أقارب باستثناء أبناء عمومته البعيدين و الذين لم يكن يعرفهم جيدًا لذلك قرر أن يورث الكثير من ثروته التي جمعها طوال حياته لأفراد يتم اختيارهم و منحهم المال شريطة امتثالهم لعدد من البنود التى قرر وضعها فى وصية له و التى كانت احداها تنازله عن منزله الصيفى الموجود فى ” جاميكا ” لثلاثة محامين من أصدقائه و الذين كانوا يكرهون بعضهم البعض و أشار إلى أنه عند وفاة آخر واحد منهم يتم بيع المنزل و التبرع بعائداته الى فقراء تلك البلد كما تنازل أيضًا عن أسهمًا له في أحد مصانع البيرة للعديد من رجال الدين الذين كانوا يحرمون تداولها شريطة أن يقوموا بأنفسهم بادارة تلك الأسهم كما تنازل عن حصته فى نادي “كينيلورث” لسباقات الخيل لثلاثة رجال من بينهم رجل دين و الأخر يعمل قاضى و الذين كانوا من أشد معارضى سباقات الخيل حيث نصت وصيته على أن الرجال الثلاثة يجب أن يصبحوا أعضاء في النادي ليكونوا مؤهلين للمطالبة بحصته حيث انتصر الجشع و انضم الرجال الثلاثة بإخلاص إلى النادي الذي ذكروا سابقًا أنهم يحتقرونه حيث قاموا ببيع أسهمهم ثم ألغوا عضويتهم فيه بعد ذلك على الفور .

و بجانب الأمور الطريفة التى وضعها ” تشارلز فانس ميلر ” فى وصيته كانت هناك بنود أخرى أقل إمتاعًا مثل ترك جزء من ثروته لمدبرة منزله و تسليم بعض من المتعلقات الشخصية التى ترجع اليه لأصدقائه المقربين مع تصفية جزء صغير من ممتلكاته لتسوية بعض الديون و بالانتقال الى أحد البنود التاليه أكتشف أن بها شرطا يعتبر هو الأغرب من نوعه حيث تم تخصيص جزء من ثروته الى أى أم تستطيع انجاب اكبر عدد من الأطفال فى “كندا” خلال فترة زمنية لا تتجاوز 10 سنوات و اذا كان هناك عدد من الأمهات استطعن انجاب نفس العدد فيتم تقاسم تلك الجائزة بينهم بالتساوى .

أقرأ أيضا : ويلهلم فويجت .. المحتال الألمانى الذى أستطاع بخطة عبقريه اختطاف عمدة مدينة و سرقة أموالها

و أنتهت الوصية بتلك الشروط الغريبة و فى أكتوبر عام 1926 توفى ” تشارلز فانس ميلر ” بنوبة قلبية عن عمر ناهز 73 عامًا و بعد فترة وجيزه من وفاته عثر شريكه على الوصية و التى لم يصدقها باعتبارها مقلبا طريفا معتاد من ” ميلر ” الا أنه تأكد لاحقا من مدى جديتها و بدء فى تنفيذ بنودها حيث شرح فيها ” ميلر ” دوافعه لها بأنه ليس لديه أشخاص يعولهم لذلك فلا يقع عليه عاتق ترك أي ممتلكات له عند وفاته و أن ما تركه هو دليل على حماقته في الجمع و الاحتفاظ بثروة أكثر مما كان مطلوبًا في حياته و رغم تفسيره الا أن أقاربه لم يقتنعوا بها و قاموا برفع دعوى قضائيه على اعتبار أنها وصية لا يجب أن تؤخذ على محمل الجد الا أن المحكمة خيبت أمالهم بعد أن حكمت بصحتها و أعتبرتها سليمة قانونيا خاصة و أن كاتبها كان محامياً بارعا و يعرف كيفية صياغة وصية من هذا القبيل و بالتالي اعتبرت محتوياتها صالحة من وجهة نظر قانونية .

وصية تشارلز فانس ميلر

و مع بدء تفعيل الوصيه بدء سباق محموم بين نساء كندا لمحاولة انجاب أكبر عدد من الاطفال فيما عرف حينها بمسابقة ” ديربى ستورك العظيم ” حيث وضعت تلك المسابقة المحكمة فى مأزق كبير لمحاولة تفسير نصوص ذلك الشرط الذى وضعه ” تشارلز فانس ميلر ” حيث أصدرت تعليماتها بأن معايير تلك المسابقة تنحصر فى أن يكون المواليد من أبويين شرعيين كما تم الاتفاق على أنه سيتم احتساب الأطفال الأحياء فقط مع استبعاد حالات الوفاة للمواليد أو الإجهاض و نظرا الى أن موعد تنفيذ تلك الوصية تزامن مع فترة الكساد العظيم الذى اجتاح العالم فقد أصبحت تلك المسابقة مسألة حياة أو موت لبعض النساء الذين أملوا فى الفوز بالجائزة ليكونوا قادرين على إطعام أطفالهم و عندما حان الوقت لمعرفة من الرابح زعمت 24 امرأة على الأقل في مدينة “تورنتو” أنهن أنجبن ثمانية أطفال أو أكثر و تم اعتبار ثمانية منهم فقط هم المؤهلات و من بين هؤلاء الثمانية تم تصفيتهم الى أربعة فقط بعد تطبيق المعايير التى وضعتها المحكمة باستبعاد الاطفال الغير شرعيين .

عائلة لوسى تيمليك التى فازت بجائزة مسابقة ديربى ستورك العظيم

و عليه فازت بالجائزة أربعة نساء و هن ” آني سميث و كاثلين ناجل و لوسي تيمليك و إيزابيل ماكلين ” و ذلك بعد أن أنجبن تسعة أطفال في تلك السنوات العشرة و عليه تم منح الأربعة مبلغ 125 ألف دولار ( 2.2 مليون دولار اليوم) لكل منهم بعد أن أستوفوا كافة شروط الوصية و معايير المحكمة و التى لولاها لكانت هناك سيدتين إضافيتين تشاركن فى الجائزة و هن ” بولين كلارك و ليليان كيني ” اللتان تم استبعادهم بسبب أن الأولى أنجبت خمسة من أطفالها العشرة خارج إطار الزواج ( خمسة مع زوجها و خمسة من رجل أخر ) عاشت معه بعد الانفصال و لم تكن تتمكن من الحصول على الطلاق من زوجها أما بالنسبة للمرأة الثانية فمن بين أطفالها الـ 11 ولد منهم ثلاثة متوفين أى لديها 8 أبناء على قيد الحياة فقط و من المثير للاهتمام أنها أطلقت على طفلها الأصغر “تشارلز فانس ميلر ” تيمنا بإسم الرجل الذي اعتقدت أنه سيكون المتبرع لها و ذلك قبل أن تضع المحكمة شرطها باستبعاد الاطفال المتوفين الا أنه و من أجل تجنب عملية استئناف طويلة من قبل السيدتين خاصة و ان واضع الوصية لم يضع ذلك الشرط صراحة فقد تم منح كل امرأة تسوية بقيمة 12500 دولار ( 220 ألف دولار اليوم ) للانسحاب من القضيه .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *