من المعروف أن الكلب هو أوفي صديق للإنسان و كثيرا ما يساهم بمساعدته في كافة مناحي الحياة بل و أحيانا إنقاذه من ورطات و أزمات قد يتعرض لها و قد قامت هوليوود بإظهار تلك الحقائق من خلال إنتاج مسلسل درامي شهير عرف بإسم الكلبة لاسي و رغم كثرة القصص المتعلقة بوفاء تلك الحيوانات إلا أنه توجد قصة حدثت بالفعل في روسيا و حملت في تفاصيلها غرائب لا تصدق كان بطلها طفل يدعى إيفان ميشوكوف و الذى هرب من منزله في أحد الأيام ليعيش بمفرده وسط شوارع موسكو و يتقرب من كلابها الضالة و يستكمل حياته معهم بنفس أسلوبهم و هم بدورهم قاموا بإحتضانه و قبوله بينهم إلي أن جعلوه في نهاية المطاف زعيما عليهم .
قد يظن البعض أنها قصة فى أحد الروايات إلا أنها حدثت بالفعل فى تسعينيات القرن الماضى بعد سقوط “الإتحاد السوفيتى” بعد أن قام الطفل الروسي ” إيفان ميشوكوف ” و الذى كان يبلغ من العمر فى ذلك الوقت أربعة اعوام بالهروب من منزله الفقير حيث تقطن والدته و صديقها المدمن على الكحوليات و يقرر أن يعيش فى شوارع “موسكو” الباردة بمفرده و هو خائفا و وحيدا و لكن و لحسن حظه كان هناك عينان ترقبه من مكان بعيد و التى لم تكن عيون بشرية و لكن لكلبا كان بمثابة زعيما لقطيعه المكون من ثلاثة كلاب أخرين و رغم صغر سن “إيفان” إلا أنه كان ذكيا حيث أدرك أنه بمجرد إطعامه لتلك الكلاب من بقايا الأطعمة الموجودة فى صناديق القمامة فسوف يبدأون فى الوثوق به و القيام بحمايته و إعطاءه الدفء اللازم من تلك الليالي الباردة و حدث ما توقعه حيث أعتبره ذلك القطيع واحدا منهم و بدأوا فى التعامل معه على ذلك الأساس و بمجرد عثورهم علي الطعام كانوا يشاركونه مع ” إيفان ميشوكوف ” و العكس صحيح و فى الأيام القارصة البرودة كانوا يبقوه دافئا بعد إحتضانهم له بالإضافة إلي حمايته من أى مخاطر قد يتعرض لها سواء كانت قادمة من البشر أو الحيوانات إلي أن نصبوه أخيرا زعيما عليهم .
و أستمرت حياة ” إيفان ميشوكوف ” مع الكلاب فى الشوارع لسنتين كاملتين كان يعيش معهم فى سعادة و يذهب كل صباح معهم إلي مخبز محلي لتسول الخبز و الحصول على طعام و أطلق على كلابه أسماء ” جيسى و جوجا و ماشا و سيفا ” و عبثا حاولت السلطات الروسية الإمساك به و إبعاده عنهم ثلاث مرات إلا انها كانت تفشل بسبب دفاع قطيع الكلاب عنه بشراسة إلى أن نجحت أخيرا في الإمساك به بعد أن أستطاعت صرف إنتباه الكلاب بإلقاء قطع من اللحوم بعيدا عنه و يقوموا بمحاصرته دون حماية قطيعه و يتمكنون من الإمساك به و المغادرة معهم بعيدا .
و بعد ذلك تم وضع ” إيفان ميشوكوف ” فى مركز “ريوتوف” للأطفال بموسكو و هو أحد دور الأيتام و العجيب أن تلك الكلاب كانت قد شعرت بوجوده حيث ذهبوا إلي مقر المؤسسة ينتظروه على بوابتها إلا أنه تم قتلهم لاحقا بأوامر من بعض المسئولين و هو ما تسبب في سوء حالة ” إيفان ميشوكوف ” النفسية و كان يبكى و يصرخ و عاني لفترة من الكوابيس إلا أنه بدء فى التحسن تدريجيا و بدء في تعلم اللغة الروسية مرة أخرى بعد أن كان قد نسيها لإنخراط حياته وسط الكلاب و أصبح في النهاية يتحدثها بطلاقه و بدء فى إندماجه بالمجتمع مرة أخرى و لحسن حظه قامت إحدي الأسر الصالحة بتبنيه و عاش بينهم فى سعادة و درس في المدرسة العسكرية و خدم في الجيش الروسي و هو يعمل حاليا فى أحد المصانع .
و يقول ” إيفان ميشوكوف ” بعد أن صار شابا أنه يحاول قدر الإمكان تجنب الحديث عن تلك الفترة الصعبة فى حياته لكنه يعترف أنه لولا تلك الكلاب لما أستطاع العيش فى الشوارع كما يقدم شكره لرجال الشرطة الذين أنقذوه من تلك الحياة البائسة و يشكر والدته التى قامت بتبنيه و تربيته ليكون بذلك الشكل .
أقرأ أيضا : طفل يبلغ من العمر 8 سنوات يقود سيارة بمفرده بعد تعلمه القيادة من موقع اليوتيوب
و نظرا لروعة تلك القصة فقد كانت بمثابة إلهام للعديد من الكتاب حيث قامت الكاتبة المسرحية البريطانية ” هاتى نايلور ” بكتابة مسرحية تحمل اسم ” إيفان و الكلاب ” عام 2009 و فى نفس العام أيضا كتبت الروائية الأسترالية ” إيفا هورنينج ” رواية تحمل إسم ” طفل الكلب ” و التى أستندت على قصة الطفل ” إيفان ميشوكوف” .