الانترنت

الانترنت هى شبكة ضخمة أحدثت ثورة تكنولوجية هائلة في قطاعى الاتصالات و التجارة سواء للأفراد و الشركات من خلال السماح لشبكات الكمبيوتر المختلفة و الهواتف المحمولة المنتشرة حول العالم بالترابط فيما بينها و هى شبكة متاحة للجميع و يمكن الوصول اليها من قبل كل فرد لديه أدوات الاتصال بها حيث يقدر أن ما يقرب من 4.5 مليار شخص و هو عدد يتجاوز نصف سكان كوكب الأرض يقومون باستخدامها فى أغراض مختلفه سواء كانت للتفاعل مع الأخرين من خلال شبكات التواصل الاجتماعى و غرف الدردشه أو عبر المراسلات باستخدام البريد الاليكترونى أو متابعة الأخبار و تحديثاتها من المواقع الأخبارية المتخصصه كما تعد بيئة خصبه لعدد كبير و متزايد للشركات ذات الأنشطة التجارية سواء للاعلان أو التسويق و حتى بالنسبة للأفراد عبر مساهمتها فى بناء واقع افتراضى يمكنهم العمل فيه و التفاعل معه و نتيجة كثرة خدماتها فإن شبكة الأنترنت تعتبر تجربة معيشية هامة و أساسية فى حياة الإنسان بشكل أصبح لا يمكن الاستغناء عنها فى وقتنا الراهن .

أصل و تطور شبكة الانترنت

الشبكات المبكرة

كانت شبكات الكمبيوتر الأولية عبارة عن أنظمة مخصصة للأغراض الخاصة سواء كانت مدنيه مثل نظام حجز تذاكر الطيران أو عسكرية فى القيادة و التحكم الدفاعي و هى شبكات تم تصميمها و تنفيذها في أواخر الخمسينيات و أوائل الستينيات من القرن الماضي حيث بدأ مصنعو أجهزة الكمبيوتر فى وضع امكانية اتصال العديد من الأشخاص بأحد أجهزة الكمبيوتر و الذى يسمح بمشاركة موارده مع عدة مستخدمين بحيث يظهر الكمبيوتر مخصصًا لمهام كل مستخدم على الرغم من وجود العديد من الأشخاص الآخرين الذين يصلون إلى النظام في وقت واحد و هو ما عرف بإسم جهاز الكمبيوتر المضيف حيث تم تحقيق هذه الأفكار لأول مرة بواسطة وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة فى الولايات المتحدة المعروفة بإسم ” أربا ” (ARPA) في 29 من أكتوبر عام 1969 من خلال تصميمهم شبكة ” أربانت ” (ARPANET) و التي كانت أول اتصال شبكى بين مضيف و أخر و التى تعد أولى شبكات الكمبيوتر ذات الأغراض العامة حيث من خلالها تم ربط أجهزة الكمبيوتر الموجودة في مواقع البحث المدعومة من الحكومة مثل الجامعات في “الولايات المتحدة” و كانت مقتصرة على الباحثين و الاكاديميين فقط و سرعان ما أصبحت جزءًا مهمًا من البنية التحتية لمجتمع أبحاث علوم الكمبيوتر و ظهرت بسرعة أدواتها و تطبيقاتها مثل بروتوكول نقل البريد البسيط (SMTP الذي يشار إليه عادةً بالبريد الإلكتروني) و المخصص لإرسال الرسائل القصيرة و بروتوكول نقل الملفات (FTP) لارسال الملفات ذات الحجم الأكبر و ذلك من أجل تحقيق اتصالات تفاعلية بشكل أكبر بين أجهزة الكمبيوتر و بعضها و التي عادة ما كانت تتواصل على هيئة دفعات قصيرة من البيانات ثم حدث تطوير كبير فى شبكة ” أربانت ” بعد استخدامها التكنولوجيا الجديدة فى نقل البيانات عبر تحويل الحزم التى أصبحت تستوعب ارسال الرسائل الكبيرة من خلال تقسيمها إلى أجزاء أصغر تُعرف باسم الحزم يمكن إدارتها و نقلها عبر أي دائرة متاحة إلى الوجهة المستهدفة حيث يتم إعادة تجميعها مرة أخرى لتظهر الرسالة كاملة .

بعد ذلك دعمت وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة ” داربا ” DARPA و التى كانت ” أربا ” سابقا ARPA مبادرات الاتصالات بغرض إنشاء شبكة اتصالات من شأنها أن تدعم نقل ملفات البيانات الكبيرة بين مختبرات الأبحاث الأكاديمية التي ترعاها الحكومة الامريكية و ذلك من خلال شبكات الحزم الأرضية و الأقمار الصناعية حيث توفر شبكات الحزم الأرضية إمكانية الوصول الى أجهزة الكومبيوتر المتعددة فى الداخل الأمريكى في حين أن شبكة الأقمار الصناعية سوف تقوم بربط “الولايات المتحدة” بالعديد من البلدان الأوروبية بالاضافة الى المناطق المتناثرة و النائية على نطاق واسع و مع إدخال تقنية حزم الراديو أصبح توصيل ادوات الاتصالات المحمولة بشبكات الكمبيوتر أمرًا ممكنًا و مع ذلك كانت أنظمة المشاركة المحمولة في ذلك الوقت غير عملية و مكلفة لتأثرها بعديد من العوامل مثل حالة الطقس و بالتالي كان هناك دافع قوي بدمج تقنية الحزم الراديوية بشبكة ” أربانت ” و تطويرها من أجل السماح لمستخدمي الهواتف المحمولة بالوصول إلى أنظمة المشاركة فى تلك الشبكات التي لديهم ترخيص بها .

تأسيس الانترنت

نتجت شبكة الانترنت من الجهود التى بذلت لربط شبكات البحث المختلفة في “الولايات المتحدة” و “أوروبا” حيث أنشأت ” داربا ” برنامجًا للتحقيق في الترابط بين الشبكات غير المتجانسة حيث كان يتم ربط الشبكات ذات الواجهات المعيارية المحددة بواسطة “بوابات” اما بالنسبة للشبكات الأخرى فكانت هناك حاجة الى تصميم بروتوكول جديد و تطويره من أجل ربطها هى الأخرى , و في عام 1974 تعاون “فينتون سيرف” من جامعة “ستانفورد” بكاليفورنيا ، مع ” بوب كان ” الذي كان وقتها في “داربا ” على كتابة ورقة بحثية وصفت لأول مرة ذلك البروتوكول و بنية نظامه و الذى كان بروتوكول “التحكم في الإرسال” (TCP) الذي مكّن أنواعًا مختلفة من الحاسبات على الشبكات في جميع أنحاء العالم على توجيه حزم البيانات و تجميعها حيث تبنت وزارة الدفاع الامريكية ذلك البروتوكول عام 1980 و الذي تضمن معه بروتوكول الإنترنت (IP) و هو آلية عنونة عالمية تسمح لأجهزة التوجيه بإيصال حزم البيانات إلى وجهتها النهائية , و بعدها و فى أوائل الثمانينيات تم إقرار معيار TCP / IP من قبل العديد من الباحثين الآخرين و في النهاية اعتمدت من قبل التقنيين و رجال الأعمال في جميع أنحاء العالم .

و بحلول الثمانينيات من القرن الماضي كانت الهيئات الحكومية الأمريكية الأخرى منخرطة بشكل كبير في أنظمة الشبكات مثل مؤسسة العلوم الوطنية و وزارة الطاقة و وكالة ناسا بينما لعبت ” داربا ” دورًا أساسيًا في إنشاء نسخة صغيرة من شبكة الانترنت بين باحثيها و تعاونت مؤسسة العلوم الوطنية مع ” داربا ” على توسيع الوصول إلى المجتمع العلمي و الأكاديمي بأكمله و لجعل بروتوكول TCP / IP هو المعيار في جميع شبكات البحث المدعومة فيدراليًا حيث مولت مؤسسة العلوم الوطنية فى عام 1985-1986 المراكز الخمسة الأولى للحوسبة الفائقة في جامعات “برينستون و بيتسبرج و كاليفورنيا و سان دييغو و إلينوي و كورنيل” كما مولت تطوير و تشغيل ” شبكة مؤسسة العلوم الوطنية ” NSFNET و التى كانت بمثابة العمود الفقرى لربط هذه المراكز و بعضها , و بحلول أواخر الثمانينيات قامت أيضًا بتمويل العديد من الشبكات المحلية و الإقليمية غير الربحية لتوصيل المستخدمين الآخرين بشبكتهم كما بدأ عدد قليل من الشبكات التجارية في أواخر الثمانينيات بالظهور و سرعان ما انضم إليها آخرون و تم تشكيل نشاط التبادل التجاري عبر الإنترنت (CIX) للسماح بحركة المرور العابر بين الشبكات التجارية التي لم يكن مسموحًا لها بالتواجد على الشبكة الأساسية لـ NSFNET , و في عام 1995 و بعد مراجعة شاملة للوضع قررت “مؤسسة العلوم الوطنية” أن دعم البنية التحتية لـ NSFNET لم يعد مطلوبًا نظرًا لأن العديد من المزودين التجاريين أصبحوا الآن راغبين و قادرين على تلبية احتياجات مجتمع البحث لذلك فتم سحب دعمها لصالح المزودين التجاريين .

خريطة شبكة مؤسسة العلوم الوطنيه NSFNET

و عليه و منذ نشأة الانترنت في أوائل السبعينيات انتقلت السيطرة عليه بشكل مطرد من المؤسسات الحكومية إلى القطاع الخاص و لكن تحت اشراف حكومى و اليوم تشارك مجموعات مكونة من عدة آلاف من الأفراد و المعروفين باسم فرقة عمل هندسة الإنترنت في عملية تطوير معاييره من خلال “جمعية الإنترنت غير الربحية” و هي هيئة دولية يقع مقرها الرئيسي في “ريستون” بولاية “فيرجينيا” كما تشرف مؤسسة “الانترنت للأسماء و الأرقام المخصصة” (ICANN) و هي منظمة أخرى خاصة و غير ربحية على مختلف جوانب السياسة المتعلقة بأسماء و أرقام نطاقات الإنترنت.

التوسع التجارى

ساعد ظهور خدمات و تطبيقات الانترنت التجارية على تعزيز انتشار تلك الشبكة سريعا بسبب زيادة بيع أجهزة الكمبيوتر الشخصي بعد انخفاض أسعارها و في عام 1988 تمت الموافقة على إجراء تجربة ربط خدمة البريد الإلكتروني التجاري بالانترنت و كان هذا التطبيق هو أول اتصال لمزود تجاري بشبكة الانترنت الذى لم يكن جزءًا من مجتمع البحث وقتها كما تمت الموافقة لاحقا لموفري خدمة البريد الإلكتروني الآخرين بالوصول الى الشبكه و في عام 1993 أتاحت جامعة “إلينوي” برنامج ” موزايك ” على نطاق واسع و هو نوع جديد من برامج الكمبيوتر يُعرف بالمتصفح و يعمل على معظم أنواع أجهزة الكمبيوتر و الذى من خلاله يمكن الوصول و تصفح العديد من البيانات و المعلومات مع عرض للملفات من خلال شبكة الإنترنت حيث أدرج فى ” موزايك ” مجموعة من بروتوكولات الوصول و معايير العرض التي تم تطويرها من قبل ” تيم بيرنيرز لى ” لتطبيق جديد على شبكة الانترنت يسمى شبكة الويب العالمية (WWW) و في عام 1994 تم تشكيل شركة ” نتسكيب للاتصالات “( التي كانت تسمى في الأصل شركة موزايك للاتصالات ) و التى قامت بتطوير متصفح ” موزايك ” و برنامج الخادم للاستخدام التجاري و بعد ذلك بوقت قصير أصبحت شركة ” مايكروسوفت ” العملاقة للبرامج مهتمة هى أيضا بدعم تطبيقات الانترنت على أجهزة الكمبيوتر الشخصية و طوّرت مستعرض الويب الخاص بها و هو ” انترنت اكسبلورر ” مع برامج أخرى حيث أدت هذه القدرات التجارية الجديدة إلى تسريع نمو الإنترنت و التي كانت تنمو بالفعل منذ عام 1988 بمعدل 100% سنويًا.

واجهة متصفح موزايك أول متصفح فى تاريخ الانترنت

و بحلول أواخر التسعينيات كان هناك ما يقرب من 10 ألاف مزود خدمة الانترنت (ISPs) حول العالم يقع أكثر من نصفهم في “الولايات المتحدة” ثم تم البدء فى دمج العديد من مقدمي الخدمات الصغيرة و المتوسطة الحجم أو الاستحواذ عليهم من قبل مزودي خدمات الانترنت الأكبر مثل شركة ” أميركا أون لاين ” (AOL) التي بدأت كخدمة معلوماتية كدليل بدون اتصال بالإنترنت و لكنها انتقلت في أواخر التسعينيات لتصبح المزود الرائد لخدمات الإنترنت في العالم حيث كان يشترك فيها بحلول عام 2000 اكثر من 25 مليون مشترك و لها فروع في “أستراليا” و “أوروبا” و “أمريكا الجنوبية” و “آسيا” و تمكنت مواقع الانترنت المستخدمة على نطاق واسع مثل AOL و “ياهو” و غيرها من فرض رسوم إعلانية بسبب زيادة عدد المتصفحين الذين يزورون مواقعهم و في خلال أواخر التسعينيات أصبحت عائدات الإعلانات هي الغرض الرئيسي للعديد من مواقع الانترنت .

القرن الحادي والعشرون والتوجهات المستقبلية

مع انتشار استخدام شبكة الانترنت عالميا ظهر ما كان يسمى “الويب 2.0″ و هو إنترنت يركز على الشبكات الاجتماعية و المحتوى الذي يولده المستخدمون بأنفسهم و أصبحت خدمات الوسائط الاجتماعية مثل ” فيسبوك ” و ” تويتر ” و ” انستجرام ” من أشهر مواقع الإنترنت من خلال السماح للمستخدمين بمشاركة المحتوى الخاص بهم مع أصدقائهم و العالم بأسره و أصبحت الهواتف المحمولة قادرة على الوصول إلى الويب و مع إدخال الهواتف الذكية الى الاسواق ارتفع عدد مستخدمي الإنترنت في جميع أنحاء العالم من حوالي سدس سكان العالم عام 2005 إلى أكثر من النصف في عام 2020.

و في حين أن الهيكل الدقيق للإنترنت في المستقبل لم يتضح بعد الا أن مؤشرات النمو تبدو واضحة و التى تتمثل فى توفر سرعات عاليه فى الوصول الى الشبكه و التى وصلت الى 100 مليار بت (100 جيجابت) في الثانية و إذا استمر تطوير أجهزة الكمبيوتر و البرامج و التطبيقات فقد يكون من الممكن للمستخدمين الوصول إلى الشبكات بسرعة أكبر عما هى عليه حاليا و التى تمكنه من مشاهدة فيديوهات عالية الدقة .

أقرأ أيضا : أشهر تسع محاولات تخريبيه لاسقاط الشبكة العنكبوتيه الانترنت و ايقافها التام عن العمل

الانترنت و المجمتع

أصبح الانترنت أحد أهم الوسائط في أواخر القرن العشرين و أوائل القرن الحادي والعشرين حيث أستغرقت “الولايات المتحدة” 46 عامًا لتوصيل 30 % من منازلها بالكهرباء بينما لم يستغرق الانترنت سوى 7 سنوات فقط للوصول إلى نفس المستوى من الاتصال بالمنازل الأمريكية و بحلول عام 2005 كان 68% من البالغين الأمريكيين و 90% من المراهقين قد استخدموا الانترنت و كانت أوروبا و آسيا على الأقل مرتبطين بشكل جيد مثل “الولايات المتحدة” حيث كان ما يقرب من نصف مواطني الاتحاد الأوروبي متصلون بالإنترنت و معدلات أعلى في الدول الاسكندنافية اما فى الدول الأسيوية فقد شهدت تباينا كبيرا فعلى سبيل المثال بحلول عام 2005 كان نصف سكان “تايوان” و “هونج كونج” و “اليابان” على الأقل متصلون بالإنترنت بينما كان لدى “الهند” و “باكستان” و “فيتنام” أقل من 10٪ و كانت “كوريا الجنوبية” هي الرائدة عالميًا في ربط سكانها بالإنترنت من خلال توفير خدماته بجودة عالية السرعة.

اتصالات البث الفورى

بالنسبة للفرد فتحت شبكة الانترنت أفاق جديدة له حيث أدى البريد الإلكتروني إلى انخفاض كبير في استخدام البريد العادي التقليدي كما تم توسيع استخدام نطاق المراسلة الفورية (IM) أو الرسائل النصية خاصة بين الشباب و مع سهولة الاتصال بالانترنت عبر الهاتف المحمول أصبحت المراسلة الفورية مشكلة خاصة في الفصول الدراسية حيث غالبًا ما يتبادل الطلاب الملاحظات خلسة عبر هواتفهم و تشير الاحصائيات الى أن أكثر من 50 مليون من البالغين الأمريكيين يستخدمون نطاق المراسلة الفورية (IM) منهم 11 مليون خلال ممارسة أعمالهم .

كما أصبح الانترنت من خلال استخدام البريد الاليكترونى و الرسائل النصية الفورية أداة حشد سريعة من أجل التظاهر و الاحتجاجات و رغم أنها كانت تنظم قبل ظهور الانترنت بشكل طبيعى الا أن التغيير الذي أحدثته الرسائل الإلكترونية الجماعية من أجل الحشد تمثلت فى سرعة تجميع الأفراد لتنظيم الاحتجاجات ففى فبراير عام 1999 بدأ النشطاء فى التخطيط لاحتجاجات ضد اجتماعات منظمة التجارة العالمية بنوفمبر في مدينة “سياتل” بواشنطن من خلال استخدام الانترنت و نجح المنظمين فى حشد أكثر من 50 ألف فرد من جميع أنحاء العالم للمشاركة في المظاهرات و التى كانت عنيفة في بعض الأحيان الا أنها غيرت بشكل فعال أجندة منظمة التجارة العالمية.

كما يستخدم الناس الانترنت فى أغراض انسانيه عقب حدوث كوارث من أجل التبرع للجمعيات الخيرية و يستخدمه أخرون لجمع شمل أفراد الأسرة أو لمطابقة الحيوانات الأليفة المفقودة مع أصحابها و لا يزال دور الانترنت في الاستجابة للكوارث الطبيعية منها و المتعمدة موضوع للنقاش حيث أنه من غير الواضح ما إذا كان يمكن للإنترنت أن يكون فعالا في منطقة كوارث عندما يتم تدمير جزء كبير من البنية التحتية و لكنه من المؤكد أنه خلال هجمات 11 من سبتمبر عام 2001 وجد أن المواطنين فى “الولايات المتحدة” كان من الأسهل لهم التواصل مع أحبائهم في مدينة “نيويورك” عبر البريد الإلكتروني أكثر من التواصل عبر شبكة الهاتف و التى كانت تحت ضغط شديد و في أعقاب الزلزال الذي ضرب “هايتي” في يناير عام 2010 ظهرت وسائل الإعلام الإلكترونية كوسيلة مفيدة للربط بين أولئك الذين عزلهم الزلزال و بين تنسيق جهود الإغاثة حيث قام الناجون الذين تمكنوا من الوصول إلى الإنترنت باعلام الأقارب و الاصدقاء بأنهم بخير مع شرح لطبيعة الأوضاع حولهم في أعقاب الكارثة و ساعدت الخلاصات الواردة من تلك المواقع منظمات الإغاثة في بناء خرائط واقعية للمناطق المنكوبة و في تحديد الاماكن الأمثل لتوجيه تلك الموارد من خلال معرفة الأماكن التى لم يتمكن العديد من الهايتيين للوصول إلى الانترنت عبر عدم مساهمتهم بتحديثات من الرسائل النصية على الشبكه .

الشبكات الاجتماعيه

ظهرت مواقع الشبكات الاجتماعية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كظاهرة مهمة على الانترنت منذ انشائه حيث تستخدم تلك الشبكات العديد من التطبيقات لتسهيل تكوين المجتمعات عبر الانترنت حيث يتبادل الأعضاء ذو الاهتمامات المشتركة الملفات و الصور و مقاطع الفيديو و الموسيقى و إرسال الرسائل و الدردشة مع إعداد يوميات خاصة بهم أو تكوين مجموعات للمناقشة و مشاركة الآراء حيث بدأت الشبكات الاجتماعية المبكرة فى الظهور من خلال موقع Classmates.com الذى كان يربط زملاء الدراسة السابقين ببعضهم البعض و Yahoo! 360 الذى بنى شبكات اتصالات عبر أصدقاء الأصدقاء و في عصر ” الويب 2 ” أصبحت خدمات الشبكات الاجتماعية الرائدة هي Myspace و Facebook و LinkedIn .

الدعاية والتجارة الإلكترونية

تساعد شبكة الانترنت المستهلكين فى العثور على ما يريدون و فى نفس الوقت توفر فرصًا للمعلنين للعثور على المستهلكين فعلى سبيل المثال تحقق معظم محركات البحث أرباحًا من خلال مطابقة الإعلانات مع طلب بحث معين لفرد ما حيث تعد من بين أكبر التحديات التي تواجه التطور المستمر للإنترنت مهمة التوفيق بين الاحتياجات الإعلانية و التجارية و حق مستخدمي الانترنت في عدم تعرضهم للحصار الاعلانى من خلال صفحات الويب المنبثقة او البريد العشوائي (البريد الإلكتروني غير المرغوب فيه).

كما يساهم الانترنت فى منح فرصًا مهمة للتجارة الإلكترونية بطريقة أفضل فعلى سبيل المثال اذا ذهبت الى احد محلات الملابس فليس من الضرورى ان تجد فيه ما تريده بعكس المتاجر الاليكترونية التى تسهل عليك من مهمة البحث اضافة الى المقارنة بين الاسعار و شراء الأرخص و كل ذلك و المشترى جالسا فى منزله و لا يفعل شيئا سوى التصفح من جهازه أو هاتفه المحمول .

تداول المعلومات

التعليم

كانت شبكة الانترنت لها بالغ الأثر فى العملية التعليمية بعضها قد يكون سلبيا فى وجود عدد أكبر من أجهزة الكمبيوتر في الفصل الدراسي أكثر من أي وقت مضى مع وجود القليل من الأدلة على أنها شبكة تعزز تعلم المهارات الأساسية في القراءة و الكتابة و الحساب الا أنه فى ذات الوقت لها جوانب ايجابية تتمثل فى تسهيل الوصول إلى كميات هائلة من المعلومات الرقمية بشكل مريح حيث أصبح من الواضح أن معظم الطلاب يرون المكتبات الآن على أنها مؤسسات قديمة و غير مناسبة فى التطور الذى يمر به العالم الأن حيث يفضلون عادةً البحث من خلال القراءة عبر الانترنت بدلاً من التجول وسط أرفف و مجموعات المكتبة التقليديه .

مشاركة الملفات

رغم اهتمام المجتمعات الغربية المتزايد بأهمية مبدء الملكية الفكرية خاصة في العصر الرقمي الا ان شبكة الانترنت كان لها جانب سلبى فى تلك الجزئيه عندما اخترع الطالب الجامعي الأمريكي “شون فانينج ” نظام ” نابستر ” عام 1999 لمشاركة الملفات و الذى يسمح للمستخدمين بمشاركة نسخ إلكترونية من الموسيقى عبر الانترنت و هو الأمر الذى سبب مشاكل و خسائر ضخمه لشركات التسجيلات حيث تتم مشاركة نسخة قانونية واحدة من أغنية بين العديد من الأشخاص حيث دخل ” فانينج ” فى معركة قانونية طويله مع تلك الشركات و على الرغم من نجاحهم في إغلاق ” نابستر ” إلا أنهم وجدوا أنفسهم مضطرين للتعامل مع شكل جديد من أشكال مشاركة الملفات و هى P2P (من شخص إلى شخص) و التى كانت مشكلة أكثر تعقيدا لأنه لا يوجد مسؤول مركزي لإغلاقها كما حدث مع ” نابستر ” و لمحاولة تثبيط الملايين من الأشخاص الذين استخدموا تلك البرامج بانتظام رفعت تلك الشركات دعوى قضائية ضد صانعي برامج P2P و عدد قليل من المستخدمين الأكثر استخداما لها و غالبًا كانوا من الطلاب الموجودون في حرم الجامعات الذين لديهم إمكانية الوصول إلى اتصالات عالية السرعة لاستخدام تلك البرامج فى تحميل الأغانى الموسيقيه و في وقت لاحق ملفات الأفلام و مع ذلك و على الرغم من تحميل بعض صانعي برامج P2P المسؤولية عن الخسائر التي تكبدها مالكو حقوق الطبع و النشر الا أنهم لم يستطيعوا السيطرة عليها لوجود برامج اخرى اكثر تعقيدا و لمحاولة منع مشاركة الملفات قامت تلك الشركات بابتكار حماية متطورة للنسخ الموجودة على الأقراص المضغوطة و أقراص الـ DVD و في حادثة مثيرة للجدل قدمت شركة ” سونى ” أقراصًا مضغوطة إلى السوق عام 2005 محمية برمز خاص يشبه الفيروسات يتم إخفاؤه على كمبيوتر المستخدم و هو الامر الذى سبب الكثير من المشاكل لأنه كان مفتوحًا للاستغلال من قبل القراصنه للسيطرة على أجهزة المستخدمين .

النشر الاليكترونى

أصبحت شبكة الانترنت بيئة مثالية للعلماء و الباحثين ففي عام 2004 بدأ موقع ” جوجل ” في رقمنة المواد التى لا تحتوى على حقوق الملكية الفكرية من العديد من المكتبات المتعاونة في أمريكا الشمالية و أوروبا مثل مكتبة جامعة “ميتشيجان” و التي أتاحت حوالي سبعة ملايين مجلد و على الرغم من أن بعض المؤلفين و الناشرين قد أبدوا تخوفهم من فقدان السيطرة على المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر الا انه تم إطلاق مشاريع رقمنة مماثلة من قبل شركة ” مايكروسوفت ” و موقع ” أمازون ” أما بالنسبة الى غالبية المجلات الأكاديمية فهى متاحة الآن على الانترنت و يمكن البحث فيها و قد أحدث هذا الأمر ثورة في مجال النشر العلمي خاصة في العلوم و الهندسة.

الانترنت و السياسة و الثقافه

حرية التعبير

ساهمت شبكة الانترنت فى زيادة المشاركة السياسية للمواطنين العاديين من خلال ظاهرة المدونات و هي مواقع على هيئة مذكرات أو مجلات على الانترنت التى قد تكون مصادر للمعلومات و او مكان لابداء الآراء التي تتحدى التصريحات الحكومية الرسمية أو وسائل الإعلام الإخبارية الرئيسية و بحلول عام 2005 كان هناك ما يقرب من 15 مليون مدونة و هو رقم يتضاعف كل ستة أشهر تقريبًا و تهيمن “الولايات المتحدة” على عالم المدونات فى الوقت الذى بدأت فيه المدونات باللغات الأخرى فى الانتشار حيث أصبحت اللغة الفارسية الخاصة بالدولة الايرانيه أكثر لغات الشرق الأوسط شيوعًا في عالم المدونات و على الرغم من محاولات الحكومة الإيرانية لتقييد الوصول إلى الانترنت الا انه يتم استضافة حوالي 60 ألف مدونة فارسية نشطة لدى مزود خدمة واحد .

كما تعد شبكة الانترنت مشكلة خاصة للدول الشمولية التي تقيد الوصول إلى مصادر مستقلة للمعلومات حيث نجحت حكومة الصين بشكل خاص في تقييد وصول الجمهور إلى الانترنت من خلال تشغيلهم “جدار الحماية الصيني العظيم” الذي يمنع الوصول تلقائيًا إلى مواقع الويب الغير مرغوب فيها كما تراقب الدولة بنشاط مواقع الويب الصينية لضمان التزامها بالقيود الحكومية على الخطاب المقبول و المعارضة المقبولة و في عام 2000 حظرت الحكومة الصينية تسعة أنواع من المعلومات بما في ذلك المنشورات التي قد تزعج النظام الاجتماعي حيث يجب على المستخدمين إدخال رقم التعريف الوطني الخاص بهم من أجل الوصول إلى الشبكه في مقاهي الانترنت كما أن موفري الخدمة مسؤولين عن المحتوى الموجود على خوادمهم و من ثم يمارس مقدمو الخدمة قدرًا كبيرًا من الرقابة الذاتية من أجل تجنب المشاكل مع القانون و التي قد تؤدي إلى فقدان الوصول إلى الانترنت أو حتى قضاء عقوبة بالسجن حيث تكون السلطات مستعدة لإغلاق مواقع الويب بسرعة و دون مناقشة الا أنه فى بعض من الأحيان قد يتحايل المواطنين على تلك القيود من خلال استخدام خوادم البروكسى .

كما استفاد آخرون من انفتاح الانترنت لنشر مجموعة متنوعة من الرسائل السياسية حيث كان للشبكة العنكبوتية دورا هاما فى الثورة البرتقالية الأوكرانية عام 2004 اضافة الى استخدام الانترنت من قبل الجماعات الإرهابية لنشر ارائهم المتطرفه أو تجنيد أعضاء جدد أو تمرير تعليماتهم حيث يعد ذلك نقطة ضعف كبيرة فى تلك الشبكه .

أقرأ أيضا : رفضه موقع تويتر فى البدايه بإعتباره فكرة غبيه .. قصة إبتكار الهاشتاج و أسباب أختيار ذلك الإسم

الخصوصيه و الانترنت

تعد المخاوف بشأن الخصوصية في الفضاء السيبراني هي قضية نقاش دولي حيث يشعر المواطنون في جميع أنحاء العالم بالقلق من أن أكثر التفاصيل حميمية في حياتهم اليومية قد يتم مراقبتها و البحث عنها و تسجيلها و تخزينها و غالبًا ما يساء تفسيرها عند أخذها خارج السياق و بالنسبة للكثيرين لا تأتي أكبر التهديدات للخصوصية من الدولة و لكن من القائمين على التجارة الإلكترونية نفسها و التي تقوم بطرق غير مسبوقة على تسجيل و تبادل المعلومات الشخصية .

و تبلورت التهديدات للخصوصية في عصر الانترنت عام 2000 من خلال شركة ” دابل كليك ” التى تعد ​​أكبر شركة إعلانات على الشبكه و التى تقوم بجمع معلومات مفصلة عن عادات التصفح لملايين من مستخدمي شبكة الويب العالمية من خلال تنزيل ملفات تعريف الارتباط المسماه بـ ” الكوكيز ” على محركات الأقراص الصلبة للكمبيوتر و التى تسمح لمواقع الويب و شبكات الإعلانات بمراقبة تحركات الأشخاص عبر الانترنت بدقة بما في ذلك مصطلحات البحث التي يُدخلها الأشخاص بالإضافة إلى المقالات التي يقومون بقرائتها و المدة التي يقضونها على الشبكه حيث كان الكثيرون سعداء بقبول ملفات تعريف الارتباط الخاصة بشركة ” دابل كليك ” في مقابل سهولة التنقل عبر الويب بشكل أكثر كفاءة و فى نوفمبر عام 1999 اشترت الشركة قاعدة بيانات تحتوى على الأسماء و العناوين و المعلومات حول عادات الشراء خارج الإنترنت لـ 90 مليون أسرة تم تجميعها من أكبر كتالوجات البريد المباشر و تجار التجزئة في البلاد حيث قامت بدمجها بالمعلومات التى قامت بجمعها من خلال ملفات الارتباط الا أنه نتيجة الضغوط من نشطاء دعاة الخصوصية و مستثمري الانترنت أعلنت شركة ” دابل كليك ” عام 2000 أنها ستؤجل مخطط أرشفتها لبيانات الأشخاص إلى أن تتفق الحكومة الأمريكية و صناع التجارة الإلكترونية على معايير الخصوصية و بعد ذلك بعامين قامت بتسوية دعاوى قضائية جماعية موحدة من عدة ولايات و وافقت على دفع نفقات قانونية تصل إلى 1.8 مليون دولار لإخبار المستهلكين بأنشطة جمع البيانات في سياسة الخصوصية الخاصة بها على الانترنت و للحصول على إذنه قبل جمعهم البيانات المطلوبه كما وافقت الشركة أيضًا على دفع مئات الآلاف من الدولارات لتسوية الخلافات مع المدعين العامين من 10 ولايات و الذين كانوا يحققون في تلك الاتهامات .

و فى عام 2000 أيضا وجدت دراسة استقصائية أجرتها جمعية الإدارة الأمريكية على 1000 شركة أن أكثر من نصف الشركات الأمريكية الكبيرة التي شملها الاستطلاع قامت بمراقبة اتصالات الانترنت لموظفيها و راقبت ثلثا الشركات رسائل البريد الإلكتروني أو ملفات الكمبيوتر أو المحادثات الهاتفية و استخدمت بعض الشركات برامج يمكنها مراقبة و تسجيل كل ضغطة مفتاح على الكمبيوتر بدقة تشبه الفيديو كما يمكنهم فحص جميع رسائل البريد الإلكتروني الواردة و الصادرة بحثًا عن الكلمات و العبارات المحظورة مثل تلك التي تتضمن العنصرية أو أعضاء الجسم و غيرها ثم إعادة توجيه الرسائل المشبوهة إلى المشرف للمراجعة.

اما بالنسبة لشبكات التواصل الاجتماعى فقد كان موقع ” فيسبوك ” محل تركيز خاص لمخاوف الخصوصية على الانترنت فعلى مدار عمر الموقع حدث تطويرات فى إعدادات الخصوصية الافتراضية لمعلومات المستخدم التى يمكن الوصول إليها فقط من قبل أصدقائه أو أصدقاء الأصدقاء إلى إمكانية الوصول إليه من قبل الجميع و في ديسمبر عام 2009 طرح “فيسبوك ” تحديثًا جديدًا لإعدادات الخصوصية سمح للمستخدمين بممارسة المزيد من التحكم الدقيق في المعلومات الشخصية التي تتم مشاركتها أو عرضها و مع ذلك فقد رأى البعض أنها غير كافيه .

أقرأ أيضا : يسجل مكالماتك و يراقب الدورة الشهريه للمستخدمات .. حقائق غريبه عن عملاق التواصل الاجتماعى فيسبوك

كما أن هناك هناك مشكلة أخرى تتعلق بالخصوصية و هي التسلط عبر الانترنت و استخدامه لتهديد أو إذلال شخص آخر بالكلمات أو الصور أو مقاطع الفيديو حيث شكلت “دونا ويتسيل ” عام 2010 و هى والدة فتاة تبلغ من العمر 13 عامًا من “فلوريدا” انتحرت عام 2009 بعد حادث تنمر عبر الإنترنت مجموعة تسمى ” محاربى الأمل ” للمساعدة في كبح إساءة استخدام الانترنت و ذلك لأنه رغم تشريع معظم الولايات الأمريكية قوانين ضد التنمر الا أن القليل منها يشمل التنمر عبر الانترنت.

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *