مهرجان الثيميثي .. حين يكون مشيك على النيران وسيلة للتطهر من الخطايا و التقرب للألهة

تشكل النيران جزء هاما من الحياة الأنسانية سواء من الناحية الإيجابية بإعتبارها مصدرا للدفء و الإضاءة و طهو الطعام او الجانب السلبي كمصدر تهديد لحياة البشر و تدمير للمباني و المنشئات حال خروجها عن السيطرة لذلك كان من الطبيعى تقديسها لدى العديد من الديانات و التى يقوم أتباعها بعبادتها أو ربط أحد الألهة بها مع إقامة طقوس دينية تكون النيران هى محورها الرئيسي و هو ما يحدث فى مهرجان الثيميثي و هى فعالية دينية هندوسية تقام بشكل سنوي بولاية تاميل نادو فى الهند خلال شهر إيبيسي في التقويم التاميلي الذي يقع بين شهري أكتوبر و نوفمبر و فيه يقوم المشاركين بالسير على النيران بغرض التطهر من الخطايا و التقرب من الألهة .

عادة الثيميثي
الثيميثي و المشى على النيران

و يتم الاحتفال بمهرجان الثيميثي بجانب منطقة ” تاميل نادو ” في أجزاء أخرى من قارات العالم مثل فيجي فى قارة أستراليا و سيريلانكا و سنغافورة و ماليزيا فى قارة أسيا و موريشيوس عن قارة أفريقيا بالاضافة الى مناطق أخرى من “الهند” حيث يرجع أصل ذلك المهرجان الى ملحمة فلكلورية هندوسية تدعى الـ ” ماهابهاراتا ” و فيها كانت بطلتها الالهة ” دروبادى ” امرأة متزوجة من خمسة اشقاء يطلق عليهم اسم ” الباندافاس ” الذين خاضوا حربا مع عشيرة تدعى ” الكورفاس ” و فى احدى اجزائها دخلا الطرفان سويا فى لعبة مقامرة بالنرد ليخسر ” الباندافاس ” كل شئ حتى زوجتهم التى استحوذ عليها ” الكورفاس ” ليحتفظ بها و حينها اقسمت الزوجه بعدم تمشيط شعرها الا بعد غسله بدماء اولئك ” الكورفاس ” و بعد مرور 13 عاما من الحرب انتصر الـ” باندافاس ” و تفى “دروبادي” بوعدها و تقوم بغسل شعرها بدم ” الكورفاس ” ثم تمشى حافية القدمين على الجمر المحترق امام ازواجها لإثبات نقائها و عفتها و تخرج منها سالمه حيث عرفت تلك الخطوة بإسم الثيميثي و التى اصبحت بعد ذلك تقليدا لتخليد تلك الاسطورة .

تسوية النيران التى يمشى عليها الناس فى الثيميثي

و من الاسطورة الى وقتنا الحاضر حيث يبدء الاعداد للاحتفال بذلك المهرجان قبل أشهر من الحدث الفعلي حيث يقوم المحبون بإتباع نظامًا غذائيًا نباتيًا صارمًا و يمارسون الصيام من أجل تطهير أنفسهم من الداخل و كذلك من الخارج و قبل اسبوع من الاحتفال يشاركون في جلسات الصلاة الكبرى لطلب البركات و الدعاء لعدم وقوع اى حوادث غير سارة خلال العيد نظرا لانه يوجد بينهم اعتقاد شائع بأن المصلين يجب أن يكونوا طاهرين مثل الالهة “دروبادي” و هم فقط من يستطيعون السير على النار دون التعرض لأي نوع من الإصابات بالاضافة الى قيامهم بأحد الطقوس و يعرف باسم ” كامبودوثاندام” و فيه يتدحرج المصلين حول أرضية المعبد لثلاث جولات تصل كل جوله منهم الى مسافة 150 مترً ثم يتم رفع علم عليه صورة الالهين “أرجونا” و “هانومانا” كعلامة على بدء الاحتفالات يتبعها قراءة الـ”ماهابهاراتا” كل ليلة حتى يومين من بعد تنفيذ تقليد “الثيميثي” على ان يكون قراءة الفصل الأخير من الـ “ماهابهاراتا” في اليوم الأخير من الاحتفالات و ايذانا بانتهائها .

و لاحياء ذكرى انتصار ” الباندافاس ” يتم عمل موكب من عربة فضيه قبل يومين من حدث ” الثيميثي ” و قبله بيوم يتم تجهيز حفرة المشي على النار يبلغ طولها 2.7 مترا مع إعداد حفرة صغيرة في نهايتها مليئة بحليب البقر ثم يأتى يوم ” الثيميثي ” و تستمر الحفرة في الاحتراق الى ان تصل الى درجات حرارة عاليه و بعد الصلوات الأولية يتم ربط جميع المصلين المشاركين في ” الثيميثي ” بخيط أصفر مع وضع بعض الكركم على معصمهم و يكون رئيس كهنة المعبد هو أول شخص يبدأ بالمشي على النار حيث يمشي و علي رأسه “الكركام” و هو إناء مزخرف مليء بالماء المقدس ثم يتبعه بعدها باقى المشاركين الذين يسيرون على النار لإثبات تفانيهم للإله الذي يعتقد أنه يصد الأرواح الشريرة ثم فى النهايه يبردون أقدامهم في الحفرة المليئة بحليب البقر و الذى يعد في التقاليد الهندوسية امرا مقدسا و خلال المشى على النيران يقف العديد من الكهنة على طول الحفرة للتأكد من عدم وقوع المصلين عليها أثناء عبورهم عليها و في نهاية الفعاليات يتم إطفاء الحفرة بالحليب و الماء و ينتهي هذا المهرجان بعد يومين من اجراء ” الثيمثي ” عندما يتم قراءة الفصل الأخير من “ماهابهاراتا” و يخفض العلم الذي تم رفعه في اليوم الأول من الاحتفال .

مشاركة نسائية فى مهرجان الثيميثي

أقرأ أيضا : يوم الصمت .. تقليد غريب يشل الحياة بجزيرة بالي إحتفالا بالعام الجديد

و رغم قدم تقليد ” الثيميثي ” الا انه فى وقتنا الراهن يتعرض للكثير من الانتقادات حيث يرى معظم الناس أنه لا ينبغي الاحتفال بهذا النوع من المهرجانات في الهند الحديثة وذلك نظرا لوجود العديد من الاصابات التى تعرض لها العديد من الاشخاص و خاصة الأطفال منهم أثناء سيرهم على النار حيث تم الإبلاغ مؤخرا عن العديد من حالات اصابات الأطفال خلال ذلك الطقس في “تاميل نادو” و ذلك بسبب عدم ثباتهم أثناء المشي على الجمر المحترق مما يفقد الأطفال توازنهم و يؤدى الى اصابتهم بجروح في أجزاء أخرى من أجسادهم غير أقدامهم .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *