برج بيزا المائل

برج بيزا المائل أو برج الجرس التابع لكاتدرائية بيزا هو واحد من أعاجيب البناء لتميزه بميلانه بمقدار 4 درجات تقريبا عن الوضع الرأسي بسبب عدم إستقرار تربته المقام عليها و هو يقع بمدينة بيزا فى وسط إيطاليا و يبلغ إرتفاعه 55.86 مترًا على الجانب المنخفض و 56.67 مترًا من الجانب المرتفع و تصل سماكة جدرانه عند القاعدة 2.44 م و وزنه 14500 طن و يتكون برج بيزا المائل من ثمانية طوابق و لوحظت ظاهرته الفريدة خلال بناءه في القرن الثاني عشر بسبب أرضيته الناعمة التي لم تستطيع تحمل وزن هيكله بشكل صحيح ثم إزداد الأمر سوء عند الإنتهاء منه في القرن الرابع عشر و بحلول القرن العشرين إزداد ميلانه إلى 5.5 درجة و أصبح الامر يشكل خطورة على قوامه لذلك بدأت فيه بعض من الأعمال الإنشائية التصحيحية بداية من أوائل التسعينيات و أنتهت فى مطلع الألفية الجديدة بتقليل ميله و ثباته فى مكانه .

تصميم برج بيزا المائل المعماري

ساحة كاتدرائية بيزا أو كما يطلق عليها " بيزا ديل دومو " و التي تشمل برج بيزا المائل و الكاتدرائية و المقبرة
ساحة كاتدرائية بيزا أو كما يطلق عليها ” بيزا ديل دومو ” و التي تشمل برج بيزا المائل و الكاتدرائية و المقبرة

و يعد برج بيزا المائل واحدا من ثلاثة مباني في ساحة كاتدرائية بيزا أو كما يطلق عليها ” بيزا ديل دومو ” و التي تشمل معه الكاتدرائية و المقبرة و كان هناك جدل حول هوية المهندس المعماري الذى قام بتشييده و لسنوات عديدة كان ينسب التصميم إلى ” بونانو بيسانو ” و هو فنان معروف في القرن الثاني عشر في مدينة “بيزا” و اشتهر بصب البرونز ثم غادرها عام 1185 و توجه إلى “صقلية” ثم عاد مجددا الى مسقط رأسه حيث مات فيها و كان سبب نسبه لذلك المبنى هو إكتشاف قطعة من الزهر تحمل اسمه عند سفح البرج و لكن يشير البعض ان سبب ذلك ربما لإرتباط إسمه فقط بالباب البرونزي في واجهة الكاتدرائية التي تم تدميرها عام 1595 و ليس المبنى كله لذلك فتشير دراسة أخرى أجريت عام 2001 إلى أن مصمم البرج الأصلي هو “ديوتيسالفي” و كانت أسبابها لذلك هو وجوده وقت البناء و التقارب بين تصميم المبني و أعماله المعمارية الأخري لا سيما برج الجرس في “سان نيكولا” و المعمودية و كلاهما يقعان في مدينة “بيزا” .

الإنشائات

تم بناء برج بيزا المائل على ثلاث مراحل على مدار 199 عامًا بدأت في يناير عام 1172 عندما ورثت “دونا بيرتا دي برناردو” و هي أرملة مقيمة في منزل “ديل أوبرا دي سانتا ماريا” ثروة كبيرة تم من خلالها شراء بعض الحجارة التي لا تزال تشكل قاعدة برج الجرس في أوائل أغسطس عام 1173 ثم تم وضع أساسات البرج و بدأ العمل في الطابق الأرضي في يوم 14 أغسطس من نفس العام حيث كان الطابق الأرضي مكون من رواق مشيد بواسطة أعمدة متداخلة ذات تيجان كورنثية كلاسيكية .

صورة لبرج بيزا المائل عام 1890
صورة لبرج بيزا المائل عام 1890

و خلال الإنشائات بدأ البرج فى الميل بعد تقدم البناء إلى الطابق الثاني عام 1178 بسبب أن أساساته كانت تمتد إلى عمق ثلاثة أمتار فقط و هو خطأ فادح بسبب أن التربة كانت ضعيفة جدا ثم توقف البناء لما يقرب من قرن من الزمان حيث كانت جمهورية “بيزا” أنذاك منخرطة بشكل مستمر في معارك مع “جنوة” و “لوكا” و “فلورنسا” حيث أتاح هذا الوقت فرصة لإستقرار التربة الأساسية و إلا كان من شبه المؤكد أن البرج سينهار و في ديسمبر عام 1233 أستؤنف العمل فى بناءه و بحلول فبراير عام 1260 تم إختيار “جيدو سبيزيالي” نجل “جيوفاني بيسانو” لإستكمال بناء برج بيزا المائل و في محاولة للتعويض عن الميل الواقع عليه قام المهندسين ببناء طوابق علوية مع زيادة إرتفاع جانب واحد عن الآخر ثم توقف البناء مرة أخرى عام 1284 عندما هزمت ” بيزا” على يد ” جنوة ” في معركة ميلوريا ثم عاد البناء مجددا و تم الانتهاء من الطابق السابع عام 1319 و أضيفت غرفة الجرس أخيرًا عام 1372 و قد بناها “توماسو دي أندريا بيسانو ” و وضع فيها سبعة أجراس و تم تركيب أكبرهم عام 1655.

أبرز الأحداث التى أرتبطت ببرج بيزا المائل

أرتبط برج بيزا المائل بعد إنشائه بعدد من الأحداث التاريخية فخلال الفترة ما بين عامي 1589 و 1592 قيل أن العالم “جاليليو جاليلي” الذي عاش في “بيزا” بذلك الوقت قد ألقى قذيفتي مدفع ذات كتلتين مختلفتين من أعلي البرج لإثبات أن سرعة نزولهما كانت مستقلة عن كتلتهما وفقًا لقانون السقوط الحر و خلال الحرب العالمية الثانية أشتبه الحلفاء في أن الألمان كانوا يستخدمون البرج كمركز مراقبة و بالتالي كان عليهم التصرف الا أن الرقيب فى الجيش الأمريكى ” ليون ويكشتاين ” تأثر بجمال الكاتدرائية و حرمها و بالتالي امتنع عن توجيه ضربة بالمدفعية للمكان و تجنيبها الدمار.

و يلاحظ أنه منذ عام 1280 ضرب ما لا يقل عن أربعة زلازل قوية المنطقة لكن برج بيزا المائل الذي يبدو أنه كان معرض للخطر نجا منهم جميعا و لم يكن السبب مفهوما حتى قامت مجموعة بحثية مكونة من 16 مهندسا بالتحقيق فى الامر حيث أستنتجوا أن البرج كان قادرًا على تحمل الاهتزازات الزلزالية بسبب تفاعله مع بنية التربة و نتيجة إرتفاع و صلابة البرج جنبًا إلى جنب مع نعومة التربة فقد ساهم ذلك فى إمتصاص الموجات الإهتزازية و بذلك تكون الأسباب التى يتخوف منها البعض فى أن تكون سببا فى إنهياره هى التى كان لها الفضل فى بقاءه خلال تلك اللحظات .

و فى عام 1987 تم تضمين البرج و الكاتدرائية المجاورة و المعمودية و المقبرة الموجودين في ” بيزا ديل دومو ” كأحد مواقع التراث العالمي لليونسكو .

محاولات إنقاذ برج بيزا المائل

بسبب وضع برج بيزا المائل بُذلت جهود عديدة لإعادته إلى الإتجاه الرأسي أو على الأقل منعه من السقوط إلا أن معظم هذه الجهود قد باءت بالفشل بعد تفاقم الميل في فبراير عام 1964 و هو ما دفع الحكومة الإيطالية إلى طلب المساعدة في منع سقوطه مع ضرورة الحفاظ على ميله بسبب الدور الذي لعبه هذا العنصر في تعزيز صناعة السياحة في مدينة “بيزا” و بعد أكثر من عقدين تم فيهم تجهيز عدد من الدراسات و الأفكار تم إغلاقه عن الجمهور في يناير عام 1990 و أزيلت الأجراس لتخفيف بعض من الوزن و تم توصيل كابلات حول المستوى الثالث و ربطها على بعد عدة مئات من الأمتار كما تم إخلاء الشقق و المنازل في مسار السقوط المحتمل للبرج من أجل السلامة و كانت الطريقة المختارة لمنع انهيار البرج هي تقليل ميله بشكل طفيف إلى زاوية أكثر أمانًا عن طريق إزالة 38 مترًا مكعبًا من التربة من أسفل الطرف المرتفع و إضافة 870 طنًا من الأثقال المكونة من الرصاص حيث تم بالفعل تقليل ميل البرج بمقدار 45 سم و عاد إلى موقعه كما كان عام 1838 و بعد مرور عقد من جهود إعادة البناء و التثبيت التصحيحية أعيد فتح برج بيزا المائل للجمهور في ديسمبر عام 2001 .

محاولات إنقاذ برج بيزا المائل

و حاليا و بعد مرحلة التعزيز الهيكلي التى أجريت فى الفترة من عام 1990 إلى 2001 يخضع البرج لعملية ترميم تدريجي لإصلاح الأضرار المرئية و معظمها الناتجة من التآكل و التشويه و التى تظهر بسبب عمر البرج و تعرضه للرياح والأمطار و في مايو عام 2008 أعلن المهندسين أن البرج قد استقر بحيث توقف عن الحركة لأول مرة في تاريخه و ذكروا أنه سيكون مستقرًا لمدة 200 عام على الأقل .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *