تعددت الأسباب و الموت واحد و لكن بعض من تلك الأسباب قد لا تخلو من الطرافة رغم مأساوية الحدث و لعل ذلك هو ما دفع البعض إلي إنشاء جائزة دارون المخصصة لأغرب الوفيات التي يتعرض لها البشر و كانت إحداها لمحامي كندي يعيش في مدينة تورنتو و يدعي جاري هوي الذي كان مفتونًا بمدي متانة التصميمات المعمارية الحديثة لدرجة أنه كان يؤدي بإنتظام خدعة إحتفالية أمام زوار مكتبه تتمثل برمي وزن جسمه بالكامل على نوافذ مكتبه لإثبات مدى قوتها و تحملها لكن دائما ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن لأنه في عام 1993 حاول ممارسة هوايته المفضلة أمام مجموعة من الأشخاص و لكن كان من الواضح أنها المحاولة الأخيرة بعد أن فشل إطار النافذة في الصمود تلك المرة و يهوي أرضا من إرتفاع 24 طابقا و معه المحامي .
و لمعرفة ملابسات وفاة “جاري هوي” قد يتولد لدى المرء في البداية إنطباع بأنه إما كان غبيًا أو واقعا تحت تأثير المخدرات أو الكحول أو ربما كان لديه ميول انتحارية و لكن الحقيقة أنه لم يكن أيًا من تلك الأشياء صحيح أنه يمكن وصفه بأنه متهور أو يفتقر إلى الحس السليم لكنه لم يكن أحمق حيث كان يبلغ من العمر 38 عامًا و يعمل محاميًا ناجحًا و محترمًا في مجال الأوراق المالية في شركة للمحاماة و مقرها مدينة “تورونتو” في ” كندا ” و قد وصفه مديريه بأنه أحد أفضل و ألمع المحامين في الشركة و كان مكتبه يقع في الطابق الرابع و العشرين من مبنى برج بنك تورونتو دومينيون و الذي شهد لحظاته الأخيرة و هو علي قيد الحياة .
و بشكل منطقي قد نتفهم بأن فقط الأشخاص الذين يسعون إلي الإنتحار هم من يلقون بأنفسهم من النافذة و لكن ليس في حالة “جاري هوي” لأنه في يوم 9 يوليو عام 1993 أقيم حفل إستقبال لطلاب القانون المهتمين بالتدريب المهني في الشركة التي يعمل فيها و كان ” جاري هوي ” يقوم بجولة معهم و خلالها قرر إظهار خدعته المفضلة في الحفلة و هي رمي نفسه على نوافذ برج بنك تورونتو دومينيون حتى يتمكن الطلاب من رؤية مدى متانة الزجاج و تحمله و هي حيلة كان يقوم بها بشكل معتاد أمام الزوار لإظهار قوة النوافذ و الإستمتاع بالتباهي قليلاً.
و لم يتردد ” جاري هوي ” للحظة و ألقي بنفسه علي النافذة في المرة الأولي و أرتد كما يحدث في كل مرة و بعد ذلك ألقى بنفسه على النافذة مجددا و لكن ما حدث بعد ذلك كان بسرعة كبيرة جدًا و مما لا شك فيه ترك جميع من في الغرفة مرعوبين تمامًا لأنه بدلاً من الإرتداد عن النافذة كما فعل في المرة الأولى هوي مباشرة عبر النافذة و سقط من إرتفاع 24 طابقًا باتجاه فناء المبنى بالأسفل و يصطدم بالأرض و يلقي مصرعه علي الفور بسبب خروج الزجاج عن إطاره بشكل مفاجئ و حين وصلت الشرطة و بدأت في معاينة مكان الحادث أصبح واضحًا لها أن وفاة “جاري هوي” كانت نتيجة حادث مأساوي غريب .
و نظرا لغرابة الحادث أهتمت الصحف بتغطيته حيث قال المهندس “بوب جرير” لصحيفة تورونتو ستار: “لا أعرف أي قانون بناء في العالم يسمح لرجل يبلغ وزنه 75 كيلوجراما بإلقاء نفسه أمام الزجاج و ينتظر الصمود أمامه” كما ظهرت قصته بشكل ساخر في فيلم The Darwin Awards عام 2006 من بطولة “جوزيف فينيس” و “وينونا رايدر” و في البرنامج التلفزيوني 1000 طريقة للموت .
أقرأ أيضا : مغامر أمريكي يلقي مصرعه في تحطم صاروخ بدائي أثناء محاولته إثبات أن الأرض مسطحة
و في حين أن وفاة “جاري هوي ” غالبًا ما يتم الإستخفاف بها بسبب ظروفها السخيفة إلا أن ذلك لا يغير حقيقة أن الرجل فقد حياته مثل أي شخص أخر و لكن الأمر الذي كان مثار للإهتمام هو مدى إمكانية تجنب تلك الوفاة في حالة تم إبتعاده عن تلك الحيلة الغريبة .