في خضم الحرب الباردة لم تكن الصراعات بين الولايات المتحدة و الإتحاد السوفيتي مقتصرة علي المجالات العسكرية و السياسية فحسب بل إمتدت إلي مجالات أخرى من بينها الثقافة و الفنون بعد أن أصبحت السينما ساحة غير متوقعة لهذا الصدام حيث كانت الأفلام و خاصة الأعمال الخاصة بالغرب الأمريكي تعكس قيماً مثل الإستقلال و الإعتماد علي الذات و هي قيم تتعارض بشكل صارخ مع الأيديولوجية الشيوعية التي كان السوفييت يسعون لنشرها و التي تتمحور حول المشاركة و العمل الجماعي و رغم ذلك إلا أنه كان يبدو أن الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين المعروف بقسوته و حكمه الحديدي لديه إهتمام غير متوقع بأفلام الغرب الأمريكي بل و حتى بإحدي نجومها الأكثر شهرة و هو جون واين .

و ” جون واين ” هو أحد أبرز الممثلين العالميين و أكثرهم موهبة و يُعتبر أيقونة السينما الأمريكية و رمزاً للبطولة و الوطنية كما كان معروفاً عنه أيضاً بمعاداته الشديدة للشيوعية و هذا الموقف جعله هدفاً غير عادي لستالين الذي رأى فيه تهديداً مباشراً للأيديولوجية التي كان يحاول فرضها علي العالم و لكن هل يمكن أن يصل الأمر إلي حد محاولة إغتيال نجم سينمائي بسبب أفكاره ؟ سؤال أجابت عليه بعض الروايات التاريخية التي كشفت عن قصة غريبة و مثيرة لمحاولة قام بها الزعيم السوفيتي للتخلص من ” جون واين ” إلا أنه و لحسن حظه فشلت بشكل ذريع بفضل تدخل مكتب التحقيقات الفيدرالي في الوقت المناسب لمنعها .

و تقول الرواية أن الزعيم السوفيتي ” جوزيف ستالين ” رغم قسوته و تسببه في مقتل مئات الآلاف من الأفراد إلا أنه كان عاشقاً للأفلام و لديه قاعة سينما خاصة به في كل من منازله حيث كان يشاهد أعمال سينمائية من جميع الجنسيات ثم يفرض إرادته علي سدس الكرة الأرضية بناءً علي الحالة المزاجية التي كانت تتركها فيه هذه الأفلام و لم يكن مشاهدة فيلم مع ” ستالين ” نشاطاً مسائياً عادياً إذ كان “الرقيب الأعلى” يقرر أي الأفلام تُنتج و أي المشاهد تُقص و أي المخرجين يُعدم و لعل الأمر الأكثر إثارة للدهشة أن بعض الأفلام التي إستمتع بها ” ستالين ” كانت تجسد القيم التي سعى جاهداً لتقويضها ألا و هي أفلام الغرب الأمريكي .

و كان ينظر دائما خلال فترة الأربعينيات و الخمسينيات إلي أبطال أفلام الغرب الأمريكي و رعاة البقر بإعتبارهم أبطالاً أمريكيين بإمتياز لظهورهم علي الشاشة مستقلين و يعتمدون علي أنفسهم و هي صفات تتعارض تماماً مع الشيوعية و رغم رفض ” ستالين ” العلني لتلك الأفكار إلا أنه مع نفسه رأي أن هؤلاء الرعاة يمثلونه كشخصية وحيدة تُحقق العدالة في أراضٍ جامحة لذلك كان دائماً يطلب المزيد منها لمشاهدتها و لكن كان من الواضح أن إعجاب الديكتاتور السوفيتي بأبطال رعاة البقر الأمريكيين لم يكن متبادلاً حيث كان الممثل ” جون واين ” أيقونة أفلام الغرب الأمريكي معادياً للشيوعية بشدة لدرجة أنه لم يكن بحاجة للقلق بشأن التعبير عن آرائه بشكل علني خلال فترة كان العديد من أكبر نجوم الصناعة إما شيوعيين أو علي الأقل متعاطفين مع السوفييت كما أنه تصادم مع الشيوعيين في العديد من المواقف بسبب أرائه لدرجة أنه تلقى رسالة تهديد مجهولة و عندما نصحه أحد أصدقائه بأن يكون أكثر حذراً رد قائلاً : “لا يوجد شيوعي ملعون سيخيفني” لكن الوضع إتخذ منحي أكثر جدية عندما جذبت أراء النجم إنتباه الديكتاتور السوفيتي نفسه.
و وفقاً لمصادر قرر ” ستالين ” بعد إحدى جلسات مشاهدة الأفلام المعتادة أن ” جون واين ” يمثل تهديداً مباشراً للقضية الشيوعية و يجب إغتياله لذلك حاولت المخابرات السوفيتية KGB تنفيذ أمره و وصلت تلك المعلومات إلي الأمريكيين الذين إتخذوها علي محمل الجد لدرجة أنهم عرضوا علي ” واين ” الحماية لكنه رد قائلاً: “لن أختبئ لبقية حياتي و هذه أرض الأحرار و هكذا سأبقى” و وفقاً لزملاءه بما في ذلك الدوبلير الخاص به و راعي البقر الحقيقي ” ياكيما كانوت ” فقد أحبط بالفعل مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI محاولة إغتيال واحدة علي الأقل بمساعدة ” جون واين ” نفسه بعد أن علموا أن عميلين من الـ KGB يتظاهران بأنهما من مكتب التحقيقات الفيدرالي و سيحضران إلي استوديو الأفلام حيث كان يصور أحد أفلامه و قرروا إحباط ذلك المخطط .

إقرأ أيضا : كلارك جيبل الممثل الاسطورى الذى افرد هتلر مكافاءة سخيه لمن ينجح فى اختطافه و احضاره
و تشير الروايات أنه عندما دخل العميلان السوفيتيان إلي مكتب ” جون واين ” كما كان متوقعاً كان عملاء الـ FBI الحقيقيين مختبئين في غرفة مجاورة و بعدها تمكنوا علي الفور من إقتحام الغرفة و السيطرة عليهما تحت تهديد السلاح و عقب إعتقالهم كان كلاهما مرعوبين من إعادتهم إلي ” روسيا ” و إبلاغ ” ستالين ” بإخفاقهم في المهمة لدرجة أنهم وافقوا طواعية علي تقديم معلومات إستخباراتية للأمريكيين مقابل البقاء في ” الولايات المتحدة ” و فشلت عملية الإغتيال فشل ذريع و رغم أن العديد قال أن تلك القصة مختلقة و ما هي إلا مبالغات و دعاية رأسمالية إلا أنه بعد سنوات حين إلتقي ” جون واين ” بالزعيم ” نيكيتا خروتشوف ” سأله عما إذا كانت الأقاويل التي تتحدث عن قرار ” ستالين ” بمحاولة إغتياله صحيحة ليرد عليه خروتشوف : “كان ذلك قرار ستالين في سنواته الأخيرة المجنونة و أنا ألغيت ذلك الأمر” .