طبيبان مسافران يقومان بإجراء عملية جراحية طارئة لإحدى الراكبات على متن طائرة أثناء تحليقها و بإستخدام أدوات بسيطة

فى بعض من الأحيان قد يتعرض الإنسان للعديد من المواقف الطارئة التى تجبره فى النهاية على محاولة تخطيها بإستخدام أدوات بسيطة و متاحة أمامه و اذا كان رابط الجأش و واثقا فى قدراته فمن المؤكد أن النجاح سوف يكون حليفه فى ذلك المسعي و هو ما حدث بالفعل حين وجد طبيبان مسافران و هم انجوس والاس و معه توم وونج الذان كانا يستقلان طائرة انهما مضطرين للقيام بإجراء عملية جراحية عاجلة و بشكل إرتجالي لإحدى الراكبات لإنقاذ حياتها و ذلك خلال تحليق الطائرة و بإستخدام أدوات بسيطة بعضها ليس طبي و لحسن الحظ و نتيجة مهاراتهم نجحوا بالفعل فى ذلك و تم الإحتفاء بهم و تكريمهم فى العديد من المحافل الطبية .

حدثت القصة عام 1995 عندما هرعت “باولا ديكسون” إلى مطار هونج كونج لتلحق برحلتها التي تستغرق 14 ساعة إلى مدينة “لندن” فى “المملكة المتحدة” و اثناء وصولها الى المطار سقطت من على متن دراجة بخاريه بعد اصطدامها بسيارة حيث نتج ظاهريا عنها بعض من الاصابات الطفيفه بها و عندما وصلت الى المطار وجدت انها تأخرت عن رحلتها و قررت ان تستقل الرحله التى تليها و هى الخطوط الجوية البريطانية رقم 032 و التى يبدو ان ذلك كان من حسن حظها لأنه خلال ركوبها الطائرة بدأت يدها اليسرى فى التورم و استدعت المضيفة و التى بدورها بحثت بين الركاب عن من يستطيع المساعدة و يقوم طبيبان مسافران على متن الرحلة بفحصها و هم الدكتور “أنجوس والاس” رئيس قسم جراحة العظام في مركز كوينز الطبي في نوتنغهام بانجلترا و الدكتور “توم وونج ” وهو ممارس مقيم في مستشفى اسكتلندي حيث بدا لهم من الوهله الاولى انه كسر بسيط و قرروا وضع يدها على وسادة و وعدوها بالعودة اليها بعد اقلاع الطائرة .

و مع إقلاع الرحلة و ابتعادها عن المطار عادا الطبيبان اليها في الجزء الخلفي من الطائرة حيث وضعوا ضمادة و جبيرة مرنة من حقيبة الاسعافات الاوليه الموجودة فى الطائرة و تم تثبيتها على مشد حول رقبة ديكسون لتثبيت ذراعها و لكن بعد أقل من ساعة أبلغ طاقم الطائرة الطبيبان المسافران أن “باولا ديكسون” تعاني من مشكلة و هى أنها أثناء الانحناء لإزالة حذائها كانت تعانى من ألم رهيب في الجانب الأيسر من صدرها و عند عودتهم و اعادة فحضها خلصوا الى أن العديد من ضلوع ديكسون يجب أن تكون قد كسرت مع ذراعها و اعد الطبيب “والاس” حقنة مسكنه لها الا انه و قبل اعطاءها الحقنه بدأت ديكسون تعانى من صعوبة في التنفس فاستنتج “والاس” أن أحد ضلوعها المكسورة قد اخترق رئتها اليسرى مما أدى إلى انهيارها و السماح للهواء الموجود فيها بالهروب و تشكيل فقاعة داخل صدرها و هي حالة طبية تعرف باسم استرواح الصدر .

القسطرة التى قام الطبيب والاس بصنعها فى الطائرة
القسطرة التى قام الطبيب والاس بصنعها فى الطائرة

فى تلك الاثناء كانت الطائرة تحلق فوق “الهند” و كان من الممكن ان تهبط كحالة طارئه فى اقرب مطار الا ان الطبيب “والاس” خشى أن يؤدي زيادة الضغط أثناء الهبوط إلى جعل حالة “ديكسون” أسوأ و يؤدى الامر الى وفاتها حيث سيقوم الهواء الهارب من الرئه اليسرى بالضغط على اليمنى و ستشعر بالاختناق و كان الحل الوحيد هو إدخال أنبوب عبر جدار صدرها للسماح للهواء المحبوس بالهروب و الذى ربما يكون عملا سهلا بالمستشفى لتوفر الامكانيات و لكن سيكون شبه مستحيل و هو على متن طائرة تحلق على ارتفاع اكثر من 10 كيلومترات لذلك لم يكن امام الطبيبان خيار سوى المضى قدما فى اجراء عمليه جراحيه ارتجاليه و باستخدام ما هو متاح فى الطائرة حيث لم يكن امامهم بديل عن ذلك الانبوب سوى قسطرة بولية مرنة وجدوها فى حقيبة الاسعافات الاوليه و كان عليهم تعديلها لتناسب العمليه عن طريق استخدام شماعه للملابس و استعمال بنج موضعى اما باقي المعدات فكانت من المطبخ و خزانة الملابس حيث قطع والاس بالمشرط صدر السيدة ديكسون و قام زميله بفتح الجرح بسكين و شوكة معقمة في مشروب كحولى و تم دفع القسطرة لتصريف الهواء المحبوس الى زجاجة من المياة المعدنيه و التى تم ربطها جيدا بالقسطرة و استغرقت العملية 10 دقائق سرعان ما تعافت المريضه بانتظام تنفسها على الفور و قضت بقية الرحلة تأكل وتشاهد الافلام خلال الرحله .

الادوات التى تم استخدامها خلال اجراء العملية
الادوات التى تم استخدامها خلال اجراء العملية

أقرأ أيضا : رحلة الخطوط الجوية البريطانية رقم 5390 التى تم طرد قائدها خارج كابينة القيادة فى الهواء أثناء طيرانها

و عند وصول الطائرة إلى لندن و قبل نقلها الى المستشفى لمتابعة حالتها أثنت “بولا ديكسون” كثيرًا على “أنجوس والاس و توم وونج” و قالت: “هذان البطلان الكبيران أنقذا حياتي” و في أعقاب ذلك نشر “والاس و ونج” مقالًا موجزًا في المجلة الطبية البريطانية حول الحادث سردا ما قاما بفعله و الظروف التى كانت حولهم فى الطائرة كطبيبان مسافران و حصل “والاس” على جائزة ماليه قدرها 50 ألف دولار تبرع بها لصندوق أبحاث اليوبيل الفضي الجديد في كلية الطب بجامعة نوتنغهام حيث يعمل و قدمت اليه رئيسة الوزراء السابقة “مارجريت تاتشر” جائزة ” ويجليت والاس ” و المعنيه بالتفاني الاستثنائي للطب في حفل أقيم في “لندن” بالاضافه الى انه نصح شركات الطيران الامريكيه باجراء بعض من التعديلات للادوات التى تحملها على متنها حيث يقول بأنه لن يكون بإمكانه أبدًا محاولة إجراء مثل هذه العمليه مع المجموعات الطبية التي تحملها شركات الطيران الأمريكية والتي لا تحتوي على أي من العناصر التي استخدمها في تلك الجراحة المؤقتة .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *