هل من الممكن ان يكون هناك قضية ما حدثت منذ نحو قرن من الزمن و شغلت الرأى العام حينها و لا تزال تداعيتها مستمرة حتى وقتنا الحالى رغم وفاة كل المرتبطين بها ؟ الاجابة نجدها فى الولايات المتحدة التى شهدت واحدة من أغرب القضايا عبر تاريخها و حازت على إهتمام واسع من قبل المواطنين مع تغطية إعلامية ضخمة و عرفت حينها بإسم قضية الطفل بوبي دونبار الذى أختفى من والديه فى ظروف غامضة مطلع القرن العشرين ثم ظهر بشكل أكثر غموضا مع والدين أخرين و يدخل الطرفين الى ساحات المحاكم لإثبات نسب ذلك الطفل و رغم حكمها النهائي و إغلاق تلك القضية رسميا الا أنها عادت مرة أخرى الى الظهور خلال السنوات الماضية حاملة معها مفاجئات جديدة .
وقعت أحداث قضية الطفل ” بوبي دونبار ” فى ولاية “لويزيانا” الامريكيه فى 23 اغسطس عام 1912 عندما ذهبت عائلته في رحلة ليوم واحد إلى بحيرة “سويزي” و بينما كانت الاسرة تلعب في الماء اختفى الطفل الذى كان يبلغ من العمر أربعة سنوات بشكل مفاجئ و بحث الوالدين “ليسي و بيرسي” دونبار في كل مكان عن طفلهما دون جدوى ثم قاما بالتواصل مع السلطات لابلاغهم عن فقده و لمحاولة الحصول على مساعدتهم فى البحث عنه حيث بدأت الشرطة فى بذل كل الجهود الممكنة لمحاولة العثور عليه او حتى التوصل الى جثمانه وصلت الى درجة تشريح التماسيح الموجودة فى المكان لاحتمالية التهامهم له و القاء الديناميت في البحيرة على أمل أن يخرج جسده من الماء و لكن من دون اى نتيجة .
و بعد مرور ثمانية أشهر من اختفاء “بوبي دونبار ” تلقى الابوين المكلومين أخبارًا سارة بالعثور على صبي يطابق وصف طفلهم في ولاية “ميسيسيبي” حيث شوهد رجل يدعى “ويليام كانتويل والترز ” و هو عامل بارع من ولاية “نورث كارولينا” مع الصبي المعنى و عندما حققت معه السلطات ادعى أن ذلك الصبي هو “تشارلز بروس أندرسون” و هو طفل غير شرعي لأخيه من امرأة عملت مع عائلته تدعى “جوليا أندرسون” و تركته الام في رعايته بينما غادرت للبحث عن عمل و رغم تدعيم العديد من سكان البلدة لقصة “ويليام” الا أن الشرطة قررت الاستمرار فى اعتقاله و احتجاز الصبى بل و تسليمه الى الابوين “دونبار” و كانت لحظة التسليم مثيرة للجدل حيث ادعت إحدى الصحف أنها كانت نهاية سعيدة و أن الصبي صاح على الفور عند رؤية ليسى قائلا “امى ” بينما تقول روايات اخرى أن كلًا من “ليسي و بيرسي” كانوا مترددين في تأكيد أن ذلك الصبي هو “بوبي دونبار ” الا انه فى اليوم التالى أقرت الام انها تأكدت من انه ابنها من علامات الندوب و الشامات فى جسده و قررت الشرطة تسليم الطفل اليهم و إعتبار القضية مغلقة .
و بعد مرور عدة ايام عاد الحديث عن القضية مجددا بعد ظهور الام الاخرى “جوليا أندرسون” بنفسها لتدعم ادعاءات “والترز” بأن الصبي هو ابنها و قالت إنها سمحت له بالبقاء مع الطفل لبضعة أيام بينما كانت تبحث عن عمل وأن تلك الأيام القليلة تحولت إلى شهور و لم تتمكن من العثور على أي عمل يذكر و وقتها قامت الشرطة باستدعاء والدى ” بوبي دونبار ” و قامت بالتحفظ على الطفل و وضعه على خط مع اطفال اخرين و مراقبة رد فعل الام ” جوليا ” عما اذا كانت ستتعرف على ابنها ام لا و كانت المفاجأه بالوقوف امام الصبى و تساؤلها عما اذا كان ذلك هو الصبى محور المشكله كما كانت اجابتها غير دقيقه و بعدها فى اليوم التالى عادت لتؤكد واثقة من أن الصبي الذي تم تحديده على أنه “بوبي دنبار” كان ابنها “تشارلز بروس” رغم ترددها في اليوم السابق ثم بدأت القضيه فى الدخول الى ساحات المحاكم و نتيجة لان الأم ” جوليا ” كانت غير قادرة على تحمل تكاليف تلك القضيه عادت “أندرسون” الى منزلها في ولاية “كارولينا الشمالية” و ترك الصبي مع عائلة “دونبار” و بذلك أصبحت اسرة الطفل ” بوبي دونبار ” واثقين تمامًا من أن الطفل هو إبنهم و قد عاد إلى المنزل و بدء فى التأقلم جيدًا مع حياته الجديدة حيث كان يلعب مع إخوته الذين قالوا انه أظهر علامات تذكر الأشياء في المنزل و بسبب هذا أدين “والترز” بالاختطاف و حكم عليه بعامين في السجن لجريمته قبل أن يستأنف محاميه و رفضت المحكمة الاستئناف الا انه تم اطلاق سراحه بعد ذلك .
و بشكل ظاهرى أنتهت قضية ” بوبي دونبار ” بنهاية سعيدة حيث تم لم شمله مع عائلته مجددا و تكيف معهم بشكل جيد و ترعرع و تزوج و أنجب أربعة أطفال في نهاية المطاف قبل وفاته عام 1966 و على الرغم من أنه تم إخباره بالأحداث التي حدثت خلال طفولته فقد روى أفراد الأسرة أنه كان دائمًا يؤكد أنه يعرف من هو و أنه كان “بوبي دونبار” الا ان المفاجأة قد حدثت عام 2004 عندما وافق “بوب دونبار جونيور” نجل “بوبي” على اجراء اختبار الحمض النووي DNA و مقارنته بالحمض النووى لاحد افراد العائله حيث كانت النتيجة صاعقة بعدم تطابق الحمض النووى و بالتالى فان ذلك الصبى الذى تم اعادته لوالديه لم يكن بالاساس الطفل “بوبى دونبار” بل الطفل “تشارلز بروس أندرسون” ابن “جوليا أندرسون” و نتيجة لذلك شعرت عائلة “أندرسون” بسعادة غامرة لأنها شعرت أن الاختبار أثبت صحة ادعاءاتهم و باالتالى تبرئ الأدلة ادعاء الاختطاف ضد “ويليام” .
أقرأ أيضا : أغرب من الخيال .. حين أستخدم الأمريكيين خدمة البريد لإرسال أطفالهم كطرود شحن
أما بالنسبة لـ “بوبي دونبار” الحقيقي فإن مصيره لا يزال مجهولا حيث تعتقد التكهنات أن الطفل ربما سقط في البحيرة و غرق أو أكله احد التماسيح و افترض بعض الصحفيين أنه ربما الوالدين “ليسي و بيرسي” قد فعلوا شيئًا لابنهم و استخدموا الطفل الأخر لتغطية أفعالهم و لكن بشكل عام و حتى اللحظة لا يزال الغموض سيد الموقف فى مصير الطفل بوبى دونبار الحقيقى .