كوكب زحل هو سادس أقرب كوكب الى الشمس فى ترتيب المجموعة الشمسية و ثانيها من حيث الحجم بعد المشتري و هو ضخم جدا حيث تزيد كتلته بـ 95 مرة من كتلة الأرض التى تعتبر كثافتها أعلى منه بثمانى مرات و هو كوكب غازى مكون من كرة عملاقة تتكون في الغالب من الهيدروجين و الهيليوم يحيط به حلقات تجعله يظهر بشكل مميز عن سائر الكواكب و رغم انه ليس الوحيد فى نظامنا الشمسى الذى يمتلك حلقات حوله الا أنها هى الأكثر بروزا و تعقيدا بأشرطتها الصفراء و الذهبية المكونة أساسًا من جزيئات الجليد و كميات أقل من الحطام الصخري و الغبار , و يرجح أن كوكب زحل يمتلك نواة من الحديد و النيكل و الصخور و المحاطة بطبقة عميقة من الهيدروجين المعدني و طبقة وسيطة من الهيدروجين و الهيليوم السائل و أخيراً طبقة خارجية غازية كما أنه يمتاز بلونه الأصفر بسبب بلورات الأمونيا الموجودة في غلافه الجوى العلوى كما أنه يمتلك عزمًا مغناطيسيًا يبلغ 580 ضعف عزم الأرض نظرًا لحجمه الضخم الذى لم يمنعه من امتلاك غلاف جوى قوى بعكس باقى الكواكب العملاقة و حتى اللحظة يعتبر كوكب زحل بحلقاته و أقماره مصدرًا غنيًا للاكتشافات العلمية الجديدة و رغم ذلك يعتقد أنه لا يزال يحمل الكثير من الألغاز و الأسرار .
و سمى ” كوكب زحل ” Saturn بذلك الإسم نسبة الى إله الزراعة و الثروة الروماني و يعتبر أبعد كوكب عن الأرض يمكن رؤيته بالعين المجردة و هو معروف منذ العصور القديمة ثم تطورت متابعته في القرن السابع عشر عبر الملاحظات التلسكوبية و مع مرور السنوات أصبحنا نعرف عنه الكثير من خلال المركبات و المسابير أثناء زيارتها له أو مرورها عبره و لا يزال امامنا الكثير لنعرفه عنه , و يتميز كوكب زحل عن باقى الكواكب الموجودة فى المجموعة الشمسية كلها بإمتلاكه حتى اللحظة لأكبر عدد مسجل من الأقمار بواقع ما لا يقل عن 83 قمرا تم تسمية 53 منها بشكل رسمى و لا يشمل ذلك العدد مئات الأقمار الصغيرة الأخرى الموجودة فى حلقاته و يعتبر القمر ” تيتان ” هو أكبر أقماره و الأكثر تميزا نظرا لأنه ثاني أضخم قمر في المجموعة الشمسية بحجم يتجاوز كوكب ” عطارد ” اضافة الى أنه القمر الوحيد في النظام الشمسي الذي يمتلك غلافًا جويًا قويًا .
ما حجم و مسافة كوكب زحل ؟
يبلغ نصف قطر ” كوكب زحل ” 58232 كيلومترًا أى أكبر 9 مرات من نصف قطر كوكب الأرض و التى اذا افترضنا انها بحجم العملة المعدنية فإن زحل يعادل حجم الكرة الطائرة و يبعد عن الشمس بمتوسط مسافة تبلغ 1.4 مليار كيلومتر و هو ما يعادل 9.5 وحدة فلكية ( المسافة من الشمس إلى الأرض ) و من هذه المسافة يستغرق ضوء الشمس 80 دقيقة للانتقال من الشمس إلى زحل .
ما هو مداره و دورانه ؟
يمتلك ” كوكب زحل ” ثاني أقصر يوم في النظام الشمسي بعد المشترى حيث يستغرق اليوم واحد على سطح الكوكب 10.7 ساعات فقط ( الوقت الذي يستغرقه زحل للدوران حول نفسه دورة واحدة ) كما يقوم بدورة كاملة حول الشمس (سنة بتوقيت زحل) في حوالي 29.4 سنة أرضية (10756 يومًا أرضي) .
و بعكس المشترى ذات الميل المنخفض جدا فإن ” كوكب زحل ” يميل بمقدار 26.73 درجة فيما يتعلق بمداره حول الشمس و هو مشابه لميل الأرض المقدر بـ 23.5 درجة و هذا يعني أن زحل يمر بفصول موسمية مثلنا .
ما هى حلقات زحل ؟
يُعتقد أن حلقات ” كوكب زحل ” عبارة عن قطع من المذنبات أو الكويكبات أو الأقمار المحطمة التي تحطمت قبل وصولها إلى سطح الكوكب و مزقتها جاذبيته القوية و هى حلقات مصنوعة من مليارات القطع الصغيرة من الجليد و الصخور المطلية بمواد أخرى مثل الغبار و تتراوح حجم جزيئات تلك الحلقات في الغالب من حبيبات جليدية صغيرة بحجم الغبار إلى قطع كبيرة بحجم المنازل اضافة الى عدد قليل من الجزيئات التى تكون ضخمة مثل الجبال حيث تبدو الحلقات بيضاء في الغالب و من المثير للاهتمام أن كل حلقة تدور بسرعة مختلفة عن الأخرى حول الكوكب .
و يمتد نظام حلقات زحل إلى 282000 كيلومتر من الكوكب و تم تسمية الحلقات أبجديًا بترتيب اكتشافها و هي قريبة نسبيًا من بعضها البعض باستثناء فجوة يبلغ عرضها 4700 كيلومتر تسمى قسم “كاسيني” و التى تفصل بين الحلقتين A و B حيث تعتبر الحلقة الرئيسية هي A يليها الحلقات B و C بينما تكون الحلقات D و E و F و G أكثر خفوتًا و التى تم اكتشافها مؤخرًا .
اما بالنسبة الى ترتيب الحلقات حول الكوكب فبدءًا من زحل ثم التحرك للخارج فهناك الحلقة D ثم الحلقة C ثم الحلقة B و قسم كاسيني و الحلقة A و الحلقة F و الحلقة G و أخيراً الحلقة E و بعيدًا توجد حلقة فيبي الباهتة جدًا في مدار قمر زحل “فيبي” .
كيف تشكل كوكب زحل ؟
تشكل ” كوكب زحل ” عندما تشكل باقي النظام الشمسي منذ حوالي 4.5 مليار سنة عندما سحبت الجاذبية الغاز و الغبار الملتف إلى الداخل ليصبح هذا العملاق الغازى و استقر زحل في موقعه الحالي في النظام الشمسي الخارجي كسادس كوكب قربا من الشمس و هو مثل كوكب المشتري يتكون في الغالب من الهيدروجين و الهيليوم و هما نفس المكونين الرئيسيين اللذين يشكلان الشمس .
بناء زحل
يعتبر ” كوكب زحل ” مثل المشترى يتكون معظمه من الهيدروجين و الهيليوم و يوجد في مركزه نواة كثيفة من المعادن مثل الحديد و النيكل محاطة بمواد صخرية و مركبات أخرى صلبة بفعل الضغط الشديد و الحرارة و يحيط بالنواة طبقة من الهيدروجين المعدني السائل الموجودة بطبقة من الهيدروجين السائل على غرار قلب المشتري و لكنها أصغر بكثير منه و يعتبر زحل هو الكوكب الوحيد في نظامنا الشمسي صاحب متوسط كثافة أقل من الماء و هذا معناه انه يمكن أن يطفو فوقها ذلك الكوكب الغازى العملاق اذا توفرت بالطبع مساحة مائية ضخمة قادرة على استيعاب حجمه .
و لأن ” كوكب زحل ” غازى فليس له سطح حقيقي حيث يتكون من الغازات و السوائل لأعماق كبيرة و هو امر يجعل من الصعب على أى مركبة فضائية الهبوط عليه و حتى ان حدث فلن تكون قادرة على الطيران عبره سالمة أيضًا بسبب الضغوط الشديدة و درجات الحرارة العميقة داخل الكوكب التى تقوم بسحق و ذوبان أي مركبة تتواجد فيه .
أما بالنسبة الى غلافه الجوى فيغطى ” كوكب زحل ” بالغيوم التي تظهر على شكل خطوط باهتة و تيارات نفاثة و عواصف و التى تكون بدرجات لونية مختلفة من الأصفر و البني و الرمادي كما تصل سرعة الرياح في الغلاف العلوي إلى 500 متر في الثانية عند المنطقة الاستوائية و هى أسرع بكثير من أقوى رياح اعصارية على الأرض التى تصل إلى 110 مترًا في الثانية كما ان الضغط على ذلك الكوكب قوي جدًا لدرجة أنه يقوم بتحويل الغاز الى سائل و يتميز قطبه الشمالى بميزة جوية مثيرة للاهتمام من خلال احتوائه على تيار نفاث سداسي الجوانب حيث لوحظ هذا النمط لأول مرة في الصور التى التقطت من المركبة الفضائية “فوييجر 1” و قد تمت مراقبته عن كثب من قبل المركبة الفضائية “كاسيني” منذ ذلك الحين حيث يمتد ذلك الشكل السداسي على مسافة 30 ألف كيلومتر و هو عبارة عن تيار نفاث متموج من رياح تبلغ سرعتها 322 كيلومترًا في الساعة مع عاصفة هائلة تدور في المركز و هو امر لا يتواجد في أي مكان آخر في النظام الشمسي .
هل له غلاف مغناطيسى ؟
يعتبر المجال المغناطيسي لزحل أصغر من المجال المغناطيسي لكوكب المشتري و لكنه لا يزال أقوى بمقدار 578 مرة من المجال المغناطيسي للأرض حيث يقع الكوكب و الحلقات و العديد من أقماره بالكامل داخل الغلاف المغناطيسي الهائل لزحل و التى تكون منطقة من الفضاء تتأثر فيها الجسيمات المشحونة كهربائيًا بالمجال المغناطيسي لزحل بشكل أكبر من تأثير الرياح الشمسية .
كما يحدث الشفق القطبي فى ” كوكب زحل ” عندما تتصاعد تلك الجسيمات المشحونة بشكل حلزوني في الغلاف الجوي على طول خطوط المجال المغناطيسي و هو على عكس الأرض التى تأتي اليها الجسيمات المشحونة من الرياح الشمسية حيث أظهرت المركبة “كاسيني” أن بعض الشفق القطبي الذى يحدث على الأقل في “زحل” يشبه كوكب “المشتري” و لا يتأثر إلى حد كبير بالرياح الشمسية و بدلاً من ذلك فإن هذا الشفق ناتج عن مجموعة من الجسيمات المقذوفة من أقمار زحل و نتيجة معدل الدوران السريع له و لكن ذلك الشفق ليس مفهوم تمامًا حتى الآن .
هل يمكن الحياة على كوكب زحل ؟
تعتبر بيئة “كوكب زحل” ليست مواتية للحياة كما نعرفها بسبب أنه من المرجح أن تكون درجات الحرارة و الضغوط و العناصر التي تميز هذا الكوكب قاسية للغاية و متقلبة بحيث يتعذر على الكائنات الحية التكيف معها و في حين أن زحل هو مكان غير محتمل لتترسخ فيه الكائنات الحية فإن الشيء نفسه لا ينطبق على بعض من أقماره العديدة حيث يمكن لأقمار مثل “إنسيلادوس” و ” تيتان ” بما تحتويهم من محيطات داخلية أن تدعم الحياة و لكن حتى اللحظة لا يوجد تأكيدات حول ذلك .
أقرأ أيضا : أشهر تسعة ظواهر فضائية غامضه داخل مجموعتنا الشمسيه
ما هى المركبات الفضائية الخاصة بزحل ؟
فى وقتنا الراهن زارت أربع مركبات فضائية آلية ” كوكب زحل ” حيث قدمت المركبة “بايونير 11” الى وكالة ناسا أول نظرة فاحصة له في سبتمبر عام 1979 و بعدها تابعت المركبتان الفضائيتان التوأم “فوييجر 1 و 2 ” صورا جديدا بفاصل تسعة أشهر بين عامي 1980 و 1981 حيث كشفت كل رحلة طيران عن تفاصيل مثيرة للاهتمام حول ذلك الكوكب العملاق و لكن لم يبدأ فهمنا لكوكب زحل في التبلور إلا بعد وصول بعثة “كاسيني” الدولية إلى المدار عام 2004 حيث قامت بدراسة زحل من مداره لمدة 13 عامًا قبل أن يحولها مهندسوها البشريون على الأرض إلى مسبار جوي تقوم بانطلاقة مذهلة أخيرة إلى الكوكب في سبتمبر 2017 كما حملت المركبة “كاسيني” مسبار Huygens التابع لوكالة الفضاء الأوروبية و الذي هبط على القمر “تيتان” عام 2005 و من الأرض درس علماء الفلك ” كوكب زحل ” بالتلسكوبات لعدة قرون و يواصل تلسكوب “هابل” الفضائي الكشف عن تفاصيل جديدة من موقعه في مدار الأرض .