كوكب عطارد

كوكب عطارد هو أقرب الكواكب الى الشمس و أصغرها من حيث الحجم و عند مقارنته بكوكب الأرض سنجد أنه أقل من نصف حجمها و لكنه أكبر قليلا من القمر و اذا وقفت على سطحه فستلاحظ ظهور الشمس أكبر من حجمها بثلاث مرات عما تبدو عليه من الأرض كما أن ضوئها سيكون أكثر سطوعًا بسبع مرات و رغم قربه منها الا أنه يعتبر ليس أكثر الكواكب سخونة في المجموعة الشمسية نتيجة عدم وجود غلاف جوى يحتفظ بالحرارة التى تتفاوت طوال اليوم ما بين شديدة الحرارة و البرودة حيث تصل درجات حرارته النهارية الى 430 درجة مئوية بينما فى الليل فتنخفض الى -180 درجة كما أنه أسرع كوكب يدور حول الشمس كل 88 يومًا من أيام الأرض و قد يظهر الينا كجسم شبيه بالنجوم الساطعة و لكن من الصعب ملاحظته بعكس كوكب الزهرة نظرا لقربه من الشمس حيث لا يمكن رؤيته إلا فى ظروف محددة تتمثل بقربه من الأفق الغربي بعد فترة الغروب أو الأفق الشرقي قبل شروق الشمس .

و سمى “كوكب عطارد” بذلك الإسم نسبة الى إله التجارة و رسول الآلهة عند الرومان و ذلك كإشارة إلى حركاته السريعة بالنسبة لباقى الأجسام الأخرى و رغم صعوبة رؤيته الا أنه توجد أدلة تثبت أنه تم التعرف عليه خلال العصر السومرى منذ 5000 ألاف عام و حتى خلال العصر الحديث لم يكن من السهل رؤيته حيث قضى العديد من الفلكيين حياتهم بأكملها دون رؤية ذلك الكوكب حتى أن العالم الشهير “نيكولاس كوبرنيكوس ” قد أعرب عن أسفه على فراش الموت لأنه لم يرى كوكب عطارد بنفسه كما أنه بجانب صعوبة مشاهدته فهو يمتاز عن غيره من كواكب النظام الشمسى بأن لديه أصغر ميل و اكبر انحراف مداري كما أنه كوكب بدون أقمار تابعة و يظهر سطحه مثقوبا مما يشير إلى أنه كان غير نشط جيولوجيًا لمليارات السنين نظرًا لعدم وجود غلاف جوي تقريبًا للاحتفاظ بالحرارة .

ما حجم و مسافة كوكب عطارد ؟

يبلغ نصف قطر كوكب عطارد 2440 كيلومترًا و هو يزيد قليلاً عن 1/3 عرض الأرض أى أنه إذا كان كوكبنا بحجم العملة المعدنية فإن عطارد يكون بحجم حبة التوت , و من مسافة متوسطة تبلغ 58 مليون كيلومتر يبعد عطارد ما يقارب 0.4 وحدة فلكية عن الشمس ( المسافة من الشمس إلى الأرض ) حيث من تلك المسافة يستغرق ضوء الشمس 3.2 دقيقة للانتقال منها إلى سطح ذلك الكوكب .

ما هو مداره و دورانه ؟

يأخذ كوكب عطارد مدار شديد الانحراف على شكل بيضاوى حيت تكون أقرب مسافة من الكوكب إلى الشمس هى 47 مليون كيلومتر و أبعد مسافة هى 70 مليون كيلومتر كما يدور حولها دورة كاملة كل 88 يومًا بسرعة تبلغ 47 كيلومترًا في الثانية و هو ما يعتبر أسرع من أي كوكب آخر كما يدور حول محوره ببطء شديد حيث يكمل دورة واحدة كل 59 يومًا من أيام الأرض و لكن عندما يتحرك بشكل أسرع في مداره الإهليلجي حول الشمس فإن كل دوران له لا يكون مصحوبًا بشروق و غروب الشمس كما هو الحال في معظم الكواكب الأخرى حيث يبدو أن شمس الصباح تشرق لفترة وجيزة و تغرب ثم تشرق مرة أخرى من بعض أجزاء سطح الكوكب و يحدث الشيء نفسه في الاتجاه المعاكس عند غروب الشمس لأجزاء أخرى من السطح حيث يعادل اليوم الشمسى الواحد من عطارد (دورة كاملة ليلاً ونهارًا) 176 يومًا من الأرض كما يميل محور دوران عطارد بمقدار درجتين فقط بالنسبة لمستوى مداره حول الشمس و هذا يعني أنه يدور في وضع مستقيم تقريبًا و بالتالي لا يمر بفصول كما تفعل العديد من الكواكب الأخرى.

كيف تشكل كوكب عطارد ؟

تشكل كوكب عطارد منذ حوالي 4.5 مليار سنة عندما سحبت الجاذبية الغاز و الغبار معًا لتكوين هذا الكوكب الصغير الأقرب إلى الشمس و هو مثل زملائه من الكواكب الصخرية يمتلك نواة مركزية و غطاء صخري و قشرة صلبة.

بناء عطارد

كوكب عطارد هو ثاني أكثر الكواكب كثافة بعد الأرض و له قلب معدني كبير يبلغ نصف قطره 2074 كيلومترًا أي حوالي 85 % من نصف قطر الكوكب كله كما أن هناك أدلة تشير الى أن أغلبه مكون من سائل أو مواد مذابة جزئيًا أما قشرته الخارجية فهى تشبه الغلاف الخارجي للأرض (الوشاح والقشرة) و يبلغ سمكها حوالي 400 كيلومتر فقط .

بالنسبة الى سطح “كوكب عطارد” فهو يشبه سطح قمر الأرض و قد تشوه بالعديد من الفوهات الصدمية التى نتجت من اصطدام النيازك و المذنبات حيث تم تسمية تلك الفوهات على اسماء فنانين أو موسيقيين أو مؤلفين متوفين مشهورين مثل مؤلف الأطفال الدكتور “سوس” و رائد الرقص “ألفين أيلي” حيث يرجح أن تلك الفوهات قد نشأت في وقت مبكر من تاريخ نظامنا الشمسي علاوة على وجود مناطق شاسعة من التضاريس الملساء و أيضًا المنحدرات التى يبلغ طول بعضها مئات الكيلومترات و تصل ارتفاعتها الى اكثر من كيلومترا و نصف .

و يظهر سطح “كوكب عطارد” بلون بني و رمادي للعين البشرية حيث تسمى تلك الخطوط المضيئة المسببة لتلك الألوان بـ “أشعة الحفرة” التى تتشكل عندما يضرب كويكب أو مذنب السطح و تنتج كمية هائلة من الطاقة جراء ذلك التصادم الذى يحدث حفرة كبيرة تسحق فيها كمية هائلة من الصخور حيث يتم إلقاء بعض من هذه المواد المسحوقة بعيدًا عن الحفرة لتسقط على السطح مشكلة تلك الألوان و تكون قطع الصخور المكسرة الصغيرة أكثر انعكاسًا من القطع الكبيرة لذا تبدو الصورة أكثر إشراقًا و لكن بسبب بيئة الفضاء التى تتأثر بالغبار و جزيئات الرياح الشمسية فهى تعمل على جعل الأشعة داكنة مع مرور الوقت .

و تعتبر درجات الحرارة على “كوكب عطارد” شديدة جدا خلال فترة النهار حيث يمكن أن تصل على السطح إلى 430 درجة مئوية و نظرا لعدم وجود غلاف جوي للكوكب للاحتفاظ بها فيمكن أن تنخفض درجات الحرارة ليلا على السطح إلى – 180 درجة مئوية كما قد يحتوى الكوكب على جليد مائي في قطبيه الشمالي و الجنوبي بداخل الحفر العميقة و لكن فقط في المناطق ذات الظلال الدائمة التى فيها يمكن أن يكون الجو باردًا بدرجة كافية للحفاظ على جليد الماء .

و بدلا من الغلاف الجوى يمتلك “كوكب عطارد” طبقة خارجية رقيقة تتكون من ذرات انفجرت عن السطح بفعل الرياح الشمسية و النيازك حيث يتكون الغلاف الخارجي في الغالب من الأكسجين و الصوديوم و الهيدروجين و الهيليوم و البوتاسيوم .

هل له غلاف مغناطيسى ؟

على الرغم من أن المجال المغناطيسي لكوكب عطارد يعادل 1 ٪ فقط من قوة مجال الأرض إلا أنه يتفاعل مع المجال المغناطيسي للرياح الشمسية لتكوين أعاصير مغناطيسية شديدة ففي بعض من الأحيان تمر بلازما الرياح الشمسية الساخنة السريعة إلى سطح الكوكب و عندما تصطدم الأيونات بالسطح فإنها تقطع الذرات المشحونة بشكل محايد و ترسلها في حلقة عالية في السماء.

أقرأ أيضا : ماذا يحدث اذا توقف كوكب الأرض عن الدوران ؟

هل يمكن الحياة على كوكب عطارد ؟

تعتبر بيئة “كوكب عطارد” ليست مواتية للحياة كما نعرفها و ذلك نظرا لقربه من الشمس التى تجعل درجات حرارة سطحه تصل الى مئات الدرجات المئوية اضافة الى وجود الإشعاعات الشمسية الضارة التى تحيط به من كل جانب مع وجود غلاف جوى رقيق للغاية يكون غير قادر على حماية سطحه و هى أمور تجعل من الصعب على الكائنات الحية العيش أو التكيف فيها .

ما هى المركبات الفضائية الخاصة بعطارد ؟

نظرًا لأن “كوكب عطارد” قريب جدًا من الشمس فمن الصعب مراقبته مباشرة من الأرض إلا أثناء الفجر أو الشفق عندما لا يتفوق سطوع الشمس على القليل من اضاءة عطارد و مع ذلك يمكن مشاهدته 13 مرة خلال القرن الواحد فى حدث نادر يسمى “العبور” و كانت أول مركبة فضائية تزوره هي “مارينر 10” التابعة لوكالة ناسا والتي صورت حوالي 45٪ من سطحه كما حلقت مركبة الفضاء “ميسنجر” بالقرب من عطارد ثلاث مرات و دارت حول الكوكب لمدة أربع سنوات قبل أن تتحطم على سطحه في نهاية مهمتها .

و مؤخرا أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية و اليابانية مهمة مشتركة إلى كوكب عطارد في عام 2018 و التى تتكون من مركبتين فضائيتين و تم من خلالهم التقاط المشاهد الأولى من الكوكب خلال رحلة جوية في 1 أكتوبر عام 2021 .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *