كوكب الزهرة

كوكب الزهرة هو ثانى أقرب كوكب الى الشمس فى ترتيب كواكب المجموعة الشمسية و سادسها من حيث الحجم و غالبًا ما يطلق عليه توأم الأرض لتطابقهم فى بعض من الخصائص الا انه يحدث اختلاف جذرى عند الإقتراب منه لأنك ستكتشف أنه بمثابة الجحيم و ذلك لأمتلاكه سطح ساخن بدرجة كافية لإذابة الرصاص و بدرجة حرارة أعلى من كوكب عطارد نفسه الذى يعد أقرب الكواكب الى الشمس و ذلك لاحتوائه على غلاف جوى سميك للغاية يعمل على حفظ درجة الحرارة داخله كما يتميز بأن الوقت الزمنى ليومه أطول من عامه و يفتقر إلى أي مظهر من تتابع الفصول الموسمية و يرجح أنه كان يوما صالحا للسكن مثل الأرض لكن ذلك كان قبل مليار سنة على الأقل حيث أدى تأثير الاحتباس الحراري الجامح إلى تحويل كل المياه السطحية الموجودة فيه إلى بخار و التى تسربت ببطء إلى الفضاء ليصبح كوكبا مقفرا اضافة الى تعرض سطحه الصخرى في الوقت الحاضر إلى درجات حرارة و ضغوط عالية , و نتيجة احتواء ذلك الكوكب على بعض من المكونات التى نمتكلها على كوكبنا أيضا و ساهمت فى وجود الحياة فيه يوما فيعتبر دراسته هامة للغاية لسكان كوكبنا و ذلك لمحاولة معرفة كيف أنتهى الأمر به ليكون غير صالح للحياة لنستخلص منه الدروس و نجعلها دائما نصب أعيننا لتجنب تكرار ذلك الأمر على سطح كوكبنا حتى لا يلقى نفس مصيره .

و سمي كوكب الزهرة بذلك الإسم نسبة الى الرومانيين الذين تمكنوا بسهولة من رؤية سبعة أجسام لامعة في السماء بالعين المجردة و هى الشمس و القمر و خمسة كواكب (عطارد و الزهرة و المريخ و المشتري و زحل) و أطلقوا عليهم أسماء أهم آلهتهم حيث سمى “كوكب الزهرة” بالانجليزية “فينوس” و هو اسم إلهة الحب و الجمال الرومانية نظرا لشدة لمعانه فى السماء بعد الشمس و القمر و هو يعتبر الكوكب الوحيد عن دون الكواكب الذي سمي على اسم إله أنثى و يمتاز بأنه يمكن مشاهدته فى وضح النهار كما أنه كوكب ليس لديه أقمار و يحيط به طبقة معتمة من السحب العاكسة للغاية لحمض الكبريتيك و يختلف عن غيرة من باقى الكواكب و بإستثناء كوكب ” أورانوس ” فى أن حركته معاكسة حيث تشرق الشمس فيه من أفقها الغربي و تغرب في الشرق .

ما حجم و مسافة كوكب الزهرة ؟

يساهم وجود “كوكب الزهرة” بالقرب من الأرض فى أن يجعله مرأى بالعين المجردة فهو تقريبًا مثل حجم الأرض حيث يبلغ قطره 12،104 كيلومتر كما أنه ألمع جسم في سماء الليل بعد قمرنا لذلك أعطى القدماء أهمية كبيرة له في ثقافاتهم .

و يبتعد كوكب الزهرة عن الشمس بمتوسط مسافة 108 مليون كيلومتر و يقع في أقرب نقطة له إلى الأرض على بعد حوالي 61 مليون كيلومتر و لكن في معظم الأوقات يكون الكوكبان بعيدين عن بعضهما البعض بعكس عطارد الكوكب الأقرب الى الشمس فهو يقضي وقتًا على مقربة من الأرض أكثر من الزهرة , و من خلال متابعة الكوكب عبر التليسكوبات على مدار عدة أشهر سنكتشف أن له مراحل تشكل مختلفة مثل قمرنا فهو يظهر فى صورة الممتلئ و النصف ممتلئ و الربع و هكذا و تستغرق الدورة الكاملة لاكتمال هيئته 584 يومًا و هى فترة طويلة للغاية بعكس القمر الذى يستغرق شهرًا واحدًا فقط حيث كان ذلك المنظور فى مراحل تشكل كوكب الزهرة و لاحظها العالم “جاليليو” لأول مرة من خلال تلسكوبه هي التي قدمت الدليل العلمي الرئيسي لطبيعة كوبرنيكوس فى أن الشمس هى مركز المجموعة الشمسية .

ما هو مداره و دورانه ؟

سيكون قضاء يوم على “كوكب الزهرة” تجربة مربكة للغاية لأنه يدور حول نفسه ببطء شديد للغاية فلو إفترضنا أن الانسان عاش على سطحه رغم درجة حرارته المرتفعة التى تبلغ 475 درجة مئوية فسيكون يومه العادى يعادل 243 يومًا من أيام الأرض أى أطول حتى من سنة الزهرة و هى التى يقطع فيها الكوكب دورة كاملة حول الشمس و تستغرق 225 يومًا فقط من أيام الأرض و من ناحية أخرى و بسبب دورانه البطئ فإن فترة شروق الشمس حتى غروبها يستغرق 117 يومًا من أيام الأرض ناهيك على أنها ستشرق من الغرب و تغرب في الشرق لأن الزهرة تدور بشكل عكسى مقارنة بالأرض .

كما أنه فى “كوكب الزهرة” لا تتوقع أي تغيرات موسمية تؤدى الى تباين فى درجات الحرارة القاسية حيث يميل حول محوره بمقدار ثلاث درجات فقط و هى زاوية قليلة جدا و لا تسمح بتشكل بأى فصول موسمية بعكس كوكب الأرض الذى يدور حول محور دورانه بنحو 23 درجة و هى درجات تساهم فى تكون الفصول الأربعة .

كيف تشكل كوكب الزهرة ؟

توفر أوجه التشابه الوثيق بين “كوكب الزهرة” و الأرض في وقت مبكر و ما تبعه بعد ذلك من مصير مختلف نوعًا من التحدى للعلماء الذين يدرسون تكوين الكواكب فكلاهما لديه حجم مماثل و بنية داخلية متشابهة و محيطات في أيامهم الأولى و مع ذلك أصبح أحدهما الآن جحيمًا بينما الآخر هو العالم الوحيد المعروف حتى الآن الذي يستضيف الحياة عليه و لكن على الأرجح فقد تشكل كوكب الزهرة من خلال تكون قرص من الغاز و الغبار الدوامي منذ 4.6 مليار سنة و الذى تراكم حول شمسنا و برد و استقر في مداره الذى نعرفه الأن حيث يمكن أن تساعدنا المعرفة بتاريخ تكوين كوكب الزهرة في فهم كوكب الأرض بشكل أفضل مع الكواكب الصخرية حول النجوم الأخرى .

بناء الزهرة

إذا تمكنا من تقسيم “كوكب الزهرة” و الأرض إلى نصفين من قطب إلى قطب و وضعهما جنبًا إلى جنب سيظهران متشابهين بشكل ملحوظ. فكل كوكب منهم له قلب حديدي يلفه وشاح من الصخور الساخنة و أرق طبقة فيهم هى من تشكل القشرة الخارجية الصخرية و على كلا الكوكبين يتغير شكل تلك القشرة الرقيقة و أحيانًا تتحول إلى براكين استجابةً لمد و تدفق الحرارة والضغط في الأعماق , كما تتطلب أوجه التشابه المحتملة الأخرى بين الأرض و الزهرة مزيدًا من البحث فعلى “كوكب الأرض” تعمل الحركة البطيئة للقارات على مدار آلاف و ملايين السنين على إعادة تشكيل السطح و هي عملية تُعرف باسم “الصفائح التكتونية” و ربما حدث شيء مشابه على كوكب الزهرة في وقت مبكر من تاريخه و اليوم يمكن أن يكون العامل الرئيسي لهذه العملية هى “الاندساس” أى انزلاق إحدى الصفائح القارية تحت أخرى و التي يمكن أن تؤدي أيضًا إلى إطلاق البراكين و للتأكد من ذلك قامت مركبة الفضاء “ماجلان” التابعة لوكالة ناسا و التي أنهت مهمة استغرقت خمس سنوات إلى كوكب الزهرة عام 1994 برسم خريطة للسطح الملتهب باستخدام الرادار حيث رصدت أرضًا بركانية كما شاهدت سطحًا صغيرًا نسبيًا تمت إعادة تشكيله مؤخرًا من الناحية الجيولوجية و سلاسل من الجبال الشاهقة.

و بالنسبة الى سطح كوكب الزهرة فقد كان سطحه الملتهب موضوع نقاش ساخن بين علماء الكواكب حيث تتضمن الصورة التقليدية افتراض حدوث كارثة على مستوى الكوكب فى الفترة ما بين 350 و 750 مليون سنة مضت انمحت من خلالها معظم آثار سطحه المبكر و تراوحت الأسباب ما بين القوى البركانية و التكتونية التي يمكن أن تشمل التواء السطح و الانفجارات البركانية الهائلة لكن التقديرات الأحدث التي تم إجراؤها بمساعدة نماذج الكمبيوتر ترسم صورة مختلفة ففي حين أن نفس القوى ستكون موجودة و مؤثرة الا انها ستكون بشكل جزئى و على مدار فترات طويلة لكن يعتقد ان هناك شيئا ما هو ما ادى الى تحول الكوكب الى ذلك الشكل .

و حاليا يوجد على سطح كوكب الزهرة مناظر طبيعية من الوديان و الجبال العالية التي تنتشر فيها آلاف البراكين حيث تم تسمية أجزاء من سطحه فى الغالب على أسماء كل من النساء الحقيقيات والأسطوريات مثل “عشتار تيرا” و هي منطقة صخرية و مرتفعات بحجم “أستراليا” و توجد بالقرب من القطب الشمالي كما توجد منطقة أكبر بحجم “أمريكا الجنوبية” تسمى “أفروديت تيرا” التي تمتد عبر خط الاستواء و يصل ارتفاع أحد الجبال بها إلى 11 كيلومترًا و هو أعلى من جبل “إيفرست” و الجدير بالذكر و باستثناء الأرض فإن “كوكب الزهرة” لديه أقل عدد من الحفر عن أي كوكب صخري أخر , كما توجد مناظر بارزة أخرى فى ذلك الكوكب مثل قباب “بانكيك” و هى ذات قمم مسطحة و جوانب شديدة الانحدار بعرض يصل إلى 62 كيلومترًا التى يحتمل أن تكون قد تشكلت من قذف الحمم شديدة اللزوجة كما توجد قباب ” القراد ” و هى البراكين الفردية ذات النتوءات المشعة التي تظهر من الأعلى كما و لو انها دموية و ايضا ” التيسيراى ” و هى تضاريس ذات أنماط معقدة من التلال و الأخاديد .

اما بالنسبة الى الغلاف الجوى فهو ذات أجواء متطرفة و يعتبر سطح ” كوكب الزهرة ” الأكثر سخونة في النظام الشمسي و بصرف النظر عن الشمس نفسها فإنه أكثر سخونة حتى من الكوكب الأقرب و هو ” عطارد ” حيث تصل درجة حرارة السطح الى 482 درجة مئوية و يتكون الغلاف الجوي في الغالب من ثاني أكسيد الكربون و هو نفس الغاز الذي يتسبب في تأثير الاحتباس الحراري على كوكب الأرض مع سحب مكونة من حمض الكبريتيك و يلاحظ تحول غريب يبدأ عندما ترتفع عالياً من سطح الكوكب حيث تبدأ درجة الحرارة و الضغط في الانخفاض .

هل له غلاف مغناطيسى ؟

على الرغم من أن “كوكب الزهرة” مشابه في الحجم للأرض و له قلب حديدي مماثل الحجم إلا أن الكوكب لا يمتلك مجالًا مغناطيسيًا داخليًا خاصًا به و بدلاً من ذلك يحتوي على ما يُعرف بالمجال المغناطيسي المستحث الذى يتكون من تفاعل المجال المغناطيسي للشمس مع الغلاف الجوي الخارجي للكوكب حيث تثير الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس الغازات في الغلاف الجوي الخارجي لكوكب الزهرة و تسمى هذه الغازات المثارة كهربائيًا بالأيونات و بالتالي تسمى هذه المنطقة الأيونوسفير (للأرض أيضًا طبقة أيونوسفيرية) فى الوقت الذى تحمل فيه الرياح الشمسية عدد كافى من الجسيمات المشحونة كهربائيًا و التي تتدفق باستمرار من الشمس و تكون بمثابة المجال المغناطيسي للشمس حيث يحدث تفاعل مع “الأيونوسفير” المثار كهربائيًا لكوكب الزهرة مما يؤدى الى خلق او تحفيز مجالًا مغناطيسيًا يغلف الكوكب .

هل يمكن الحياة على كوكب الزهرة ؟

على ارتفاع 50 كيلومترًا من “كوكب الزهرة” تتراوح درجات الحرارة من 30 إلى 70 درجة مئوية و هو نطاق يمكن حتى في نهايته الأعلى أن يستوعب الحياة الأرضية مثل الميكروبات كما أن الضغط الجوي عند نفس الارتفاع مشابه لما نجده على سطح الأرض اما بالنسبة الى قمم غيوم الكوكب التي تلتف حوله بفعل الرياح التي تصل سرعتها إلى 360 كيلومترًا في الساعة فقد نجد تحولًا آخر حيث تظهر خطوط داكنة و مستمرة تعمل على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية و حتى اللحظة يعجز العلماء عن تفسير سبب بقاء هذه الخطوط سليمة حتى في ظل تلك الرياح المدمرة التى تعادل قوة الأعاصير و تركز التفسيرات الأكثر ترجيحًا على انها جسيمات دقيقة أو بلورات جليدية أو حتى مركبات كيميائية تسمى كلوريد الحديد اضافة الى وجود احتمال أخر و ان كان ضعيف نسبيا و وضعه علماء علم الأحياء الفلكي و هو أن هذه الخطوط يمكن أن تكون مكونة من الحياة الميكروبية حيث لاحظوا أن الروابط الحلقية الشكل لذرات الكبريت و المعروفة بوجودها في الغلاف الجوي للكوكب يمكن أن تزود الميكروبات بنوع من الطلاء الذي يحميها من حامض الكبريتيك و الذى يقوم بإمتصاص الضوء فوق البنفسجي و يحتمل أن يكون ضارًا و يعيد إشعاعه مرة أخرى كضوء مرئي .

و رغم تلك النتائج الا أنه لازالت لا تقدم دليلًا مقنعًا على وجود الحياة في غيوم كوكب الزهرة و لكن مع درجة حرارة الكوكب و ضغطه عند السطح و طبيعة غلافه الجوى و احتوائه على نسبة كبيرة من ثانى اكسيد الكربون فنستطيع ان نقول ان تلك البيئة غير مناسبة للكائنات الحية التى تعيش فى كوكب الأرض .

أقرأ أيضا : أسوء عشرة مشكلات صحية قد يواجهها رائد الفضاء خلال عمله

ما هى المركبات الفضائية الخاصة بالزهرة ؟

يعتبر “كوكب الزهرة” هو أول كوكب يتم استكشافه بواسطة مركبة فضائية عندما نجحت “مارينر 2” التابعة لناسا في التحليق بالقرب منه على بعد 34854 كيلومترًا في 14 من ديسمبر عام 1962 و خلال عملية مسح استمرت 42 دقيقة جمعت المركبة بيانات مهمة عن هذا الكوكب و الخاصة بغلافه الجوى و سطحه قبل التوجه الى مدار حول الشمس و بعد تلك الرحلة استكشفت العديد من المركبات الفضائية الأمريكية و وكالات الفضاء الأخرى كوكب الزهرة بما في ذلك “ماجلان” التى دخلت الى مداره في 10 من أغسطس عام 1990 و على مدى السنوات الأربع التالية استخدم رادارها لاختراق غيوم الكوكب مقدمًا مناظر أولية واضحة لمعظم سطحه حيث وجدت البراكين و قنوات حممية طويلة و قباب على شكل فطائر .

و في الآونة الأخيرة دارت مركبة “فينوس إكسبريس” التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية في مدار حوله من عام 2006 و حتى 2014 و يدور المسبار الياباني “أكاتسوكي فينوس كلايمت أوربيتر” حوله منذ عام 2016 كما قام المسبار “باركر سولار بروب” التابع لناسا برحلات طيران متعددة على كوكب الزهرة على بعد حوالي 830 كيلومترًا من السطح في 11 من يوليو عام 2020 و خلال تلك المهمة الصغيرة اكتشف المسبار أن الغلاف الجوي العلوي لكوكب الزهرة يخضع لتغيرات محيرة على مدار الدورة الشمسية و هي دورة نشاط الشمس تحدث كل 11 عامًا حيث يقدم ذلك الاكتشاف بعص من النقاط التى توضح لماذا يختلف كل من كوكبى الزهرة و الأرض.

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *