ليست الحروب و المجاعات و الأوبئة فقط هى التى تمثل خطورة على البشريه بل فى بعض من الأحيان تكون تصرفات الانسان نفسه هى مصدر التهديد , فنتيجة إقباله على زيادة معدلات التصنيع التى تنبعث من خلالها الغازات الملوثه الى الغلاف الجوى مع عدم اكتراثه بالحفاظ على البيئة أصبحنا جميعا نواجه تحديا كبيرا متمثلا فى إرتفاع متوسط درجات حرارة كوكب الأرض فى ظاهرة عرفت بإسم الاحتباس الحرارى التى ينتج عنها تداعيات خطيرة مثل ذوبان الجليد على القطبين و ارتفاع مستويات سطح البحر الذى يعمل على تأكل أجزاء من اليابسه و حدوث اضطرابات مناخيه حاده مثل العواصف و الأعاصير و بشكل لم يشهده كوكب الأرض عبر تاريخه و هى مخاطر تدفع الى دق ناقوس الخطر للانتباه نحو طبيعة تلك المشكله و ضرورة تكاتف دول العالم لمواجهتها .

بدء العالم فى التعرف على ظاهرة الاحتباس الحرارى عام 1824 عندما صرح العالم الفرنسى “جوزيف فورييه” بأن الأرض ستكون أكثر برودة إذا لم يكن لها غلاف جوي حيث يقوم الاحتباس الحراري فى الظروف الطبيعيه بالمحافظة على مناخ كوكبنا ليكون صالحًا للعيش و بدونه سيكون سطح الأرض أبرد بحوالي 33 درجة مئوية و بعد مرور سبعون عاما و من خلال بحث تم تقديمه عام 1895 من قبل عالم سويدى يدعى “سفانتي أرينيوس” و الذى حصل لاحقا على جائزة نوبل في الكيمياء قال فيه أن بعض من الغازات أشهرها ثاني أكسيد الكربون تستطيع أن تحبس الحرارة بالقرب من سطح الأرض و أن التغييرات الحادثة في كمية تلك الغازات من الممكن أن تحدث فارقًا كبيرًا في مقدار الحرارة المحتبسة و هو أمرا أكدته الإدارة الوطنية للمحيطات و الغلاف الجوي “NOAA” فخلال الفترة ما بين عامي 1880 و 1980 زادت درجات الحرارة العالمية بمعدل 0.07 درجة مئوية لكل عقد من الزمن و ما بعد عام 1981 تسارع معدل الزيادة إلى 0.18 درجة مئوية لكل عقد أى بزيادة قدرها درجتين مئويتين فى وقتنا الحالى مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعيه و حتى اللحظه يعتبر عام 2016 هو الأكثر سخونة على الإطلاق و لكن لحسن الحظ فإن الأرقام الخاصة بالسنوات التاليه قد سجلت انخفاضا ملحوظا و نأمل ان تستمر تلك الارقام فى الانخفاض خلال السنوات القادمه .

شرح الاحتباس الحرارى و أسبابه

يعتبر السبب الرئيسى فى تلك الظاهره هو احتراق الوقود الأحفوري مثل الفحم و النفط خلال عمليات التصنيع التى تنتج عنها غازات مثل ثاني أكسيد الكربون “CO2” و هو الغاز الأكثر شيوعا مع بخار الماء و الميثان “CH4” و الأوزون و أكسيد النيتروز “N2O” حيث تنطلق تلك الغازات الى الغلاف الجوى للأرض الذى يتفاعل بدوره مع الإشعاع القادم من الشمس و الذى يسقط على سطح الأرض ثم يرتد مرة أخرى نحو الغلاف الجوي على هيئة حرارة و نظرا لاحتواء ذلك الغلاف على تلك الغازات فهى تعمل على السماح بمرور الضوء فقط الا انها تحبس تلك الحرارة و تحتفظ بها و تمنعها من الهروب إلى الفضاء و التى تعمل على تسخين كوكب الأرض و رفع درجة حرارته .

شرح مبسط للاحتباس الحرارى

و بجانب عوادم التصنيع تساهم عملية إزالة الغابات من أجل تحويل أراضيها الى مزارع أو أراضى سكنيه أو زراعيه في زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي و وفقًا لمنظمة الأغذية و الزراعة للأمم المتحدة فأنه بعد موت تلك الأشجار فهى تقوم بإطلاق الكربون الذي قامت بتخزينه سابقا أثناء عملية التمثيل الضوئي اضافة الى ذلك فإن تناقص أعداد أشجار الغابات يؤدى بالتبعية الى تناقص امتصاص غازات الكربون المنتشرة فى الغلاف الجوى .

و رغم أن “الميثان” هو ثاني أكثر تلك الغازات شيوعًا الا أنه يعد الأكثر كفاءة في حبس الحرارة حيث أفادت وكالة حماية البيئة أن “الميثان” ذات كفاءة أعلى في حبس الحرارة عن غاز ثاني أكسيد الكربون بمقدار 25 مرة و هو غاز يأتى من مصادر طبيعية لكن البشر يتسببون في جزء كبير من انبعاثاته من خلال عمليات التعدين و استخدام الغاز الطبيعي و مكبات النفايات و تربية الماشيه حيث تنتج الحيوانات ما يقرب من 26 ٪ من إجمالي انبعاثات الميثان .

كما توجد عوامل طبيعية أخرى تتسبب فى ظاهرة “الاحتباس الحرارى” مثل الثورات البركانية و التغيرات في الإشعاع الشمسي المتأثر بالبقع و الرياح الشمسية بالاضافة الى طبيعة موقع الأرض بالنسبة للشمس الا أن تأثيراتها تعد محدودة مقارنة بالعوامل التى يتسبب فيها الانسان .

تأثيرات الاحتباس الحرارى

العواصف الحاده و الجفاف و حرائق الغابات من اهم أثار الاحتباس الحرارى

إن ظاهرة “الاحتباس الحراري” لا يعنى الاحترار الناجم من زيادة درجات الحرارة فحسب بل له تأثيرات أخرى قد تؤدى الى حدوث ظواهر جوية معاكسه مثل العواصف الثلجية الشديدة و لهذا السبب يفضل الباحثين و صانعى السياسات استخدام مصطلح “تغير المناخ” خلال مناقشاتهم و تعد تأثيرات الاحتباس الحرارى بعيدة المدى و لكنها في كثير من الحالات قد تكون مدمرة و هى تتمثل فيما يلى :

ذوبان الجليد

و هو التأثير ربما الأكثر وضوحًا للاحتباس الحرارى حيث شهدت أمريكا الشمالية و أوروبا و آسيا انحصارا فى الغطاء الثلجي فى الفترة ما بين عامي 1960 و 2015 و وفقًا للمركز الوطني لبيانات الجليد والثلج فان التربة الصقيعية اصبحت أقل بنسبة 10٪ في نصف الكرة الشمالي عما كانت عليه في أوائل القرن العشرين حيث يؤدى ذوبان التربة الصقيعية الى حدوث انهيارات أرضية و جليدية بعضها قد يكون مفاجئ و يؤدى الى حدوث خسائر كبيرة فى الأرواح بالاضافة الى ان ذلك الذوبان يعمل على اطلاق الميكروبات المدفونة فيه منذ فترة طويلة كما حدث عام 2016 عندما تم إذابة مخبأ ثلجى يحتوى على جثث مدفونه من حيوانات الرنة مما تسبب في تفشي مرض الجمرة الخبيثة , كما وجدت دراسة أجريت عام 2016 أن هناك احتمال بنسبة 99٪ أن يكون ” الاحتباس الحرارى ” قد تسبب في تراجع الأنهار الجليدية مؤخرًا بمقدار 10 إلى 15 ضعفا مقارنة بحالها اذا كان لا يوجد أى احتباسات حيث كانت تحتوى الحديقة الوطنية الجليدية في ولاية “مونتانا” على 150 نهرًا جليديًا في أواخر القرن التاسع عشر الا انه اعتبارًا من عام 2015 و عندما تم إجراء مسح جديد كان هناك 26 فقط .

اما فى القطب الشمالى فيبدو أن تأثير الاحتباس الحرارى يسير بوتيرة أسرع عما هو عليه عند خطوط العرض الوسطى حيث سجل الجليد في الخريف و الشتاء بالقطب الشمالي أدنى مستوياته القياسية في كل من عامي 2015 و 2016 مما يعني أن الامتدادات الجليديه لم تغطي قدرًا كبيرًا من البحر المفتوح فى القطب الشمالى كما كان يحدث سابقا و يعتقد بعض العلماء أن المحيط المتجمد الشمالي سيشهد صيفًا خالٍ من الجليد في غضون 20 أو 30 عامًا حال استمرت تلك الظاهره .

و فى القطب الجنوبى كانت تأثيرات الاحتباس الحراري أكثر تباينًا عن الشمالى حيث يقول العلماء إن ربع الجليد الموجود في غرب القارة القطبية الجنوبيه معرض لخطر الانهيار و أن الأنهار الجليدية الهائلة في منطقتى “ثويتس وجزيرة باين” تتدفق أسرع بخمس مرات مما كانت عليه في عام 1992 اما بالنسبة لشرق القارة القطبية الجنوبية فهو أكثر مرونة في مواجهة آثار الاحتباس الحراري الا أن البيانات الحديثة تشير إلى أنه حتى هذا المعقل البارد الأخير في القارة الجنوبية قد بدء يتأثر بارتفاع درجات الحرارة حيث بدأت الأنهار الجليدية في شرق القارة القطبية الجنوبية في التحرك بشكل أسرع و هذا يعني أن المزيد من الجليد الأرضي يتجه نحو المحيط الذى يعد المحرك الرئيسي لارتفاع مستوى سطح البحر.

الجفاف

سيؤدي الاحتباس الحراري إلى تغيير الكثير من الأمور على الأرض و من المتوقع أن تصبح العديد من المناطق الجافة بالفعل أكثر جفافاً مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب فعلى سبيل المثال من المتوقع أن تشهد السهول الجنوبية الغربية و الوسطى فى “الولايات المتحدة” موجات جفاف كبيرة و قاسيه على مدار العقود القادمه بسبب زيادة تبخر المياه من التربة الأكثر سخونه بالاضافة الى عدم هطول الامطار فى تلك المناطق القاحله , كما صدر بحث عام 2014 أشار الى أن العديد من المناطق شبه الاستوائيه ستشهد على الأرجح هطول أمطار بمعدلات أقل نتيجة ارتفاع درجات الحرارة بما في ذلك البحر الأبيض المتوسط ​​و الأمازون و أمريكا الوسطى و إندونيسيا التى من المرجح أن تكون الأكثر تضررا في حين أن جنوب إفريقيا و المكسيك و غرب أستراليا و كاليفورنيا سوف تشهد موجات جفاف ليست بالسهله .

و تكمن خطورة الجفاف كما يتوقع العلماء فى تمهيده الطريق لحدوث حرائق الغابات المدمرة و وفقًا لبيانات مركز مكافحة الحرائق الوطني فقد كان هناك زيادة مطردة في معدلات حرائق الغابات فى وقتنا الحالى مقارنة عما كان يحدث منذ الثمانينيات.

طقس قاسى

يعد الطقس القاسى أحد تأثيرات الاحتباس الحراري حيث يتوقع أن تزداد حدة الأعاصير مع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض التى تقوم بتسخين المحيطات و بالتالى تبخر المياه لتزيد الرطوبه التى تعتبر هى المحرك الرئيسى الذي يقود تلك العواصف حيث تقول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة “IPCC” أنه حتى إذا قام العالم بتنويع مصادر الطاقة الخاصة به و تقليل الاعتماد على استخدام الوقود الأحفوري فمن المرجح أن تزيد شدة الأعاصير المدارية بنسبة تصل إلى 11٪ و هذا يعني المزيد من الأضرار الناجمة عن تلك العواصف على السواحل نظرا الى أنه من المحتمل أن يظل تركيز تلك الغازات فى الغلاف الجوى عن مستويات عالية لسنوات عديدة لذلك فمن المتوقع أن تستمر هذه التغييرات لعدة عقود أو أكثر .

ومن المفارقات أن تغير المناخ الناجم عن الاحتباس الحرارى قد يتسبب أيضًا في زيادة العواصف الثلجية الشديدة فوفقًا للمراكز الوطنية للمعلومات البيئية فقد أصبحت العواصف الثلجية الشديدة في شرق الولايات المتحدة أكثر شيوعًا بمقدار الضعف عما كانت عليه في أوائل القرن العشرين حيث يأتي هذا التغيير لأن ارتفاع درجة حرارة المحيطات يؤدي إلى زيادة تبخر الرطوبة في الغلاف الجوي و التى تعمل على تغذية العواصف التي تضرب تلك المناطق بالاضافة الى حدوث زيادات فى ضربات الصواعق حيث وجد الباحثون زيادات وصلت لنسبة 12٪ في نشاطات البرق مقابل كل زيادة تحدث فى درجات الحرارة بمقدار درجة واحدة في الغلاف الجوي. .

زيادة منسوب سطح البحر و اضطراب المحيطات

بشكل عام و مع ذوبان الجليد يرتفع مستوى سطح البحر و وفقًا لتقرير صدر عام 2021 عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية فقد تضاعف وتيرة ارتفاع مستوى سطح البحر من 2.1 مليمتر سنويًا بين عامي 1993 و 2002 إلى 4.4 مليمترا بين عامي 2013 و 2021 كما انه من المتوقع أن يؤدي ذوبان الجليد الموجود في القطب الشمالي و المنطقة القطبية الجنوبية إلى جانب ذوبان الصفائح و الانهار الجليدية في جميع أنحاء جرينلاند و أمريكا الشمالية و الجنوبية و أوروبا و آسيا إلى رفع مستويات سطح البحر بشكل كبير و أن يتسارع معدل الزيادة في السنوات القادمة إذا استمرت تلك الظواهر التى سوف تؤدى الى غمر المياه للعديد من المناطق الساحلية حيث يعيش ما يقرب من نصف سكان الأرض.

و بجانب زيادة منسوب سطح البحر فقد تحدث بعض من التأثيرات الفورية الاخرى للاحتباس الحرارى أسفل الأمواج حيث تعمل المحيطات كمصارف للكربون أى أنها تمتص ثاني أكسيد الكربون المذاب و رغم أن ذلك ليس شيئًا مضرا للغلاف الجوي لكنه مضر بالنظام البيئي البحري , فعندما يتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع مياه البحر ينخفض ​​الرقم الهيدروجيني للمياه أي أنه يصبح أكثر حمضية و هي عملية تعرف باسم “تحمض المحيطات” حيث تقوم تلك الحموضة المتزايدة فى التهام أصداف كربونات الكالسيوم و الهياكل العظمية التي تعتمد عليها بعض من الكائنات البحريه من أجل البقاء مثل المحار و القشريات و الشعاب المرجانية و قد لاحظ علماء البحار مستويات مقلقة من “تبيض المرجان” و هى عملية يطرد فيها المرجان الطحالب التي تزود الشعاب المرجانية بالمغذيات و تكسبها ألوانها الزاهية و هى عملية تحدث عندما تتعرض الشعاب المرجانية للإجهاد بسبب ارتفاع درجات الحرارة , و في عامي 2016 و 2017 شهد الحاجز المرجاني العظيم في “أستراليا” أحداث تبيض متتالية , و رغم امكانية نجاة المرجان من ذلك الا أن تكراره يجعل بقاءه على قيد الحياة أقل احتمالا.

اضطرابات فى حياة النباتات و الحيوان

من المتوقع أن تكون تأثيرات الاحتباس الحراري على النظم البيئية للأرض عميقة و واسعة الانتشار حيث بدء العديد من أنواع النباتات و الحيوانات الظهور و التنقل فى الشمال الأكثر برودة او التوجه الى ارتفاعات أعلى نتيجة ارتفاع درجات الحرارة فى الأسفل و ذلك وفقًا لتقرير صادر عن الأكاديمية الوطنية للعلوم , كما بدأت العديد من عمليات الهجرة لدى الطيور و الحيوانات من خط الأستواء نحو القطبين للوصول الى درجة الحرارة المريحة للعيش , و فى بعض من الاحيان قد يكون سرعة معدل التغير المناخى أسرع من المعدل الذي يمكن أن تهاجر به العديد من الكائنات الحية و نتيجة لذلك قد لا يتمكن العديد منهم بالتكيف في النظام المناخي الجديد مما يؤدى الى انقراضهم حيث تشير احدى الدراسات أن نوعًا واحدًا من كل 3 أنواع من النباتات و الحيوانات معرض لخطر الانقراض بحلول عام 2070 بسبب تغيرات المناخ .

كما يؤدى ارتفاع درجات الحرارة أيضًا إلى توسيع نطاق العديد من مسببات الأمراض التي كانت محصورة في السابق بالمناطق الاستوائية و شبه الاستوائية مما يؤدي إلى قتل الأنواع النباتية و الحيوانية التي كانت محمية في السابق من تلك الأمراض نتيجة عدم وصول تلك المسببات اليها .

تأثيرات إجتماعيه

بقدر ما هو متوقع من تأثيرات تغير المناخ على البيئة فإن التغيرات المتوقعة على المجتمع البشري قد تكون أكثر تدميراً حيث من المرجح أن تتعرض النظم الزراعية لضربة قاسية نتيجة الجفاف و الطقس القاسي و زيادة عدد الآفات و تنوعها و انخفاض منسوب المياه الجوفية و فقدان الأراضي الصالحة للزراعة و هى أمور تؤدى بالتبعية الى فشل شديد في زراعة المحاصيل و حصادها و بالتالى نقص في الثروة الحيوانية في جميع أنحاء العالم بشكل سيؤدى الى فقدان الأمن الغذائي و إحداث حالة من الفوضى في أسواق الغذاء الدولية قد تؤدى إلى حدوث المجاعات و أعمال الشغب و عدم الاستقرار السياسي و الاضطرابات المدنية في جميع أنحاء العالم .

و بجانب فقدان الامن الغذائى فمن المتوقع أيضًا أن يكون هناك تأثيرا خطيرا ناجما عن الاحتباس الحراري على صحة الإنسان حيث أبلغت الجمعية الطبية الأمريكية عن زيادة في الأمراض التي ينقلها البعوض مثل الملاريا و ارتفاع في حالات الأمراض المزمنة مثل الربو كنتيجة مباشرة للاحتباس الحراري كما سلط تفشي فيروس زيكا عام 2016 و هو مرض ينقله البعوض أيضا و يسبب تشوهات خلقية مدمرة فى الأجنة عند إصابة النساء الحوامل به الضوء على مخاطر تغير المناخ الذى يمكن أن يؤدى إلى وجود مناطق جديدة صالحة لحياة البعوض الذي ينشر المرض , كما ان الصيف الأطول و الأكثر حرارة أيضًا يؤدى إلى انتشار الأمراض التي تنقلها حشرات القراد.

أقرأ أيضا : عشرة كوراث تنتظرها الأرض و يتوقعها العلماء ليخرج كوكبنا تماما من الخدمه و معه كامل الحياة البشريه

مواجهة الأحتباس الحرارى

منذ القرن التاسع عشر ساهم العديد من الباحثين في تحسين فهم الغلاف الجوي و نظام المناخ العالمي الا أن القلق من تداعيات الاحتباس الحرارى نشأت فى منتصف القرن العشرين حيث دعا عدد كبير من العلماء الحكومات و المصنعين و المواطنين إلى اتخاذ خطوات تعمل على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التى تخرج من جميع دول العالم خاصة الصناعية منها و المرتفعة الكثافة السكانيه و كانت أمريكا الشمالية و أوروبا هم أول المسؤولين عن إطلاق معظم تلك الغازات منذ بداية الثورة الصناعية في منتصف القرن الثامن عشر و اليوم تنضم إلى هذه البلدان دول نامية كبيرة مثل الصين و الهند لتزداد المشكلة تفاقما و هو الامر الذى دعا لاتخاذ خطوات جديه نحو مواجهة ذلك الخطر المحدق عبر سياسات تنقسم الى شقين الأول منها هو “سياسة التخفيف” التى تركز على طرق مختلفة لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالتحول إلى مصادر طاقة بديلة عن الوقود الأحفورى مثل الرياح و الطاقة الشمسية و الكهرومائية اما الشق الثانى فهى “سياسة التكيف” التى تدعو إلى تحسين قدرة المجتمعات المختلفة على مواجهة تحديات المناخ المتغير مثل التشجيع على تغيير الممارسات الزراعية استجابة للتغيرات الموسمية و إعداد و تأهيل تصميمات جديدة للمدن الواقعة على المناطق الساحلية لمواجهة مستويات سطح البحر المرتفعة .

الاعتماد على طاقات بديلة و نظيفه عن الوقود الاحفورى لمواجهة الاحتباس الحرارى

و بجانب كل ذلك فقد قامت العديد من الدول ببعض من المجهودات الاخرى لمحاولة مواجهة ظاهرة الاحتباس الحرارى تمثلت فى الأتى :

الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC

تمثلت الخطوة الأولى و المهمة في صياغة السياسة العامة بشأن الاحتباس الحراري و تغير المناخ فى جمع البيانات العلمية و الاجتماعية و الاقتصادية ذات الصلة لذلك ففي عام 1988 تم إنشاء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ “IPCC” من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة و هى هيئة تضم آلاف العلماء و الخبراء بظاهرة الاحتباس الحرارى و تغير المناخ و مفوضة بتقييم أحدث البيانات حول تغير المناخ و نشر نتائجها من خلال التقارير المقدمة إلى المنظمات الدولية و الحكومات في جميع أنحاء العالم حيث ساهمت تقاريرها في بناء إجماع علمي بأن التركيزات المرتفعة للغازات الموجودة في الغلاف الجوي هي المحرك الرئيسي لارتفاع درجات حرارة الهواء بالقرب من السطح و ان العامل البشرى هو المسبب الأكبر فى تكونها و بالتالى تفاقمها .

اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية وبروتوكول كيوتو

نتيجة لمخاطر الاحتباس الحرارى و تحذيرات العلماء من تداعياته تم التفاوض على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بين عامي 1991 و 1992 و تصبح ملزمة عام 1994 و التى تدعو الى استقرار تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي عند مستوى من شأنه أن يمنع التدهور فى انظمة المناخ و فى عام 1997 تم اعتماد “بروتوكول كيوتو” الذى يحدد و ينظم ستة غازات تنطلق من خلال الأنشطة الصناعيه الى الغلاف الجوى و تؤدى الى حدوث تلك الظاهره و هى ثاني أكسيد الكربون و الميثان و أكسيد النيتروز و مركبات الكربون المشبعة بالفلور و مركبات الكربون الهيدروفلورية و سادس فلوريد الكبريت , و بموجب ذلك البروتوكول يتعين على الدول خفض إجمالي انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري بنسب محددة بحلول موعد لا يتجاوز عام 2012.

اتفاقية باريس وسياسة تغير المناخ المستقبلية

أختلفت البلدان في الرأي حول كيفية المضي قدمًا في السياسة الدولية فيما يتعلق باتفاقيات المناخ لذلك فقد قاموا بالعديد من المفاوضات بناءً على اتفاقية تم التوصل إليها في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ عام 2007 في بالي بإندونيسيا والتي من شأنها أن تحل محل “بروتوكول كيوتو” بعد انتهاء صلاحيته و في المؤتمر السابع عشر المعنى بتغير المناخ الذي عقد في ديربان بجنوب إفريقيا عام 2011 التزم المجتمع الدولي بوضع معاهدة مناخية شاملة و ملزمة قانونًا لتحل محل بروتوكول كيوتو بحلول عام 2015.

نتيجة لذلك الالتزام و التعهد عقد قادة العالم في المؤتمر المنعقد في باريس عام 2015 اتفاقية عالمية تاريخية و لكن غير ملزمة تهدف الى الحد من زيادة متوسط ​​درجة الحرارة في العالم إلى ما لا يزيد عن 2 درجة مئوية و اجراء المتابعات الدورية كل خمس سنوات و إنشاء صندوق يحتوي على 100 مليار دولار بحلول عام 2020 لمساعدة البلدان النامية على تبني تقنيات غير منتجة للغازات المسببة للاحتباس الحرارى و على الرغم من تصديق الولايات المتحدة عليها عام 2016 الا ان تنصيب “دونالد ترامب” كرئيس للبلاد فى 2017 كان له تداعيات سلبية عليها عندما أشار إلى نيته انسحاب بلاده من الاتفاقية الا أن غياب “الولايات المتحدة” لم يدم طويلاً حيث عادت للاتفاقية مرة اخرى فور تولى الرئيس ” جو بايدن ” و التى بحلول يناير عام 2021 كان اجمالى من وقع عليها 195 دولة .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *