من أجل تحقيق أحلامهم بغزو العالم كان لزاما على النازيين أن يصنعوا أسلحة مدمرة و ذات تقنيات عاليه لا يستطيع الحلفاء الصمود امامها او حتى مجاراتها وبطبيعة الحال كان من الضرورى أن تكون هذه الأسلحة أكبر من أي شيء رأيناه على الإطلاق , و لحسن الحظ الحلفاء ان تلك الاسلحه لم تخرج الى النور حيث كان بعضها مجرد خططا او تصميمات على الورق الا ان ذلك لم يمنع من وجود بعض الأسلحة المخيفة التي تمكن النازيون من تصنيعها و استخدامها فى المعارك حيث كان واحد منها هو أكبر وأعنف مدفع في العالم و المعروف بإسم “مدفع جوستاف العظيم ” و الذى يعتبر أكبر سلاح مدفعي عرفه العالم نظرا لاستخدامه أثقل قذائف معروفة على الإطلاق .

كان يطلق على ذلك المدفع في الأصل اسم ” جوستاف الثقيل ” و تم تصنعيه قبل احتلال فرنسا حيث كان النازيون فى حاجة الى مدفع يساعدهم فى اختراق الجدران المحصنة على خط ماجينو و من خلاله يمكن اختراق جدار فولاذى بسمك متر أوجدران خرسانيه مسلحه ذات سمك سبعة امتار و فى نفس الوقت يكون بعيدا عن متناول المدفعية الفرنسية و من أجل تحقيق ذلك تم التعاقد عام 1934 مع أفضل منتجي الأسلحة لصناعته و هى شركة “كروب ” و التى كانت الأبرز والأقوى في ذلك الوقت فهى عمرها 400 عام و مقرها في إيسن و لعبت أدوارًا مهمة في الحرب العالمية الاولى كواحدة من أكبر منتجي المدفعية و القذائف والذخيرة ومنتجات الصلب الأخرى كما كانت لها أنشطة تصنيعية هائله و التى تنوعت فى انتاج الغواصات و البوارج و مدافع الهاوتزر و غيرها من الأسلحة الاخرى حيث بدأت الشركة فى انتاجه عام 1937 و نظرا لضخامة حجمه فقد تطلب المزيد من الوقت للانتهاء منه بلغ ثلاث سنوات حيث كان مطلوبا من الشركة انتاج مدفعين منه .

تم تصنيع ” مدفع جوستاف ” تحت إشراف المهندس الالمانى ” ايريك مولر ” حيث قدرت حساباته الى ان النازيين بحاجة إلى سلاح بعيار لا يقل عن 80 سنتيمترا ويمكنه إطلاق قذيفة بوزن 7 أطنان حيث يتم إطلاقها من ماسورة يبلغ طولها 30 مترًا و تلك تقديرات تعنى بأن وزن السلاح نفسه سيكون أكثر من 1000 طن كما يجب أن يكون متحركًا في نفس الوقت لذلك صممت الشركة ذلك المدفع ليوضع على شريط للسكك الحديديه لأن هذه كانت هى الطريقة الوحيدة لتحريكه و نقله و تمكنت الشركة الانتهاء من صنع نموذج اختبار له عام 1939 حيث به تمكنت قذيفه تزن سبعة اطنان من اختراق كل من الجدار الخرساني الذي يبلغ سمكه سبعة أمتار والجدار الفولاذي ذات سماكة تصل الى المتر لتنتهى الاختبارات رسميا فى منتصف عام 1940 و يتم دعوة “أدولف هتلر” شخصيا إلى العرض التقديمي له و الذى اعجب بقدراته حيث اطلق على السلاح اسم ” جوستاف ” نسبة الى ” جوستاف كروب ” احد مديرى الشركه و بعد الانتهاء من صناعة المدفع الاول بدأت الشركة فى مراحل انتاج المدفع الثانى حيث تسلم الجيش الالمانى وفقًا لتقاليد شركة كروب مدفع جوستاف مجانا اما الثانى و الذى اطلق عليه اسم ” دورا “نسبة الى زوجة كبير المهندسين فقد جاء بسعر سبعة ملايين مارك ألماني .

و بتسليم مدفع ” جوستاف ” الى الجيش الالمانى اصبح لديهم أكبر مدفع شهده العالم على الإطلاق حيث بلغ طوله 47.3 مترًا و عرضه 7.1 مترًا وارتفاعه 11.6 مترًا و وصل وزنه الى 1350 طنًا ويعمل به طاقم مكون من 250 جنديًا بالاضافة إلى 2500 جندى اخر لإرساء مسارات حركته حيث كان مثبتا على هيكل مصمم خصيصًا له و ينقل على شريط من السكك الحديديه و يتحرك على ثمانون عجله و تم تعيين كتيبتين من الدفاع الجوى لحمايته من هجمات الطيران حيث كان المدفع جاهزا لإطلاق قذائف تبلغ 7 أطنان لمدى يصل إلى 47 كيلومترًا كما كان مخططا ان تطوره الشركه ليطلق قذائف بعيدة المدى يصل مداها الى 150 كيلومترا .

و كان لمدفع جوستاف صدا مرعبا وسط قوات الحلفاء خاصة مع كم الخسائر التى كان يلحقها بهم فرغم انه كان معدا بالاساس لضرب تحصينات خط ماجينو الا انه لم يلحق بمعركة فرنسا و شارك على الجبهة الشرقيه و من ابرز ما قام به هو مساهمته فى “حصار سيفاستوبول” حيث قام بتدمير احد المخازن المنيعه و الموجودة اسفل المياه فى خليج سيفيرنايا و المعروف بإسم جبل الذخيرة على عمق 30 مترا ووسط تحصينات خرسانيه ذات سمك لا يقل عن 10 امتار و بمجرد اطلاق تسعة قذائف عليها تم تدميرها تماما بالاضافة الى اخراجه لحصن سيبريا عن العمل بعد اطلاق خمس قذائف عليه و بعدها تم تفكيكه لينقل الى الشمال للمساهمة فى شن هجوم على ليننجراد الا ان ذلك الهجوم لم يتم .

و مع كل مساهمات ” جوستاف العظيم ” فى الحرب العالمية الثانية الا ان لكل شئ نهايه ففى 14 من ابريل عام 1945 و مع قرب سقوط برلين تم تدميره من أجل منع الاستيلاء عليه و بعد أسبوع تم العثور على بقايا السلاح المدمر متروكة في غابة قريبة من أويرباخ و في صيف العام نفسه تم نقل جوستاف إلى مرسىبورغ حيث استولى عليه السوفييت لمزيد من الدراسات و تنقطع الاخبار حول ذلك المدفع تماما اما بالنسبة الى الاخر فقد لاقى “دورا نفس المصير حيث تم الاستيلاء عليه من قبل الجيش الأمريكي و نقل إلى جرافينهور حيث تم تدميره في 19 أبريل عام 1945 و تم التخلص من ما تبقى من حطامه بعد خمس سنوات اخرى كما انه كان هناك مدفعا ثالث عثر عليه في مصنع كروب في إيسن ولكن على هيئة أجزاء فقط لأنه لم يتم الانتهاء منه و اليوم يوضع أجزاء من هذا السلاح في متحف التاريخ العسكري للبوندسوير في دريسدن .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *