فى بعض من الأحيان قد يكون لديك الرغبه فى ترك الجميع و العيش وحيدا و منعزلا فى بقعة لا يصل اليها الإنسان فإذا كنت جادا فى ذلك المسعى فنحن نرشح لك مكانا موجودا فى المحيط الهادئ فى وسط اللامكان و هى منطقة توصل اليها العلماء أخيرا و أطلقوا عليها اسم نقطة نيمو التى تبعد مسافة لأكثر من 2700 كيلومتر عن الحضارة فى جميع الإتجاهات و لن نبالغ اذا قلنا أن أقرب البشر إليها هم رواد الفضاء الموجودين بداخل محطة الفضاء الدوليه الذين قد يمرون اعلاها خلال إحدى جولاتها فوق الأرض .

تعرف “نقطة نيمو ” رسميا باسم “القطب المحيطي الذي يتعذر الوصول إليه” أو بعبارة أكثر بساطة “النقطة في المحيط الأبعد عن اليابسة” حيث تعد أقرب نقطة يابسة إليها فى الشمال جزيرة ” دوتشى ” و هى احدى جزر بيتكيرن و جزيرة ” موتو نوى” بالقرب من جزر إيستر اما من الجنوب فجزيرة ” ماهر ” و هى تقع قبالة ساحل القارة القطبية الجنوبية و من الواضح أنه لا يوجد سكان بشريون في أي مكان بالقرب منها و أطلق علي تلك النقطة اسم مجازى ” نيمو ” و هى كلمة لاتينية تعنى “لا أحد” إشارة إلى اسم قبطان غواصة فى رواية ” 20 ألف فرسخ تحت البحر” لكاتب الخيال العلمى الشهير ” جول فيرن و فى واقع الحال فإن الموقع منعزل جدًا لدرجة أن أقرب الناس إليه ليسوا على الأرض و لكن رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدوليه حيث يبعدون مسافة 415 كيلومتر تقريبا عن كوكبهم الأصلي و نظرًا لأن المنطقة المأهولة الأقرب إلى تلك النقطة تقع على بعد أكثر من 2700 كيلومتر فإن البشر في الفضاء يكونون هم الأقرب إليها من أولئك الموجودين على الأرض.

و الطريف فى الأمر أنه حتى الرجل الذي اكتشف تلك المنطقه لم يزرها من قبل ففي عام 1992 حدد مهندس المسح “هارفوجى لوكاتيلا ” مكان تلك النقطة الأبعد عن اى أرض في المحيط باستخدام احد برامج الكمبيوتر و الذى قام من خلاله باجراء عمليات حسابيه بإستخدام بعض من الاحداثيات و توصل الى أن تلك النقطة تعد أبعد مكان على سطح كوكب الأرض و التى من المحتمل جدًا ألا يمر بها أي إنسان بها على الإطلاق و اذا قرر أحد يوما الوصول اليها لن يجد أى شئ لا منارة و لا علامة مثبته فقط مساحات شاسعة لا تنتهى من مياه المحيط على مساحة تمتد 22 مليون كيلومترا مربعا و الشئ الوحيد الذى سيجده هو شرف التواجد فى ذلك المكان نظرا لصعوبة الوصول اليه .

هذا بالنسبة الى البشر أما بخصوص باقى الكائنات الحيه فمن المرجح أنه لا يوجد الكثير منهم حول ” نقطة نيمو ” نظرا الى وقوع إحداثياتها داخل دائرة جنوب المحيط الهادئ و هى منطقة تتميز بوجود تيارات دواره هائله تمنع وصول المياه الغنية بالمغذيات من التدفق إليها و نتيجة لعدم وجود اى مصادر غذائية فمن المستحيل الحفاظ على أي حياة في هذا الجزء من المحيط بخلاف البكتيريا و الكابوريا الصغيرة التى تعيش بالقرب من الفتحات البركانية في قاع البحر.

و نتيجة لوقوع ” نقطة نيمو ” في منطقة وُصفت بأنها المنطقة الأقل نشاطًا بيولوجيًا في المحيطات أكتشف العلماء عام 1997 أحد أعلى الأصوات الصادرة تحت الماء و التي تم تسجيلها بالقرب من القطب من خلال ميكروفونات موضوعة تحت الماء تفصل بينها مسافة تزيد عن 4800 كيلومتر ميل و هو الأمر الذى أصابهم بالارتباك داخل الإدارة الوطنية للمحيطات و الغلاف الجوي لعدم تمكنهم من تفسيره لأن ذلك الصوت المرتفع لا يمكن أن يصدر سوى من كائن كبير الحجم للغايه بشكل من الصعب عليهم تخيله و أطلقوا على ذلك الصوت الغامض اسم “ذا بلوب” The Bloop .

نتيجة عدم التوصل الى تفسير علمى مقنع لذلك الصوت بادر عشاق الخيال العلمي بابداء رأيهم الذى تمثل فى رواية كتبها الكاتب الامريكى “هيوارد فيليبس لوفركرافت” فى عشرينيات القرن الماضى بعنوان ” نداء من ثيسولو ” و فيها ذكر أحد الوحوش سيئة السمعة ذات مجسات يعيش فى مدينة “ريليه” المفقودة في جنوب المحيط الهادئ و المذهل فى الأمر أنه ذكر فى الرواية إحداثياتها و التى كانت قريبة للغايه من ” نقطة نيمو ” و مكان تسجيل ذلك الصوت و هذا معناه ان الكاتب كان يسرد واقعا و ليس مجرد قصة من بنات خياله و أن ذلك المكان هو موطنا لأحد الوحوش التى لم يتم اكتشافها بعد و لكن من ناحيتهم أستبعد العلماء ذلك التكهن تماما و أشاروا الى أن سبب ذلك الصوت ربما يرجع الى صوت كسر للجليد في القارة القطبية الجنوبية .

أقرأ أيضا : لم يستطيع أحد الوصول اليها سوى ثلاثة أفراد .. تعرف على خندق ماريانا أعمق نقطة موجودة على الأرض

و رغم الغموض المحيط بتلك المنطقه الا انها تشكل أهمية كبيرة لعلماء الفضاء حيث تستخدم احداثياتها عند حساب مسار العودة أثناء عملية “الخروج من المدار” و تعد مقبرة للمركبات و المعدات الفضائيه التي خرجت من الخدمة فعلى سبيل المثال عندما تم إيقاف تشغيل محطة الفضاء الروسية “مير” عام 2001 تم اختيار تلك البقعه تحديدا لتعذر الوصول إليها و عدم تواجد اى حياة بشرية فيها كموقع لتحطمها لضمان عدم تسبب الحطام الناتج من عودتها إلى الغلاف الجوي في التسبب بأى أضرار على الأرض أو الكائنات الحيه لذلك فقد اعتبرت مقبرة حقيقيه للمركبات الفضائية على مر السنين و تفضلها وكالة “ناسا” لتكون هى مكان الراحة الأبدية لمحطة الفضاء الدولية عند خروجها من الخدمة لاحقا بالاضافة الى تخطيط الوكالة لإلقاء التلسكوبات الفضائية أيضا في هذه المنطقة من جنوب المحيط الهادئ .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *