إتفاقية الجمعة العظيمة

إتفاقية الجمعة العظيمة أو إتفاقية بلفاست هي زوج من الإتفاقيات التي تم توقيعها في 10 أبريل عام 1998 و بموجبها تم إنهاء صراع عرقي و قومي بدء في أيرلندا الشمالية منذ أواخر الستينيات و كانت بمثابة تطورًا كبيرًا في إحلال السلام بالبلاد و هي إتفاقية مكونة من وثيقتين واحدة منها كانت بين معظم الأحزاب السياسية في أيرلندا الشمالية بينما الأخري بين الحكومة البريطانية و الأيرلندية و ناقشت إتفاقية الجمعة العظيمة في بنودها القضايا المتعلقة بالسيادة و الحكم و التمييز و الجماعات المسلحة و العدالة و أعادت نظام الحكم الذاتي إلى أيرلندا الشمالية على أساس مبدء تقاسم السلطة و الإلتزام بالحقوق المدنية و السياسية و إصلاح الشرطة و نزع السلاح من الميليشيات و الإفراج عن السجناء السياسيين كما أنشأت أيضًا عددًا من المؤسسات المشتركة بين أيرلندا الشمالية و أيرلندا و المملكة المتحدة .

و ترجع الخلفية التاريخية لإتفاقية الجمعة العظيمة عندما تأسست الدولة الأيرلندية الحرة عام 1922 بموجب المعاهدة الأنجلو أيرلندية التي وقعت في ديسمبر عام 1921 و لكن ظلت ست مقاطعات شمال الجزيرة جزءًا من “المملكة المتحدة” و هو ما أدي إلي حدوث إنقسام في السكان بين النقابيين الذين يرغبون في بقاء “أيرلندا الشمالية” داخل نطاق “المملكة المتحدة” و القوميين الذين يريدون أن تصبح جزءًا من جمهورية “أيرلندا” و بحلول منتصف الستينيات من القرن الماضي بدأت أعمال عنف سياسية و طائفية واسعة النطاق و التي إستندت علي ضمان الأغلبية الديموغرافية التي يتمتع بها البروتستانت في أيرلندا الشمالية السيطرة على مؤسسات الدولة و الذين أستخدموها أحيانًا بطرق تضر بالأقلية الكاثوليكية في المنطقة و لذلك ظهرت حركة حقوق مدنية نشطة في أواخر الستينيات بالإضافة إلي قيام الجماعات المسلحة التابعة للقوميين و النقابيين مثل الجيش الجمهوري الأيرلندي (IRA) و قوة متطوعين أولستر (UVF) بعمليات مسلحة ضد بعضهم البعض مما دفع الحكومة البريطانية إلى إرسال قوات للمساعدة في السيطرة علي الأمور و أستمرت التفجيرات و الإغتيالات و أعمال الشغب بين الكاثوليك والبروتستانت و الشرطة و القوات البريطانية قرابة 30 عاما أودت بحياة أكثر من 3500 شخص إلي أن تم الدعوة إلي وقف إطلاق نار مؤقت عام 1994 .

و بدأت المحادثات التي ضمت أطراف متعددة لممثلين عن جمهورية “أيرلندا” و مختلف الأحزاب السياسية في “أيرلندا الشمالية” و الحكومة البريطانية في يونيو عام 1996 و توجت في النهاية بالتوقيع علي إتفاقية الجمعة العظيمة في بلفاست يوم 10 أبريل عام 1998 و التي دعت إلى إقامة ثلاث فروع للعلاقات الإدارية حيث نصت الخطوة الأولى على إنشاء جمعية أيرلندا الشمالية أو البرلمان الذي سيكون منتخب عن المواطنين و مسئول عن معظم الشئون المحلية و الثاني هو ترتيب مؤسسي للتعاون عبر الحدود في مجموعة من القضايا بين حكومتي “أيرلندا” و “أيرلندا الشمالية” و دعا الثالث إلى إستمرار التشاور بين الحكومتين البريطانية و الأيرلندية و أجري إستفتاء علي تلك الإتفاقية بشكل مشترك في “أيرلندا” و “أيرلندا الشمالية” في 22 مايو عام 1998 و تمت الموافقة عليها من قبل 94 في المائة من الناخبين في “أيرلندا” و 71 في المائة في “أيرلندا الشمالية” و كان من الواضح وجود تفاوت كبير بين الدعم الكاثوليكي و البروتستانتي حيث صوت 96٪ من الكاثوليك لصالح الاتفاقية بينما صوت 52٪ فقط من البروتستانت و هو ما أشار إلى أن الجهود المبذولة لحل الصراع الطائفي ستكون صعبة.

رئيس الوزراء البريطاني توني بلير و رئيس الوزراء الأيرلندي بيرتي أهيرن أثناء توقيعهم على إتفاقية الجمعة العظيمة
رئيس الوزراء البريطاني توني بلير و رئيس الوزراء الأيرلندي بيرتي أهيرن أثناء توقيعهم على إتفاقية الجمعة العظيمة

و أستندت إتفاقية الجمعة العظيمة إلى فكرة التعاون بين المجتمعات و تشكيل حكومة جديدة لأيرلندا الشمالية تمثل القوميين و النقابيين و يكون لها كافة الصلاحيات فى المجالات الرئيسية مثل الصحة و التعليم كما تم إنشاء برلمان جديد و هو جمعية أيرلندا الشمالية و مقره منطقة “ستورمونت” في العاصمة “بلفاست” كما ناقشت الإتفاقية أيضا أجزاء تتعلق بإحترام حقوق الإنسان و بأن تكون ” أيرلندا الشمالية “جزء من “المملكة المتحدة” و لكن من الممكن أن يتغير ذلك من خلال إجراء إستفتاء شعبي إذا رغب معظم المواطنين الإنفصال و الإنضمام إلي جمهورية أيرلندا كما يمكن للأشخاص المولودين في أيرلندا الشمالية الحصول على الجنسية الأيرلندية أو البريطانية أو كليهما و بأن توافق الجماعات المسلحة على التخلص من أسلحتها و في المقابل يتم إطلاق سراح الأشخاص الذين شاركوا في أعمال العنف من السجون و بأن تقوم حكومة “المملكة المتحدة” بإتخاذ ترتيبات أمنية عادية تشمل تقليص وجودها العسكري في تلك البلد .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *