بارى لاركين حاملا الشعلة الأولمبية المزيفة

الألعاب الأولمبية بطولة ينتظرها عشاق الرياضة بكل مكان فى العالم و رغم ألعابها الا أنها تتميز بطقوسها الخاصة التى يتم اتباعها منذ عقود طويله و لعل أشهر تلك التقاليد هى تتابع الشعلة الأولمبية بين العدائين حتى تصل الى محطتها النهائية فى الملعب الاوليمبى لاشعال مرجل موجود بها كرمز على بدء البطولة بشكل رسمى و رغم اتباع ذلك التقليد فى جميع الأولمبياد السابقه الا أن ما حدث فى البطولة التى نظمت بمدينة ملبورن فى أستراليا عام 1956 كان له طابع خاص بعد وقوع عمدة مدينة سيدنى الأسترالية و سكانها ضحايا لخدعة كبيرة عرفت لاحقا بخدعة الشعلة الأولمبية المزيفة بعد أن قام أحد الأفراد بأنتحال شخصية عداء أوليمبى يحمل شعلة مزيفه و يقوم بتسليمها الى عمدة المدينة الذى لم ينتبه الى الخدعه الا متأخرا وسط ضحكات الحشود فى موقف طريف تناولته الصحف العالمية و سببت حرجا كبيرا للبلاد .

بدأت القصة بحلول عام 1956 حين بدأت مدينة “ملبورن” الأسترالية استعداداتها لاستقبال بطولة الألعاب الأولمبية التى وصلت شعلتها الى أراضى الدولة المستضيفة للحدث و تبدأ فى الطواف حول أرجائها حيث كان من المقرر أن تتجه الى مدينة ” سيدنى ” و يحملها العداء الأوليمبى ” هاري ديلون ” الذى سيقوم بتقديمها الى عمدة المدينة ” بات هيلز ” فى منطقة “سيدني تاون هول” و بعدها سيلقى العمدة خطابا فى الحشود و بعد انتهائه منه سيقوم بتمرير الشعلة إلى العداء “بيرت باتون” و رغم ذلك السيناريو المعد جيدا كان لمجموعة من الأفراد رأى أخر حيث قام أحد الطلاب الجامعيين و يدعى ” بارى لاركين ” و معه ثمانية من زملاءه في كلية “سانت جون” بجامعة “سيدني” بالتفكير فى طريقة ما للتعبير عن احتجاجهم من تقليد تتابع الشعلة الأولمبية بحجة أن النازيين هم من اخترعوا ذلك التقليد بداية من بطولة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1936 في “برلين” بألمانيا .

و بعد مجموعة من الاقتراحات استقروا على فكرة فريدة من نوعها حيث كانت خطتهم أن يحمل طالبًا يرتدي قميصا و سروالًا قصيرًا باللون الأبيض لشعلة أولمبية مزيفة و التى كانت مصنوعة من ساق كرسي خشبي مطلي باللون الفضى و على رأسها علبة من حلوى البرقوق و تم وضع زوج من الملابس الداخلية بداخل العلبة منقوعين في الكيروسين و احراقهم لتكون مشتعله على أن يقوم طالب آخر بارتداء زى رسمى و يكون على متن دراجة نارية ليعطى انطباع بأنه حارس مرافق للشعله و كان تخطيط المجموعة محكما لأن ” بارى لاركن ” كان على دراية بـ “مارك مارسدن” منظم التتابع الحقيقي للشعله و يعلم منه الأخبار أول بأول .

أقرأ أيضا : ذهب الى خط النهايه و هو راكبا سيارة .. قصة أغرب و أطرف ماراثون فى تاريخ دورات الألعاب الأوليمبيه

و جاء يوم وصول الشعله و قبل وصول العداء ” هارى ديلون ” خرج الطالبان الى الشارع و هم يحملان الشعلة الاولمبية المزيفة و في بادئ الأمر لاحظوا أن الناس اضافة الى رجال الشرطة ينظرون اليهم و يضحكون باعتبارها مجرد مزحه خاصة مع سقوط السروال الداخلى المشتعل من الشعلة لأن العداء المزيف كان يؤرجح ذراعيه بقوة و الذى أصيب بالذعر من ذلك الموقف و هرب فقام “بيتر جيرالتون” أحد الطلاب التسعة الأخرين بإحضار سروال أخر و طلب من ” بارى لاركن” حمل الشعلة الأولمبية المزيفة و فور حمله لها ركل “جيرالتون” مؤخرة “لاركين” و طلب منه الركض لينطلق بها عبر الطرقات إلى “سيدني تاون هول” محميًا من قبل الشرطة التي اعتقدت أنه ” هارى ديلون ” و بمجرد وصوله الى المكان و مقابلته عمدة المدينة ” بات هيلز ” قدم له الشعله و نظرًا لأن العمده لم يكن مستعدًا لوصول العداء مبكرا فلم ينظر إلى شكل الشعلة التى بين يديه و ذهب مباشرة إلى القاء خطابه و بينما كان يتحدث فى الحشود ابتعد “لاركن” بهدوء ليختفى عن الأنظار و لم يدرك العمدة أن الشعلة كانت مزيفة حتى همس أحدهم في أذنه ليخبره بذلك لتبدء عيناه فى البحث عن “لاركن” الا أنه لم يجده لاندماجه وسط الحشود و هروبه و عندما اكتشف الحشد أن الشعلة كانت مزيفة بدأ فى الضحكات خاصة عندما وصل ” هارى ديلون ” بالشعلة الحقيقية حيث أصبح الوضع مضطربا و كان على “هيلز” أن يهدأ الحشد و على الشرطة أن تمهد الطريق للسماح للعداء بالمرور و تسليم الشعلة الى العمده .

بارى لاركين خلال حمله الشعلة الأولمبية المزيفة
عمدة مدينة سيدنى بات هيلز أثناء حمله الشعلة الأولمبية المزيفة
لحظة تنبيه العمدة بحقيقة الشعلة الأولمبية المزيفة

و عندما عاد “لاركن” إلى الجامعة هنأه مدير الكلية و حصل على تصفيق حار من زملائه الطلاب حيث أصبح لاحقا جراحًا بيطريًا ناجحًا أما بالنسبة لبطلة القصه و هى الشعلة الأولمبية المزيفة فقد تم نقلها إلى مكتب الاستقبال بالقاعة الرئيسية فى ” سيدنى تاون هول ” ثم انتهى بها الأمر لاحقا في حوزة “جون لولر” الذي كان يسافر مع سباقات التتابع و الذى احتفظ بها حتى فقدها عن طريق الخطأ عندما رتب منزله .

و نتيجة شهرة تلك الخدعة فقد تحدثت عنها وسائل الأعلام الأسترالية كثيرا خلال التحضير لبطولة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 2000 في مدينة “سيدني” مبدية تخوفاتها من تكرارها مجددا و هو ما دفع الشرطة لاتخاذ اجرائات صارمة لمنع حدوثها من خلال جعل حراس الأمن يصطفون على الطريق , و رغم مرور الشعلة خلال عملية التتابع وقتها ببعض من العقبات بعد أن حاول شخصان سرقتها و محاولة إطفائها من قبل شخص أخر باستخدام مطفأة حريق الا أنه لم ينجح أحد فى مسعاه و تم سباق التتابع بنجاح.

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *