هل تطلق الطائرات الفضلات البشرية إلي الهواء أثناء تحليقها ؟

نظرا لأن رحلات الطائرات و خاصة الركاب منها قد تستغرق أوقات طويلة خلال التحليق فى الجو كان من الضروري أن يكون هناك مرحاض ملحق بها و قد تم بالفعل الإهتمام بذلك الأمر من قبل مهندسي الطيران فى مطلع عشرينيات القرن الماضي و كانت فى ذلك الوقت توضع فى مركز الطائرة و مفتوحة فى الهواء الطلق و خلال الحرب العالمية الثانية أستخدم الأمريكيين و البريطانيين المراحيض داخل قاذفاتهم لكنهم كانوا يواجهون العديد من الصعوبات بسبب الإرتفاعات الكبيرة التى تصل إليها تلك الطائرات و هو ما يضطرهم إلي إرتداء العديد من الملابس الثقيلة عند الدخول إليه بسبب إنخفاض درجات الحرارة به بالإضافة الى عدم الشعور بالراحة لإضطرار الطيارين أحيانا إلي إتخاذ مناورات عنيفة بالطائرة دون سابق إنذار لذلك كانت لا تحظي المراحيض بشعبية لدي أطقم القاذفات و تجنبوا إستخدامها قدر الإمكان لدرجة أنهم كانوا يقومون بالتبول في زجاجات و التبرز في صناديق من الورق المقوى ثم إلقاؤها بعد ذلك من الطائرة أما بالنسبة لطائرات الركاب فدائما ما سعت شركات الطيران و الشركات المصنعة لها للبحث عن طرق لتحسين تقنية تصميم المراحيض من أجل تحقيق عدد من الأهداف و التى تتضمن الحفاظ على مستويات كافية من السلامة و النظافة و الراحة لركابها و هو ما دفع البعض إلي القول أن شركات الطيران و للوصول إلي تلك الأهداف تقوم بالتخلص من الفضلات البشرية مباشرة فى الجو لتخفيف وزن الطائرة خلال رحلتها و القضاء علي أى روائح غير مقبولة داخلها و هو ما دفعنا لمحاولة التأكد من صحة تلك المعلومة .

التقييم

الأدلة

خلال أحداث فيلم الكوميديا و المغامرات ” جو ديرت ” الذي أنتج عام 2001 و فى أحد المشاهد كان واحد من أبطال العمل يتجول حول جسم كبير يشبه الصخرة و أعتقد عن طريق الخطأً أنه “نيزك ” إلا أنه تم التوضيح له بأن الجسم ليس نيزكًا و لكنه كرة كبيرة من الفضلات القادمة من الطائرات نتيجة إفراغ مراحيضها على إرتفاع 11 ألف كيلومتر و هو ما يتسبب فى سقوطها علي الأرض متجمدة على ذلك الشكل و لعل ذلك المشهد هو ما دفع الكثيرين للظن بأن شركات الطيران تتخلص من الفضلات البشرية فى الهواء مباشرة أثناء تحليق الرحلة و لكن فى واقع الأمر أن جزء منها هو الصحيح و الخاص بأنه من الممكن أن تسقط كرات من الفضلات المجمدة من الطائرات لكن ليس عن قصد حيث تستخدم جميع الطائرات التجارية حاليًا نظامين داخل دورات المياه و في كلا التصميمين لا يتم التخلص من النفايات إلي الخارج أثناء الرحلة و لكن يكون إما عن طريق نظام المرحاض الفراغي و هو المستخدم حاليا أو النظام القديم من خلال تخزين الفضلات البشرية في مادة كيميائية زرقاء لإزالة الروائح الكريهة و كلا النوعين من المراحيض لا يزالان قيد التشغيل و في كلتا الحالتين يتم إزالة النفايات من قبل موظفي المطار الأرضي .

و للتأكيد على عدم مسألة خروج النفايات من الطائرات إلي الأجواء الخارجية أرسلت مذكرة عام 1980 من إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) لشركات الطيران تتناول مخاطر سقوط كتل من النفايات خارج الطائرة و التي قد تنجم عن سوء صيانة أنظمة المراحيض حيث قالت :

نتيجة تراكم الفضلات البشرية في أنظمة مياه الصرف الصحي و المياه الصالحة للشرب داخل الطائرة قد يؤدى ذلك فى النهاية الي سقوطها مما يشكل خطرًا على الممتلكات الأرضية بالإضافة إلي أنها قد تؤدي إلى تلف جناح الطائرة أو الذيل أو المحرك و بناءً على ذلك أصدر هذا التعميم الإستشاري للتأكيد على الحاجة إلى الصيانة المناسبة لأنظمة الصرف الصحي للطائرات بشكل دائم لذلك يجب على كل مشغل بدء و إنجاز عمليات التفتيش على صمامات تصريف النفايات و الأغطية و أنظمة التسخين بالقدر اللازم لضمان بقاء عمل هذه الأنظمة على نحو جيد لمنع تراكم الفضلات البشرية و تسرب المياه .

و بجانب ما سبق كان يعتبر تسرب الفضلات البشرية مشكلة أثناء السفر الجوي لبعض الوقت فعلى سبيل المثال عام 1991 أطلقت إدارة الطيران الفيدرالية تحقيقًا يهدف إلى معرفة شركات الطيران المسؤولة عن إلقاء “قنابل الجليد” و هو الإسم الذى يطلق علي الفضلات البشرية المتجمدة أثناء وجودها فى مطار كينيدي بنيويورك كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز:

تعتقد إدارة الطيران الفيدرالية أنها حددت شركات الطيران المسؤولة عن سلسلة عمليات سقوط “الجليد الأزرق” في منطقة لونج آيلاند هذا الصيف و من المعروف أن الجليد الأزرق هو مصطلح يطلق علي القطع المجمدة من الفضلات البشرية الموجودة في المراحيض و التي تتشكل على الأجزاء السفلية للطائرات ذات أنظمة التخلص المتسربة حيث تستمد لونها الأزرق من المطهرات و مزيلات الروائح الخاصة بشركات الطيران و قال متحدث باسم ادارة الطيران الفيدرالية “تم ضبط الطائرة التي بها تسريبات” .

و لكن مع ذلك نؤكد أن مثل هذه الأحداث نادرة جدا و تزداد ندرة بفضل أنظمة مراحيض التدفق الفراغي حيث يقول محاضر الطيران “رون بيشوب” إن حوادث قنابل الجليد الأزرق أو الفضلات البشرية المتجمدة أصبحت أقل شيوعًا منذ منتصف الثمانينيات عندما بدأت شركات الطيران التجارية في استخدام أنظمة التخلص من النفايات بالتفريغ و أضاف أنه فى الفترة من 1979 إلى 2003 كان هناك ما لا يقل عن 27 حادث من ذلك النوع كان يدمير الأسطح و السيارات حتى أن إحداها دمرت كنيسة في إنجلترا .

أقرأ أيضا : هل يوجد قمر صناعى يدور حول الأرض قام بصنعه فضائيين لمراقبتنا ؟

و بشكل عام نستطيع القول أنه فى الوقت الراهن تعد مسألة سقوط الفضلات البشرية من الطائرات بشكل مباشر إلي الخارج ينبع من عمليات صيانه خاطئة لأنظمة التصريف أو لوجود أجزاء معيبة داخل أنظمة مراحيض الطائرات و لكن لا تخرج بشكل متعمد إلي الغلاف الجوي لذلك فإن الإدعاء بإطلاق الفضلات البشرية في الهواء أثناء رحلة الطائرات هو أمر خاطئ تماما .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *