السيرة الذاتيه للملكة فيكتوريا

ملكة المملكة المتحدة و مستعمراتها لحقبة امتدت أكثر من 60 عاما و هى بمثابة ثانى أطول فترة حكم تولاها ملك بريطاني فى تاريخ البلاد بعد الملكة اليزابيث الثانيه حيث تقلدت منصبها و هى بعمر مبكر فى سن 18 عاما بعد أن كان يجرى اعدادها لتلك المهمة منذ الصغر و رغم ذلك الا أنها نجحت خلال فترة حكمها فى اعادة سمعة النظام الملكي الى وضعه المرموق بين المواطنين بعد أن تم تشويهه نتيجة تصرفات و سياسات من سبقوها من الملوك كما أنها شكلت دورًا جديدًا للعائلة المالكة داخل البلاد و أعادت ربطها مرة أخرى بالجمهور عبر قيامها بالعديد من الواجبات المدنيه من خلال عمليات التنمية التعليمية و الاجتماعيه بعد أن شهد عهدها توسع ثقافي كبير و تقدم في مجالات الصناعة و العلوم و الاتصالات و بناء العديد من المرافق الخدميه مثل السكك الحديدية و أنفاق لندن حيث شهدت بريطانيا فترة ازدهار عرفت بالعصر الفيكتورى أما على صعيد السياسة الخارجيه فقد أشرفت على التوسع الكبير لإنجلترا و زيادة مستعمراتها لتصبح إمبراطورية مترامية الأطراف و على الرغم من أن الملكة فيكتوريا كانت امرأه لا تحب فكرة الحمل و الولادة و تكره الأطفال و تشعر بعدم الارتياح في وجودهم إلا أنها أصبحت أما لتسعة أبناء دفعة واحدة و صار عصرها معروفا بأهمية قيم الأمومة و الأسرة بشكل مثالي فيه .

الملكة فيكتوريا

نشأتها

ولدت “ألكسندرينا فيكتوريا” في 24 من مايو عام 1819 و هى الطفلة الوحيدة للأمير ” إدوارد ” دوق “كنت ” الذي كان الابن الرابع للملك “جورج الثالث” أما والدتها فهى الأميرة “فيكتوريا ساكس-سالفيلد-كوبورج” أخت ملك بلجيكا “ليوبولد” , و توفي والد الملكة ” فيكتوريا ” و هى بعمر 8 أشهر و أصبحت والدتها ذات تأثير استبدادى في حياتها و قيل أنها كانت طفلة حنونة و شديدة النشاط و تلقت تعليمها في القصر الملكي على يد مربيه و كان لديها موهبة الرسم و التلوين و شغوفة للغايه بالكتابة فى المجلات و كانت تتصف بقصر القامه حيث بلغ طولها مترا و نصف و في وقت لاحق من حياتها ازداد وزنها ويقال إن خصرها بلغ 127 سنتيمترا .

الصعود الى العرش

عند ولادتها كانت الملكة “فيكتوريا” هي الخامسة في ترتيب ولاية العرش و مع ذلك بعد وفاة والدها عام 1820 أصبحت هى الوريثة الظاهره حيث لم يكن لأعمامها الثلاثة الباقين على قيد الحياة و الذين كانوا قبلها على التوالي ورثة شرعيين للعرش لذلك فعندما توفي الملك “ويليام الرابع” في يونيو عام 1837 أصبحت “فيكتوريا” ملكة في سن 18.

و خلال توليها للعرش كان لورد “ميلبورن” هو أول رئيس لوزرائها و الذي خدمها لعدة سنوات فمع توليها التاج لأول مرة عام 1837 قام بمساعدتها فى فهم تعقيدات كونها فى منصب الملكه و عمل كمستشار سياسي و كاتب مقرب لها خلال السنوات الأولى من حكمها و في عام 1840 عندما كانت “بريطانيا” تخوض حروبًا مع “أفغانستان” و “الصين” و تواجه حركة الطبقة العاملة فى الداخل ساعدها “ملبورن” في العمل مع حكومة محافظة غير متعاونة و اقترحت أن تسمح لزوجها “ألبرت” بتولي مسؤوليات الدولة.

فترة حكمها

صعدت الملكة “فيكتوريا” إلى العرش و ظلت عليه حتى وفاتها حيث شهدت “بريطانيا” فى عهدها على الصعيد الداخلى توسعا غير مسبوق في الصناعة و بناء السكك الحديدية و الجسور و الصرف الصحي تحت الأرض و شبكات توزيع الطاقة في معظم أنحاء الإمبراطورية كما كان هناك انفتاح فى العلوم و ظهرت فى عصرها نظرية التطور لتشارلز داروين و تقدم فى التكنولوجيا تمثل فى اختراع التلغراف و الصحافة الشعبية مع نمو هائل للمدن الكبرى مثل “مانشستر” و “ليدز” و “برمنجهام ” زيادة فى السعى لمحو الأميه و تعليم القراءة و الكتابة و التشجيع على القرأت الأدبيه .

أما على الصعيد الخارجى فقد توسعت “بريطانيا” و تضاعفت مساحة امبراطوريتها لتشمل “كندا” و “أستراليا” و “الهند” مع مستعمرات مختلفة في “إفريقيا” و جنوب المحيط الهادئ حيث كانت الملكة رمزًا في ذلك الوقت للإمبراطورية البريطانية التي امتدت في جميع أنحاء العالم و اكتسبت القول المأثور: “الامبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس “و خلال فترات مختلفة من حكمها قامت الملكة “فيكتوريا” ببعض التأثير على الشؤون الخارجية مع الاحتفاظ بحدودها الدستوريه حيث لم تشهد الإمبراطورية البريطانية سوى عدد قليل من الحروب الصغيرة فى عهدها حيث تجنبت التشابكات الأوربيه إما بشكل مباشر أو عن طريق زواج أبنائها بأفراد تنتسب لأسر ملكية لدول أوربية كبرى و على الرغم من أن الدستور الإنجليزي حرمها من سلطاتها في الشؤون الخارجية إلا أنها و بأبنائها ساعدت في إبعاد “بريطانيا” عن مؤامرات السياسة الأوروبية .

و أثناء فترة حكم الملكة ” فيكتوريا ” مر المناخ السياسي في البرلمان البريطاني بمرحلة انتقالية كبرى بعد انقسام حزب المحافظين و تشكل الحزب الليبرالي و المحافظ و بدأت سلسلة من الحكومات المعارضة و لعبت فيكتوريا دورًا حاسمًا كوسيط بين وصول رؤساء الوزراء للقيادة و المغادرة و على الرغم من أنها كانت تكره رئيس الوزراء الليبرالي “وليام جلادستون ” إلا أنها وجدت طرقًا للعمل معه بعكس رئيس الوزراء المحافظ “بنيامين دزرائيلي ” التى كانت مغرمة به بشكل خاص لأنه هو الذى ربط النظام الملكي بتوسيع الإمبراطورية مما ساعد على استعادة شعبيتها عند الرأى العام بعد عزلتها الطويلة عقب وفاة زوجها “ألبرت”.

أقرأ أيضا : لا تملك جواز سفر او رخصة قيادة و لديها عيدين للميلاد .. أسرار مثيرة حول حياة اليزابيث الثانيه ملكة بريطانيا

الملكة فيكتوريا و الأمير ألبرت

في عام 1840 تزوجت الملكة “فيكتوريا” من ابن عمها الأمير “ألبرت” أمير ساكس كوبرج و جوتا حيث التقى الزوجان عندما كانت تبلغ من العمر 16 عامًا و اقترح عمهم “ليوبولد” الزواج من بعضهم و بعد أن أصبحت ملكه لم يستطع “ألبرت” الزواج منها لذا فقد تقدمت هى بطلبه للزواج في 15 أكتوبر 1839.

في البداية لم يرحب الجمهور البريطاني بالأمير الألماني و استُبعد من تولي أي منصب سياسي رسمي و في بعض الأحيان كان زواجهما عاصفًا و صراع إرادات بين شخصيتين قويتين للغاية و مع ذلك كان الزوجان مكرسان حياتهما بشدة لبعضهما البعض و أصبح الأمير “ألبرت” أقوى حليف لها حيث ساعدها على الإبحار في المياه السياسية الصعبة و بعد عدة سنوات من المعاناة بأمراض فى المعدة توفي “ألبرت” بسبب حمى التيفود عام 1861 عن عمر ناهز 42 عامًا و حينها أصيبت “فيكتوريا” بالصدمة و كانت على النوم بصحبة جبيرة له بجانبها و دخلت في عزلة استمرت 25 عامًا و لبقية حكمها كانت ترتدي اللون الأسود.

أبناء الملكة فيكتوريا

كانت للملكة “فيكتوريا” و الأمير ” ألبرت ” تسعة أبناء و هم :

  • الأميرة “فيكتوريا أديليد ماري لويز” (1840-1901) التي تزوجت الإمبراطور المستقبلي لألمانيا “فريدريش فيلهلم” من بروسيا عام 1858 و بعد وفاته بثلاثة أشهر من توليه العرش خلفه ابنهما الأكبر “قيصر فيلهلم الثاني” .
  • الأمير “ألبرت إدوارد ويتين” (1841-1910) و هو الذي خلف والدته في العرش كملك “إدوارد السابع” عام 1901.
  • الأميرة “أليس مود ماري” (1843-1878) و التى تزوجت ابنتها “أليكس” من “نيكولاس الثاني” آخر قيصر روسي.
  • الأمير “ألفريد إرنست ألبرت” (1844-1900) الذي تزوج ابنة القيصر “ألكسندر الثاني” ملك “روسيا” و تزوجت ابنته الكبرى “ماري” ولي عهد “رومانيا” .
  • الأميرة “هيلينا أوجوستا فيكتوريا” (1846-1923) .
  • الأميرة “لويز كارولين ألبرتا” (1848-1939) و التى خلقت فضيحة كبيرة عندما تزوجت شخص من عامة الناس و هو “جون دوجلاس ساذرلاند كامبل ” و الذى أصبح لاحقًا دوق “أرجيل” .
  • الأمير “آرثر ويليام باتريك” (1850-1942) الذي تزوج الأميرة “لويز مارجريت” من بروسيا.
  • الأمير “ليوبولد جورج دنكان” (1853-1884) .
  • الأميرة بياتريس ماري فيكتوريا (1857-1944) .
الملكة فيكتوريا و زوجها الأمير ألبرت و أبنائها التسعه

علاقاتها و نزواتها

كان للملكة فيكتوريا عدد من العلاقات بداية من “جون براون” خادمها الاسكتلندي و أحد أصدقائها المقربين حيث تناثرت بعض من الأقاويل التى تفيد ان الأثنان عاشقين خاصة بعد وفاة الأمير ” ألبرت ” الا أن الملكة ردت قائله أن ” براون ” يصغرها بسبع سنوات و هو أعز أصدقائها و رغم ذلك الا أنه أصبح معروفًا داخل الأسرة الملكيه باسم “فحل الملكة” و تعهد بالولاء لها مدى الحياة و بعدها قام قام المؤرخون بالتحرى حول تلك النقطة و لم يعثروا على أى دليل بوجود علاقة غرامية الا انهم أكدوا أنها كانت تحبه فعندما توفي “براون” فجأة في مارس عام 1883 أخبرت “فيكتوريا” شقيقة زوجته أنه أفضل و أصدق قلب ينبض على الإطلاق .

الملكة فيكتوريا بصحبة خادمها جون براون

و بعد وفاة “براون” صعد خادم “فيكتوريا” “عبد الكريم” إلى الدائرة الداخلية للملكة و أصبح أقرب المقربين لها حيث كان ابن مساعد بمستشفى في شمال “الهند” و تم إحضاره إلى “إنجلترا ” للخدمة في اليوبيل الذهبي للملكة عام 1887 و سرعان ما أثار إعجابها بطبخه و طلبت منه تعليمها اللغة الأردية و أغدقت عليه بالهدايا بما في ذلك عربة خاصة و ألقاب و أوسمة و في رسائلها إليه أشارت الملكة “فيكتوريا” على نفسها بأنها “أمك المحبة” و “أقرب صديق لك” و مع ذلك لا يعتقد المؤرخون أن الاثنين كانت لهما علاقة جنسية و أشار حفيده ” جافيد محمود ” لصحيفة التليجراف إنهم كانوا يتشاركون علاقة الأم و الابن و أصبحت متعلقة به بشكل كبير .

و كانت تلك العلاقة بمثابة فضيحة للعائلة المالكة و لذلك عند وفاتها أحرقت جميع مراسلتهم الخاصه و أزالت “بياتريس” ابنة “فيكتوريا” جميع الإشارات إلى “عبد الكريم” من يوميات الملكة و على الرغم من أن الأسرة اتبعت رغبتها في أن يكون من بين مجموعة صغيرة من المعزين في جنازتها إلا أنهم طردوه في وقت لاحق من المنزل الذي أعطته له “فيكتوريا” و أعادوه إلى “الهند” حيث تم الكشف عن تلك العلاقه بعد عقود من قبل الصحفي “شراباني باسو” الذي زار منزل الملكة الصيفي عام 2003 و لاحظ عدة لوحات و تمثال نصفي لعبد الكريم و بدأ فى التحقيق حول تلك العلاقة و ووثقها فى أحد كتبه التى حملت عنون ” فيكتوريا و عبد الكريم : القصة الحقيقية لأقرب صديق للملكة .

الملكة فيكتوريا و عبد الكريم

وفاتها

استمرت الملكة فيكتوريا في أداء واجباتها حتى وفاتها حيث أمضت عيد الميلاد عام 1900 في “أوزبورن هاوس” على جزيرة “وايت” تماشيا مع التقاليد الملكيه و سرعان ما تدهورت صحتها لدرجة أنها لم تكن قادرة على العودة إلى “لندن”و توفيت في 22 من يناير عام 1901 عن عمر يناهز 81 عامًا و كان بجوار سريرها لحظة الوفاه ابنها الملك المستقبلي “إدوارد السابع ” و حفيدها الأكبر الإمبراطور “فيلهلم الثاني” ملك “ألمانيا” .

مقتطفات من حياة الملكة فيكتوريا

  • كانت للملكة “فيكتوريا” أخت غير شقيقة و هي الأميرة “فيودورا” منذ زواج والدتها الأول من “إميش كارل” أمير “لينينجن” و عندما كانت الأميرة “فيودورا” تبلغ من العمر 6 سنوات توفي والدها و تزوجت والدتها من والد الملكة “فيكتوريا” و انتقلت على الفور من “ألمانيا” إلى “إنجلترا” من أجل ولادة الملكة المستقبليه.
  • عُرفت الحياة في “بريطانيا” خلال القرن التاسع عشر باسم الحقبة الفيكتورية بسبب فترة حكم الملكة فيكتوريا الطويلة و بصمتها التي وضعتها على البلاد و أصبحت أخلاقها الصارمة و شخصيتها مرادفة لذلك العصر.
  • تعرضت الملكة فيكتوريا خلال حكمها الى سبع محاولات اغتيال لها خلال الفترة من 1840 و حتى .1882
شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *