النحلة

النحلة حشرة نافعة و عادة تسمعها قبل أن تراها و قد تخاف منها و لكن كلما عرفت المزيد عنها سوف يزداد تقديرك لها و ستعرف كيف تزودنا نحن البشر بفوائد أكثر من مجرد انتاجها العسل و هى مخلوقات متنوعة الأشكال و الألوان حيث تجد منها أنواعا ذات لون أسود أو بني أو مخططا بخطوط بيضاء أو صفراء أو برتقالية و كلها مغطاة بالشعر المتفاوت الكثافة و تصنف بأنها من الحشرات المتخصصة المسماة بالملقحات و التي تقوم بجمع الرحيق و حبوب اللقاح من الزهور اضافة الى انهم يلعبون دورًا مهمًا جدًا في النظم البيئية و دائما اذا ذكر كلمة النحلة فأننا سنفكر بشكل تلقائي نحو النوع المنتج للعسل الشهى الذى نتغذى عليه و مليئ بالفوائد الصحية و الذى يطلق عليه اسم النحل المزروع أى الذى جلب من منطقة الى منطقة أخرى لإستخدامه فى انتاج العسل و رغم شهرة ذلك النوع الا أنه فى حقيقة الأمر هناك أكثر من 40000 نوع من النحل الأصلي منهم 4000 يتواجدون في الولايات المتحدة بمفردها و هى أنواع عاشت من دون مساعدة البشر و لا تصنع العسل و لكنها تقوم بدور هام فى تلقيح العديد من نباتنا و محاصيلنا الغذائية بشكل كثيف لدرجة أنه يطلق عليهم اسم “الملقحات الفائقة”.

و منذ ملايين السنين كان النحل مشابهًا جدًا للدبابير آكلة اللحوم و لكن عندما ظهرت النباتات المزهرة على الأرض أصبحت النحلة حشرة نباتية و لا تأكل سوى الرحيق و حبوب اللقاح المأخوذ من الأزهار حيث تعتبر حبوب اللقاح بالنسبة اليها بمثابة طعام متوازن يحتوي على العديد من العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجون للبقاء على قيد الحياة لذلك فلدى إناث النحلة سلة حبوب لقاح على أقدامها و المكونة بصفوف من الشعر القاسى الذى يتقوس ليشكل فراغات مجوفة على الجزء الخارجي من أرجلها و عادة ما تكون فى قدميها الخلفيتيين و عندما تزور النحلة احدى الزهور فتقوم بتمشيط حبوب اللقاح في سلالها و تلتصق بشعرها أيضا و كل ذلك مميزات لا تمتلكها أي حشرات أخرى بما في ذلك الدبابير و حتى ذكر النحلة نفسه لا يمتلك تلك السلة بينما يوجد لدى أنواع أخرى مثل “النحل المقطوع” فرشاة من الشعر على الجانب السفلي من البطن تكون هى المسئولة عن تجميع حبوب اللقاح كما يوجد أنواع أخرى مثل “النحل الطفيلي” ليس لديه سلة حبوب اللقاح اما بالنسبة الى رحيق الزهرة فيتم امتصاصه من خلال لسان خاص و يقومون بتخزينه فى الحلق حتى يرجعون إلى الخلية و هنا يتحول الرحيق إلى عسل و يتم تخزينه بكميات كبيرة في خلايا النحل لاستخدامه كغذاء .

و تطير النحلة من زهرة إلى أخرى و تمتص الرحيق و تجمع حبوب اللقاح حيث تعتمد العديد من النباتات على النحل لنشر حبوب لقاحها و مساعدتها على التكاثر و تكون الزهور التي تجذب النحل عادة صفراء و زرقاء و بنفسجية و يتخصص العديد منهم في نوع واحد و محدد من ازهار النباتات و يعتبر ذلك أمر صحي لأنه يمنع أنواع النحل المختلفة من القتال على نفس الزهرة كما تدين الفواكه و الخضروات التي نحب تناولها مثل التفاح و الأفوكادو و التوت و الكرز و الخيار و الكيوي و البطيخ و الخوخ و الكمثرى و الفراولة و بذور عباد الشمس و غيرها بالكثير من الفضل الى النحلة التى تقوم بتوزيع حبوب لقاحها بينهم و هو ما يدفع المزارعين غالبا بتوظيف مربي النحل التجاريين لإيصال النحل إلى حقولهم عندما تكون هذه المحاصيل جاهزة لإنتاج أزهارها حيث يضع النحال خلايا نحل بالقرب من الحقل لبضعة أسابيع يقومون فيه بامتصاص الرحيق من تلك الأزهار لأجل خليتهم و فى نفس الوقت يتم تلقيح النباتات في هذه العملية و بالنسبة لعسل النحلة فهو له نكهات و ألوان مختلفة اعتمادًا على الأزهار التي يتغذى عليها فعلى سبيل المثال هناك عسل البرسيم و عسل زهر البرتقال و عسل الحنطة السوداء اما الشموع المصنوعة من شمع العسل فتعطي توهجًا برائحة العسل و تحترق بشكل نظيف وبراق و تستخدم أيضًا في كريم اليد و تلميع الأثاث و طلاء الحلوى .

و تعتبر النحلة حشرة منظمة للغاية و رائعة عند مراقبتها من مسافة بعيدة و هى تباشر عملها للمساعدة في تكاثر النباتات المزهرة و على عكس المعروف فمعظم النحل انفرادي ولا يشكل خلايا للعيش فيها حيث تبني كل أنثى عشها في ثقوب موجودة في الأخشاب الميتة أو تجاويف الأشجار أو الجدران المتهدمة و يبني البعض الأخر أعشاشًا على الصخور أو النباتات الشجرية باستخدام الطين و الأوراق الممضوغة و شعر الحيوانات و يتم وضع البيض على كرات حبوب اللقاح في العش بينما تضع “النحلة الطفيلية” بيضها في أعشاش النحل الآخر و تقوم يرقاتها بأكل حبوب اللقاح و العسل المخصص ليرقات المضيف و تتميز “النحلة الانفرادية” بأنها من النادر أن تلسع لأنه لا يوجد لدى ذكورها حتى إبر للسع أما الإناث فإبرتها ليس طويلة بما يكفي لاختراق الجلد كما لا تمتلك النحلة الانفرادية خلية للدفاع عنها و لا حتى عسل لإنتاجه و لكن بدلاً ذلك يصنعون طعامًا يسمى “خبز النحل” عن طريق خلط حبوب اللقاح و الرحيق معا حيث تملأ الإناث سلال حبوب اللقاح الخاصة بها و تحملها إلى العش لعمل دفعات من خبز النحل لنسلها .

و بالنسبة الى نحل العسل و النحل الطنان فهم اجتماعيان و يعيشون في مستعمرات أو خلايا تتكون من ملكة و عاملات و ذكور يطلق عليهم “الدرونز” و هؤلاء هم الوحيدين من الأنواع الذين ينتجون العسل ويخزنوه حيث يعملون جميعًا معًا من أجل خير الخلية و لا يمكن لأي منهم البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة بمفردهم و لكل منهم وظيفة يقوم بها فاذا بدأنا بالملكة فقد يبدو من لقبها أنها من تتولى زمام الأمور لكنها فى الواقع لا تملك سوى القليل من القوة في الخلية و وظيفتها الوحيدة هي وضع البيض و الذى يقدر بنحو 2000 بيضة في اليوم و لمدة تتراوح بين 2 إلى 5 سنوات اما العاملات فمعظمهم فى الخلية من الإناث و سموا بذلك الإسم لسبب وجيه و هو انهم يبنون قرص العسل و يعتنون باليرقات و ينظفون الخلية و يطعمون الملكة و يجمعون الطعام و و يقدر عددهم بالالاف فى المستعمرة الواحدة و قد يتجاوز 60 ألف نحلة و تتغير وظائفهم مع تقدمهم في السن حيث تعمل النحلة العاملة حديثة الفقس كمنظفة في الأيام الثلاثة الأولى لها ثم تعمل النحلة الصغيرة كمرضعة لتغذية اليرقات و الملكة و في حوالي اليوم العاشر و عندما تنضج غددها الشمعية تصبح بانية و تبني أقراص العسل اما حوالي اليوم 16 إلى 20 قتتلقى حبوب اللقاح و الرحيق التي جلبها النحل الأكبر سنًا إلى الخلية و تضعها في المشط و في الأيام القليلة اللاحقة تحرس الخلية و مع قرب نهاية حياتها تكون جامعة طعام و تطير ذهابًا و إيابًا خلال الأسابيع المتبقية لها للحصول على أكبر قدر ممكن من الرحيق و حبوب اللقاح للخلية و بالنسبة للذكور الذين يطلق عليهم ” الدرونز ” فأعدادهم داخل الخلية قليلة و يقضون أيامهم الأولى بعد الفقس فى تغذيه أخواتهم قبل أن يسافروا للبحث عن ملكة و يتميزون بأن لهم عيون ضخمة لمساعدتهم في البحث و عند العثور عليها يحدث التزاوج و بعدها يموت .

و عند العثور على مصدر جديد للغذاء تقوم النحلة بإخبار النحل العامل في المستعمرة عنه من خلال وضع علامة بالرائحة و يشارك نحل العسل هذه المعلومات من خلال “الرقص” حيث تقوم النحلة التي عثرت على البقعة الجديدة من الزهور بأخذ عينة من حبوب اللقاح إلى المستعمرة و تهتز هى و ذيلها و تنشر رائحة الأزهار للآخرين حيث يعتقد بعض العلماء أن تلك الطريقة التي تتحرك بها هى لإخبار الآخرين عن اتجاه الطعام و يعتقد آخرون أنها تنفض الرائحة فقط حتى يعرف النحل الآخر أي رائحة يبحثون عنها و لكن في كلتا الحالتين تنقل النحلة رسالتها و يذهب النحل الأخر الى نفس المكان , اما فى داخل الخلية فتتدلى صفائح من أقراص العسل التي يصنعها النحل لحماية يرقاتهم و تخزين مجموعة حبوب اللقاح و العسل فيها حيث يتكون قرص العسل من شمع العسل الذي تفرزه الغدد الموجودة في بطون النحل العامل و يمضغ العمال الشمع و يجعلوه على هيئة قوالب في خلايا قرص العسل و التى تكون سداسية الجوانب و تشكل معًا ورقة من قرص العسل يبلغ طولها من 0.6 إلى 1.2 متر و يزن قرص العسل الفارغ بضعة جرامات و لكن عندما يكون مليئًا بالعسل يمكن أن يزن عدة كيلوجرامات .

نحل العسل الأفريقى ( النحل القاتل )

و مؤخرا بدء الحديث عن ما يعرف بالنحل القاتل أو نحل العسل الأفريقي (AHB) و هو نوع تم احضاره من أفريقيا عام 1956 إلى البرازيل و تربيته مع نحل العسل المحلي لإنتاج نحل هجين لزيادة الإنتاجية و لكن لسوء الحظ تبين أن هذه الهجينة الجديدة كانت شديدة العدوانية و لم يكن هذا الوضع مرغوب فيه لمربي النحل و هرب العديد من ملكاتهم من البرازيل و انتشرت بشكل تدريجي في اتجاه الشمال عبر أمريكا الجنوبية و أمريكا الوسطى و شرق المكسيك و الآن الولايات المتحدة حيث تبدو النحلة القاتلة شبيهة تماما بنحل العسل لكنها تتصرف بشكل مختلف قليلاً بأنهم أكثر شراسة و سرعة في الدفاع عن خلاياهم كما يطاردون أعدائهم لمسافات أطول و يميلون إلى التجمع و يلسعون بأعداد كبيرة و عندما يلدغ شخص عدة مرات قد يكون ذلك خطيرًا لكن لدغة واحدة من ذلك النوع ليست أكثر خطورة من أي لدغة نحلة أخرى .

و يواجه الانسان حاليا مشكلة تتعلق بالإمدادت الغذائية نتيجة ما يسمى اضطراب انهيار المستعمرات و هو الفقد السريع لمستعمرات نحل العسل و نتيجة لذلك لا يوجد من يستطيع توصيل حبوب اللقاح بين النباتات و الثمار للتكاثر و لا تزال أسباب ذلك غير واضحة و لكن يُعتقد أن استخدام المبيدات الحشرية و أنواع المحاصيل التي نزرعها و الأمراض الناتجة عن العث و الفطريات و الضغط الناجم عن نقل خلايا النحل لمسافات طويلة للزراعة قد يؤدي جميعها إلى الإضرار بنحل العسل و لكن لحسن الحظ لم يؤثر اضطراب انهيار المستعمرات على النحل الانفرادي الأصلي و إذا لم يعد نحل العسل يلبي احتياجات التلقيح فيمكن استبداله بالنحل المحلي حيث أظهرت الدراسات أن الأمر لن يتطلب سوى 500 نحلة بستان زرقاء للقيام بوظيفة 40.000 نحلة عسل لذلك قد يلعب ذلك النوع يومًا ما دورًا أكبر في بقائنا على قيد الحياة.

بطاقة تعريف

  • الفئة : حشرات .
  • الترتيب : غشائيات الأجنحه .
  • النوع : ما يقارب من 25 ألف تم تحديدهم و لكن يقدر بأنهم أكثر من 40 ألف نوع .
  • العمر : ما يصل إلى خمس سنوات لملكة النحل اما الذكور فبضعة أسابيع .
  • عدد البيض : ما يصل إلى 2000 بيضة في اليوم .
  • البلوغ : من 16 إلى 24 يومًا لإكمال التحول اعتمادًا على الجنس .
  • الحجم : يبلغ طول نحلة تشاليكودما بلوتو و هى الأكبر 40 مليمتر بينما نحلة بيرديتا منيما و هى الأصغر 2 مليمتر .

معلومات سريعة عن حشرة النحلة

  • يمكن أن تجمع النحلة الواحدة ما يكفي من الرحيق لصنع ما يتراوح بين 1 الى 12 من ملعقة صغيرة من العسل.
  • أول شيء تفعله النحلة العاملة عندما تفقس هو الالتفاف يمينًا و تنظيف مكانها .
  • نحل الأوركيد هو أكثر النحل الملونً لأن لديهم ألوان رائعة من الأخضر و الأزرق و الأحمر.
  • تخلق الحشائش الطويلة المتضخمة موطنًا مثاليًا لتعشيش النحل المحلي أو الانفرادى فى فترات الشتاء و تعتبر الأعشاب المزهرة هي مصدر رئيسي للرحيق و حبوب اللقاح بالنسبة لهم.
شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *