لونجييربين .. البلدة النرويجية التى يحظر الموت على أراضيها

عند زيارتك لأحد الدول أو البلدات قد تجد أنها تلتزم بقوانين مختلفة عن المكان الذى تعيش فيه و ذلك لأسباب تخصها لعوامل ترجع الى طبيعة الموقع أو البيئة المحيطة بها أو ربما تخص سكانها لأسباب تتعلق بعاداتهم و تقاليدهم و لكن فى بعض من الأحيان قد نجد أن تلك القوانين متطرفة للغاية و أحيانا منافية لقواعد المنطق مثلما يحدث فى إحدى البلدات الصغيرة و تدعي لونجييربين الواقعه فى أقصى شمال العالم بأرخبيل سفالبارد فى النرويج و التى حظرت تماما منذ فترة الخمسينيات الموت فيها و يعد ذلك أمرا غير مسموحا به على أراضيها و إذا اشتبه في أن شخصًا ما من سكان البلدة على وشك الموت فيجب على الفور نقله إلى البر الرئيسي للوفاة هناك .

و لعل مفهوم حظر الموت فى بعض الأماكن ليس فكرة جديدة فمنذ القدم و فى القرن الخامس قبل الميلاد أعلن أن الموت في جزيرة ديلوس التابعة الى ” اليونان ” محظور تماما لأنه مكان مقدس و حتى في الوقت الحاضر هناك عدد قليل من المدن في جميع أنحاء العالم تحظر الموت فيها مثل مدينة “إتسوكوشيما” في “اليابان” و لكن كل ذلك يرجع لأسباب روحية بعكس بلدة “لونجييربين” النرويجية التى يحظر الموت فيها لأسباب عملية و هى الطقس لأنها تقع فوق الدائرة القطبية الشمالية لذلك فتتمتع بدرجات حرارة منخفضة تصل في كثير من الأحيان إلى -15 درجة مئوية و من المعروف أنها قد تصل إلى -32 درجة مئوية مما يعنى أنه إلى جانب الاضطرار لإرتداء معاطف معزولة في جميع الأوقات أن الأرض و أي شيء يوضع بداخلها سيكون في حالة من التجمد الدائم الذى لا يذوب أبدًا حتى عندما ترتفع درجات الحرارة على السطح خلال فصل الصيف و هذا يساهم فى منع جثث الموتى من التحلل .

و نتيجة أن جثامين الموتى لا تتحلل فإن ذلك يخلق مشاكل تتعلق بالمساحة و تخزين الموتى اضافة الى أنه إذا ظلت الجثة محفوظة تمامًا فإن أي فيروس أو مرض يحمله سيظل محفوظا بداخله فى حالة نشطة و من الممكن انتشاره بين السكان و هو ما يشكل خطرًا على السلامة و أصبح هذا واضحًا بشكل مخيف عام 1950 عندما أدرك السكان المحليين أن التربة الصقيعية تمنع الجثث من التحلل بشكل صحيح و خوفًا من انتشار الأمراض قاموا بإخراج مقبرة البلدة من الخدمة و حظروا الموت في “لونجييربين” و الذى كان أمرا صائبا لأنه عندما استخرج العلماء في التسعينيات بعض الجثث لدراسة ظاهرة التربة الصقيعية وجدوا أن أحد المتوفين منهم بسبب جائحة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 لا يزال يحتوي جثمانه على نفس الفيروس القاتل فى حالة نشطة و هذا معناه مثلما يحدث فى أفلام “هوليوود ” بأنه إذا ذابت التربة الصقيعية لأى سبب و ليكن نتيجة الأحتباس الحراري فإن الفيروس يمكن أن يصيب المدينة بأكملها و نحن نتحدث عن نفس الفيروس الذي قضى على حوالي 5٪ من سكان كوكب الأرض في عام 1918 لذلك فإن فكرة حظر الموت فى ذلك المكان يبدو أنه أكثر الأشياء منطقية .

و كثيرين يتسألون و لكن اذا حدث و توفى أحد الأشخاص بالفعل فى تلك البلدة و تعذر نقله من “لونجييربين” الى مكان أخر فماذا يفعل هؤلاء السكان و الاجابة هي أنه يتم حرقها ثم دفن الرفات في احدى الجرات الجنائزية الا ان ذلك أمرا صعب بعض الشئ لأنه يتطلب تصريحا من الدولة .

أقرأ أيضا : تعرف على طبيعة الحياه فى بلدة أويمياكون أبرد مكان مأهول على وجه الأرض

و نستطيع القول أن الحياة عامة فى منقطة “لونجييربين” بالغة الصعوبة لذلك لا يعيش فيها الا سكان لا يتجاوز أعدادهم 2300 نسمة يعملون أغلبهم فى التعدين و استخراج الفحم نظرا لأنها منطقة لا تشرق الشمس فيها لمدة أربعة أشهر كاملة في الشتاء و قد تهاجمك الدببة القطبية إذا ابتعدت عن البلدة لذلك فمن يخرج منها من الضرورى ان يكون مسلحا كما أن البرد أحيانًا قد يكون شديدًا جدا لدرجة أن الأطفال يعانون من صعوبات في الحركة كما منعت القطط من دخول منطقة ” سفالبارد ” حفاظًا على طيور المنطقة لذلك فربما يعتبر حظر الموت فيها هو أقل مشاكلها .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *