يعد الزعيم الألمانى أدولف هتلر واحدا من الشخصيات التى تركت بصمة كبيرة فى تاريخنا المعاصر و ساهمت بشكل أو بأخر من خلال أفكارها العنصريه و سياساتها العدوانيه فى مقتل و تشريد الملايين من الناس و إعادة تشكيل خريطة العالم مرة أخرى لذلك فليس بالغريب سعى الكثير من الممثلين الى محاولة تجسيد تلك الشخصية فى الأعمال الفنيه المختلفه سواء كانت درامية أو وثائقيه و التى تمثل إليهم تحديا كبيرا فى أسلوب طرحها ما بين إظهاره بشكل إنسانى قد يجلب بعض من التعاطف معه من قبل الجمهور أو بمظهر شيطانى يسهم فى زيادة كره الناس له و لكن فى كل الأحوال قد أجاد البعض منهم فى تجسيده و نال الكثير من الاشادات من قبل النقاد و الجمهور و فشل البعض الأخر و فى تلك المقالة نستعرض أشهر عشرة ممثلين قاموا بتجسيد تلك الشخصيه .

تشارلي تشابلن – الدكتاتور العظيم

كان أول تجسيد لتلك الشخصيه من نصيب الفنان المبدع “تشارلي شابلن” فى فيلم ” الديكتاتور العظيم ” الذى انتج عام 1940 و قام فيه باداء شخصيتين الاولى لحلّاق يهودي و الثانية لديكتاتور يحكم البلاد مثل الفوهرر و الذى قدم فى شكل ساخر كما هو معتاد فى أفلامه و صدر في بداية الحرب العالمية الثانية و قوبل بفتور من قبل المسؤولين التنفيذيين في السينما لقلقهم من تسببه فى احداث ازمة بين “الولايات المتحدة” التى لم تدخل الى الحرب بعد و “ألمانيا” و مع ذلك فقد لاقى نجاحًا تجاريًا ونقديًا واسعًا بعد عرضه لأول مرة .

و تدور قصة الفيلم حول حلاق يهودي يعانى من اصابته بفقدان الذاكرة بعد مشاركته فى الحرب العالمية الاولى و يعود إلى منزله حيث تصبح البلاد تحت سيطرة ديكتاتور يدعى ” هينكل ” و الذى كان من الواضح أنه محاكاة ساخرة لأدولف هتلر و يقوم أصدقاء الحلاق باستغلاله حتى يتمكنوا من التمرد على ذلك الديكتاتور الذي يشبه الحلاق بشكل غريب حيث يحدث اختلاط فى نهاية الفيلم و يكون الحلاق الطيب بديلا لذلك الديكتاتور .

و بعد نهاية الحرب و معرفة العالم بفظائع النازيه قال شابلن ” لو كنت علمت بالفظائع الفعلية لمعسكرات الاعتقال الألمانية لما صنعت الدكتاتور العظيم لأنه لم يكن بإمكاني أن أسخر من الجنون القاتل للنازيين .

أقرأ أيضا : الديكتاتور العظيم .. فيلم صنعه تشارلى شابلن للسخرية من هتلر و استفزازه عند مشاهدته فماذا كان رد فعله ؟

أنتونى هوبكنز – المخبأ

قبل وقت طويل من تجسيد “أنتوني هوبكنز” لشخصية آكلي لحوم البشر الدكتور “هانيبال ليكتر” في فيلم ” صمت الحملان ” لعب الممثل المخضرم دورًا أكثر جرأة بتجسيده الزعيم النازى “هتلر” في الفيلم التلفزيوني The Bunker و الذي عُرض لأول مرة عام 1981 على شبكة سي بي إس الامريكيه و التى تدور أحداثه حول الأيام الأخيرة لهتلر و اختباءه في مخبأ مع عروسه الجديدة “إيفا براون” قبل أن ينتحر في نهاية الحرب عام 1945.

تم الإشادة بالفيلم إلى حد كبير باعتباره تصويرًا قويًا للأيام الأخيرة للديكتاتور و احتوائه على تفاصيل تاريخية غير معروفة للكثيرين كما كان لهوبكنز أيضًا الفضل في تقديم أداء قوي للشخصيه حيث تواترت أقاويل الى أنه تقمصها بشكل كبير جدا طوال فترة انتاج الفيلم لدرجة تسبب ذلك فى حالة من التوتر بينه و بين الممثلين الأخرين لتعامله معهم بنفس أسلوب “هتلر” لذلك ليس بغريبا فوزه بجائزة “ايمى” عن دوره ذلك حتى و ان كان النسخة التى قدمها تتحدث بلكنة ويلزيه .

إيان ماكيلين – العد التنازلي للحرب

تجسيد الشخصيات التاريخية الصعبة ليس شيئًا جديدًا على المخضرم في صناعة السينما “إيان ماكيلين” الذي قام بأداء بعض من الشخصيات المثيرة للجدل مثل أماديوس و عطيل و ماكبث و لكن لا أحد منهم بنفس قوة شخصية “أدولف هتلر” التى قدمها عام 1989 فى فيلمه “العد التنازلى للحرب” و الذي رسم الأيام التي سبقت إعلان “فرنسا و بريطانيا” الحرب ضد “ألمانيا” حيث اعتمد نص الفيلم على رسائل خاصة و مذكرات و سجلات لاجتماعات مختلفة للديكتاتور الألمانى فى ذلك الوقت .

و للوصول التام إلى تجسيد تلك الشخصية قال “ماكيلين” بأنه قام بالكثير من الأبحاث عنه و انه يجب ألا يحكم عليه طالما انه سيقوم بتأدية دوره لذلك فهو يقوم بتشريحه و معرفة أدق تفاصيله الى درجة انه قد يتعاطف معه و حينها يستطيع أن يكون هو .

أليك جينيس – الأيام العشرة الأخيرة

كان “أليك جينيس” من أوائل الممثلين البارزين الذين لعبوا دور “أدولف هتلر” منذ فيلم “تشارلي شابلن” الديكتاتور العظيم و لكن على عكس شابلن لم يكن أداء ” جينيس” فى فيلم الأيام العشرة الأخيرة و الذى انتج عام 1973 كوميديا و لكن دراميا و توثيقيا حيث يؤدى فيه دور “هتلر” فى أيامه الأخيره بعد استسلام النازيين في الحرب العالمية الثانية. .

و تعمق ” أليك جينيس ” فى أداء دوره لدرجة أنه أخبر شركة الإنتاج بالحصول على تأمين ضد محاولة اغتياله خوفًا من معاقبته على أدائه تلك الشخصيه من قبل الجمهور الذين سيصدقون أنه هو و قال لصحيفة نيويورك تايمز “يجب أن أقدم هتلر بصدق وإلا فلا فائدة من لعب دوره “.

نوح تايلور – ماكس و الخطيب

كان هناك ممثل واحد معروف قام بتمثيل دور “أدولف هتلر” مرتين حتى الآن و هو “نوح تايلور” حيث قام بتجسيد الزعيم النازي في فيلم Max و الذى أنتج عام 2002 ثم اعاد تجسيده مرة أخرى بعد 15 عامًا في المسلسل الكوميدى Preacher.

في العمل الدرامى الأول Max يقوم “تايلور” بأداء دور “هتلر” الشاب الذي فشل في تحقيق طموحاته الفنية بسبب غضبه الداخلي أما في Preacher فيلعب دور “هتلر” بشكل هزلى الذي يعمل في متجر شطائر تحت هوية جديدة باسم “ديف” حيث قال ” تايلور ” أنه حاول اظهار تلك الشخصيه على أنها خبيثه و أن الشئ الذى يكرهه الفاشيون هو أن تسخر منهم .

برونو جانز – السقوط

من المحتمل أن يكون أداء ” برونو جانز ” في فيلم The Downfall الذى انتج عام 2004 هو أشهر تجسيد للديكتاتور الالمانى الا أن ذلك الفيلم لا يخلو من الجدل على اعتبار أنه أول فيلم عن النازيين من إنتاج فريق ألماني و أثار ضجة كبيره حيث اعتبره الكثيرون إشارة إلى تحول للمواقف من قبل الجمهور الألماني تجاه التاريخ النازي الذى يظل موضوع شديد الحساسية بالنسبة للبلاد.

و فى ذلك الفيلم يعرض نسخة إنسانية غريبة لهتلر كشخصية معقدة حتى ان الممثل ” برونو جانز ” قال فى احدى اللقائات بأنه شعر أن “هتلر” كان ضعيفًا إلى حد ما و كان يشفق عليه بالفعل و هو ما ظهر خلال أدائه لشخصيته و هو الامر الذى عرضه للانتقاد بشكل كبير و معه الفيلم حيث شكك “إيان كيرشو” و هو أحد أبرز المؤرخين في العالم و المتخصص فى تاريخ هتلر و ألمانيا النازية عن مدى الفوائد الحقيقية لتقديم مثل هذه الصور الانسانية لهتلر على اعتبار ان ذلك لن يساعدنا فى فهمه بشكل أفضل رغم جودة تصوير الفيلم .

ولف موسر – الرجل في القلعة العالية

الممثل الألماني الآخر الذي تجرأ على ارتداء الشارب و اداء دور الفوهرر هو ” ولف موسر ” فى مسلسل The Man In The High Castle الا انه قدمها بشكل مختلف حيث كان “هتلر ” مسنًا و معزولا داخل قلعة غامضه في عالم بديل انتصرت فيه قوى المحور على الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

فى ذلك المسلسل يقدم مزيج مثير للفضول من التاريخ و الخيال العلمي و اعترف العديد من ممثلي العرض بأنهم واجهوا صعوبة في التصوير خلال الحلقات الأولى فى وجود الشعارات النازية الا انه و بمجرد عرضه حصل على ردود فعل إيجابية من المعجبين وأشاد الكثير منهم به للسهولة التي يمكن أن يندمج بها الشر مع الحياة العادية إذا أتيحت له الفرصة.

مارتن واتكى – انجليريوس باستردز

رغم ان شخصية هتلر التى قام بأدائها الممثل الألمانى ” مارتن واتكى ” شخصية ثانويه و لم تظهر كثيرا خلال احداث فيلم ” انجليريوس باستردز ” للمخرج الشهير ” كوينتن تارنتينو ” الذى انتج عام 2009 الا أنه كان تقديم جديد لتلك الشخصية فى الألفية الجديدة بشكل ساخر قد يصل الى درجة الهزليه متجسدة فى هيئة زعيم ذات مزاج متقلب و التى من الواضح أن الممثل ” مارتن واتكى ” لم يهتم كثيرا فى إظهار أى أبعاد انسانيه لتلك الشخصيه .

روبرت كارلايل – صعود الشر

ربما يكون فيلم هتلر Hitler: The Rise of Evil الذى أنتج عام 2003 هو أحد أكثر الأفلام غرابة في هذه القائمة لسبب واحد و هو أن الممثل “روبرت كارلايل” الذي يقوم بدور ” هتلر ” معروفا بنجاحه في الأفلام الكوميدية لذلك كان اختياره لهذا الدور مفاجأة للكثيرين و مع ذلك قام “كارلايل” بأفضل تجسيد لشخصية الفوهرر في هذه الملحمة المصغرة التي تتبعته منذ الطفولة في النمسا و حتى صعوده كديكتاتور .

ومن ناحيته اعترف “كارلايل” بأن الدور كان صعبًا عليه لأنه لم يصور أبدًا شخصية تاريخية من قبل و أضاف أن ذلك العمل لم يكن ينوي التعاطف مع “هتلر” و لكن لاستكشاف كيف أدت تجاربه إلى أن يصبح النمساوي الأكثر كرها في التاريخ و مع ذلك سلط النقاد الضوء على الأخطاء التاريخية للمسلسل و عدم رغبته في التعمق أكثر في كشف جرائم الحرب النازية و اختاروا بدلاً من ذلك التركيز على تطور ألمانيا خلال فترة حكمه .

أقرأ أيضا : أدولف هتلر ( 1889 – 1945 )

تايكا وايتيتى – الأرنب جوجو

يمكن العثور على تجسيد كوميدي آخر للزعيم النازي ” هتلر ” في فيلم Jojo Rabbit الذى انتج عام 2019 و يحكى عن فتى ألماني ساذج يتدرب ليصبح عضوًا في شباب هتلر جنبًا إلى جنب مع نسخته الخيالية للديكتاتور الذى يقوم بأدائه الممثل ” تايكا وايتى ” .

و عن ذلك الدور قالت وكالة الأنباء الكندية إنه “هتلر” لكنه ليس كذلك لأن تجسيد “وايتيتي” للديكتاتور كان غريبا بشكل خاص بالنظر إلى أنه الممثل و المخرج معا كما أن أداء “وايتيتي” كان كوميدي بالكامل حيث اعترف بأنه رفض إجراء أي بحث عن الديكتاتور كمسألة مبدأ مضيفا بأنه لم يكن مهتما على الإطلاق بتصويره بشكل أصلي لأنه لم يكن يريد من “هتلر” ان يشعر بالرضا من معرفة أن شخصًا ما درسه لأنه لا يستحق أن يبذل شخصًا هذا القدر من الجهد تجاه تلك الشخصيه .

ولكن كما هو الحال مع أي فيلم يحاول استخدام الكوميديا للتطرق إلى موضوع النازيين تلقى الفيلم الكثير من الانتقادات و مع ذلك حصل على جائزة أفضل فيلم من اختيار الجمهور في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي عام 2019.

و ختاما فمن المؤكد أن تصوير أحد أكثر الأشرار شهرة في التاريخ أمر صعب لكل من الكتاب و الممثلين و المخرجين و كما شاهدنا فى المقالة فإن كل أفلام “هتلر” التى صورت الديكتاتور كانت جميعها بشكل مختلف عن الاخر فأيهما كان برأيك الاكثر جمالا و اقناعا ؟

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *