عالم الرياضة بكافة ألعابه هو نظريا ساحة للمنافسات الشريفة و بشكل يومى يتوج الكثير من الأبطال بالميداليات و الكؤوس تقديرا على تفانيهم و اخلاصهم فى التدريبات التى ساعدتهم فى التفوق على زملائهم و لكن من جانب أخر تحتوى الساحة الرياضية على الكثير من الغشاشين الذين يلجأون الى أساليب ملتوية من أجل حصد تلك الإنتصارات و إضاعة مجهود الأخرين و لكن عند كشفهم يتم توقيع عقوبات ضخمة عليهم قد تصل الى حد الشطب النهائى من اللعبة و تعتبر روزي رويز واحدة من أبرز الغشاشين فى الألعاب الرياضية بعد أن أستطاعت خداع الحكام و الجمهور عام 1980 خلال أحداث ماراثون بوسطن الشهير الذى يقام بشكل سنوي فى الولايات المتحدة حيث شاركت فيه قبل كيلومتر فقط من نهايته لتفوز بذلك السباق و تحصد الجائزة الكبرى لولا إنتباه البعض الى ذلك و إبلاغ طاقم التحكيم بما حدث .

ولدت ” روزي رويز ” بمدينة “هافانا” في يونيو عام 1953 ثم غادرت “كوبا” متوجهة إلى ولاية “فلوريدا” فى ” الولايات المتحدة ” عندما كانت في الثامنة من عمرها و التحقت بكلية “واين ستيت” في ولاية “نبراسكا” لمدة ثلاث سنوات قبل أن تنتقل إلى مدينة “مانهاتن” للعمل سكرتيرة في إحدى شركات تجارة السلع الأساسية و عندما شاركت فى ذلك الماراثون فى نسخته الرابعة و الثمانين أذهلت عالم العدائين بكونها أول امرأة تعبر خط النهاية في “بوسطن” في فترة زمنية قياسية و هى ساعتين و 31 دقيقة و 56 ثانية و هو رقم أهلها لتكون هى أسرع أمرأة تشارك فى ماراثون بوسطن عبر تاريخه و ثالث أسرع امرأة في تاريخ أى ماراثون بشكل عام لكن الشكوك حول فوزها نشأت على الفور بسبب أن المراقبين فى ذلك السباق لم يروها عند نقاط التفتيش على طول مساره الذى يمتد الى 42 كيلومتر .

و إزدادت الشكوك بعد أن لاحظ “بيل رودجرز” الفائز بماراثون الرجال و الذي فاز للتو في ماراثون بوسطن للمرة الثالثة على التوالي أن ” روزي رويز” لا تستطيع تذكر الكثير من الأشياء التي يعرفها معظم العدائين عن ظهر قلب مثل الفواصل الزمنية و الانشقاقات و لاحظ مراقبين آخرين أن “رويز” لم تكن تلهث أو مغطاة بالعرق و أن فخذيها كانتا أقل رشاقة و عضلات مما كان متوقعًا لعداء من الطراز العالمي و حتى لاحقا أظهرت نتائج اختبار الإجهاد الخاص بها أن معدل ضربات قلبها أثناء الراحة يبلغ 76 فى حين أن معظم المتسابقات في سباقات الماراثون لديهن معدل ضربات قلب أثناء الراحة في الخمسينيات أو أقل .

روزي رويز خلال إنهائها ماراثون بوسطن

و بعد السباق قالت ” روزي رويز ” لمحاورتها التلفزيونية التى كانت اللاعبة الشهيرة “كاثرين سويتزر” و المعروفة بأنها من أوائل النساء اللائي شاركن في ماراثون بوسطن أنها شاركت فقط في ماراثون واحد آخر فى مدينة “نيويورك” عام 1979 و أنها أنهته في ساعتين و 56 دقيقة و 33 ثانية و أنها دربت نفسها من أجل تحسين أرقامها و لكنها لم توضح أسلوب تدريباتها كما أنها لم تفهم المصطلحات التدريبية التى كانت تقولها لها المحاورة ” سويتزر ” عن التدريب المتقطع و التدريبات المصممة لتحسين سرعة العداء ثم فوجئت ” روزي رويز ” و هى على رأسها إكليل الغار بالمحاورة ” كاثرين ” تقول لها بشكل غامض “روزي رويز المرأة الغامضة الفائزة التى افتقدناها في جميع نقاط التفتيش لدينا” .

تنصيب روزي رويز بطلة ماراثون بوسطن

و سرعان ما تفككت ادعائات ” روزي رويز ” بشأن سباق نيويورك حيث تقدمت “سوزان مورو” و هى مصورة مستقلة بالإدلاء بتصريحات لصحيفة ” النيويورك تايمز ” تقول فيها بأنها كانت في مترو الأنفاق مع ” روزي رويز” خلال ذلك الماراثون و أن “رويز” أخبرتها أنها تركت السباق عند علامة 16 كيلومتر نتيجة إصابة ألمت بها فى الكاحل و بعد مغادرتهم المترو الأنفاق ساروا إلى خط النهاية و شاهدوا اللاعبة “جريت ويتز” و هى تفوز بسباق السيدات كما أن المسئولين عن ماراثون مدينة “نيويورك” قاموا بإبطال وقت ” روزي رويز ” بعد مراجعة شريط فيديو و التى ظهرت فيه بأنها لم تعبر خط النهاية لأنهم أعتقدوا أن “رويز” كانت مصابة .

و بعد أيام من ظهور تلك الحقائق تم إلغاء انتصار ” روزي رويز ” في ماراثون بوسطن و استند منظمو السباق في قرارهم إلى حوالي 10000 صورة التقطت على طول الكيلومتر الأخير من السباق و كذلك على المعلومات التي قدمتها وسائل الإعلام و المراقبين على طول الطريق بالإضافة إلى شهادة بعض الأشخاص التى ذكروا فيها رؤيتهم تلك العداءة و هى تدخل “ميدان كنمور” على بعد حوالي كيلومتر من خط النهاية اضافة الى أنه أثناء مرور العدائين فى ضاحية ” ويلسلى ” كان من المعروف ان طلاب كلية ويلسلى يصرخون لتحفيزهم على الإستمرار أثناء مرورهن بالحرم الجامعي و أقر هؤلاء الطلاب بأنهم لم يشاهدوها على الإطلاق كما لم يتذكر أي عداءة آخرى رؤيتها و بذلك أثبتت الأدلة أن العداءة الكندية “جاكلين جارو” هى من فازت بذلك السباق و ليس ” روزي رويز ” التى علقت على ذلك القرار قائلة ” يمكنني القول بصدق و دون تردد أن اليوم كان ثاني أتعس يوم في حياتي بعد أن تركت والدى فى بلدى الأم منذ نحو 18 عاما ” و علقت ” جارو ” الفائزة بالماراثون ” إنها تشعر بالشفقة على رويز لا يوجد لديها أي مشاعر سيئة تجاهها ” .

العداءة الكندية جاكلين جارو خلال تنصيبها بطلة لسباق ماراثون بوسطن
جاكلين جارو خلال تنصيبها بطلة ماراثون بوسطن بعد سحب اللقب من روزي رويز

و لم يتوقف الأمر على الغش فى المجال الرياضي فقط بالنسبة الى ” روزي رويز ” حيث سرعان ما واجهت مشاكل قانونية أخرى و وجهت إليها عام 1982 تهمة السرقة و التزوير و اتهمت بسرقة نقود و شيكات من شركة للعقارات كانت تعمل لحسابها و حُكم عليها بالسجن لمدة أسبوع و وضعها لخمس سنوات تحت المراقبة و في عام 1983 بعد أن عادت إلى “فلوريدا” تم القبض عليها مجددا بتهمة محاولة بيع الكوكايين لعملاء سريين في فندق في “ميامي” و أمضت ثلاثة أسابيع في السجن .

أقرأ أيضا : كاثرين سويتزر .. أول امرأة تدير ماراثون بوسطن بعد محاولة طردها منه

و رغم مرور عقود على ماراثون بوسطون الذى غشت فيه الا أن ” روزي رويز ” احتفظت بميداليتها حيث تم صنع واحدة أخرى للمنافسة التى حلت محلها و طوال تلك السنوات ظلت تؤكد أنها أكملت الماراثون للنهاية و لكن في عام 1996 قال “ستيف ماريك” الذى ظل مدافعا عن “رويز” لفترة إنه بعد عدة أشهر من سباق الماراثون اعترفت له بأنها بالفعل مارست الغش فيه و قال لصحيفة بوسطن جلوب : “لقد قفزت من بين الحشود و لم تكن تعلم أن المرأة الأولى لم تمر بعد و كانت روزي رويز هى أكثر من صدم عندما تم احتسابها الأولى فى الترتيب ” و فى عام 2019 توفيت ” روزي رويز ” عن عمر يناهز 66 عاما .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *