تاريخ سانتا كلوز أو بابا نويل

سانتا كلوز و المعروف أيضًا باسم القديس نيكولاس أو بابا نويل هي شخصية أسطورية مرتبطة بتقاليد عيد الميلاد لرجل مسن يرتدي ملابس حمراء و ذات لحية بيضاء و علي وجهه ترتسم ملامح البهجة و الطيبة و في يوم عشية عيد الميلاد يركب عربته ذات الزلاجات التي تجرها تسعة من حيوانات الرنة و هي محملة بالألعاب و الهدايا و يقوم بتركها في منازل الفتيات و الفتيان الجيدين طوال العام السابق و علي الرغم من أن سانتا كلوز شخصية خيالية إلا أن قصتها تستند علي شخصية حقيقية ترجع أصولها إلي القرن الثالث و هي للقديس نيكولاس الذي كان له الكثير من الأنشطة الخيرية التى جعلت الكثيرين يتخذوه شفيعا للأطفال و مع مرور السنوات و القرون حدث تطور لتلك الشخصية لتصل إلي شكلها الحالي الذي ينتظره الأطفال بفارغ الصبر في معظم أنحاء العالم ليلة عيد الميلاد .

و ترجع أسطورة “سانتا كلوز” إلى مئات السنين لراهب يدعى “القديس نيكولاس” و الذي يُعتقد أنه ولد عام 280 بعد الميلاد في منطقة “باتارا” بالقرب من “ميرا” في تركيا الحديثة و كان من المعروف عنه بأنه شخص يتسم بالتقوي و اللطف الذي جعله موضوعًا للعديد من الأساطير حيث يقال أنه تنازل عن ثروته و سافر إلي الريف لمساعدة الفقراء و المرضي و تعد من أشهر قصصه هو نجاحه في إنقاذ ثلاثة فتيات شقيقات و فقيرات من بيعهم للعبودية أو العمل في مجال الدعارة من قبل والدهم و ذلك من خلال تزويدهم بمهر حتى يتمكنوا من الزواج و على مدار سنوات عديدة أصبح ” القديس نيكولاس ” ذات شعبية كبيرة و معروفًا بإسم حامي الأطفال و البحارة حتي أنه أصبح يتم الاحتفال بيوم عيده في ذكرى وفاته و هو 6 ديسمبر و بحلول عصر النهضة كان هو الأكثر شعبية في جميع أنحاء أوروبا و حتى بعد الإصلاح البروتستانتي عندما بدأ إحباط فكرة تبجيل القديسين حافظ على سمعته الإيجابية خاصة في “هولندا” .

القديس نيكولاس ملهم شخصية سانتا كلوز
القديس نيكولاس

و حقق “القديس نيكولاس” أولى خطواته في الثقافة الشعبية الأمريكية بنهاية القرن الثامن عشر حين تم إحياء ذكراه في ديسمبر عام 1773 ثم تكرر الأمر مرة أخرى عام 1774 و ذكرت صحيفة “نيويورك” حينها أن مجموعات من العائلات الهولندية قد اجتمعت للإحتفال بذكرى وفاته و لكن مع تحريف الإسم إلي ” سانتا كلوز ” نسبة إلي الإسم الهولندي ” سنتر كلاس ” و هو شكل مختصر لإسم ” القديس نيكولاس ” و في عام 1804 قام “جون بينتارد” الذي كان عضو في جمعية نيويورك التاريخية بتوزيع قطع خشبية للقديس نيكولاس في الإجتماع السنوي للجمعية و التي أحتوت علي خلفية منقوشة بصورته المألوفة بما في ذلك نقوش لجوارب مليئة بالألعاب و الفاكهة المعلقة فوق المدفأة و في عام 1809 قام “واشنطن إيرفينج” بنشر قصصه و أشار في كتابه ” تاريخ نيويورك ” إلى أن القديس نيكولاس يعتبر شفيع لتلك البلد و وصفه بأنه شخص يرتدي قبعة زرقاء ثلاثية الزوايا و صدرية حمراء و جوارب صفراء .

تاريخ سانتا كلوز

و خلال القرن التاسع عشر كان تقديم الهدايا للأطفال جزءًا مهمًا من تقليد الإحتفال بعيد الميلاد حيث بدأت تلك العادة من خلال المتاجر عام 1820 و بحلول أربعينيات ذلك القرن كانت الصحف تنشئ أقسامًا منفصلة لإعلانات العطلات و التي غالبًا ما كانت تعرض صورًا قريبة لسانتا كلوز ثم كان الأمر مسألة وقت فقط قبل أن تبدأ المتاجر في جذب الأطفال و أولياء أمورهم للتسوق من خلالها عن طريق إغرائهم بإلقاء نظرة خاطفة على شخص حقيقي يرتدي زي بابا نويل و في أوائل تسعينيات القرن التاسع عشر إحتاج جيش الخلاص إلى تمويل لدفع ثمن وجبات عيد الميلاد المجانية التي سوف تقدم للأسر المحتاجة لذلك بدأوا في تلبيس الرجال العاطلين عن العمل ببدلات سانتا كلوز و إرسالهم عبر شوارع “نيويورك” لطلب التبرعات و منذ ذلك الحين أصبحت عادة سنوية أن يقوم الأفراد التابعين لجيش الخلاص بإرتداء تلك الملابس و قرع الأجراس في زوايا شوارع المدن الأمريكية .

و لعل الصورة الذهنية الحالية لسانتا كلوز يرجع الفضل إليها لشخصين أولهم “كليمنت كلارك مور” و هو قس أسقفي كتب عام 1822 قصيدة طويلة في عيد الميلاد لبناته الثلاث بعنوان ” زيارة من القديس نيكولاس” و كان مترددًا بنشرها في البداية بسبب الطبيعة التافهة لموضوعها و لكن علي العكس وضعت إلى حد كبير تصور الشكل الحديث لسانتا كلوز بإعتبارها شخصية سمينة الجسد و لديها قدرات سحرية تمكنه من صعود المدخنة بمجرد إيماءة برأسه كما أنه كان يطير من منزل إلى أخر عشية عيد الميلاد عبر زلاجة صغيرة يقودها ثمانية من حيوانات الرنة الطائرة لترك الهدايا التي يستحقها الأطفال الجيدين و بذلك خلقت قصيدة ” زيارة من القديس نيكولاس” رمزًا أمريكيًا جديدًا و شائعًا في ذلك العيد المميز أما الشخصية الثانية التي يرجع إليها الفضل في تلك الشخصية فهي لرسام الكاريكاتير السياسي ” توماس ناست” الذي قام عام 1881 برسم قصيدة مور و صور ” سانتا كلوز ” بالشكل المتعارف عليه حاليا حيث ظهر لأول مرة في مجلة ” هاربرز ويكلي ” و كان فيها رجل مستدير و مبهج و له لحية بيضاء ممتلئة و يحمل كيسًا مليئًا بألعاب الأطفال المحظوظين كما أن “ناست” هو الذي أعطى ” سانتا كلوز ” بدلته الحمراء الزاهية و المزينة بالفراء الأبيض بالإضافة إلي وضع تصور لورشته الموجودة في القطب الشمالي و يعمل فيها الجان بجوار زوجته السيدة كلوز .

أول رسمة لسانتا كلوز بريشة توماس ناست
أول رسمة لسانتا كلوز بريشة توماس ناست

و لا يعتبر “سانتا كلوز” هو مانح الهدايا الوحيد المستوحى من شخصية “القديس نيكولاس” و لكن هناك شخصيات مماثلة و لكنها مختلفة من بلد إلي أخر بحسب ثقافتها حيث توجد شخصيات “كريستكيند” و “كريس كرينجل” الذين يقدمون الهدايا للأطفال الجيدين بأعياد الميلاد في “سويسرا” و ” ألمانيا ” حيث تعني كلمة كريستكيند “طفل المسيح” و هي شخصية شبيهة بالملائكة غالبًا ما يرافقها “القديس نيكولاس” في بعثاته أما في الدول الإسكندنافية فيوجد شخصية خيالية عبارة عن قزم مرح يطلق عليه إسم ” جولتومتين ” و الذي يقوم بتقديم الهدايا في مزلقة تجرها الماعز و في ” المملكة المتحدة ” توجد أسطورة إنجليزية تقول أن ” أب عيد الميلاد ” يزور كل منزل عشية عيد الميلاد لملء جوارب الأطفال بالهدايا و الألعاب و الحلويات أما في ” فرنسا ” فتوجد شخصية ” بير نويل ” و في “إيطاليا” توجد قصة لإمرأة تدعي ” لا بيفانا ” و هي ساحرة لطيفة تركب عصا مكنسة و تطير بها إلي مداخن المنازل الإيطالية لتوصيل الألعاب إلى جوارب الأطفال المحظوظين .

لا بيفانا النسخة الإيطالية من بابا نويل
لا بيفانا النسخة الإيطالية من سانتا كلوز

أما بالنسبة إلي “الولايات المتحدة” فغالبًا ما يتم تصوير “سانتا كلوز” على أنه يسافر من منزله الذي يعيش فيه مع زوجته السيدة كلوز في القطب الشمالي عشية عيد الميلاد لتوصيل الألعاب للأطفال و يطير على زلاجته السحرية بقيادة حيوانات الرنة و التي أسمائهم ” دونر و كوميت و فيكسن و برانسر و داشر و بليتزن و كيوبيد و دانسر و الأكثر شهرة هو رودولف ” و عند وصوله يدخل بابا نويل إلي كل منزل من خلال المدخنة و هذا هو السبب في أن جوارب عيد الميلاد تكون فارغة و يتم تعليقها بعناية بجانب المدخنة على أمل أن يكون ” سانتا كلوز قريبًا لملئها حيث يكتب الأطفال رسائل إليه و غالبًا ما يتركون الكعك و الحليب له و الجزر للرنة عشية عيد الميلاد كما يؤمن الأطفال بأن بابا نويل لديه “قائمة أسماء سيئة” و “قائمة أسماء جيدة” لتحديد من يستحق الهدايا في صباح عيد الميلاد و غالبًا ما يستدعي الآباء هذه القوائم كطريقة لضمان أن يكون سلوك أطفالهم في أفضل حال .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *