حادث غرق السفينة تيتانيك

حادث مأساوى تجسد فى غرق سفينة ركاب كانت تعتبر واحدة من أكبر و أضخم و أفخم السفن فى العالم و ذلك بعد أربعة أيام من رحلتها الأولى من مدينة ساوثهامبتون فى المملكة المتحدة إلى مدينة نيويورك شرق الولايات المتحدة فى منتصف أبريل عام 1912 و أسفر ذلك الحادث عن غرق أكثر من 1500 شخص و هو ما جعله أكثر الكوارث البحرية دموية في التاريخ خلال زمن السلم و على الرغم من أن غالبية الضحايا كانوا من أفراد الطاقم و ركاب الدرجة الثالثة الا أنه أيضا فقد العديد من العائلات الثرية و الشهيرة حيث تسبب غرق السفينة تيتانيك فى حدوث صدمة كبيرة للعالم أسره و بحالة من الغضب الواسع النطاق بسبب عدم وجود قوارب للنجاة و التراخي في تنفيذ لوائح السلامة و الأمان و المعاملة غير المتكافئة لركاب الدرجة الثالثة أثناء الإخلاء و هو ما أدى الى القيام بإجراء تغييرات شاملة على طبيعة اللوائح البحرية و إنشاء اتفاقيات دولية لضمان سلامة الملاحة و النقل البحري .

أصول و مواصفات السفينة تيتانيك

في أوائل القرن العشرين كانت تجارة نقل الركاب عبر المحيط الأطلسي مربحة للغاية و كانت تدور منافسة بين العديد من الشركات لنقل المسافرين الأثرياء و المهاجرين و كان هناك اثنان من الخطوط الرئيسية و هما شركتى ” وايت ستار ” و ” كونارد ” و بحلول صيف عام 1907 بدا أن “كونارد” على استعداد لزيادة حصتها في أسواق النقل مع ظهور سفينتين جديدتين و هم “لوسيتانيا و موريتانيا” اللتين كان من المقرر أن يدخلا الخدمة في وقت لاحق من ذلك العام حيث حظيت تلك السفينتين باهتمام كبير بسبب سرعتهما المتوقعة في عبور المحيط الأطلسي و في محاولة لمجاراة تلك المنافسة التقى “جيه بروس إسماي” رئيس مجلس إدارة شركة “وايت ستار” مع “ويليام بيري ” الذي كان يسيطر على شركة لبناء السفن و كان لها الفضل فى تشييد معظم سفن شركة “وايت ستار” و خلال اجتماعهم وضع الرجلان خطة لبناء فئة من السفن الكبيرة التي من شأنها أن تكون معروفة بتوفير أقصى درجات الراحة بدلاً من سرعتها و تقرر في النهاية بناء ثلاث سفن و هم الأولمبية و تيتانيك و بريتانيك .

و في يوم 31 مارس عام 1909 و بعد حوالي ثلاثة أشهر من بدء العمل في الأوليمبية تم البدء فى بناء السفينة تيتانيك بجوارها في حوض عملاق مصمم خصيصًا لاستيعاب حجمهما غير المسبوق و تم تصميم السفينتين الشبيهتين الى حد كبير من قبل “توماس أندروز” حيث تميزت التصميمات الخاصة بها بزخارف بديعة و بصالون طعام ضخم من الدرجة الأولى و أربعة مصاعد و مسبح و كانت أماكن الإقامة فى الدرجة الثانية تقارب مميزات الدرجة الأولى على السفن الأخرى كما أن عروضها لتزاكر الدرجة الثالثة رغم تواضعها الا انها كانت تمتاز ببعض من الراحة النسبية .

بناء السفينة تيتانيك

أما بالنسبة لعناصر الأمان فقد كان لدى تيتانيك امكانية احتواء المياه في حالة اختراق الهيكل و زعم بناة السفينة أن بها أربعة من الحجرات يمكن أن تغمرها المياه دون تعريض قدرتها على الطفو و هو ما دفع الكثيرين إلى الادعاء بأن السفينة تيتانيك كانت غير قابلة للغرق و بعد الانتهاء من الهيكل و البنية الفوقية الرئيسية تم إطلاقها في المياه يوم 31 من مايو عام 1911 ثم بدأت بعد ذلك فى الدخول بمرحلة التجهيز حيث تم تحميل الآلات في السفينة و بدأت بها الأعمال الداخلية و بعد رحلة الأولمبية الأولى التى انطلقت في يونيو عام 1911 تم إجراء تغييرات طفيفة على تصميم تيتانيك و في أوائل أبريل عام 1912 خضعت السفينة لتجارب بحرية و بعد ذلك تم إعلان صلاحيتها للإبحار و بينما كانت تستعد للشروع في رحلتها الأولى كانت تيتانيك واحدة من أضخم السفن و أكثرها فخامة في العالم و بلغت حمولتها الإجمالية المسجلة (أي القدرة الاستيعابية) 46328 طنًا و عندما كانت محملة بالكامل وصلت الى أكثر من 52000 طن و كان طولها 269 مترًا و عرضها 28.2 مترًا في أوسع نقطة لها .

أقرأ أيضا : هل تسبب مومياء فرعونية ملعونة فى غرق السفينة الشهيرة تيتانيك ؟

الرحلة الأولي و الأخيرة

الرحلة الأولى و الاخيرة لتيتانيك

في يوم 10 أبريل عام 1912 أبحرت السفينة تيتانيك في رحلتها الأولى متجهة من مدينة “ساوثهامبتون” فى “إنجلترا” إلى مدينة “نيويورك” الأمريكية تحت قيادة القبطان “إدوارد جيه سميث” الذي كان يُعرف باسم “الكابتن المليونير” بسبب شعبيته بين الركاب الأثرياء و كان على متنها عدد من الشخصيات البارزة منهم رجل الأعمال الأمريكي “بنيامين جوجنهايم ” و الصحفي البريطاني “ويليام توماس ستيد” بالإضافة إلى رئيس مجلس ادارة الشركة “إسماي” و مصممها “توماس أندروز” .

و بدأت الرحلة تقريبًا بالاصطدام مع سفينة ” نيويورك ” الراسية في مسار السفينة العملاقة و بعد ساعة من المناورات لمنع وقوع حادث أكبر أستطاعت السفينة تيتانيك من العبور و في مساء يوم 10 أبريل توقفت السفينة بـ “شيربورج” فى “فرنسا” و كان رصيف المدينة صغيرًا جدًا لاستيعاب ضخامتها حيث صعد على متنها ركاب جدد من بينهم رجل الأعمال الشهير “جون جاكوب أستور” و زوجته الثانية الحامل “مادلين” و بعد حوالي ساعتين استأنفت رحلتها و في صباح يوم 11 أبريل قامت بآخر محطة لها في أوروبا بكوينزتاون فى “أيرلندا” و في تمام الساعة 1:30 مساءً أبحرت السفينة إلى مدينة “نيويورك” و على متنها 2200 شخص منهم 1300 راكب .

الساعات الأخيرة من عمر السفينة تيتانيك

و طوال معظم الرحلة كان مشغلو الراديو اللاسلكي على السفينة تيتانيك “جاك فيليبس و هارولد برايد” يتلقون تحذيرات من وجود جبل جليدى فى طريقهم و في مساء يوم 14 أبريل بدأت السفينة في الاقتراب من منطقة معروفة بوجود جبال جليدية بها و غيَّر القبطان “سميث” مسار السفينة قليلاً لتتجه جنوباً و مع ذلك حافظ على سرعتها بنحو 22 عقدة و في حوالي الساعة 9:40 مساءً أرسلت السفينة “الميسبا” تحذيرًا من وجود حقل جليدي و لكن لم يتم نقل الرسالة إلى “تيتانيك” و في الساعة 10:55 مساءً أرسلت السفينة ” كاليفورنيا” القريبة منها رسالة مفادها أنها توقفت بعد أن أصبحت محاطة بالجليد ليقوم ” فيليبس ” الذي كان مشغولا بإرسال و استقبال رسائل الركاب بتوبيخ “كاليفورنيا” لمقاطعته عن عمله .

و تمركز اثنان من المراقبين و هم “فريدريك فليت” و “ريجينالد لي” فى أماكن المراقبة المخصصة فى السفينة تيتانيك حيث كانت مهمتهم صعبة بسبب حقيقة أن أجواء المحيط لم تكن تساعد فى اكتشاف الجبل الجليدي المزعوم و لكن في حوالي الساعة 11:40 مساءً و على بعد 740 كم من جنوب نيوفاوندلاند فى “كندا” شوهد جبل جليدي و تم إخطار غرفة التحكم و أمر الضابط الأول “ويليام مردوخ” بالقيام بمناورة و بدأت تيتانيك في الدوران و كانت قريبة جدًا من تجنب الاصطدام و لكن أصطدم الجبل بالجانب الأيمن للسفينة على طول الجبل الجليدي و تمزق ما لا يقل عن خمسة من حجيراتها التي يُفترض أنها مانعة لتسرب الماء باتجاه القوس حيث بدأ يحدث تسرب للمياه فى الأجزاء الممزقة و المثير فى الأمر أن خبراء السفن و الملاحة قالوا أن السفينة كان من الممكن ان تنجو فى حال انها اصطدمت بجبل الجليد وجها لوجه و ليس بجانبها كما حدث .

و مع تفاقم الوضع أمر القبطان “سميث” ظابط الاتصال “فيليبس” بالبدء في إرسال إشارات استغاثة و وصلت إحداها إلى السفينة “كارباثيا” في حوالي الساعة 12:20 صباحًا في يوم 15 أبريل كما اتجهت السفينة “كونارد” أيضا على الفور نحو موقع السفينة المنكوبة و مع ذلك كانت “كارباثيا” هى الأقرب حيث كانت على بعد حوالي 107 كم عندما تلقت الإشارة و كانت ستستغرق للوصول إلى السفينة تيتانيك أكثر من ثلاث ساعات كما استجابت سفن أخرى أيضًا بما في ذلك الأولمبية لكن جميعها كانوا بعيدين جدًا و شوهدت سفينة في مكان قريب أيضا لكن “تيتانيك” لم تتمكن من الاتصال بها كما كانت “كاليفورنيا” في الجوار لكن لسوء حظهم تم إيقاف تشغيل اللاسلكي بها ليلا.

و بالتزامن مع محاولات الاتصال بالسفن القريبة بدأ إنزال قوارب النجاة فى المياه و كانت الأوامر هى انزال النساء و الأطفال أولاً و على الرغم من أن عدد قوارب النجاة على متن السفينة تيتانيك تجاوز العدد المطلوب من قبل مجلس التجارة البريطاني إلا أن قواربها العشرين كان لا يمكن لها أن يحملوا سوى 1178 شخصًا فقط و رغم ذلك و نتيجة الارتباك و بعض من المشاكل الفنية و الاهمال فى تجارب الأمان قبل اقلاع السفينة لم يتم سوى إنقاذ 705 أشخاص فقط في قوارب النجاة و بينما كان الركاب ينتظرون دورهم لركوبها كان الموسيقيين العاملين على السفينة مستمرون فى العزف بداية في صالة الدرجة الأولى قبل أن ينتقلوا في النهاية إلى سطح السفينة و تختلف المصادر حول مدة أدائهم حيث أفاد البعض أنه كان حتى قبل وقت قصير من غرق السفينة كما أحاطت التكهنات أيضًا بطبيعة الأغنية الأخيرة التي أدوها و التى كانت على الأرجح إما الخريف أو بالقرب من إلهي و للأسف لم ينجو أي من الموسيقيين من الغرق .

و بحلول الساعة 1:00 صباحًا ، شوهد الماء و هو يقترب من سطح السفينة و وسط الذعر المتزايد حاول العديد من الركاب الذكور ركوب قارب النجاة رقم 14 مما تسبب في قيام الضابط الخامس “هارولد لوي” بإطلاق النار من بندقيته ثلاث مرات و في هذا الوقت تقريبًا عكست نداءات الاستغاثة التي أطلقها “فيليبس” اليأس المتزايد حيث أشار فى واحدة منها إلى أن السفينة لا يمكن أن تدوم لفترة أطول و مع استمرار قوس تيتانيك في الغرق بدأت المؤخرة في الارتفاع من الماء مما وضع ضغطًا لا يُصدق على القسم الأوسط. و في حوالي الساعة 2:00 صباحًا كانت مراوح المؤخرة مرئية بوضوح فوق الماء و قوارب النجاة الوحيدة المتبقية على السفينة عبارة عن ثلاثة قوارب قابلة للانهيار و أطلق القبطان “سميث” الحرية الى طاقمه قائلاً كل شخص يعتني بنفسه و بعدها أختفى و لم يتم العثور على جثته مطلقًا و في حوالي الساعة 2:18 صباحًا انطفأت الأضواء على السفينة تيتانيك ثم انكسرت إلى قسمين و بدأت فى الغرق الفعلي حيث ارتفع القسمين ليصبحان عموديين و يبدأن فى الغرق الى أسفل المياه فى هبوط نهائي و يُزعم أن ضغط الماء تسبب في انفجار القسم الخلفى الذي كان لا يزال به هواء بداخله أثناء غرقه .

غرق تيتانيك

و من جانبهم ذهب المئات من الركاب و أفراد الطاقم الموجودين على قوارب النجاة إلى المياه الجليدية خوفا من سحبهم وراء السفينة تيتانيك و تأخر أولئك الموجودين في قوارب النجاة في العودة لالتقاط الناجين و بحلول الوقت الذي قاموا فيه بالتجديف و العودة كان جميع الأشخاص الموجودين في الماء تقريبًا قد ماتوا غرقا أو من البرد و في النهاية قتل أكثر من 1500 شخص و بصرف النظر عن الطاقم الذي كان لديه حوالي 700 حالة وفاة عانت الدرجة الثالثة من أكبر خسارة فى الأرواح بمعدل حوالي 710 ضحيه حيث نجا منهم حوالي 174 فقط و كان هناك بعض من الادعاءات اللاحقة بأنه تم منع ركاب الدرجة الثالثة من ركوب القوارب و لكن تم تفنيدها إلى حد كبير حيث لم يدرك ركاب الدرجة الثالثة خطورة الموقف إلا بعد فوات الأوان كما أن العديد من النساء أيضًا رفضوا ترك أزواجهن و أبنائهم و نتيجة صعوبة التنقل من المستويات الدنيا داخل السفينة فقد تسبب ذلك في وصول البعض إلى السطح العلوي بعد إطلاق معظم قوارب النجاة بالفعل .

الإنقاذ

انقاذ كابارثيا لمنكوبى تيتانيك

وصلت السفينة ” كارباثيا ” إلى المنطقة حوالي الساعة 3:30 صباحًا أى بعد أكثر من ساعة من غرق السفينة تيتانيك و كان قارب النجاة رقم 2 أول من وصل إلى الخطوط الملاحية المنتظمة و خلال الساعات العديدة التالية التقطت “كارباثيا” جميع الناجين و كتب ” إسماي ” رئيس مجلس إدارة الشركة الذى تم انقاذه رسالة نصها : “نأسف بشدة لغرق تيتانيك هذا الصباح في الخامس عشر من أبريل بعد اصطدامها بجبل جليدي مما أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح و مزيد من التفاصيل لاحقًا ” و في حوالي الساعة 8:30 صباحًا وصلت السفينة ” كالفورنيا ” بعد أن سمعت الأخبار قبل حوالي ثلاث ساعات و قبل الساعة 9:00 صباحًا بوقت قصير توجهت ” كارباثيا ” إلى مدينة “نيويورك” حيث وصلت و كان فى استقبالها حشود ضخمة في يوم 18 أبريل .

التداعيات و التحقيق فى كارثة السفينة تيتانيك

على الرغم من أن غالبية الضحايا كانوا من أفراد الطاقم و ركاب الدرجة الثالثة الا انه أيضا فقدت العديد من العائلات الأكثر ثراءً من بينهم “إيزيدور و إيدا ستراوس ” و “جون جاكوب أستور” و لعل أسماء ركابها البارزين هو ما زاد من مأساة غرقها و ساهم فى نسج الأساطير حول ما حدث و حول من ماتوا و من عاشوا كما تم تحديد أبطال ذلك الحادث و بطلاته مثل الأمريكية “مولي براون” التي ساعدت في قيادة قارب نجاة و النقيب “آرثر هنري روسترون” و الذى كان أحد أفراد طاقم السفينة “كارباثيا” و ساهم فى عمليات الإنقاذ حيث احتفت بهم الصحافة و نالوا اشادات من جميع اطياف المجتمع و فى المقابل تم تشويه سمعة آخرين لا سيما “إسماي” الذي وجد مكانًا في قارب نجاة و نجا بالفعل .

و لمحاولة معرفة المزيد حول ذلك الحادث أجريت تحقيقات في الولايات المتحدة و بريطانيا العظمى .

التحقيق الامريكي فى غرق السفينة تيتانيك

قاد التحقيق الأمريكي الذي استمر من 19 أبريل و حتى 25 مايو 1912 السيناتور “ويليام ألدن سميث” حيث تمت مقابلة أكثر من 80 شخصًا و من بين الشهود البارزين الضابط الثاني “تشارلز لايتولر” و هو أكبر ضابط رتبة نجا من الحادث و الذى دافع عن تصرفات رؤسائه و خاصة رفض القبطان “سميث” لخفض سرعة السفينة و شهد العديد من الركاب على الارتباك العام الذى طال تيتانيك و بانه لم يتم إطلاق تحذير عام مما تسبب في عدم وعي عدد من الركاب و حتى بعض من أفراد الطاقم بالخطر المحدق بهم لبعض من الوقت كما أنه لم يتم إجراء تدريب مجدول على أى قارب نجاة مطلقًا مما جعل إنزال القوارب عشوائيًا في كثير من الأحيان .

و ربما كانت الشهادة الأكثر دقة هى التى جائت من طاقم السفينة “كاليفورنيا” الذين قالوا أنهم كانوا على بعد حوالي 37 كم من السفينة تيتانيك و شاهدها أفراد الطاقم و ذكروا أيضًا أن الجهود المبذولة للاتصال بهم بواسطة مصباح مورس باءت بالفشل و أبلغ الطاقم النقيب “ستانلي لورد” و لكنه بدلاً من أن يأمر مشغل اللاسلكي للسفينة بتشغيل الراديو لمعرفة ما يحدث طلب بدلاً من ذلك الاستمرار في استخدام مصباح مورس و بحلول الساعة 2:00 صباحًا أبحرت سفينتهم بعيدًا و في النهاية ألقى التحقيق الأمريكي باللوم على مجلس التجارة البريطاني نتيجة تهاونه الى حد كبير في التنظيم و التفتيش اضافة الى فشل الكابتن “سميث” في إبطاء سرعة تيتانيك بعد تلقي تحذيرات من وجود جبل جليدي و كانت أقوى الانتقادات هى التى وجهت إلى قبطان السفينة “كاليفورنيا” بعد أن تأكدت اللجنة من أنها كانت هى الأقرب إلى “تيتانيك” و أن ضباطها و طاقمها شاهدوا إشارات الاستغاثة من “تيتانيك” و فشلوا في الاستجابة لها وفقًا لإملاءات الإنسانية و الاستخدام الدولي و متطلبات القانون .

التحقيق البريطاني فى غرق السفينة تيتانيك

في مايو عام 1912 بدأ التحقيق البريطاني و كان يشرف عليه مجلس التجارة و هي نفس الوكالة التي القى المحققين الأمريكيين اللوم عليها بسبب عدم كفاية متطلبات قوارب النجاة و كان القاضي الذي يترأس الجلسة هو السير “جون تشارلز بيجهام” و اللورد “ميرسي” و ذكر التقرير النهائي أن فقدان السفينة المذكورة كان بسبب الاصطدام بجبل جليدي نتيجة السرعة المفرطة التي كانت السفينة تيتانيك تبحر بها و مع ذلك ذكر “ميرسي” أيضًا أنه لم يكن قادرًا على إلقاء اللوم على الكابتن “سميث” حيث كان يفعل فقط ما كان سيفعله رجال مهرة آخرون في نفس الموقف و تم توجيه اللوم أيضا الى السفينة ” كالفورنيا ” حيث قال المحققين البريطانيين أنها كانت على بعد يتراوح ما بين 9-19 كم من تيتانيك و أنها ربما كان بإمكانها انقاذ العديد من الأرواح التي فقدت إن لم يكن كلها .

و فى المجمل اقترحت التحقيقات الأمريكية و البريطانية العديد من توصيات السلامة و في عام 1913 عُقد المؤتمر الدولي الأول لسلامة الحياة في البحر في “لندن” ليضع القواعد التي تتطلب أن يكون لكل سفينة مساحة لقارب نجاة لكل شخص يركبها و أن يتم إجراء تدريبات على قوارب النجاة لكل رحلة و لأن السفينة “كاليفورنيا” لم تسمع إشارات الاستغاثة من “تيتانيك” فإنه يجب على السفن ان تشغل أجهزة اللاسلكي على مدار 24 ساعة كما تم إنشاء دورية الجليد الدولية لتحذير السفن من الجبال الجليدية في الممرات الملاحية لشمال الأطلسي و لتكسير الجليد فى طريقها .

ذكرى الحادث و إرثه

أطلال السفينة تيتانيك

في غضون أيام من غرق السفينة تيتانيك بدأ الحديث عن العثور على بعض من حطامها و مع ذلك و نظرًا لمحدودية التكنولوجيا لم يتم القيام بمحاولات جادة حتى النصف الثاني من القرن العشرين و في أغسطس عام 1985 قاد “روبرت بالارد” حملة أمريكية فرنسية على متن سفينة الأبحاث التابعة للبحرية الأمريكية “كنور” حيث كانت المهمة جزئيًا وسيلة لاختبار غواصة طولها 5 أمتار اطلق عليها اسم ” أرجو ” و المزودة بكاميرا يتم التحكم فيها عن بُعد و يمكنها نقل الصور الحية إلى الشاشة حيث تم إرسال الغواصة على بعد حوالي 4000 متر إلى قاع المحيط الأطلسي و إرسال الفيديو إلى “كنور” و في 1 سبتمبر 1985 تم تسجيل أول صور تحت الماء الخاصة بتيتانيك عندما تم اكتشاف غلاياتها العملاقة و أظهر مقطع فيديو لاحق السفينة و هى مستلقية فى قاع المحيط على قطعتين و كان من السهل التعرف على قوسها كما أصيب الجزء الخلفي بأضرار بالغة و بحلول عام 2019 بدء حطامها من التدهور و اختفى منه عدد من السمات البارزة مثل حوض الاستحمام الخاص بالقبطان .

أقرأ أيضا : 12 قصة إنسانيه لشخصيات حقيقيه ظهرت من خلال أحداث فيلم تيتانيك

و حولت التفسيرات و التحليلات التي لا حصر لها لكارثة السفينة تيتانيك إلى أيقونة و ذكرى فبالإضافة إلى كونها موضوعًا للعديد من الكتب ألهم ذلك الحادث العديد من الأفلام لا سيما فيلم A Night to Remember (1958) و فيلم المخرج الشهير ” جيمس كاميرون ” الذى حمل اسم ” تيتانيك ” و الذى انتج عام 1997 كما شكلت القطع الأثرية من السفينة معرض ناجح للغاية قام بجولة حول العالم رغم معارضات الكثيرين بسبب رفضهم انتزاع تلك العناصر من السفينة ليصبح الامر قضية مثيرة للجدل الى حد كبير و معقدة بسبب حقيقة ان الحطام يقع فى المياه الدولية و بالتالى فهو خارج الولاية القضائية لسلطة أى دولة و حاليا يتم استغلال الحطام الموجود فى الأنشطة التجارية و السياحية من خلال جلب العديد من السياح لزيارة تايتنيك و هى أسفل قاع المحيط .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *