قصة أشهر فضيحة غش فى تاريخ الأولمبياد بعد مشاركة فريق للأصحاء ببطولة للمعاقين في أولمبياد سيدني

يمتلئ تاريخ بطولة الألعاب الأوليمبية بالكثير من الأحداث الدرامية الرائعة التى تتنوع ما بين فرحة الإنتصار على المنافس و التتويج بالميداليات و تحطيم الأرقام القياسية الى مرارة الخسارة و الإنكسار و بجانب كل ذلك فلا تخلو الأولمبياد من وجود العديد من فضائح الغش التى يقوم بها اللاعبين أو دولهم و التى للأسف وصلت الى الألعاب البارالمبية التي تأسست عام 1960 و المخصصة للرياضيين ذوي الإحتياجات الخاصة و التى كان أكثرها شهرة هو ما حدث خلال أولمبياد سيدني عام 2000 بعد فوز فريق كرة السلة الإسباني للمعاقين ذهنيًا بالميدالية الذهبية ثم تبين لاحقا أن اثنين فقط من الفريق المكون من 12 لاعباً هم من يعانون من إعاقة فعلية لدرجة أن وصفها البعض بأنها أشهر فضيحة غش فى تاريخ الأولمبياد إن لم تكن فى تاريخ الرياضة كلها .

بدأت قصة تلك الفضيحة حين استضافت دورة الألعاب البارالمبية عام 2000 و المقامة بمدينة ” سيدني ” فى ” استراليا ” بطولة جديدة لكرة السلة تكون بجوار التقليدية التى تمارس على الكراسى المتحركة و لكنها مخصصة للمعاقين ذهنياً فقط و حددت اللجنة البارالمبية أن من له الحق بالمشاركة فى تلك المسابقة هو من يكون حاصله الفكرى (IQ) لا يتجاوز 70 و أقيمت أول بطولة كرة سلة للرجال في أكتوبر و تميزت بالأداء الرائع لمنتخب “إسبانيا” الذي انتصر في جميع مبارياته بما لا يقل عن 15 نقطة حتى أنه سحق منتخب ” روسيا ” فى المباراة النهائية بنتيجة (87-63) على الرغم من أنه كان المرشح الأول للفوز بالميدالية الذهبية و هو أمر أثار الكثير من الشكوك لدى البعض أحدهم كان “برادلي لي” أحد أعضاء الفريق الأسترالي في هذه البطولة الذى صرح بأنه و زملائه كانوا يشكون فى ذلك لأنه كان فريق مختلفا عن الأخرين و هو ما ولد لديهم مخاوف بأن هناك شئ خاطئ يحدث لكنهم لم يبوحوا به لأنه لم يكن معهم أدلة فى ذلك الوقت .

و في اليوم الذي تلا فوزهم حظي أبطال أولمبياد سيدني للمعاقين بشرف الظهور في “ماركا” و هى إحدى المجلات الرياضية الإسبانية الشهيرة حيث تصدرت صورهم و هم يرتدون الميداليات الذهبية فى أعناقهم و لكن بعد النشر تلقى فريق التحرير عدة رسائل من القراء يزعمون بأنهم تعرفوا على بعض اللاعبين منهم و ليس لديهم إعاقات ذهنية و بإجراء مزيد من التحرى تم الكشف عن الخداع أخيرًا في نوفمبر من نفس العام عندما تحدث أحد لاعبي الفريق الفائز و هو “كارلوس ريباجوردا” بشكل علنى و كشف أنه كان صحفيًا و انضم إلى الفريق عام 1999 و لم يكن يعاني من أي إعاقة ذهنية و الأسوأ من ذلك حين أكد أن ما مجموعه عشرة لاعبين (من أصل اثني عشر) في الفريق الإسباني قد زيفوا شهادات إعاقة ذهنية للمشاركة في المسابقة و وفقا له فإن هذا الغش المخزي كان لأن الاختبارات لم تكن صارمة للغاية حيث كان الفحص الطبي ينحصر على قياس ضغط الدم بعد القيام بستة تمارين ضغط و خلال رحلة مبارياتهم فى أولمبياد سيدني تظاهر معظم اللاعبين بأنهم يعانون من إعاقات ذهنية حيث أدى ذلك لوقوعهم فى العديد من المواقف المحرجة حتى خلال المباريات حيث قال أنه في النصف الثاني من أول مباراة لهم سجلوا 30 نقطة بسهولة ليطلب منهم المدرب أن يخفضوا نشاطهم قليلا و الا سيتم افتضاح أمرهم و ذهب ” ريباجوردا” إلى أبعد من ذلك في اتهاماته و أكد أيضًا أن ما لا يقل عن خمسة رياضيين آخرين من الوفد الإسباني بالإضافة إلى العديد من الرياضيين التابعين لدول أخرى و شاركوا في أولمبياد سيدني للمعاقين في الواقع ليس لديهم إعاقة ذهنية أو جسدية .

و بطبيعة الحال كان من الضرورى أن يتم التحقق فى ذلك الأمر من قبل المسئوليين الرياضيين الإسبان حيث قامت اللجنة البارالمبية الإسبانية بفتح تحقيقًا سريعًا كانت نتيجته صادمه بأنه بالفعل كان يوجد عشرة من الحاصلين على الميداليات الذهبية الاثني عشر يتجاوز معدل ذكائهم 70 و هو الأمر الذى أجبر إسبانيا على اعادة الميداليات و تقديم المسؤولين عن الفضيحة إلى العدالة و أخيرًا في عام 2013 تم الإعلان عن الحكم ببراءة 18 متهم و إدانة شخص واحد و هو “فرناندو مارتن فيسينتي” رئيس الاتحاد الرياضي الإسباني للمعاقين ذهنيًا وقت وقوع الأحداث من خلال إلزامه بدفع غرامة قدرها 5400 يورو بتهمة “الاحتيال والأكاذيب” و سداد مبلغ 143 ألف يورو كان قد حصل عليها من الدولة الإسبانية كدعم للرياضيين البارالمبيين في دورة ألعاب سيدني حيث أعترف خلال محاكمته أنه لم يستغل سوى ثغرة تنظيمية و هى أنه من السهل التظاهر بأن ذكاءك منخفض .

كارلوس ريباجوردا ( فى المنتصف )

أقرأ أيضا : كارلوس كايزر .. لاعب كرة القدم الأسطورى الذى على مدار حياته المهنيه لم يلعب مباراة أو يحرز هدف

و نتيجة تلك الثغرة قررت اللجنة البارالمبية الدولية (IPC) منع الأشخاص المعوقين عقليًا من المشاركة في الألعاب حيث كان لذلك القرار عواقب وخيمة على أصحاب المصلحة الرئيسيين أي الرياضيين الذين يعانون حقًا من إعاقة ذهنية و هو ما مثل صدمة كبيرة اليهم فبعد أن كانوا أبطالا و يشاركون فى البطولات الدوليه تفاجئوا بأن يتم طردهم من تلك المشاركات ببساطة و تدمير حياتهم الرياضية و لحسن الحظ عادوا للمشاركة مجددا فى دورة الألعاب البارالمبية في لندن عام 2012 حين اقتنعت اللجنة البارالمبية الدولية بتطور أساليب اكتشاف الإعاقات العقلية مما يسهل من مشاركة المستحقين فيها .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *