فى عام 1931 و بعد نجاح فيلم الرعب الشهير دراكيولا حصل مخرجه الأمريكى تود بروانينج على الضوء الأخضر من شركة انتاج مترو جولدن ماير لاخراج احد أفلام المرعبة الأخرى التى تتمحور قصتها حول مفهوم الانتقام من خلال أحداث تقع بداخل سيرك متنقل و لأن المحافظة على القمة أصعب بكثير من الوصول اليها فقد مثل نجاح فيلمه السابق تحديا كبيرا له خلال تصوير ذلك الفيلم بشكل دفعه الى اتخاذ بعض من الأشياء الغير مألوفه خلال اخراجه و بمجرد الانتهاء منه و عرضه فى دور السينما تحت اسم ” مشوهين ” أو Freaks أصيب الجمهور من خلال مشاهدته بالهلع و الاشمئزاز و رغم ان البعض يعتبره فى وقتنا الراهن واحدا من الأفلام الكلاسيكية الشهيرة الا أن الأخرين ينظرون اليه باعتباره واحدا من أسوء الأفلام التى انتجت فى تاريخ السينما العالميه .

ترجع قصة ذلك الفيلم الى ما قبل انتاجه بعدة سنوات و تحديدا عام 1925 حيث كان مجرد مشروعا فى طور التكوين بعد أن أخرج ” تود بروانينج ” عددا من الأفلام الصامته أشهرها فيلم ” The Unholy Three ” الذى استند على قصة قصيره حول مجرم قزم يقوم بالاحتيال من خلال الظهور كطفل رضيع حيث قام بأداء ذلك الدور الممثل قصير القامة ” هارى ايرلز ” و نظرا لنجاحه و تعطشه الى المزيد من الأدوار السينمائيه جلب قصة قصيرة أخرى الى المخرج تحت اسم ” توتنهام ” تتحدث حول اثنين من فنانى السيرك الذين يحاولون استغلال قزم ثرى حيث كانت قصة رائعه تحمس لها المخرج ” بروانينج ” و أقنع شركة انتاج “مترو جولدن ماير” بشراء حقوقها و رغم انشغال ” بروانينج ” فى اخراج أفلام أخرى لحساب شركة انتاج ” يونيفرسال ” و التى منها فيلم “دراكيولا” الشهير الذى لاقى نجاحا كبيرا لدى الجمهور الا أن شغفه بقصة ” توتنهام ” لم ينقطع و بعد أن عاد مجددا للتعاون مع شركة ” مترو جولدن ماير ” اراد القائمين عليها استغلال نجاح اسم ” براونينج ” فى عالم أفلام الرعب بانتاج فيلم اخر أكثر رعبا من ” دراكيولا ” لذلك فقط أعطت الضوء الأخضر لانتاج فيلم Freaks المستند على تلك القصه .

و خلال التحضير لانتاج Freaks سعى ” تود بروانينج ” أن يكون شديد الواقعيه لذلك قرر الاستعانه بأبطال سيرك حقيقين من الذين يمتلكون اعاقات و تشوهات و يظهرون بها خلال عروضهم اليوميه بالاضافة بالطبع الى الممثل القزم ” هارى ايرلز ” الذى سيقوم بدور الثرى المستغل ” هانز ” كما نجح المخرج ايضا فى اقناع اخته القزمة “ديزي” لتلعب دور خطيبته “فريدا” اما بالنسبة لبقية الشخصيات فقد قام “بن بيازا” المسئول عن اختيار الممثلين بقضاء شهرا كاملا يتنقل عبر البلاد لمتابعة عروض السيرك المختلفه و اختيار أفضل العناصر مع اجراء العديد من الاختبارات لهم حيث تم اختيار ممثلين نالوا شهرة كبيرة بعد ذلك الفيلم مثل ” جونى ايك ” الذى كان بنصف جسد و ” جوزفين جوزيف ” التى كانت نصف رجل و نصف امرأه و ” الامير رانديان ” الذى كان بدون أطراف و ” اولجا رودريك ” أو الفتاة ذات اللحيه و القزم “أنجيلو روسيتو” الذي واصل العمل في التمثيل بعد ذلك الفيلم لأكثر من خمسة عقود و ” شليتز ” صاحب الرأس الغريبه و الذى كان الفنان الأكثر تميزًا بذلك الفيلم أما بالنسبة لباقى الممثلين العاديين فالامر لم يكن شاقا للوصول اليهم و لكن كان صعبا فى محاولة اقناعهم بقبول ادوراهم حيث وقع الاختيار على الممثله “ميرنا لوي” للقيام بدور فنانة التأرجح “كليوباترا” و كانت آنذاك لا تزال نجمة صاعدة و وقعت مؤخرًا على عقد للتعاون مع “مترو جولدن ماير” الا أنه بمجرد قرائتها للسيناريو شعرت بالرعب الشديد و توسلت ألا تقوم بالتمثيل فى ذلك الفيلم ليذهب الدور إلى “أولجا باكلانوفا” و هي فنانة سابقة عملت في مسرح موسكو للفنون و شاركت في بطولة عددا من الأفلام أما دور مدربة الفقمة “فينوس” فقد أراد “براوننج” أن تكون الممثله “جان هارلو” و التى تم الإعلان عنها فى الصحافه كأحد نجوم الفيلم بالقرب من بداية الإنتاج الا أنه تم تغييرها لاحقا ليذهب الدور إلى “ليلى هيامز” .

و خلال تصوير Freaks كان من الواضح أن إصرار “براوننج” على اختيار فنانين سيرك حقيقيين قد أتى ثماره بصريًا بشكل جعل تجربة تلك الفيلم لا تُنسى بالاضافة الى أنه ساعد فى إضفاء طابع إنساني على مختلف تلك الشخصيات رغم أنهم لم يكونوا ممثلين محترفين و كان بعضهم يحتاج إلى عناية خاصة و صبر شديد بسبب ضعف امكانيتهم و قدراتهم الجسدية أو العقليه أثر ضغوط العمل عليهم مع “براوننج” و رغم كل تلك الصعوبات الا انه كانت توجد مشكلة أخرى تتعلق بملاقاة أولئك الممثلين رفضا كبيرا من قبل العديد من العاملين فى شركة ” مترو جولدن ماير ” و الذى قيل انهم كانوا يشعرون بالاشمئزاز من وجودهم في الاستوديو لدرجة أن مالكه “لويس ماير” قد صُدم من رؤيتهم و أراد انهاء ذلك العمل الا انه تراجع نتيجة الميزانيه التى صرفت و من أجل محاولة التهدئة بين فرق العمل و عدم حدوث اى صدامات بينهم فى الكواليس تم الفصل بينهم حيث يقبع فريق التمثيل الطبيعى بما في ذلك هاري و ديزي إيرلز القزمين و التوأمان الملتصقان “فيوليت وديزي هيلتون” فى غرفة تابعة للاستوديو بينما بقية الممثلين الأخرين يقيمون بخيمة فى الخارج و وفقًا لإحدى القصص فأن “سكوت فيتزجيرالد” و هو كاتب سيناريو يتعاون مع شركة ” مترو جولدن ماير ” دخل إلى غرفة الممثلين وشاهد التوأمتان “هيلتون” الملتصقان و من هول ما رأه هرب من المكان للتقيؤ .

و انتهى تصوير Freaks و بدء تجهيزه للعرض فى السينمات حيث كان العرض الأول فى سينما فوكس بمدينة “سان دييجو” في يناير عام 1932 و الذى لاقى ردود أفعال سريعة و عنيفه من قبل الجمهور حيث ركضت إحدى النساء و هي تصرخ خارجة من قاعة السينما أثناء عرض الفيلم بينما هددت امراة أخرى بمقاضاة شركة الانتاج بدعوى أن الفيلم كان مروعًا للغاية لدرجة أنه تسبب في إجهاضها و لا يزال من غير الواضح عما إذا كانت هذه القصص حقيقيه أم مختلقه بواسطة شركة الانتاج للدعاية للفيلم الذى وصفه أحد النقاد بعد مشاهدة العرض الأول منه بأنه صور بشكل مروّع لاشباع رغبات المهووسين الذين يستمتعون بالنظر الى الإنسانية المشوهة , و نظرا للهجوم الشديد على الفيلم اضطر صناعه الى التحرك من أجل انقاذه عبر تأجيل عرضه من 30 يناير الى 20 فبراير بغرض إجراء تغييرات فيه بحذف بعض من المشاهد العنيفة و المخيفه و اضفاء مزيدًا من الإنسانية على الابطال المشوهين مع تغيير النهاية لكى تكون سعيده عبر إحضار “فريدا” إلى قصر “هانز” من أجل لم الشمل و المصالحة حيث كانت تلك التعديلات مقبولة الى حد ما بعكس النسخة الأصليه و التى لا تزال تحتفظ بها سينما فوكس في سان دييجو و التى تعتبر المكان الوحيد الذي يمكن للجمهور أن يشاهد النسخة الأصلية من الفيلم بها .

أقرأ أيضا : تعرف على فيلم زئير المصنف بأنه أخطر فيلم تم تصويره عبر التاريخ

و رغم مواجهة الفيلم لردود فعل سلبيه من قبل الجمهور و النقاد خلال اصداره الأول الا انه عرض فى جميع أنحاء البلاد في الأشهر الأولى من عام 1932 و حقق نجاحات بشباك التذاكر في بعض المدن الكبرى و حظى ببعض المراجعات الإيجابية الا أنه تأخر عرضه في نيويورك لعدة أشهر وعندما وصل أخيرًا في صيف عام 1932 لقى فشلا ذريعا و تم سحبه من دور العرض و و كانت المحصلة النهائية له هو تحقيقه خسارة بلغت 164 ألف دولار من مجموع ميزانيته البالغة 316 ألف دولار و حدوث فشل كبير لمخرجه ” تود بروانينج ” الذى أصبح الاقبال عليه لاحقا فى اخراج الأفلام قليلا للغايه .

و لم يكتفى Freaks بفشله على الأراضى الامريكيه و لكن تم حظره فى العديد من البلدان الأخرى بما فيهم المملكة المتحدة لفترة استمرت لعقود و بدأ فى الاختفاء من ذاكرة السينما الى أن اعيد احياءه مرة أخرى خلال مهرجان “كان” عام 1962 و بدء يظهر له العديد من المدافعين عنه الذين قالوا انه من حق ذوى الاعاقة ايضا من اظهار مواهبهم و ضرورة تشجيعهم و ليس ترويعهم بالاراء السلبيه .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *