مجرة أندروميدا

مجرة أندروميدا هي أقرب مجرة ​​حلزونية كبيرة لمجرتنا درب التبانة و باستثناء سحابة ماجلان الكبيرة و الصغيرة التى يمكن رؤيتها من نصف الكرة الجنوبي للأرض فإن أندروميدا هي ألمع مجرة ​​خارجية و واحدة من القلائل التى يمكن رؤيتها بالعين المجردة من الأرض في الليالي الخالية من القمر و سميت بذلك الاسم نسبة الى الأميرة الفينيقية التي كانت زوجة البطل الإغريقى بيرسيوس في الأساطير اليونانية و يطلق عليها علماء الفلك أحيانا اسم رمزى ميسير 31 أو M31 الذى يرمز الى ترتيبها في القائمة الشهيرة للأجسام الضبابية المكونة من مجموعات نجمية أو غيوم غازية في مجرتنا و التي جمعها عالم الفلك الفرنسي تشارلز ميسير و يتابعها حاليا علماء الفلك الهواة من خلال التلسكوبات و المناظير مع وجود أستثناء واحد و هو أن أندروميدا مجرة مستقلة بذاتها و يتوقع أن تصطدم بمجرتنا في غضون 4 الى 5 مليارات سنة ليندمجان معا لتشكيل مجرة ​​إهليلجية عملاقة .

و بدأت ملاحظة مجرة أندروميدا عام 964 ميلادية بعد أن وصفها عالم الفلك الفارسي “عبد الرحمن الصوفي” في كتابه للنجوم الثابتة على أنها “سحابة صغيرة” و في عام 1612 قدم عالم الفلك الألماني “سيمون ماريوس” وصفًا مبكرًا لها بناءً على الملاحظات التلسكوبية و في عام 1764 قام “تشارلز ميسيير” بفهرسة أندروميدا تحت رمز M31 فى قائمته للأجسام الضبابية حيث كان يعتقد قديما أن تلك المجرة تسمى سديم أندروميدا العظيم و أن هذه الرقعة من الضوء تتكون من غازات متوهجة أو نظامًا شمسيًا في طور التكوين داخل مجرة درب التبانة و بعدها حدث جدال حول ما إذا كان ذلك السديم الحلزوني مع سدم أخرى تقع داخل مجرتنا أو خارجها الى أن جائت فترة عشرينيات القرن الماضى حين قام العالم الفلكى “إدوين هابل” أخيرًا بحسم ذلك الأمر بتأكيده على أن مجرة أندروميدا تقع خارج حدود درب التبانة .

أين تقع مجرة أندروميدا ؟

تقع مجرة أندروميدا فى المجموعة المحلية الموجودة على مشارف مجموعة عملاقة مكونة من عدة آلاف من المجرات و يسميها علماء الفلك بالكتلة العذراء حيث تعتبر تلك المجرة هى الأكبر بتلك المجموعة المحلية مع درب التبانة اضافة الى 30 مجرة ​​أخرى أصغر منهم و تشترك كلا المجرتين فى أن لهما حوالي 12 مجرة ​​تابعة تحتوى على كتل كافية لتكوين مليارات النجوم .

و تبعد تلك المجرة حوالي 2.48 مليون سنة ضوئية عن كوكب الأرض و يبلغ قطرها حوالي 220 ألف سنة ضوئية و يعتقد أن حجمها يكافئ تريليوني كتلة شمسية كما تمتلك نواة مجرية نشطة للغاية مع وجود مجموعة كثيفة من النجوم بالقرب من مركزها و يُعتقد أيضًا أنها تتحول من مجرة ​​حلزونية إلى نوع نادر من المجرات يُعرف باسم المجرة الحلقية و يمكن استنتاج ذلك من تداخل الأذرع “المخفية” التي تظهر في ضوء الأشعة تحت الحمراء لتكشف عن بنية حلقية حول نواة المجرة .

كيف تشكلت مجرة أندروميدا ؟

تشكلت مجرة ​​أندروميدا منذ ما يقرب من 10 مليارات سنة من الاصطدام و الاندماج اللاحق للمجرات الأولية الأصغر حيث شكل هذا الاصطدام العنيف معظم هالة المجرة الغنية بالمعادن و القرص الممتد و خلال هذه الحقبة كان معدل تكوين النجوم فيها مرتفعًا جدًا لدرجة أنها أصبحت مجرة ​​مضيئة لما يقرب من 100 مليون سنة و على مدى الملياري سنة الماضية يُعتقد أن تشكل النجوم في جميع أنحاء قرص أندروميدا قد بدء فى الانخفاض إلى نقطة تشبه الخمول نتيجة استهلاك معظم غاز الهيدروجين الموجود بين النجوم .

ما الفارق بين أندروميدا و درب التبانة ؟

رغم أنه توجد أوجه تشابه بين مجرة ​​أندروميدا و درب التبانة الا أنه هناك بعض من الاختلافات الكبيرة جدًا فأندروميدا لديها نجوم أكثر بكثير من درب التبانة ربما يصل عددها الى عشرة أضعاف و رغم ذلك العدد إلا أنها ليست نشطة تقريبًا كما أن العمر الدقيق لمجرة درب التبانة غير معروف و لكن هناك أجزاء منها يشتبه في أن عمرها لا يقل عن 13 مليار سنة لذلك ربما تكون قد بدأت في التشكل في وقت أبكر بكثير من مجرة ​أندروميدا كما أن الثقب الأسود الموجود فى مركز أندروميدا يعتبر أثقل بكثير من ما هو موجود فى مجرتنا .

هل ستصطدم أندروميدا بمجرة درب التبانة ؟

بالنسبة الى مجرة أندروميدا و اصطدامها المستقبلي بمجرتنا فقد تم إجراء المحاولة الأولى لقياس السرعة الشعاعية لأندروميدا من خلال قياس حركتها للأمام أو للخلف على طول خط رؤيتنا عام 1912 و تم الإستنتاج الى أن تلك المجرة كانت تقترب بسرعة 300 كم فى الثانية الواحدة , و في مايو عام 2012 أعلن علماء الفلك في وكالة ناسا أنهم يستطيعون الآن التنبؤ بوقت تصادم المجرات العملاقة بشكل مؤكد فمع بعد المسافة بيننا و بينها و التى تبلغ 2.2 مليون سنة ضوئية ( تعادل السنة الضوئية الواحدة 10 تريليون كيلومتر تقريبا ) فمن المتوقع ان ذلك التصادم سيحدث بعد فترة تتراوح ما بين 4 الى 5 مليارات سنة من الآن و حتى عندما يحين الوقت و تصطدم المجرتين فإنهما لا يصطدمان ببعضها البعض تمامًا و ذلك نظرا لوجود مساحة فراغية كبيرة بهما فإن بعض النجوم المتصادمة تمر عبر بعضها البعض مثل الأشباح و لكن نظرا لتفاعل كلا المجرتين مع الجاذبية فسيندمجان في مجرة أكبر.

متى نبحث عنها ؟

من خطوط العرض الشمالية الوسطى يمكنك رؤية مجرة أندروميدا – M31 – لجزء على الأقل من كل ليلة طوال العام لكن معظم الناس يرون المجرة بوضوح اكثر في بداية شهر أغسطس عندما تكون عالية بما يكفي في السماء بحيث يمكن رؤيتها من المساء حتى الفجر و في أواخر أغسطس و أوائل سبتمبر يكون البحث عن المجرة فى الوقت بين حلول الليل و منتصفه أما فى أواخر سبتمبر و أوائل أكتوبر فتشرق المجرة في السماء الشرقية عند حلول الظلام و تتأرجح عالياً في منتصف الليل ثم تنتقل الى الغرب في بداية فجر الصباح .

و بجانب فصل الصيف فتعتبر أمسيات الشتاء جيدة أيضًا لمشاهدة مجرة ​​أندروميدا و إذا كنت بعيدًا عن أضواء المدينة و كنت تحدق بالنجوم خلال ليلة غير مقمرة في وقت متأخر من الصيف أو الخريف أو الشتاء فمن المحتمل أنك ستلاحظ ببساطة المجرة هناك في سماء الليل و لكن إذا لم تتمكن من رؤيتها بسهولة يمكنك الوصول اليها من خلال توزيع كوكبة النجوم كاسيوبيا .

أقرأ أيضا : أسوء عشرة مشكلات صحية قد يواجهها رائد الفضاء خلال عمله

و نظرًا لأننا لا نستطيع أن نقول على وجه اليقين عما إذا كانت هناك أي نجوم أخرى في مجرتنا تستضيف الحياة فمن الصعب تحديد ما إذا كانت هناك حياة أو على الأقل ظروف الحياة في مجرة أخرى فى ذلك الكون الفسيح و مع ذلك فإن مجرة أندروميدا تشبه إلى حد كبير مجرتنا و نحن نعرف على الأقل نجمًا واحدًا من بين 100 الى 400 مليار نجم في مجرة درب التبانة قادر على دعم الحياة مثل ما يحدث معنا لذلك فهو رهان جيد جدًا أنه من بين تريليون نجم أو نحو ذلك في مجرة أندروميدا يجب أن يكون هناك ما يصل إلى اثني عشر نجمًا تقريبًا بها كواكب حولها قادرة على الحفاظ على الحياة .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *