الكون

الكون هو كل شيء فهو يشمل جميع المساحة التى حولنا و كل ما يحتويه الفضاء من طاقة حتى أنه يشمل الوقت نفسه و بالطبع يشملنا نحن معه و تعتبر الأرض و القمر جزء من الكون و كذلك الكواكب الأخرى مع عشرات الأقمار التابعة لها إلى جانب الكويكبات و المذنبات و تعتبر الشمس التى تدور حولها جميع كواكب المجموعة الشمسية واحدة من بين مئات المليارات من النجوم في مجرة درب التبانة و معظم هذه النجوم لها كواكبها الخاصة و المعروفة باسم الكواكب الخارجية , و تعتبر مجرتنا واحدة من مليارات المجرات في الكون المرئي الذين يُعتقد أن جميعهم لديهم ثقوب سوداء هائلة تقبع فى مراكزها و بجانب كل ذلك فيحتوى الكون أيضا على عناصر أضخم يطلق عليها الظلام و هى حتى اللحظة لا يستطيع علماء الفلك متابعتها .

و على الرغم من أن “الكون” قد يبدو بالنسبة إلينا مكانًا غريبًا إلا أنه ليس بعيدًا عنا , فأينما كنت الآن يبعد عنك أعلى رأسك بمسافة 100 كيلومتر فقط سواء كنت فى النهار أو الليل أو في داخل منزلك أو الهواء الطلق كما أنه أسفلك أيضا على مسافة 12800 كيلومتر على الجانب الآخر من الكرة الأرضية التى يحيط بها الفراغ الذي لا يرحم من جميع الجهات إضافة الى إشعاع الفضاء الخارجي , و في الواقع أنت تقنيًا في الفضاء الآن حيث يقول البشر تعبير مجازى خاطئ بأن ما هو موجود خارج الأرض هو الفضاء كما لو كان كوكبنا منفصل عن بقية الكون لكن فى الواقع أن الأرض بما عليها هو جزء من الفضاء و الفارق فقط أن البيئة المحيطة بكوكبنا مضيافة للحياة بعكس باقى الكواكب الأخرى حيث تعتبر الأرض فقط و حتى اللحظة هي استثناء صغير بالنسبة للبشر و الكائنات الحية التي تعيش عليها لأن الكون بأكمله عمليا هو بيئة معادية للحياة و عديمة الرحمة.

كم يبلغ عمر الكون ؟

صورة تخيلية للانفجار العظيم

يرجح العلماء أن عمر الكون يبلغ حوالي 13.8 مليار سنة و قد توصلوا إلى ذلك الرقم عن طريق قياس أعمار أقدم النجوم و معدل توسع الكون كما قاموا أيضًا بقياس تمدده من خلال ملاحظة انزياح دوبلر في الضوء القادم من المجرات و التى لوحظ أن كلها تقريبًا تبتعد عن بعضها البعض و بسرعات سفر كبيرة و ذلك لأن الجاذبية بينهم تعمل على إبطاء حركة المجرات و يتوقع في المستقبل البعيد أن المجرات ستكون بعيدة جدًا لدرجة أن ضوءها لن يكون مرئيًا من الأرض , و من خلال قياس سرعة المجرات و مسافاتها وجد العلماء أنه إذا تمكنا من العودة بالزمن الى الوراء بعيدًا بما فيه الكفاية أى قبل أن تتشكل المجرات أو تبدأ النجوم في دمج الهيدروجين في الهيليوم فإن مكونات “الكون” كانت ستكون قريبة جدًا من بعضها و ساخنة لدرجة أن الذرات لا تتشكل و الفوتونات الضوئية لم يكن لديها مكان تذهب إليه حيث كان كل شيء سيكون في نفس المكان .

كما أنه من المستحيل الوصول الى المكان الذى حدث فيه الإنفجار العظيم الذى نشأ عنه كل شئ و ولد فيه الكون حيث قبل ذلك الإنفجار لم يكن الكون موجودا و لا الفضاء و لا الوقت الذى يعتبر جزء من الكون و بدأ هو الأخر عقب الانفجار العظيم ليوسع الفضاء من نفسه و من نقطة واحدة التى كانت مركز الإنفجار إلى الكون الهائل الذى تمدد بمرور الوقت .

مما يتكون الكون ؟

صورة ملتقطة بتليسكوب هابل تظهر بعضًا من أبعد المجرات المرئية بالتكنولوجيا الحالية ويتكون كل منها من مليارات النجوم

يحتوى الكون على كل الطاقة و العناصر التى تتكون على شكل ذرات الهيدروجين الفردية و هو أبسط عنصر ذري و مكون من بروتون و إلكترون فقط (إذا كانت الذرة تحتوي أيضًا على نيوترون فإنها تسمى بدلاً من ذلك الديوتيريوم ) و عند تحالف ذرتان أو أكثر تكون عبارة عن جزيء و بإتحاد العديد من تريليونات الذرات معًا يبدء تكون الجسيمات و مع وجود بضعة أطنان من عناصر مضافة أخرى من الكربون و السيليكا و الأكسجين و الجليد و بعض المعادن معًا سيكون لديك كويكب و اذا تم تجميع 333 ألف كتلة أرضية من الهيدروجين و الهيليوم معًا سيكون لديك نجم شبيه بالشمس .

و من أجل سهولة الوصف و التطبيق يصنف البشر كتلًا من المادة الموجودة فى الكون بناءً على سماتها مثل المجرات و العناقيد النجمية و الكواكب و الكواكب القزمة و الكواكب المارقة و الأقمار و الحلقات و المذنبات و النيازك حيث كلها مجموعات مادية تظهر خصائص مختلفة عن بعضها البعض و لكنها تخضع لنفس القوانين الطبيعية .

و مع بدء العلماء في حساب تلك الكتل من المادة الموجودة فى الكون لاحظوا أن مجرتنا “درب التبانة ” تحتوى على 100 مليار نجم على الأقل و يحتوي الكون على 100 مليار مجرة ​​على الأقل و إذا كانت المجرات كلها بنفس الحجم فإن ذلك سيعطينا 10 آلاف مليار مليار من النجوم و لكن يبدو أيضًا أن الكون يحتوي على مجموعة من المادة و الطاقة التي لا يمكننا رؤيتها أو مراقبتها مباشرة حيث تمثل جميع النجوم و الكواكب و المذنبات و الثقوب السوداء و غيرها أقل من 5 % من الأشياء الموجودة به حيث يوجد حوالي 27 % من مكونه عبارة عن مادة مظلمة و 68 % عبارة عن طاقة مظلمة و لم يتم فهم أي منهما حتى الأن و يطلق عليهم العلماء اسم “الظلام” لأنه لا يمكنهم على ما يبدو ملاحظتهم بشكل مباشر على الأقل حتى الأن .

أقرأ أيضا : أسوء عشرة مشكلات صحية قد يواجهها رائد الفضاء خلال عمله

تاريخ فهمه لدى البشر

مع مرور العصور على الإنسان تغيرت مفاهميه لماهية الكون و كيف يعمل و مدى اتساعه فمنذ بدء التاريخ السحيق كان لدى البشر وسائل قليلة أو معدومة لفهم الكون و نتيجة لذلك اعتمدوا على الأساطير و الخرافات لشرح أصول كل شيء و التى ربما عكست اجابات لتساؤلاته حول ذلك الكون أو حتى مخاوفه منه حتى و ان كانت إجابات غير صحيحة .

و قبل عدة قرون عندما بدء الإنسان في معرفة علوم الرياضيات و الكتابة و مبادئ التحقق الجديدة في البحث عن المعرفة تم إستبعاد تلك الأساطير و الخرافات بمرور الوقت خاصة مع بدء الإعتماد على الأدوات العلمية حيث تم الكشف عن الطبيعة الحقيقة للكون فقبل بضع مئات من السنين فقط و عندما بدأ الناس التحقيق بشكل منهجي في طبيعة الأشياء لم يكن مصطلح ” علماء ” موجود حيث كان يُطلق على الباحثين قديما اسم “الفلاسفة الطبيعيين” و منذ ذلك الحين قفزت معرفتنا بالكون إلى الأمام حيث قبل قرن من الزمان فقط لاحظ علماء الفلك لأول مرة مجرات خارج مجرتنا و لم يمر سوى نصف قرن حتى بدأ البشر لأول مرة في إرسال المركبات الفضائية إلى عوالم أخرى.

و خلال وقتنا المعاصر سافرت المسابير الفضائية إلى النظام الشمسي الخارجي و أرسلت الصور الأولى عن قرب للكواكب الخارجية العملاقة و أقمارها التي لا حصر لها كما تحركت المركبات الجوالة على سطح المريخ لأول مرة و بنى البشر محطة فضائية تدور حول الأرض بطاقم دائم إضافة الى أول تلسكوبات فضائية كبيرة قدمت مناظر مذهلة لأجزاء أبعد من الكون أكثر من أي وقت مضى و في أوائل القرن الحادي و العشرين وحده اكتشف علماء الفلك آلاف الكواكب و هى تدور حول نجوم أخرى كما اكتشفوا موجات الجاذبية لأول مرة و أنتجوا أول صورة لثقب أسود و مع التقدم المستمر في التكنولوجيا و المعرفة يستمر البشر في كشف أسرار جديدة من الكون و رغم ذلك الا أنه لا يزال يتعين علينا إرسال المزيد من المسابير الفضائية لأنه لا يزال معظم الكون الذي يمكن معرفته مجهول إلينا رغم أنها مهمة ليست بالسهله حيث يبلغ عمر الكون حوالي 14 مليار سنة و نظامنا الشمسي يبلغ 4.6 مليار سنة و الحياة على الأرض قد تكون موجودة منذ 3.8 مليار سنة و البشر موجودون منذ بضع مئات الآلاف من السنين فقط أى بعبارة أخرى كان عمر الكون أطول بحوالي 56 ألف مرة من وجود جنسنا البشري و وفقًا لهذا المقياس فإن كل ما حدث تقريبًا حدث قبل وجود البشر بفترة طويلة للغاية لذلك فبكل تأكيد لدينا الكثير من الأسئلة التى ينتظر الحصول على إجابات عليها حيث ما نفعله حاليا هو مجرد بداية و الباقى سوف يأتى تباعا .

هل توجد حياة أخرى فى الكون معنا ؟

بينما تزداد معارف البشرية بشكل أوسع عن الكون و تلتقط أدلة لآلاف العوالم فإن السؤال القديم يطاردنا: هل هناك حياة أخرى بها ؟ .. و هو سؤال مشروع تكون الاجابة حوله من شقين أحدهما ايجابى بأننا نعرف أكثر بكثير عن أي أجيال سبقتنا بأن مجرتنا مزدحمة بالكواكب الخارجية نسبة منها صخرية بحجم مماثل لكوكب الأرض و تحتوى على العناصر الضرورية للحياة مثل المياه و مصادر الطاقة اما الشق السلبى فهو أن مراقبة علامات الحياة الميكروبية المحتملة في أجواء تلك الكواكب أمر بعيد المنال حاليًا لأنه لا توجد تكنولوجيا متقدمة للتحقق من ذلك حيث أن التكنولوجيا المتاحة مكونة من تليسكوبات تنحصر مهمتها فى التصوير عن بعد و ارسال النتائج عن طريق الراديو اضافة الى صعوبة وصول المسابير الى تلك الأماكن حتى الأن لمزيد من التحقق .

و بينما تظل فرص العثور على الحياة في مكان آخر غير معروفة فيمكن القول إن الاحتمالات تتحسن حيث توجد قائمة معروفة بالبيانات اللازمة لتحديد الكواكب الحاملة للحياة على الرغم من كونها تخمينية للغاية و تعرف تلك القائمة بإسم ” معادلة دريك ” و التى طرحها عالم الفلك ” فرانك دريك ” عام 1961 الا انه و حتى اللحظة لا تزال تلك القائمة فارغة حيث يقول العلماء فى وكالة ناسا أنه إذا طورنا و أطلقنا تلسكوبًا فضائيًا قويًا بدرجة كافية فيمكننا معرفة ما إذا كانت لدينا حياة متقدمة أو حياة بيولوجية على الكواكب الأخرى .

و فى الوقت الحالى يستخدم العلماء مقياس المنطقة الصالحة للسكن و التى منها يتم تحديد الكواكب التى ربما توجد بها حياة مثل كوكب الأرض و ذلك من خلال اعتبار كل نجم مثل الشمس له منطقة محددة يشع اليه دفئها و بالنسبة للكواكب فإن المنطقة الصالحة للحياة هي الموجودة على مسافة من ذلك النجم بشكل يسمح للماء السائل بالبقاء على سطحه و يوجد له غلاف جوي مناسب ففي نظامنا الشمسي تستقر الأرض بشكل مريح داخل منطقة الشمس الصالحة للسكن و يقع كوكب “الزهرة” الملتهب داخل الحافة الداخلية بينما يقع كوكب “المريخ” بالقرب من الحدود الخارجية و بتحديد المسافة بين الكوكب و بعده عن النجم نفسه بالإضافة إلى حجم النجم و مقدار الطاقة المنبعثة منه يمكنك تقدير ما إذا كان الكوكب يقع داخل المنطقة الصالحة للسكن أم لا فاذا كان النجم كبير الحجم و ساخن جدا كانت المسافة أبعد و العكس صحيح .

أقرأ أيضا : ماذا يحدث لجسم الإنسان حال تعرضه الى الفضاء الخارجى بدون بدلته

و على مدار ربع القرن الماضي تم تأكيد وجود آلاف النجوم الخارجية في مجرة ​​درب التبانة التي يحتمل أن تضم تريليونات من الكواكب و من المتوقع ظهور آلاف آخرون في السنوات المقبلة و ستساعد أدوات مثل مقياس المنطقة الصالحة للسكن صائدي الكواكب على فرز هذه الرتب المتزايدة لاختيار المرشحين الأكثر احتمالا لدعم الحياة على الرغم من وجود بعض من معارضى استخدام ذلك القياس باعتباره تقديرى نظرا لاعتماده على الحسابات فقط من دون التأكد من مكوناته التى ربما لا تكون صالحة مثل الغلاف الجوى و الغازات المكونة له و يفضلون استخدام التليسكوبات المتقدمة الا أن الفريق الأخر يقول أنها ليست كافية نظرا لاحتمالية وجود حياة و لكن أسفل المحيطات المتجمدة فى الكواكب الأخرى و هو أمر لا يستطيع أكثر التليسكوبات تقدما إلتقاطه كما يرجح البعض احتمالية أخرى و هى من خلال استقبال موجة لاسلكية من اى حياة عاقله موجودة فى الكون او التقاط إشارة عن احتواء احد الأغلفة الجوية لمركبات صناعية مثل الكلوروفلوركربون و التى لا يمكن تكونها الا فى وجود تدخل بشرى .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *