تعرف على معبد كارني ماتا معقل الألاف من الفئران المقدسة

دائما ما نعتبر الهند مكانا و مستقرا للغرائب و العجائب التى ترجع الى معتقدات قد يكون أغلبها مبنى على خرافات و أساطير و رغم ذلك إلا أن الكثيرين يؤمنون بها حيث تعتبر الهندوسية هى الديانة المهيمنة على البلاد و التى رغم تعدد طوائفها الا انهم جميعا يشتركون فى اعتبار الروحانية و الرمزية عنصران أساسيان فيها بالاضافة الى احترام الحيوانات حيث تشدد تعاليمها بعدم انتهاك حرمة الحيوانات بإعتبارها مصادر للحب و الوحدة و رموز للثقافة و دوافع النمو و تعتبر النصوص الأدبية الهندية القديمة حياة الحيوان مساوية لحياة الإنسان و الفارق الوحيد بينهما هو أنه لم تتجلى حواسهم بشكل كامل بجانب ان العديد من ألهتهم قد يتجسدون فى أشكال حيوانية لذلك ليس بالغريب بمشاهدتهم داخل المعابد الهندوسية و لعل أبرزها هو معبد كارني ماتا الأسطورى الذى يستضيف الفئران فيه ألاف الفئران بإعتبارهم كائنات مقدسة .

و يقع معبد “كارني ماتا ” على بعد 30 كم من منطقة “بيكانير” في ولاية “راجستان” الهندية و يحتوى على ما يقارب 25000 من الفئران السوداء و عدد قليل من الفئران البيضاء و الذين يتجولون بداخله فى حرية و يظهرون من داخل الشقوق فى الجدران و الأرضيات و غالبا ما تمر فوق أقدام الزوار و المصلين حيث ترجع قصة ذلك المعبد الى أسطورة قديمة بطلتها تدعى ” كارني ماتا ” التى تعتبر واحدة من أبطال الأساطير الهندوسية و أشتهرت حياتها بالزهد و التقوى و لها الكثير من المتابعين حيث غرق إبنها “لاكشمان” في إحدى البرك بينما كان يحاول الشرب منها و نتيجة حزن والدته عليه ناشدت “ياما” إله الموت لإحيائه مجددا و لكن قوبل طلبها بالرفض من ” ياما ” و نتيجة الحاحها رضخ لها في النهاية و سمح بأن يتجسد “لاكشمان” و جميع أطفال “كارني ماتا” كفئران و هو ما تجده الأن بداخله .

و رغم قدم الأسطورة الا أنه تم الانتهاء من بناء معبد “كارني ماتا” في أوائل القرن العشرين من قبل مهراجا “جانجا سينج” و هو مبنى هيكله بالكامل من الرخام و تظهر فى هندسته المعمارية تشابهًا مع أسلوب المغول إضافة إلى واجهة رخامية ساحرة و جذابة و به أبواب صلبة فضية تؤدي إلى دخول المجمع الذى يحتوى على صور للعديد من أساطير الإلهة و فى داخل حرم المعبد يوجد تمثال “كارني ماتا” يبلغ ارتفاعه 75 سم و مزين بتاج و أكاليل و على كلا الجانبين تماثيل أخرى تجسد أخواتها و فى عام 1999 تم ترميم المعبد من قبل محل للمجوهرات و الذى أضاف اليه منحوتات رخامية و بوابات فضية و مغطى بالاسلاك و الاسقف الشبكيه لحماية الفئران من الطيور الجارحه و يعيش فيه حاليا بعض من العائلات بشكل دائم و الذى ينصب دورها على الإعتناء بالفئران و كنس أرضياته من البراز و فتات الطعام .

و يعتبر استهلاك المواد الغذائية التي تم قضمها من قبل هذه الفئران داخل معبد ” كارني ماتا ” ممارسة مقدسة حيث يعتقد العديد من المصلين أن لعاب الفئران له خصائص علاجية و يجلب الحظ السعيد و يأتي الناس الى المعبد من مختلف أنحاء الهند و خارجها ليشهدوا هذا المشهد المذهل و يحضرون معهم الحليب و الحلويات و الأطعمة الأخرى لهذه الكائنات المقدسة حيث تعتبر الفئران البيضاء أكثر تقديسا بسبب الإعتقاد بأنها تجسيد لكارني ماتا و أبنائها الأربعة لذلك يبذل الزوار جهودًا هائلة لجذبهم هم تحديدا في كثير من الأحيان من خلال تقديم الحلويات المسماة ” البراساد ” لهم لأن رؤيتهم تعتبر نعمة خاصة و يعتبر إيذاء تلك الفئران أو قتلها و لو حتى عن طريق الخطأ هو خطيئة كبيرة و سيتعين على مرتكبي هذه الجريمة استبدال الجرذ الميت بآخر مصنوع من الذهب كتكفير عن الذنب كما أنه لا يسمح بدخول المعبد بالأحذية .

و نتيجة أن جميع الأطعمة التى تقدم الى الفئران فى معبد ” كارني ماتا ” من الحلويات فهى تتسبب فى حدوث إقتتال فيما بينهم للظفر بها و لطبيعتها السكرية فهى تجعلها عرضة للأمراض مثل اضطرابات المعدة و السكر التى تعتبر شائعة بشكل غير عادي بينهم و يلاحظ أنه كل بضع سنوات تهلك الفئران لوجود وباء بينهم و لحسن الحظ بأنه على الرغم من تلك المخاطر فلا توجد حالات مسجلة لإصابة البشر بأى أمراض من فئران المعبد التى تعتبر هى الوحيدة المقدسة بينما الفئران الأخرى المنتشرة فى جميع أنحاء البلدة تعامل انها جرذان عادية .

أقرأ أيضا : معبد اوم بانا .. ضريح الدراجة النارية الخارقة التى اتخذها المواطنين الهنود كإله يتبركون به خلال أسفارهم

و يقام فى “معبد كارني” ماتا بعض من الصلوات الدينية اليومية بواسطة كهنة “التشاران” كما يقدم المحبون الذين يزورون المعبد قرابين مختلفة للإلهة و الفئران حيث يتم تصنيفها عمومًا إلى نوعين أولها ” الدوار بهينت ” التى تقدم الى إلى الكهنة و العمال اما الثانية فهى ” كالاش بهينت ” التى تستخدم في صيانة المعبد كما ينظم فيه معرض “كارني ماتا” و هو حدث نصف سنوي يقام بين شهرى مارس و أبريل و هو المعرض الاكبر و سبتمبر و أكتوبر و يحضره زوار يقدرون بالألاف منهم حجاج يأتون اليه سيرا على الأقدام حيث تقام الاحتفالات بتزيين تمثال “كارني ماتا” بشكل جميل بالتاج الذهبي و المجوهرات و الأكاليل و يفتح معبد “كارني ماتا” أبوابه من الساعة 4 صباحًا حتى الساعة 10 مساءً و لا توجد أى رسوم دخول تفرض على الدخول الى داخل المعبد .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *