يعتبر فيلم جاذبيه Gravity الذى انتج عام 2013 و من بطولة النجمين ساندرا بولوك و جورج كولونى واحد من أكثر الأفلام الواقعيه التى نقلت صورة شبه حقيقية للحياة فى الفضاء و احتوى الفيلم على مؤثرات بصريه هائله أشاد بها الجميع خاصة من رواد الفضاء أنفسهم الذين تعايشوا وسط تلك الظروف و الأجواء لذلك كان ليس بالغريب حصده لسبعة جوائز أوسكار و لكن رغم جودة الفيلم و التزامه بمسار علوم الفضاء الا أن مخرج العمل ألفونسو كوارون أعترف أنه ليس دقيق بشكل كامل و أنه كان من الضرورى اضفاء بعض من التعديلات الجوهرية للحفاظ على تماسك القصة حيث كان هناك بعض من المشاهد التى تم تصويرها من الصعب تحقيقها عمليا فى الفضاء و فى ذلك الموضوع سوف يتم سرد تلك المشاهد و حقيقتها فى الفضاء .
ظهور جورج كولونى فى جاذبيه بصورة رائد الفضاء المتهور … خلال أحداث فيلم جاذبيه ظهر ” جورج كولونى ” الذى كان يقوم بدور رائد الفضاء ” مات كوالسكى ” و هو يطير حول مكوك الفضاء بحقيبته النفاثه المثبتة وراء ظهره بشكل مستهتر و يتحدث عن أشياء عشوائية و يتصرف عمومًا بطريقة خطيرة جدًا تفتقر تماما الى مفهوم الاحتراف الواجب على كل رائد فضاء خاصة و انه يظهر فى احداث الفيلم كرائد فضاء مخضرم و عليه كان من المفترض أن يكون أكثر التزاما ناهيك عن مشهد رائد الفضاء الهندي المرافق لهم و الذي ألقى بنفسه حتى نهاية حبله و الذي ربما كان سيقطعه إلى قسمين و هى أمور لا تحدث فى الواقع حيث من المفترض أن يكونوا رواد الفضاء مهنيين أكفاء و مدربين تدريباً عالياً و يلتزمون بقواعد العيش و التنقل فى الفضاء بشكل صارم .
كيف لا يعرف رواد الفضاء أي شيء عن بعضهم البعض … فى بداية الفيلم أيضا نجد حوارا بين ” جورج كولونى ” و ” ساندرا بولوك ” يتضح من خلاله ان ” كولونى لا يعرف أى شئ عن حياة ” بولوك ” التى تقوم بدور الدكتورة ” رايان ستون ” و لا حتى من أين هى و هو أمر غير منطقى فعندما يعرف رواد الفضاء الأشخاص الذين سيسافرون معهم في الفضاء فأنهم يبدأون التدريب معهم يوميًا لعدة أشهر و من المنطقى ان يعرفون كل شئ عن بعضهم البعض حتى أدق تفاصيل حياتهم فما بالك اذا كنت لا تعرف من أين أتت رائدة الفضاء و ما هى خلفيتها العلمية لتكون فى ذلك المكان كما ظهر فى فيلم جاذبيه .
جميع الأقمار الصناعية للاتصالات بخير … خلال أحداث فيلم جاذبيه يتم ابلاغ طاقم رواد الفضاء من المحطة الأرضيه فى ” هيوستون ” أن الروس قد قاموا بتفجير قمرًا صناعيًا في مدار أرضي منخفض (LEO) مما يعني أن انقطاع الاتصالات بات وشيكًا و هو أمر خاطئ و غير منطقى حيث تدور أقمار الاتصالات في مدار أعلى كثيرًا من المدارات المستقرة بالنسبة إلى الأرض تصل ارتفاعاتها الى 35000 كيلومتر لذا فهي دائمًا فوق نفس النقطة على الأرض لذلك ففكرة انفجار قمر صناعي في المدار الأرضي المنخفض و تأثيره على المدار الذى توجد فيه “محطة الفضاء الدوليه” و المكوكات الفضائيه امرا غير وارد .
بمجرد قذف ساندرا بولوك فور تحطم المكوك كان الأمر سيكون منتهيا … عندما تم قذف شخصية ” ساندرا بولوك ” الدكتورة ( رايان ستون ) من مكوك الفضاء بعد اصطدامه بالحطام الفضائى كان يبدو أنها تتحرك بسرعة كبيرة بشكل مثير للقلق و أستمرت تلك الحركه لفترة تراوحت بين 5 أو 10 دقائق قبل أن يشق “كلوني” طريقه لاصطحابها و هو أمر مستحيل أولا لأنه كان من الصعب ايجادها وسط ذلك الفراغ الأسود و ثانيا استحالة اللحاق بها و هى بتلك السرعه لذلك اذا اتبعنا العلم فى ذلك المشهد لكان فيلم جاذبيه قد انتهى منذ البدايه .
لا توجد طريقة للانتقال من مدار تلسكوب هابل إلى مدار محطة الفضاء الدولية بسهولة … يدور تلسكوب هابل الفضائي على ارتفاع 559 كيلومترًا بينما تقع محطة الفضاء الدولية على مسافة 424 كيلومترًا و قد لا يبدو الأمر مختلفًا كثيرا لكنه كذلك حيث لا توجد طريقة مجدية للانتقال من المدار الأعلى لتلسكوب هابل إلى مدار محطة الفضاء الدولية و لا سيما كما ظهر فى فيلم جاذبيه بمجرد الحقيبة النفاثة التى كانت مثبتة على ظهر ” جورج كولونى ” و مع ذلك قد يتم التغاضى عن تلك النقطة على اعتبار أنها كانت مهمة مكوكية افتراضية مستقبلية لم تحدث أبدًا و ان وكالة “ناسا” قررت نقل أشياء مثل “هابل” و “محطة الفضاء الدولية” إلى مكان أقرب معًا في مدار الأرض .
لا يمكنك الاصدام بالأشياء بسرعة في الفضاء وتتوقع البقاء على قيد الحياة … خلال مشاهد فيلم جاذبيه نرى رائد الفضاء الهندي في البداية يقذف بنفسه إلى نهاية حبله و يصطدم “كلوني” و حقيبته النفاثه بـ “ساندرا بولوك” عند “محطة الفضاء الدولية” و تقفز هى إلى محطة الفضاء الصينية ” تيانجونج 1 ” و نرى بعد كل تلك المشاهد أن جميع رواد الفضاء سالمين و بصحة جيدة و هو عكس ما يحدث فى الواقع نظرا الى أنه اذا اصطدم جسدك بشئ صلب في مدار حول الأرض فسيكون جسمك إلى حد كبير هالكًا بفضل الفراغ في الفضاء و البيئة الخالية من الوزن و نقص الاحتكاك.
أقرأ أيضا : أحدهما كاد أن يشنق بالفعل .. أشهر عشرة مشاهد خطرة كادت أن تودى بحياة ممثليها أثناء تصويرها
ملابس ساندرا بولوك أسفل بدلة الفضاء غير واقعيه … عندما تخرج بطلتنا من بدلة الفضاء الخاصة بها في “محطة الفضاء الدولية” سنجد أنها ترتدى ملابس داخلية و قميص ضيق و في الواقع كان من المفترض ان يكون خروجها من البدلة أكثر فوضوية حيث تفوح منها رائحة العرق من مجهود السير في الفضاء كما أنها من المفترض انها ترتدي ملابس داخلية مبردة بالسائل و حفاضات الكبار و هى أمور أعتقد أنه من الصعب أن توافق ” ساندرا بولوك ” بالظهور بها خلال فيلم جاذبيه .
لم يكن كلوني بحاجة للموت فى فيلم جاذبيه … يقول بعض المهتمين بعلوم الفضاء أن مشهد طلب ” جورج كولونى ” من ” ساندرا بولوك ” تركه فى الفضاء ليموت فيه أفضل من أن يموت كلاهما كان إهانة للعلم نظرا الى أن كلاهما كان ثابتًا و لهما نفس الزخم الزاوي لذلك فهو لن يندفع الى مكان أخر و حتى لو لم يكونوا ثابتين لماذا لم تجذبه تجاهها؟ كان سيمر بجانبها بشكل سلس و من ثم يمكنه إمساك الحبل أو كان من الممكن أن تتركه فى مكانه و تستدير و تلتقط المزيد من الحبل ثم تستدير اليه و تلتقطه مرة أخرى و حتى لو فشل كل هذا فلماذا اعتقد “كلوني” أنها كانت فكرة غبية أن تذهب و تأخذ كبسولة “سويوز” و تأتي لاصطحابه؟ ألم يفعل بالضبط نفس الشيء و لكن بالحقيبة النفاثة الخاصة به في وقت سابق؟ .
ظبط وصول الحطام الفضائى بعد 90 دقيقة … خلال أحداث فيلم جاذبيه نرى ” جورج كولونى ” يذكر أن الحطام سيمر من نفس المكان كل 90 دقيقة لذلك يطلب من “بولوك” ضبط ساعتها للاستعداد للكارثة الوشيكة و فى الواقع فإن “محطة الفضاء الدولية” تدور حول الأرض كل 90 دقيقة تقريبا و لعل هذا هو السبب الذى جعل “هوليوود” تقول أن رواد الفضاء سيواجهون الحطام كل 90 دقيقة و هو أمر خاطئ فالحطام موجود في نفس المستوى المداري و لكنه ليس ثابت لذلك لن يصطدموا به في كل مرة يكملون فيها مدارًا و في الواقع ربما لن يروه على الإطلاق لأن مدار الأرض مكان كبير و حتى لو كان الحطام يتحرك نحوهم مباشرة فلن يتكرر في 90 دقيقة العادية .
لا تطفو الدموع في الفضاء … التوتر السطحي في الفضاء عمل متقلب فهل تتذكر عندما كانت “بولوك” تبكي في مركبة الفضاء “سويوز” و انجرفت دموعها نحوك في صورة ثلاثية الأبعاد رائعة؟ .. في الواقع أنه عند بكاء رائد الفضاء فأن تلك الدموع كانت ستلتصق على الوجه فقط لأنها تركت عينها لكننا نتفق على أنه كان مشهد جيدا و مصمم باحترافية شديده حتى و ان كان خاطئا من الناحية العلمية .
صعوبة الوصول من محطة الفضاء الدولية الى محطة الفضاء الصينيه ” تيانجونج 1 “ … فى فيلم جاذبيه فقط يبدو أن الحكومات المستقبلية قررت تقريب كل شيء في الفضاء من بعضها البعض الا انه على أرض الواقع فإن محطة الفضاء الدولية و الصينيه غير موجودين في مكان قريب من بعضهما البعض و لا توجد طريقة يمكنك من خلالها رؤية أحدهما من الآخر في العصر الحديث ناهيك عن طريقة للسفر بينهما .
استحالة السباحة من كبسولة غارقة عندما تكون قد عدت لتوك من الفضاء … عندما يقضى رائد الفضاء وقتًا طويلاً فى الأعلى فإن إعادة التكيف مع جاذبية الأرض ليست بالأمر السهل لذلك ففرص أن تكون “بولوك” قادرة على السباحة خارج كبسولة “شنزو” التي غمرتها المياه معدومة إلى حد كبير.
اختيار خاطئ فى بدلات الفضاء … و يعد ذلك واحد من أكبر الأخطاء الموجودة فى الفيلم عندما خرجت “بولوك” من مركبة الفضاء “سويوز” لتنتقل إلى محطة “تيانجونج 1” لأنه من الواضح أنها كانت ترتدي بدلة العودة “سوكول” التى ترتدى داخل الكابسولة فقط و ليست بدلة “أورلان” للسير في الفضاء و التي ستسمح لها بالعيش في الفضاء الخارجى لأن البدلة الاولى غير كافية و عليه فمبجرد خروج ” ساندرا بولوك ” بها الى الفضاء ستنزل كلمة النهايه لفيلم جاذبيه على الفور .
القدوم من السير في الفضاء ليس بهذه السهولة … في عدة مشاهد من فيلم جاذبيه نرى ” ساندرا بولوك ” تدخل إلى مركبة فضائية أو محطة فضائية و تخلع بدلة الفضاء الخاصة بها على الفور و تكون بخير و هو أمر غير واقعى حيث من المفترض على رائد الفضاء قضاء ساعات داخل غرفة معالجة الضغط ليقضى وقته في تنفس الأكسجين و النيتروجين لتجنب اى مشاكل قد تحدث قبل أن يمارس حياته الاعتيادية داخل المحطة .
و لكن على اى حال و رغم كل تلك الأخطاء التى تم سردها الا أن ذلك لا يقلل أبدا من أهمية الفيلم أو الجهد الذى بذل فيه و قد نلتمس بعض من العذر لصناعه على تلك التغييرات لمحاولة التمسك بالخط الدرامى للعمل فهو أولا و أخيرا مجرد فيلم و ليس رحلة علمية حقيقية الى الفضاء .