أليس ليديل الفتاة التى ألهمت كتابة روايات أليس فى بلاد العجائب

تعتبر قصص أليس في بلاد العجائب من بين أكثر الروايات تأثيراً على الإطلاق و التى كتبها تشارلز لوتويدج دودجسون و حازت على إعجاب كل من الأطفال والبالغين و تروى عن فتاة صغيرة تشعر بالملل و تدعى أليس تقوم برحلة إلى عالم خيالي موازٍ يمتلئ بمخلوقات مسلية شبيهة بالإنسان و نتيجة تحقيق تلك الروايات نجاحا كبيرا فقد كان من المنطقى أن يقوم صناع السينما بتجسيدها على الشاشة ليزداد تعلق الجمهور بها و لكن ما لا تعرفه أن الفضل فى تلك الرواية التى تعتبر نوعا من المساهمات الأدبية المعروفة بإسم “الأدب اللامعقول” يرجع الى فتاة حقيقية تبلغ من العمر عشرة سنوات و تدعى أليس ليديل و هى من لها الفضل فى إلهام دودجسون على كتابتها و لها قصة نسردها فى ذلك الموضوع .

كان “تشارلز دودجسون” عالم رياضيات و مصورًا و شماسًا و كاتبًا وُلِد في 27 من يناير عام 1832 في “دارسبري” بشيشاير فى “المملكة المتحدة” و كان طفلًا موهوبًا أظهر ذكاءه في وقت مبكر و يقرأ الكتب في سن السابعة و تلقى تعليمه الأول في المنزل و في وقت لاحق درس في مدرسة “ريتشموند النحوية” و كان يعاني من مشاكل صحية كثيرة في شبابه منها اصابتة بالصمم فى أحد أذنيه و مشاكل رئوية فى الصدر و مع ذلك كان عقله لامعًا و لديه خيال مذهل و الذى كان يعتبر جزءًا آخر من أمراضه فبحسب ما ورد كان يعاني من اضطراب عصبي نادر يؤدى إلى تحريف الواقع مسببا له بعض من الهلوسة و يجعله يرى أشياء أكبر أو أصغر مما كانت عليه و بطبيعة الحال كان من السهل افتراض قدرته على تخيل و تدوين الخيالات الموجود فى أليس في بلاد العجائب بشكل غزير يفوق الوصف .

و كتب لوتويدج دودجسون رواية ” أليس فى بلاد العجائب ” تحت اسم كاتب مستعار و هو ” لويس كارول ” حيث بدأت قصتها قبل ثلاث سنوات من نشر الكتاب و تحديدا في 4 من يوليو عام 1862 حين كان “تشارلز” في رحلة بالقارب على نهر التايمز برفقة القس “روبنسون دكوورث” و ثلاث فتيات صغيرات و هم “أليس و إديث و لورينا” ليديل حيث كانوا يسافرون فى نزهة من “أكسفورد” إلى “جودستو” و بينما كان السيد “دكوورث” يجدف بالقارب طلبت “أليس” البالغة من العمر وقتها 10 سنوات من “تشارلز دودجسون” أن يروي لهم قصة و أمتثل لها و بدأ فى السرد عن فتاة صغيرة اسمها “أليس” سقطت في حفرة أرنب و سافرت إلى عالم خيالي و بعد إنتهاءه منها أحبت الفتيات القصة و طلبت “أليس” الصغيرة من “تشارلز” كتابة تلك الرواية و وعدها بذلك و بعد بضعة أشهر أوفى “لويس كارول” بوعده و فعل ما طلبته ” أليس ليديل ” .

أليس ليديل على اليمين برفقة أختيها و بتصوير تشارلز دودجسون

و في 26 من نوفمبر عام 1864 أعطى تشارلز لأليس ليديل مخطوطة تسمى مغامرات “أليس تحت الأرض” و التي تحتوي على الرسوم التوضيحية الأصلية التي قام بها و بعد عام في نوفمبر 1865 نُشرت الرواية رسميًا و حققت نجاحًا فوريًا و سرعان ما أصبح “لويس كارول” اسمًا معروفًا في جميع أنحاء العالم و كانت الملكة فيكتوريا نفسها من أشد المعجبين بالكتاب لدرجة أنها أمرت تشارلز بتخصيص الكتاب التالي له كإهداء لها و نظرا الى أن ” تشارلز ” كان عالما رياضيا فقد أصدر كتابه التالى عن الرياضيات بعنوان “أطروحة أولية حول المحددات مع تطبيقها على المعادلات الخطية المتزامنة و المعادلات الجبرية ” و قد أهداه بالفعل الى الملكة كما طلبت و التى أستمتعت به كثيرا .

بعد ذلك لاحقا كتب ” لويس كارول ” رواية جديدة بشخصية” أليس ” و وضع له عنوان ” أليس فى بلاد العجائب : عبر النظرة الزجاجية و ما وجدته أليس هناك ” و نُشرت رسميا في عام 1871 و قبل ذلك بخمس سنوات أى في عام 1886 كان قد أرسل المخطوطات الأصلية لتلك الرواية الى ” أليس ليديل ” و في عام 1890 نشر الكاتب نسخة مختصرة من الكتاب مع المزيد من الرسوم التوضيحية للأطفال الذين لا تزيد أعمارهم عن خمس سنوات.

أقرأ أيضا : قصص شعارات أشهر الأستوديوهات السينمائية فى هوليوود

و توفي “تشارلز دودجسون” في 14 من يناير عام 1898 حيث نشر ما لا يقل عن 15 كتابًا قبل وفاته لكن لم يصل أي منها إلى شهرة “أليس في بلاد العجائب ” و كل ذلك بفضل فتاة صغيرة كان ” تشارلز ” صديق لعائلتها حيث كان يصطحبهم فى نزهات و يروى لهم القصص و يصورهم لحبه لهواية التصوير الى أن توقفت تلك العلاقة عام 1863 لأسباب غير معروفة حيث يتكهن بعض كتاب السيرة الذاتية بأن “تشارلز” كان لديه مشاعر رومانسية تجاه “أليس” و أراد الزواج منها و يدعي آخرون أن “لورينا” شقيقة “أليس” الكبرى كانت تحب “تشارلز” لذلك توقف عن التواصل مع عائلتها و مع ذلك سيبقى هذا الموضوع لغزًا لأن صفحات يوميات “تشارلز” من هذه الفترة مفقودة و تم حرق صورها .

أليس ليديل فى العشرينيات من عمرها

أما بالنسبة الى “أليس” صاحبة إلهام ” أليس فى بلاد العجائب ” فقد كانت الطفلة الرابعة في عائلة “ليدل” و ولدت في 4 من مايو عام 1852 و لديها تسعة أشقاء و كانت ترافقها بانتظام شقيقتاها “إديث و لورينا ” حيث قام الثلاثة برحلة إلى أوروبا عندما كانت “أليس” شابة ثم تزوجت من “ريجنالد هارجريفز” و هو لاعب كريكيت إنجليزي عندما كانت تبلغ من العمر 28 عامًا و أنجب الزوجان ثلاثة أبناء “آلان و ليوبولد و كاريل” و توفي أول اثنان منهم كجنود في الحرب العالمية الأولى لكن “كاريل” تمكن من النجاة من الحرب و قام بتأسيس عائلته ثم توفى زوج ” أليس ” عام 1926 تاركًا إياها وحيدة في منزلها حيث كانت تكلفة صيانة ممتلكاتها كبيرة جدًا عليها و هى أرملة لذلك اضطرت لبيع المسودة الأصلية من رواية ” مغامرات أليس تحت الأرض ” و التى كانت بحوزتها و أهداها إليها “لويس كارول” نفسه و حققت سعرًا قدره 15400 جنيه إسترليني أي أربع أضعاف أكثر مما توقعته دار مزادات “سوثبيز” و في وقت لاحق تم شراء المسودة الأصلية من قبل رجل الأعمال الأمريكي “إلدريدج آر. جونسون” و تم عرضه بجامعة “كولومبيا” فى الولايات المتحدة و دُعيت “أليس” البالغة من العمر وقتها 80 عاما إلى العرض التقديمي حيث حدثت صدفة مثيرة للاهتمام حين قابلت “بيتر” الذي كان مع إخوته مصدر إلهام لرواية مشهورة آخرى و هى “بيتر بان ” من تأليف “جي إم باري” و بعدها تم شراء كتابها أخيرًا من قبل مجموعة من محبي الكتب الأمريكيين و أعيد إلى الشعب البريطاني كجائزة لشجاعتهم في الحرب العالمية الثانية حيث تقع المخطوطة اليوم في ثاني أكبر مكتبة في العالم و هى المكتبة البريطانية في “لندن” و توفيت “أليس” في 16 من نوفمبر 1934 عن عمر يناهز 82 عامًا و استقرت رفاتها في مقبرة في كنيسة القديس ميخائيل فى “هامبشاير “.

و على الرغم من أن “أليس” في الرسوم التوضيحية لكتاب ” أليس فى بلاد العجائب ” تبدو مختلفة عن ” أليس ليديل ” الا أنه من المؤكد تمامًا أن “تشارلز دودجسون” كان يدور في ذهنه الآنسة “ليدل” أثناء إنشاء شخصيتها حيث بيعت من تلك الروايات حتى اليوم ما يصل الى 100 مليون نسخة و تم صنع العديد من الأفلام المشتقة عن الرواية و من المثير للاهتمام أن أحد تلك الأفلام التى جسدتها أصبح محظورًا في “الصين” عام 1931 على أساس أن الحيوانات يجب ألا تستخدم لغة البشر .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *