الإنفجارات الراديوية السريعة Fast Radio Bursts أو FRBs هي واحدة من أكثر الظواهر الفضائية الغامضة و المثيرة للإهتمام في علوم الفلك الحديث نظرا لأنها تأتي من جميع أنحاء الكون و تتكون من ومضات قصيرة جدًا من الطاقة الراديوية تستمر لأجزاء من الألف من الثانية فقط كما أنها تكون أكثر سطوعًا من مجرات بأكملها و علي الرغم من أن إكتشافها لأول مرة كان في عام 2007 إلا أن أصلها و طبيعتها لا تزال تحير العلماء حتي وقتنا الحالي و مع ذلك يستمرون في دراستها للوصول إلي حقيقتها لإعتقادهم أنها تمثل نافذة جديدة لفهم البيئات الكونية البعيدة و طبيعة توزيع المادة بين المجرات و الظواهر الفيزيائية المتطرفة مثل المجالات المغناطيسية القوية و الجاذبية الشديدة التي تحدث في أقصى حدود الفضاء .
و الإنفجارات الراديوية السريعة FRBs هي ومضات شديدة من الموجات الراديوية التي تُطلق كمية هائلة من الطاقة في وقت قصير جدًا جيث يمكن أن تطلق بعض من هذه الإنفجارات طاقة تعادل ما تطلقه الشمس في ثلاثة أيام و لكن في غضون أجزاء من الثانية فقط و علي الرغم من قوتها الهائلة إلا أن هذه الإشارات تكون ضعيفة جدًا عندما تصل إلي كوكب الأرض حيث تصبح أضعف بألف مرة من إشارة الهاتف المحمول إذا تم إرسالها من القمر و نظرا لهذا الضعف الشديد بالإضافة إلي مدتها القصيرة فإن إكتشافها يمثل تحديًا كبيرًا لعلماء الفلك .
و حتي اللحظة لا يزال أصل هذه الإنفجارات الراديوية السريعة غير معروف بالكامل لكن العلماء لديهم عدة نظريات لتفسيرها أقواها أنها ناجمة عن وجود نجوم نيوترونية مغناطيسية (ماجنيتارات) و هي نجوم نيوترونية تدور بسرعة و لديها مجالات مغناطيسية قوية جدًا و ما يرجحها هو ما حدث عام 2020 حين تم رصد إنفجار راديوي سريع داخل مجرة درب التبانة و تمت ملاحظة أنه مرتبط بنجم مغناطيسي يُعرف بإسم SGR 1935+2154 كما أن هناك فرضية أخرى تشير إلي أن هذه الإنفجارات قد تكون ناتجة عن إصطدام نجوم نيوترونية أو إندماج نجوم قزمة بيضاء و هناك أيضًا نظرية تُعرف بإسم “بلتزار” و ترجح أن تلك الإنفجارات قد تحدث بسبب إنهيار مفاجئ لنجم نيوتروني فائق الكتلة و مع ذلك رغم غموضها إلا أن الإنفجارات الراديوية السريعة تحمل معلومات قيمة عن الكون لأنه أثناء إنتقالها عبر الفضاء تتفاعل مع الغازات و الغبار الكوني و هو ما يسمح للعلماء بدراسة البيئات التي تمر بها و يجعلها أداة مهمة لرسم خريطة للكون .
و تم إكتشاف أول الإنفجارات الراديوية السريعة عام 2007 من قبل عالم الفيزياء الفلكية ” دنكان لوريمر ” و زملائه أثناء تحليلهم بيانات أرشيفية من مرصد باركس في ” أستراليا ” و منذ ذلك الحين تم إكتشاف المئات من هذه الإنفجارات التي تنقسم إلي نوعين و هما الغير متكررة أي أنها تحدث مرة واحدة فقط و تختفي و المتكررة و لعل أحد أهم الإكتشافات لتلك النوعية هو الإنفجار الراديوي المتكرر FRB 121102 الذي تم رصده لأول مرة عام 2012 بواسطة مرصد أريسيبو في ” بورتوريكو ” بعد أن أكد هذا الإكتشاف أن بعض مصادر هذه الإنفجارات يمكن أن تبقى نشطة لفترات طويلة كما أنها توفر فرصة فريدة للعلماء لدراسة مصدرها بشكل أكثر تفصيلاً حيث يرجحون أنها تأتي عن مصادر مختلفة عن تلك الغير متكررة بناءً علي إختلافات في مدة الإنفجار و توزيع الترددات .
