القمر

القمر هو ألمع و أكبر جسم في سماء الليل و المكان الوحيد خارج كوكبنا الذى وطأت فيه أقدام البشر لأرضه و خامس أكبر تابع لكوكب فى المجموعة الشمسية كلها و أضخم من الكواكب القزمة المعروفة التى تم رصدها مثل بلوتو و ترجع أهميته بأن له الفضل فى جعل الأرض أكثر ملاءمة للعيش من خلال تعديل اى تذبذب حول محورها بشكل يؤدى إلى خلق مناخ مستقر نسبيًا كما أنه المسئول الأول عن ظاهرة المد و الجذر و يعتقد أنه تكون بعد فترة قليلة من تشكل الأرض عبر اصطدامها بجسم مفترض أنه بحجم المريخ يسمى ثيا ثم انحسر إلى مدار أوسع و أستقر فى مكانه الحالى بسبب تفاعلات المد و الجزر مع كوكبنا و نظرا لتفرده فى السماء بجانب الشمس فقد أرتبط بثقافات الكثير من المجتمعات على مر العصور من خلال الاعتماد عليه فى بعض أنظمة التقاويم و فى الفنون و الأدب باعتبار وجوده عنصرا أساسيا فى الخلفيات الرومانسية و الروايات المرعبة كما كان قديما طرفا فى الصراعات السياسية باعتباره غاية يجب الوصول اليها خلال سباق الفضاء أثناء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة و روسيا او الاتحاد السوفيتى سابقا و الذى حسم ببرنامج الفضاء الأمريكى أبولو الذى ساهم فى هبوط اثني عشر رجلاً على سطحه بين عامي 1969 و 1972 و عودتهم بعينات من الصخور القمرية التي تم استخدامها لتطوير الفهم الجيولوجي لأصوله بشكل أكثر تفصيلا و محاولة معرفة بنيته الداخلية و تاريخه .

و سمى القمر بذلك الإسم Moon اشتقاقا من كلمة “مونا” باللغة الانجليزية القديمة و التى تعتبر احدى القياسات الزمنية و فى بعض الأحيان يطلق عليه البعض اسم ” لونا ” لتمييزه عن الأقمار الأخرى و كان ينظر اليه فى بعض من الحضارات القديمة على أنه إله و كان وجوده فى وسط السماء ليلا بكافة أشكاله على الدوام مصدرا للفضول الانسانى حيث تحكي التقاليد و الأساطير القديمة عن قوة القمر و علاقته بالتعاويذ السحرية و قدرته على تحويل البشر إلى وحوش و تأثيره على سلوك الناس و تأرجحهم بين العقل والجنون و كان الشعراء و الملحنون يستحضرون السحر الرومانسي للقمر و جانبه المظلم اضافة الى كتّاب القصص الخيالية الذين يقودون قرائهم في رحلات تأملية إلى القمر قبل وقت طويل من إرسال رواد الفضاء اليه لاستكشافه بشكل عملى ليصبح بعدها هو أكثر جرم سماوى فى الكون كله يعرف الأنسان عنه كل شئ تقريبا و الهدف الأول لأى حملة مستقبلية لبناء أى مستعمرات خارج كوكب الأرض .

أقرأ أيضا : أشهر تسعة ظواهر فضائية غامضه داخل مجموعتنا الشمسيه

ما حجم و مسافة القمر ؟

يبلغ نصف قطر القمر حوالي 1،740 كيلومترًا و هو يعادل أقل من ثلث عرض كوكب الأرض و التى اذا أفترضنا أنها ستكون بحجم العملة المعدنية فإن القمر يكافئ حبة البن كما يبعد عن كوكبنا فى المتوسط مسافة 384،400 كيلومتر و هى تعادل 30 كوكبًا بحجم الأرض متراصين بجانب بعضهم البعض و هو جسم من الملاحظ أنه يتحرك ببطء بعيدا عن الأرض بمقدار بوصة واحدة كل عام .

ما هو مداره و دورانه ؟

يدور القمر بنفس المعدل الذي تدور به الأرض فيما بيعرف بالدوران المتزامن لذلك فإن نفس وجهه يظل يواجه الأرض طوال الوقت حيث يسمي بعض الناس الجانب البعيد الذي لا نراه أبدًا من الأرض بإسم “الجانب المظلم” و لكن هذا أمر غير دقيق لأنه عندما يدور القمر حول الأرض تكون أجزاء مختلفة منه في ضوء الشمس أو الظلام و في أوقات مختلفة لذلك تعتبر الاضاءة المتغيرة هى السبب حيث يمر القمر بمراحل نمو فأثناء اكتماله يمكننا رؤية نصفه المواجه للأرض مضاءً بالكامل بواسطة الشمس اما عند ميلاد شكله الجديد كهلال يكون الجانب الآخر من القمر هو ما به ضوء الشمس الكامل بينما الجانب المواجه لنا هو ليله .

و بجانب ذلك يصنع القمر مدارًا كاملاً حول الأرض في 27 يومًا و نظرًا لأن الأرض تتحرك أيضًا و تدور حول محورها أثناء دورانها حول الشمس فمن منظورنا يبدو أن القمر يدور حولنا كل 29 يومًا .

كيف تشكل القمر ؟

النظرية الرائدة لأصل القمر هي أن جسمًا بحجم المريخ اصطدم بالأرض منذ حوالي 4.5 مليار سنة ثم تراكم الحطام الناتج من الأرض و الجسم المصطدم ليشكل قمرنا على بعد 384000 كيلومتر حيث كان القمر وقتها الذي تشكل حديثًا في حالة منصهرة و لكن خلال حوالي 100 مليون سنة تبلور معظم محيط الصهارة مع وجود صخور أقل كثافة كانت تطفو إلى أعلى ليتشكل في النهاية القشرة القمرية .

بناء القمر

يحتوى القمر على ثلاث طبقات و هم النواة و الغطاء و القشرة و اذا بدأنا بالنواة فهى أصغر نسبيًا من نواة الأرض حيث يبلغ نصف قطرها 240 كيلومتر و هى نواة صلبة غنية بالحديد و محاطة بطبقة من الحديد السائل بسمك 90 كيلومتراً و طبقة اخرى منصهرة جزئيًا بسمك 150 كيلومترًا تحيط بقلب الحديد .

و يمتد الغطاء أو الوشاح من أعلى الطبقة المنصهرة جزئيًا إلى الحدود الداخلية من قشرة القمر و من المرجح أنها مصنوعة من معادن مثل الزبرجد الزيتوني و البيروكسين التي تتكون من ذرات المغنيسيوم و الحديد و السيليكون و الأكسجين أما القشرة فتبلغ سماكتها 70 كيلومترًا في النصف المواجه الى الأرض و 150 كيلومترًا في الجانب البعيد و تتكون من الأكسجين و السيليكون و المغنيسيوم و الحديد و الكالسيوم و الألمنيوم مع كميات صغيرة من التيتانيوم و اليورانيوم و الثوريوم و البوتاسيوم و الهيدروجين و منذ زمن بعيد كان للقمر براكين نشطة لكنها اليوم كلها خامدة و لم تثور منذ ملايين السنين .

و نتيجة ضعف الغلاف الجوى للقمر فيضرب سطحه زخات مستمرة من الكويكبات و النيازك و المذنبات تاركة ورائها العديد من الحفر و يبلغ عرض أكبرها 85 كيلومترا و على مدى مليارات السنين أدت هذه التأثيرات إلى تشكيل سطح القمرمن أجزاء تتراوح ما بين الصخور الضخمة إلى فتات شبيه بالبودرة كما يتغطى القمر بأكمله تقريبًا بأكوام من الثرى القمرى و هو ركام مكون من غبار مسحوق و حطام صخرى ذات لون رمادى يوجد أسفله منطقة صخرية تعرف بإسم “الميجاريجوليث” كما تُعرف المناطق المضيئة على القمر باسم “المرتفعات” بينما المناطق المظلمة يطلق عليها اسم ” ماريا ” و هي أحواض كانت تمتلئ بالحمم البركانية فى الفترة من 4.2 إلى 1.2 مليار سنة و تتكون هذه المناطق المضئية و المظلمة من صخورًا مختلفة التكوين و الأعمار و التي تقدم دليلاً على كيفية تبلور القشرة المبكرة من محيط الصهارة القمرية .

و إذا كنت سعيد الحظ يوما و ذهبت الى القمر فسوف تجد قطعًا من المعدات و أعلامًا أمريكية و حتى كاميرا تركها رواد الفضاء أثناء وجودهم هناك و ستلاحظ أن الجاذبية على سطح القمر تساوي سدس الجاذبية الأرضية و لهذا السبب فخلال لقطات سير رواد الفضاء على سطحه كانوا يبدون و كأنهم يقفزون تقريبًا عبر السطح الذى تصل درجة حرارته إلى حوالي 127 درجة مئوية عندما تكون الشمس كاملة و لكن في الظلام تنخفض إلى حوالي -173 درجة مئوية و يمتلك القمر غلاف جوى رقيق و ضعيف للغاية بشكل لا يوفر أي حماية من إشعاع الشمس أو تأثيرات النيازك .

هل له غلاف مغناطيسى ؟

يعتقد ان القمر فى مراحل تشكله الأولى طور ديناموً داخلي كآلية لتوليد الحقول المغناطيسية لكن اليوم يمتلك مجال مغناطيسي ضعيف جدًا و يعتبر المجال المغناطيسي هنا على الأرض أقوى بآلاف المرات من المجال المغناطيسي للقمر .

هل توجد مياه على سطح القمر ؟

أثناء الاستكشاف الأولي للقمر و تحليل جميع العينات التي تم إرجاعها من بعثتي “أبولو و لونا ” كان يعتقد أن سطح القمر كان جافًا و بعدها اكتشفت البعثة الهندية أول اكتشاف لوجود مياه عام 2008 بعد ان وجدت جزيئات من الهيدروكسيل منتشرة عبر سطحه و تتركز عند القطبين و بعدها قامت بعثات مثل Lunar Prospector و LCROSS و Lunar Reconnaissance Orbiter بالتأكيد على أن سطح القمر لم يكن رطبا فحسب و لكن هناك بالفعل تركيزات عالية من الماء الجليدي في المناطق المظللة بشكل دائم من القطبين القمريين .

كما وجد العلماء أيضًا أن سطح القمر يطلق مياهه عندما يتعرض للقصف بواسطة النيازك حيث يعتبر سطحه محمي بطبقة مكونة ببضعة سنتيمترات من التربة الجافة التي لا يمكن اختراقها إلا بواسطة النيازك الدقيقة الكبيرة و التى عندما تصطدم بالسطح تتبخر معظم المواد الموجودة في الحفرة و تحمل موجة الصدمة طاقة كافية لإطلاق الماء الذي يغطي حبيبات التربة و يتم إطلاق معظمها في الفضاء .

و في أكتوبر عام 2020 أكد مرصد الستراتوسفير التابع لوكالة ناسا لعلم الفلك لأول مرة وجود الماء على سطح القمر المضاء بنور الشمس و يشير هذا الاكتشاف إلى أن الماء من الممكن أن يتوزع عبر سطح القمر و لا يقتصر على الأماكن الباردة المظللة حيث تم اكتشاف جزيئات الماء في واحدة من أكبر الفوهات المرئية من الأرض و تقع في نصف الكرة الجنوبي للقمر .

أقرأ أيضا : هل كانت عملية الهبوط على القمر خدعه ؟ .. العلماء يجيبون

هل يمكن الحياة على القمر ؟

لم تجد البعثات العديدة التي استكشفت القمر أي دليل يشير إلى أن لديه كائنات حية خاصة به و مع ذلك يمكن أن يكون موقعًا لاستعمار البشر في المستقبل خاصة بعد اكتشاف أنه يحتوي على جليد مائي و أن أعلى التركيزات تحدث داخل الحفر المظلمة في القطبين مما يجعله أكثر ملاءمة للمستعمرين البشريين في المستقبل .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *