حزام كايبر

حزام كايبر هى منطقة كبيرة موجودة في الروافد الخارجية الباردة من المجموعة الشمسية خارج مدار كوكب نبتون و تسمى أحيانًا بالمنطقة الثالثة للنظام الشمسى و التى بحسب اعتقاد علماء الفلك فهى تحتوى على ملايين الأجسام الصغيرة الجليدية و مئات الآلاف من الأجسام الكبيرة التي يزيد عرضها عن 100 كيلومتر مع أجسام ضخمة بعرض يتجاوز 1000 كيلومتر كما فى حالات الكواكب القزمة مثل بلوتو و غيره بالإضافة إلى صخور و جليد مائي و أجسام بها مجموعات متنوعة من المركبات المتجمدة الأخرى مثل الأمونيا و الميثان , و يعتبر حزام كايبر مشابه لحزام الكويكبات لكنه أكبر بكثير منه بعرض يكافئ 20 مرة و كتلة تتراوح ما بين 20 الى 200 مرة و كان يُعتقد في البداية أن ذلك المكان هو المستودع الرئيسي للمذنبات الدورية التي تدوم مداراتها لأقل من 200 عام و لكن أظهرت الدراسات منذ منتصف التسعينيات أن ذلك الحزام مستقر ديناميكيًا وأن مكان المنشأ الحقيقي للمذنبات فى منطقة القرص المتناثر و هي منطقة نشطة ديناميكيًا تم إنشاؤها بواسطة الحركة الخارجية لنبتون منذ 4.5 مليار سنة , و فى بعض الأحيان ينظر بعض الباحثين الى حزام كايبر برفقة كوكب نبتون بإعتبارهم هم أخر حدود المجموعة الشمسية بينما يفضل أخرون اعتماد الغلاف الشمسي كحدود لها .

و سمى “حزام كايبر” بذلك الإسم نسبة الى عالم الفلك الهولندى “جيرارد كايبر” الذي نشر ورقة علمية عام 1951 تكهن فيها بوجود أجسام خارج كوكب بلوتو الذى يعتبر هو أضخم جسم تم اكتشافه فى ذلك المكان كما ذكر عالم الفلك “كينيث إيدجورث” أيضًا تصوراته بوجود أشياءً بعد ذلك الكوكب في الأربعينيات و بالتالي يشار إليه أحيانًا باسم “حزام إيدجوورث كايبر” و يفضل الأخرون تسميتها بالمنطقة العابرة لنبتون و أى كان الإسم فإن ذلك الحزام يحتل مساحة هائلة في نظامنا الشمسى و الذى يحتوى على مئات الملايين من الأجسام التى يُفترض أنها من بقايا تكوين الكواكب الخارجية و على الرغم من افتراض وجوده منذ عقود طويلة الا أنه ظل غير مكتشف حتى التسعينيات عندما توفرت التلسكوبات الضخمة و أجهزة الكشف عن الضوء الحساسة .

ما حجم و مسافة حزام كايبر ؟

يعد “حزام كايبر” أحد أكبر الهياكل في نظامنا الشمسي مع سحابة أورت و الغلاف الشمسي و الغلاف المغناطيسي لكوكب المشتري و شكله العام مثل قرص منتفخ شبيه بالدونتس حيث تبدأ حافته الداخلية في مدار نبتون على بعد حوالي 30 وحدة فلكية من الشمس ( المسافة من الأرض إلى الشمس ) و تنتهي المنطقة الداخلية الرئيسية منه على بعد حوالي 50 وحدة فلكية و تتداخل الحافة الخارجية للجزء الرئيسي منه بمنطقة ثانية تسمى القرص المبعثر و التي يصل مداها الخارجى إلى ما يقرب من 1000 وحدة فلكية مع وجود بعض الأجسام في مدارات أخرى تتجاوز ذلك .

و حتى الآن تم فهرسة أكثر من 2000 جسم عبر “نبتون” من قبل علماء الفلك و هو ما يمثل جزءًا صغيرًا فقط من العدد الإجمالي للأشياء التي يعتقد العلماء أنها موجودة هناك و يقول العلماء أن هناك مئات الآلاف من الأجسام في المنطقة يزيد عرضها عن 100 كيلومتر أو أكثر و مع ذلك تقدر الكتلة الإجمالية لجميع المواد الموجودة فيه بما لا يزيد عن حوالي 10٪ من كتلة الأرض .

كيف تشكل حزام كايبر ؟

يعتقد علماء الفلك أن الأجسام الجليدية فيه هي بقايا متبقية من تكوين النظام الشمسي و التى يعتقد أنها قد تجمعت لتشكيل كوكب حال عدم وجود كوكب “نبتون” لأن وجوده الحالى جعل جاذبيته تؤثر على تلك المنطقة من الفضاء لدرجة أن الأجسام الصغيرة الجليدية لم تكن قادرة على الاندماج في كوكب كبير كما يعتقد أن كمية المواد الموجودة في ” حزام كايبر ” اليوم مجرد جزء صغير عما كانت موجودة عليه في الأصل حيث تقول احدى النظريات أن المدارات المتغيرة للكواكب العملاقة الأربعة ( المشتري و زحل و أورانوس و نبتون ) من الممكن أن تكون قد تسببت في فقد معظم المواد الأصلية الموجودة فيه و التى كانت على الأرجح تكافئ من 7 إلى 10 أضعاف كتلة الأرض .

و تدور الفكرة الأساسية حول ” حزام كايبر ” هي أنه في وقت مبكر من تاريخ النظام الشمسي أُجبر كوكبى أورانوس و نبتون على الدوران بعيدًا عن الشمس بسبب التحولات في مداري كوكب المشتري و زحل و عندما انجرفا بعيدًا إلى الخارج مروا عبر القرص الكثيف للأجسام الجليدية الصغيرة المتبقية و بعد تركزهم فى مداراتهم كان نبتون هو الأبعد و أدت جاذبيته إلى انحراف مسارات عدد لا يحصى من الأجسام الجليدية نحو الداخل تجاه الكواكب العملاقة الأخرى و قام المشتري في نهاية المطاف بإخراج معظم هذه الأجسام الجليدية إما في مدارات بعيدة للغاية لتشكيل سحابة أورت أو خارج النظام الشمسي بالكامل و عندما يقذف “نبتون” أجسامًا جليدية باتجاه الشمس فيتسبب ذلك في انجراف مداره بعيدًا و يدفع تأثيره الثقالي الأجسام الجليدية المتبقية إلى نطاق المواقع التي نجدها في حزام كايبر و حاليا من الملاحظ أنه بدء يتآكل ببطء نتيجة تصادم الأجسام التي تبقى هناك أحيانًا مما ينتج عنه أجسام أصغر تكون مجزأة بسبب الاصطدام .

بناء حزام كايبر

يمثل “حزام كايبر” حجمًا هائلاً من الفضاء على شكل كعكة دائرية في النظام الشمسي الخارجي و يحتوى على العديد من الأجسام الجليدية في هذه المنطقة التي نشير إليها على نطاق واسع باسم أجسام حزام كايبر (KBOs) أو الأجسام العابرة لنبتون (TNOs) و هم متنوعين إلى حد ما في الحجم و الشكل و اللون و الأهم من ذلك أنها ليست موزعة بالتساوي عبر الفضاء فبمجرد أن بدأ علماء الفلك في اكتشافه في أوائل التسعينيات كانت إحدى المفاجآت المبكرة هى أنه يمكن تجميع أجسامه وفقًا لأشكال و أحجام مداراتها حيث قاد هذا العلماء إلى فهم أن هناك عدة مجموعات من هذه الأجسام توفر مداراتها أدلة حول تاريخها .

و تم العثور على معظم الأشياء الموجودة في “حزام كايبر” في الجزء الرئيسي من الحزام نفسه أو في القرص المتناثر و التى تتكون من :

أجسام حزام كايبر الكلاسيكية

يدور جزء كبير من أجسام “حزام كايبر” حول الشمس فيما يسمى “حزام كايبر الكلاسيكي” حيث يشير مصطلح “كلاسيكي” إلى حقيقة أن هذه الأجسام لها مدارات تشبه إلى حد كبير الأفكار الكلاسيكية التى كان يُتوقع أن يكون عليه “حزام كايبر” بشكل نظرى قبل أن يبدأ الفلكيون بالفعل في العثور عليه بشكل عملى حيث تم تصنيف هذه الأجسام الى مجموعتين رئيسيتين يشار إليهما باسم “بارد” و “ساخن” و لا تشير هذه المصطلحات إلى درجة الحرارة و لكن بدلاً من ذلك تعتمد على شكل مدارات الأجسام جنبًا إلى جنب مع مقدار تأثير جاذبية نبتون عليها.

و تمتلك جميع أجسام حزام كايبر الكلاسيكية متوسط ​​مسافة عن الشمس تتراوح ما بين 40 الى 50 وحدة فلكية حيث تمتلك أجسام حزام كايبر الكلاسيكية الباردة مدارات دائرية نسبيًا و لا تميل كثيرًا بعيدًا عن مستوى الكواكب بينما تحتوي أجسام حزام كايبر الكلاسيكية الساخنة على مدارات بيضاوية و مائلة أكثر و هذا يعني أن الصنف البارد يقضي معظم وقته على نفس المسافة تقريبًا من الشمس بينما تتجول الأنواع الساخنة على نطاق متباين من الشمس بمعنى انه بعض أجزاء من مداراتها تكون أقرب إلى الشمس و أجزاء أخرى على مسافة أبعد .

كما تعتبر الاختلافات بين هذين النوعين من الأجسام في حزام كايبر الكلاسيكي لها علاقة بكوكب “نبتون” حيث تمتلك أجسام حزام كايبر الكلاسيكية الباردة مدارات لا تقترب أبدًا من “نبتون” و بالتالي فهي تظل “باردة” و غير منزعجة من جاذبية الكوكب العملاق و يعتقد أن مداراتهم لم تتحرك كثيرًا لمليارات السنين و في المقابل كان لدى أجسام حزام كايبر الكلاسيكية الساخنة تفاعلات مع “نبتون” في الماضي أي مع جاذبية الكوكب العملاق و ضخت هذه التفاعلات الطاقة في مداراتها مما أدى إلى شدها بشكل إهليلجي و إمالتها قليلاً خارج مستوى الكواكب .

أجسام حزام كايبر الرنانة

يوجد عدد كبير من أجسام “حزام كايبر” في مدارات يسيطر عليها “كوكب نبتون” بشدة حيث تدور بشكل نسبى مع الكوكب العملاق مما يعني أن مداراتها في نمط مستقر و نسبى مع نمط مدار “نبتون” فعلى سبيل المثال و نتيجة أن مدار ” بلوتو ” بيضاوى فيتداخل مع مدار “نيبتون” بنسبة 3: 2 مما يعني أن ” بلوتو ” يدور حول الشمس مرتين لكل ثلاث مرات يدور فيها “نبتون” و لذلك أطلق علماء الفلك على الأجسام التى لديها نفس النسبة المشابهة لبلوتو اسم ” البلوتينات ” كما توجد أجسام أخرى تدور حول مدار “نبتون” و لكن بنسب أخرى مختلفه .

القرص المبعثر

يعتبر القرص المبعثر منطقة تمتد إلى ما هو أبعد من الجزء الرئيسي من “حزام كايبر” أى أنها موطن للأجسام التي نثرها “نبتون” في مدارات بيضاوية للغاية و تميل بشدة إلى مستوى الكواكب و يعتبر العديد من اجسام القرص المبعثر لها مدارات مائلة بعشرات الدرجات و لا تزال مدارات العديد من تلك الأجسام تتطور ببطء حيث تُفقد الأجسام فى ذلك المكان بمرور الوقت مقارنةً بحزام كايبر الكلاسيكي التى تكون فيه المدارات أكثر استقرارًا كما يعطي “القرص المبعثر” لحزام كايبر الكلاسيكي شكل كعكة الدونات لتكون ذات نطاق أوسع و أكثر سمكًا و يعتبر كوكب ” ايريز ” أكبر عضو معروف في هذه المجموعة .

عائلات إضافية

رغم انه يتم العثور على معظم الأجسام في “حزام كايبر” في الجزء الرئيسي منه أو في القرص المبعثر و لكن هناك أيضًا مجموعتان إضافيتان من الأجسام التي تدور حول الشمس من الداخل و الخارج ربما جاءت في الأصل من حزام كايبر و لكن تم سحبها من المناطق الرئيسية بفعل جاذبية نبتون أو ربما بواسطة كوكب آخر هائل .

الأجسام المنفصلة

تمتلك أجسام “حزام كايبر” المنفصلة مدارات لا تقترب أبدًا من الشمس أكثر من 40 وحدة فلكية و نظرًا لأن مداراتهم لا تقترب من مسافة “نبتون” عن الشمس (حوالي 30 وحدة فلكية) فمن غير المرجح أن يتم سحب تلك الأجسام المنفصلة منه عبر التفاعلات مع الكوكب العملاق و يعتقد العلماء أنه من المحتمل أن تكون هناك قوة أخرى مسؤولة عن ذلك أيضا مثل كوكب عملاق غير مكتشف في مدار بعيد جدًا أو جاذبية النجوم المارة أو اضطرابات فى الجاذبية أثناء تشكل حزام كايبر منذ فترة طويلة .

القنطور

القنطور هي أجسام ذات مدارات تسافر عبر الفضاء بين مداري كوكب المشتري و نبتون و تتفاعل الأجسام الموجودة في هذه المدارات بقوة مع جاذبية الكواكب العملاقة و بسبب هذه المواجهات فإن معظمها إما أن يتم طرده من النظام الشمسي أو دفعه إلى النظام الشمسي الداخلي حيث تصبح مذنبات تصطدم بالشمس و الكواكب و يعتقد العلماء ان تلك الأجسام ربما تكون هربت مؤخرا نسبيا من حزام كايبر .

مكان كوكب بلوتو في حزام كايبر

في عام 1930 أصبح ” كوكب بلوتو ” أول جسم يتم اكتشافه في “حزام كايبر” و تم العثور عليه في وقت قبل أن يكون لدى علماء الفلك سبب لتوقع وجود عدد كبير من العوالم الجليدية خارج “نبتون” و يُعرف ذلك الكوكب اليوم باسم “ملك حزام كايبر” و هو أكبر جسم في المنطقة على الرغم من أن جسمًا آخر مشابه في الحجم يُدعى “إيريز” له كتلة أعلى قليلاً و يقال إن مدار “بلوتو” يتوافق مع مدار “نبتون” بنسبة 2:3 أى لكل ثلاثة مدارات أكملها نبتون حول الشمس يصنع “بلوتو” مدارين و في هذه الحالة لا يقترب “بلوتو” من “نبتون” بما يكفي ليتأثر كثيرًا بجاذبيته و في الواقع و على الرغم من أن مداره يعبر مدار “نبتون” فإن “بلوتو” يقترب فعليًا من “أورانوس” أكثر من أي وقت مضى من “نبتون” .

أقمار و ثنائيات حزام كايبر

هناك عدد كبير نسبيًا من أجسام “حزام كايبر” إما لها أقمار أي أجسامًا أصغر بكثير تدور حولها أو هي أجسام ثنائية أى أزواج من الأشياء المتشابهة نسبيًا في الحجم أو الكتلة و التي تدور حول نقطة أى مركز كتلة مشترك يقع بينهما .

أروكوث

حلقت مركبة الفضاء “نيو هورايزونز” التابعة لوكالة ناسا بالقرب من “أروكوث” عام 2019 بعد أربع سنوات من اكتشافه من خلال تليسكوب هابل حيث يعتبر ذلك الجسم هو أبعد شئ استكشفته مركبة فضائية على الإطلاق فى “حزام كايبر” بعد ما يقرب من أربع سنوات من رحلتها التاريخية عبر نظام بلوتو في يوليو عام 2015 حيث التقطت صورًا لأروكوث أظهرت جسمًا مزدوج الفصوص يشبه رجل ثلج أحمر مسطح جزئيًا .

العلاقة بالمذنبات

يعتبر “حزام كايبر” هو مصدر للمذنبات لكنه ليس المصدر الوحيد و اليوم يُعتقد أنه يتآكل ببطء شديد حيث تتصادم الأجسام هناك من حين لآخر و تنتج شظايا الاصطدام أجسامًا أصغر حجماً قد يتحول بعضها إلى مذنبات حيث تدفع تلك القطع الناتجة بواسطة جاذبية “نبتون” إلى المدارات التي ترسلها باتجاه الشمس حيث يقوم المشتري بتجميعها في حلقات قصيرة تدوم 20 عامًا أو أقل و تسمى بالمذنبات قصيرة المدى نظرًا لرحلاتهم المتكررة إلى النظام الشمسي الداخلي و التى تؤدى الى استنفاذ جليدهم المتطاير بسرعة إلى حد ما و يصبحون في نهاية المطاف نائمة أو ميتة مع نشاط ضئيل أو معدوم .

كما وجد الباحثون أن بعض الكويكبات القريبة من الأرض هي في الواقع مذنبات محترقة و كان معظمها قد بدأ في ذلك المكان حيث تصطدم العديد من المذنبات بالشمس أو الكواكب و تميل تلك التي لديها لقاءات قريبة مع المشتري إلى التمزق أو التخلص منها خارج النظام الشمسي تمامًا و يعتبر المصدر الآخر للمذنبات هو سحابة “أورت” حيث تأتي معظم المذنبات طويلة الأمد في مدارات شديدة الميل .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *