الدب فوتيك الحيوان الذى كان أحد أبطال الحرب العالمية الثانية

لا يقتصر وجود الحيوانات على الكتب العلمية التى تتحدث عن مواصفاتها و طبيعة معيشتها و لكن يتواجد بعض منها فى كتب التاريخ بصفتهم أبطال أستطاعوا من خلال أفعالهم أن ينالوا التقدير و الإحترام اللائق من بنى البشر و اذا نظرنا الى قائمة تحمل أسمائهم سنجد على سبيل المثال حيوان الهاسكى بالتو الذي ساعد في نقل أحد مضادات السموم لمسافة تجاوزت الألف كيلومتر عبر ولاية ألاسكا فى الولايات المتحدة رغم صعوبة الطقس و هناك الكلبة لايكا التى استطاعت ان تكون أول كائن حى يصعد الى الفضاء و كان نجاحها ايذانا بدخول البشرية الى مرحلة جديدة يخرجون فيها من حدود كوكب الأرض اضافة الى النعجة دوللى التى كانت شاهدة على نجاح أول عملية استنساخ لحيوان ثديي و أخيرا الدب فوتيك الذى يعتبر احد مشاهير الحرب العالمية الثانية و كان بمثابة أيقونة الحظ للقوات البولندية و مصدرا لرفع الروح المعنوية ليس لوجوده معهم فقط بل و لمشاركته فى المعارك و مساعدة الجنود فى نقل الزخيرة لهم .

فمع اندلاع الحرب العالمية الثانية تحملت بولندا جزءًا كبيرًا من الصدمات المرتبطة بها و التى بدأت بغزو ألمانيا لأراضيها فى سبتمبر عام 1939 بالتزامن مع غزو من قبل الاتحاد السوفيتى ( روسيا حاليا ) حيث كانت البلاد ضحية إتفاق تقاسم بين أدولف هتلر و جوزيف ستالين و بعد أن أخل النازيين بعهدهم سمح السوفييت للبولنديين بإنشاء جيشهم الخاص و على الرغم من وجودهم من الناحية الفنية على الأراضي السوفيتية لكنه تم تشكيله بالفعل و أصبح الفيلق البولندي الثاني بقيادة الجنرال ” فلادسلاو أنديرز ” و في ربيع عام 1942 غادر الجيش المشكل حديثًا الاتحاد السوفياتي متوجها إلى “إيران” بجانب آلاف المدنيين البولنديين الذين تم إطلاق سراحهم من معسكرات الاعتقال السوفيتية و هناك التقى البولنديين المتنقلين بصبي إيراني في بلدة “همدان” و معه شبل لدب يتيم قتلت والدته برصاص الصيادين و كانت “إيرينا بوكيفيتش” أحد البولنديات الموجودين فى المكان و مفتونة بالشبل لدرجة أنها دفعت أحد الظباط لشراءه مقابل بضع علب من الطعام ليمضى الأشهر الثلاثة التالية في مخيم للاجئين البولندي الذى أقيم بالقرب من طهران و بعدها تم التبرع به للكتيبة الثانية و العشرين لامداد المدفعية و يطلق عليه الجنود اسم ” الدب فوتيك ” .

و أصبح ” الدب فوتيك ” جزءًا هاما من الكتيبة المنضوية تحت لواء الفيلق الثانى و اطلق عليه ذلك الإسم لأن ترجمته بالبولندية تعنى “الجندي السعيد” و ظل مرافق للفيلق و ينتقل معهم الى الشرق الأوسط حيث شقت الوحدة طريقها للانضمام إلى فرقة الكاربات الثالثة للجيش البريطاني في “فلسطين” حيث كان أثناء وجوده معهم له بعض من العادات الفضولية مثل شرب الحليب من زجاجة فودكا قديمة و حتى شرب البيرة و النبيذ و يدخن السجائر مع رفاقه في الجيش بل و يتصارع معهم كنوع من المزاح تمامًا كما يفعل أي جندي كما علموه كيفية استقبال المجندين الجدد من خلال امساكهم من أحذيتهم ليعطيهم شعور بأنه سيأكلهم بل إنه تعلم التحية عندما يقابل مقاتلى كتيبته و كان يطارد البرتقال الذي يستخدمه الرجال للتدرب على القاء القنابل اليدوية و تعلم كيفية اقتحام أكواخ الاستحمام المشتركة و تشغيل الحمام بمفرده و كانت هذه مشكلة للكتيبة لأن المياه كانت بتقنين و سرعان ما أصبح ” الدب فويتك ” مصدرًا للتفاؤل و السعادة بين الجنود في خضم الحرب .

و بعد انتقال الكتيبة من ” فلسطين ” الى ” مصر ” كادت أن تحدث مشكلة بسبب وجود ” الدب فوتيك ” معهم فخلال استعدادهم للصعود على متن احدى السفن للإنضمام إلى حملة الحلفاء ضد “إيطاليا” في مدينة “نابولي” رفض المسؤلين في ميناء الإسكندرية السماح للدب بالعبور معهم لأنه لم يكن رسميًا جزءًا من الجيش و فى حل سريع لتلك الإشكالية جعله الجنود مقاتلا رسميا فى الفيلق البولندي الثاني و أعطوه رتبة و رقم خدمة و دفتر رواتب لإضفاء الشرعية على وضعه و خصصوا اثنان من الجنود لرعايته و نجح الأمر و انضم إلى رفاقه على متن السفينة و هذه المرة كعضو عامل و بشكل قانوني في الجيش البولندى و بحلول الوقت الذي وصلت فيه الوحدة إلى إيطاليا كان ” الدب فوتيك ” قد نما بشكل ملحوظ من شبل إلى حيوان بالغ و لمحاولة الاستفادة من حجمه و قوته قامت الكتيبة بتعليمه كيفية حمل صناديق قذائف الهاون التى يبلغ وزنها 45 كيلوجراما و قيل إنه فعلها دون أن يفشل خلال معركة “مونتي كاسينو” الدموية بعد أن كان على خطوطها الامامية و التى لم ينجو منها ” الدب فوتيك ” فحسب بل احتل مكانة أسطورية وسط الجنود بعد إظهار شجاعته فيها دفعت القيادة البولندية العليا لترقيته الى رتبة عريف و وضعه كشعار رسمي للكتيبة الثانية و العشرين لتزويد المدفعية و كان على هيئة دب يحمل قذيفة و أصبح من المشاهير بعد زيارات له من قبل جنرالات الحلفاء و رجال الدولة.

أقرأ أيضا : تعرف على السلحفاة جوناثان أقدم كائن حي على وجه الأرض

و عندما انتهت الحرب في عام 1945 تم تسريح القوات البولندية في جميع أنحاء العالم لكن لم يكن من الواضح أين سيعيش الدب و بدأ نوع من شد الحبل السياسي حيث لم يرغب القائمون على رعايته في عودته إلى “بولندا” لأنهم كانوا خائفين من أن تتبنى الحكومة الوليدة التي يسيطر عليها السوفييت الدب كرمز للشيوعية و هو عكس ما كانت تلك القوات البولندية تقاتل من أجله لذلك ذهب الى أسكتلندا و يعيش فى قرية تسمى ” هوتون ” في مقاطعة ” بيرويكشاير ” و تحديدا في مزرعة كان يعيش فيها مع مقاتلين بولنديين سابقين آخرين بشكل مؤقت حيث تم الاحتفاء به و اطعامه الحلويات مثل العسل والمربى و لعب كرة القدم معه و يحضر الرقصات و الحفلات الموسيقية و حفلات الأطفال المحلية حيث كانوا يتعاملون معه مثل الإنسان تقريبا لدرجة أن الرابطة البولندية الاسكتلندية جعلته عضوًا فخريًا بها و بعدها انتقل الى احدى حدائق حيوان “إدنبرة” حيث تقول التقارير أن الدب كان يشعر بالسعادة عندما يسمع الزوار يتحدثون البولندية الى ان توفى فى في 2 ديسمبر عام 1963 عن عمر ناهز 21 عاما و كان ارتفاعه وقتها أكثر من 1.8 متر و يزن 500 كيلوجرام و تم تكريمه بتمثال من البرونز فى اسكتلندا عام 2005 .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *