الصهيونية

الصهيونية هى حركة سياسية بنيت على أسس دينية من خلال مجموعة من المزاعم تتمحور حول فكرة إعادة آلاف اليهود المنتشرين فى جميع أنحاء العالم إلى وطنهم القديم الموجود في منطقة الشرق الأوسط و تأسيس دولة تكون موقع مركزي للهوية اليهودية و التى أصبحت لاحقا تعرف بإسم إسرائيل و التى تم تكوينها على حساب أجزاء من الأراضي الفلسطينية حيث تسببت تلك الحركة و أفكارها فى إندلاع سلسلة من الحروب عرفت بالصراع العربي الإسرائيلي الذى امتد على مدار عقود و لا يزال مستمرا حتى اللحظة و رغم وجود أنصار لتلك الحركة يستميتون للدفاع عنها و عن أفكارها الا أنه يوجد أيضا لها الكثير من المعارضين الذين يصفوها بأنها حركة تحمل أفكار عدوانية و تمييزية غير مقبولة .

ما هى الصهيونية و تاريخها ؟

الصهيونية هي حركة تهدف الى إعادة الوجود اليهودي في “إسرائيل” حيث يأتي ذلك الإسم من كلمة “صهيون” و هو مصطلح عبري يشير إلى “القدس” حيث أعتبر اليهود عبر التاريخ أن هناك مناطق معينة في ما يعرف حاليا بدولة “إسرائيل” مقدسة و يوجد فى كتابهم المقدس ” التوارة ” نص يشير الى قصص الأنبياء القدماء الذين أمرهم الله بالعودة إلى هذا الوطن المزعوم و على الرغم من أن الفلسفات الأساسية للحركة الصهيونية موجودة منذ مئات السنين الا أن الصهيونية الحديثة قد ترسخت رسميًا أواخر القرن التاسع عشر حيث كان فى تلك الفترة يواجه اليهود في جميع أنحاء العالم ظاهرة متزايدة عرفت بإسم معاداة السامية .

و يعتقد بعض المؤرخين أن الأجواء المتوترة المتزايدة التى حدثت بين اليهود و الأوروبيين ربما تكون هى من أطلقت الحركة الصهيونية ففي إحدى الحوادث التي وقعت عام 1894 تم إتهام ضابط يهودي في الجيش الفرنسي يُدعى “ألفريد دريفوس” بالخيانة العظمى و تمت إدانته زوراً حيث أثار ذلك الحدث الذي عُرف بإسم “قضية دريفوس” ، غضبًا بين الشعب اليهودي و كثيرين غيرهم و نتيجة لذلك بدأ اليهود المضطهدين الذين كانوا يكافحون من أجل إنقاذ هويتهم في الترويج لفكرة العودة إلى وطنهم و استعادة الثقافة اليهودية هناك .

تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية الحديثة
تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية الحديثة

و بعد ذلك تأسست الصهيونية الحديثة رسميًا كمنظمة سياسية عام 1897 على يد صحفيا يهوديا و ناشطا سياسيا من ” النمسا ” يدعى ” تيودور هرتزل ” الذى كان مؤمنا بأن السكان اليهود لا يمكنهم البقاء على قيد الحياة إذا لم يكن لديهم أمة خاصة بهم و بعد قضية ” دريفوس ” أصدر ” هرتزل ” كتاب بعنوان ” الدولة اليهودية ” دعا فيه إلى الحصول على اعتراف سياسي بوطن لليهود في المنطقة التي كانت تُعرف آنذاك بإسم “فلسطين” و في عام 1897 نظم “هرتزل” المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد بمدينة ” بازل ” فى ” سويسرا ” كما أسس المنظمة الصهيونية العالمية و أصبح أول رئيس لها و على الرغم من وفاته عام 1904 أى قبل سنوات من إعلان دولة “إسرائيل” رسميًا إلا أنه غالبًا ما يعتبره أتباع تلك الأيديولوجيا “والد الصهيونية الحديثة” .

المؤتمر الصهيوني الأول فى مدينة بازل بسويسرا
المؤتمر الصهيوني الأول فى مدينة بازل بسويسرا

و في عام 1917 كتب وزير الخارجية البريطاني أنذاك “آرثر جيمس بلفور” رسالة إلى البارون “روتشيلد” و هو زعيم ثري و شخصية بارزة في الجالية اليهودية البريطانية أعرب فيها عن دعم الحكومة البريطانية لإقامة وطن لليهود في “فلسطين” و نُشرت تلك الرسالة في الصحف بعد أسبوع من إرسالها و أصبحت تُعرف في النهاية باسم “وعد بلفور” و الذى تم تضمين نصه فى الإنتداب على “فلسطين” و هي وثيقة أصدرتها عصبة الأمم عام 1923 و أعطت لـ “بريطانيا العظمى” مسؤولية إنشاء وطن قومي لليهود في تلك المنطقة التي تسيطر عليها حيث لعب اثنان من الصهاينة المعروفين و هم “حاييم وايزمان” و “ناحوم سوكولو” أدوارًا مهمة في الحصول على “وعد بلفور” المشئوم .

توطين اليهود فى فلسطين

نتيجة صعود الصهيونية العالمية فقد أدى ذلك لحدوث هجرة جماعية لليهود إلى ” فلسطين ” حيث تم نقل حوالي 35 ألف يهودي إلى المنطقة بين عامي 1882 و 1903 و أضيف إليهم نحو 40 ألف آخرين بين عامي 1904 و 1914 و بعد ذلك كان يعيش معظم اليهود – حوالي 57 بالمائة منهم – في أوروبا عام 1939 و مع حلول نهاية الحرب العالمية الثانية و ما شهدته من ويلات خاصة عليهم انخفض العدد و أصبح حوالي 35 بالمائة فقط من السكان اليهود هم من لا يزالون يقيمون في الدول الأوروبية و في عام 1949 ، انتقل أكثر من 249 ألف مستوطن يهودي إلى ” فلسطين ” حيث كان هذا هو أكبر عدد من المهاجرين يصل الى تلك المنطقة في عام واحد ثم بدأ عدد السكان من اليهود في التزايد من حوالي 500 ألف شخص عام 1945 إلى 5.6 مليون نسمة في عام 2010 و اليوم أصبح يعيش حوالي 43 في المائة من يهود العالم في إسرائيل .

توافد اليهود من جميع دول العالم الى فلسطين استجابة لدعوات الحركة الصهيونية
توافد اليهود من جميع دول العالم الى فلسطين استجابة لدعوات الحركة الصهيونية

الصهيونية و الحرب العالمية الثانية

عانى العديد من اليهود الذين عاشوا في “روسيا” و دول قارة أوروبا من اضطهاد مروّع أثناء المذابح الروسية و تحت نيران الحكم النازي و يقدر معظم المؤرخين أن حوالي 6 ملايين يهودي قتلوا في أوروبا أثناء تلك الفترة لذلك فخلال السنوات التي سبقت و حتى فى وقت الحرب العالمية الثانية هرب آلاف من اليهود الأوروبيين إلى “فلسطين” أو مناطق أخرى هربًا من الأنشطة العدائية ضدهم و بعد انتهاء الحرب و ترويجهم للهولوكوست بدأ القادة الصهاينة فى الدعوة الى فكرة قيام دولة يهودية مستقلة بهم و مع انتهاء الإنتداب البريطاني على فلسطين و إنسحاب الجيش البريطاني تم إعلان “إسرائيل” رسميًا دولة مستقلة في 14 مايو عام 1948 .

الحركة الصهيونية فى زمننا المعاصر

منذ أن بدأت الصهيونية قبل أكثر من 125 عامًا تطورت و ظهرت منها أيديولوجيات مختلفة سواء على الصعيد السياسي أو الديني أو الثقافي حيث يختلف العديد من الصهاينة أنفسهم مع بعضهم البعض حول المبادئ الأساسية فبعض أتباع الصهيونية متدينين بشدة و البعض الآخر علمانيين و عادة ما يريد “اليساريين الصهاينة” حكومة أقل تديناً و يؤيدون فكرة التنازل عن بعض الأراضي التي تسيطر عليها “إسرائيل” مقابل السلام مع الدول العربية أما ” اليمينيين الصهاينة ” فهم متزمتون و يدافعون عن حقوقهم المزعومة في الأرض و يفضلون دائما حكومة قائمة على التقاليد الدينية اليهودية .

كما تشهد الحركة الصهونية على مدار وجودها جدلا كبيرا حيث يرى أنصارها أنها محاولة مهمة لتوفير الملجأ للأقليات المضطهدة و إعادة إنشاء المستوطنات في “إسرائيل” بينما على الجانب الأخر فيقول منتقديها أنها أيديولوجية متطرفة تميز اليهود على حساب الأعراق الأخرى فعلى سبيل المثال بموجب قانون العودة الإسرائيلي عام 1950 فيحق لليهود المولودين في أي مكان في العالم أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين بينما لا يتم منح الآخرين مثل هذا الامتياز و دائما ما يعارض العرب و الفلسطينيين الذين يعيشون في “إسرائيل” و حولها فكرة الصهيونية كما أن هناك العديد من اليهود الذين يعيشون فى دول أخرى لا يوافقون على تلك الحركة لأنهم لا يعتقدون أن فكرة الوطن القومي ضرورية لدينهم .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *