عندما تطورت البشرية و أصبحت التكنولوجيا أمرا أساسيا فى حياة الإنسان صارت المعيشة أكثر سهولة و فى عالم يعاني حاليا من كثرة الملوثات المنتشرة فى كل مكان بشكل أصبح يمثل مصدر تهديد على الكائنات الحية كان لزاما الإستعانة بالتكنولوجيا مجددا لمحاولة كبح جماح تلك المخاطر فبعد صدور بعض من الدراسات التى أشارت الى أن 39 % من جميع انبعاثات الكربون في العالم تأتى من صناعات البناء و التشييد بدء العلماء و المختصين فى محاولة البحث عن حلول أو بدائل لتلك المعضلة و توصلوا أخيرا الى فكرة المنزل المطبوع الثلاثي الأبعاد و الذى لا يتميز بشكله الجذاب أو سهولة تجميعه فى يومين فقط و رخص تكلفته و لكنه مكون من عناصر صديقة للبيئة تحد من إنبعاثات تلك الملوثات الكربونية بشكل يجعله طفرة حقيقيه فى مستقبل حياة الإنسان .
و تم الكشف عن المنزل المطبوع الثلاثي الأبعاد فى أغسطس عام 2020 بجمهورية التشيك حيث تم بناء النموذج الأولي الرائع منه في “سيسك بوديوفيتش” في فترة لم تتجاوز 48 ساعة فقط و بمجرد الانتهاء من تجفيف مكوناته تم شحنها إلى العاصمة “براغ” ليطفو المنزل فوق نهر “فلتافا” ليكون مرأى أمام الجمهور و وفقًا لشبكة يورونيوز الإخبارية فقد أطلق على مشروع المنزل المطبوع الثلاثي الأبعاد و المثير للإعجاب اسم ” بروفوك اود بورينكى ” و الذى جاءت فكرته من عقل النحات “ميشال ترباك” بالتعاون مع شركة ” بورينكا ” و هي شركة إنشاءات و إسكان متخصصة في الطباعة ثلاثية الأبعاد حيث أستغرق بناء مكونات المنزل 22 ساعة فقط بينما لم يستغرق تجميعه بشكل صحيح أكثر من يومين و على الرغم من أن هذا يعتبر أمر رائع بالتأكيد إلا أن التصميم الداخلي و الهندسة المعمارية الواعية للاستدامة أكثر روعة .
أقرأ أيضا : خمسة توقعات مستقبلية لتكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد ستغير العالم
و يتميز المنزل المطبوع الثلاثي الأبعاد بأنه يحصل على طاقته بشكل مجانى من الشمس عن طريق ألواح شمسية مُلصقة على سطحه الخارجي ثم يقوم بإستخدام مضخات حرارية لنقل الطاقة المحصودة الى الداخل التى تستغل فى التدفئة أو للحصول على الماء الساخن و يحتوي المنزل أيضا على غرفة معيشة متصلة بمطبخ مفتوح و غرفة نوم واحدة و حمام واحد به دش يعاد تدوير المياه به اضافة الى العديد من الخزانات لمياه الشرب و مياه المرافق و الصرف الصحي و هو منزل مناسب للتواجد فى جميع البيئات فرغم ان نموذجه الأولي سيكون فى قلب العاصمة اى المدن الا انه يمكن وضعه فى الغابات أو فى أى مكان أخر حيث يشغل مساحة 43 متر مربع فقط .
و يتكون المنزل المطبوع الثلاثي الأبعاد و الذى تم بناءه بواسطة ذراع آلية من خليط خرساني تم تطويره بشكل خاص لجعل الغلاف أو الهيكل المطبوع للمنزل أقوى بثلاث مرات مما لو تم استخدام الخرسانة العادية لذلك فهو يستطيع أن يتحمل انهيار جليدي و للتأكيد على ذلك أجرى المركز التجريبي لكلية الهندسة المدنية في الجامعة التقنية التشيكية في براغ اختبارًا كاملًا للمقاومة الميكانيكية له و تم إثبات ذلك بالفعل و يشير الرئيس التنفيذى للشركة المنتجة له أنه مقارنة بالمباني التقليدية المبنية من الطوب فإن المنزل المطبوع الثلاثي الأبعاد يولد انبعاثات أقل بنسبة تصل إلى 20 بالمائة من ثاني أكسيد الكربون و هى نسبة منخفضة من التي يهدف اليها الاتحاد الأوروبي الذى يريدها 30 بالمائة بحلول عام 2030 كما لا يتطلب الأمر سوى حوالي 25 عاملاً لطباعة منزل واحد بدلاً من 65 فرد اضافة الى أنه يمكن مستقبلا لمالكيه هدمه بسهولة عند وصوله الى نهاية عمره الإفتراضى و طباعته مرة أخرى بنفس المادة مباشرة على نفس الموقع .
أقرأ أيضا : الغابات العمودية .. فكرة مذهلة لتغيير نمط المدن و جعلها أكثر صحيه
و نظرا لأهمية المنزل المطبوع الثلاثي الأبعاد فى القطاع العقارى و البيئي فيتم دعوة الكثيرين من العاملين فى قطاعات البناء من مهندسين و عمال الى محاولة الاهتمام بفكرة المنزل المطبوع بتقنية الثلاثية الأبعاد فهو من ناحية مفيد للبيئة و يقلل من معدل الانبعاثات و من ناحية أخرى سهل التركيب و قليل فى التكاليف اضافة الى انه يعتبر حل أكيد لمشكلة الفجوة التى تكونت بين زيادة الطلب على البناء مقابل انخفاض اليد العاملة الماهرة فى تنفيذه لذلك فتأمل الشركة المنفذة لذلك المشروع أن تؤخذ الفكرة فى الإعتبار مستقبلا .