صندوق الضمير .. ملاذ وفرته الحكومة الأمريكية لمن أختلس أموال من الدولة ثم أستيقظ ضميره

تقوم عادة المؤسسات الخيرية بكل مكان فى العالم بنشر بعض من صناديق التبرعات ليضع الناس فيها جزء من أموالهم للمشاركة فى اغراض خيرية لمساعدة الأسر الفقيرة او المساهمة فى انشاء مبانى خدمية بأسعار رمزية و لكن يبدو أن الوضع يختلف قليلا مع الحكومات بعد أن قامت الولايات المتحدة بإنشاء صندوقا تختلف فكرته تماما عن المتعارف عليه و أطلقت عليه إسم صندوق الضمير بغرض تلقى أموال من أى أشخاص قد يتولد لديهم الشعور بالذنب بعد حصولهم على أى مبالغ مالية من الحكومة الأمريكية دون وجه حق بالسرقة أو الإحتيال كنوع من أنواع التكفير عن الذنب و رغم طرافة الأمر الا أنه بالفعل بدأ فى تلقى الكثير من الأموال و التى وصلت الى الملايين على مدار السنوات المتعاقبة .

و يعتبر “صندوق الضمير” هو واحد من ثلاثة صناديق هدايا تديرها وزارة الخزانة الأمريكية و يستخدم للتبرعات القادمة من الأشخاص الذين سرقوا أو احتالوا على حكومة الولايات المتحدة و ترجع فكرته الى فترة الحرب الأهلية الأمريكية حين تلقت وزارة الخزانة شيكًا بقيمة 1500 دولار من مواطن مجهول قال إنه اختلس أموالًا حكومية أثناء خدمته في الجيش و شعر بالذنب نحو ذلك و هو ما دفعه الى إرسال ذلك الشيك كتكفير عن ما فعله و هو ما دفع وزير الخزانة “فرانسيس سبينر” الى اقتراح إنشاء ذلك الصندوق و الإعلان عنه في الصحف لأنه ربما ستحصل الحكومة على المزيد من الأموال و أنشأ بالفعل ” صندوق الضمير ” رسميا عام 1811 و تلقى 5 دولارات خلال عامه الأول و بعد مرور 20 عاما كانت التبرعات قد وصلت الى 20 ألف دولار و بالوصول الى عام 1987 كان قد وصل إجمالى الأموال الى 5.7 مليون دولار أمريكي و هو أخر رقم اجمالى رسمى تم رصده و الإعلان عنه مما يشير الى أن المبلغ الحالى أعلى بكثير رغم المؤشرات التى تقول أن الصندوق تلقى أموال أقل بكثير في السنوات الأخيرة حيث تم التبرع بمبلغ 1.1 مليون دولار في عام 2014 ثم انخفض الى 427 ألف دولار عام 2015 و بحلول عام 2016 وصل إلى 23 ألف دولار فقط و في عام 2017 لم يشهد سوى تبرعًا واحدًا بمبلغ 1600 دولار .

وزارة الخزانة الأمريكية

و من أجل تشجيع المواطنين على المساهمة فى ” صندوق الضمير ” فلا يحاول مسؤولوا الخزانة البحث عن هويات المتبرعين أو معاقبتهم لذلك فمعظم التبرعات تأتى من أفراد أو أماكن مجهولة المصدر حيث يتم إرسال العديد من المساهمات من قبل المواطنين الذين عقدوا العزم على البدء من جديد في الحياة من خلال تصحيح أخطاء الماضي و ذلك من خلال ارسال الأموال فى صورة حوالة بريدية أو شيك مصرفي أو وضع نقودا داخل مظروف أو بالتنسيق مع محامي و يتم ارسالها الى المكان المعنى بتلقى تلك الاموال و حتى على فرض أنه تم التعرف على هويتهم و معرفة عناوينهم فيتم توجيه رساله شكر اليهم كما يأتى الى ” صندوق الضمير ” أيضا رسائل أخرى يكون مرسليها رجال الدين الذين يمتثلون لرغبات أفراد على فراش الموت خلال اعترافاتهم و لديهم الرغبة فى التكفير عن أخطاء قد فعلوها فى حياتهم السابقة .

و من ضمن التبرعات التى تصل الى ” صندوق الضمير ” فقد يحتوى بعضها على رسائل طريفة حيث ساهم رجل من ولاية “ماساتشوستس” بتسعة سنتات لاستخدامه طابع تالف على أحد الخطابات و من شخص اخر كان قد سرق شيئا من احدى محطات القطارات بقيمة 25 دولارا الا انه و بعد مرور 8 سنوات على فعلته استيقظ ضميره و يرسل الى ذلك الصندوق 50 دولارا و في عام 1990 أرسل فرد واحد مبلغ 155 ألف دولار و هو مبلغ ضخم للغاية فى ذلك الوقت مما يشير الى أن الجرم المرتكب يحمل طابع كارثى بينما أرسل شخص من مدينة “جيرسي” 40 ألف دولار أمريكي على عدة أقساط لأنه أختلس أموال حكومية بقيمة 8000 دولار أمريكي كان قد أخذها سابقًا و أرسلت متبرعة أخرى لحافًا مصنوع بشكل يدوى في محاولة لتسوية فاتورتها الضريبية كما أنه فى عام 2004 تلقى ” صندوق الضمير ” رسالة من أحد الأشخاص يقول فيها بأنه لم يتمكن من النوم ليلاً لأنه خدع الحكومة فى ضريبة الدخل المستحقة عليه في العام الماضي لذلك فهو يرفق مع تلك الرسالة شيك بمبلغ 1000 دولار و أنه إذا لم يستطيع النوم مجددا فسوف يرسل لهم أموال أخرى .

أقرأ أيضا : قبل أن تكون المنبهات في متناول الجميع كيف كان الناس فى الماضى يستيقظون من نومهم

و بسبب ارتباط الصندوق بأموال غير مشروعة و حمله سمعة سيئة فيعترض بعض الناس على ربط اموالهم المعادة الى ” صندوق الضمير ” فعندما تطوع الرئيس آنذاك “هربرت هوفر” وحكومته لخفض أجورهم عام 1932 أصدر تعليمات للخزانة بوضع الراتب المعاد في الصندوق العام بدلاً من صندوق الضمير حتى لا يفهم الناس انها اموالا غير مشروعه كما أن التبرعات فى ذلك الصندوق ليست معفاة من الضرائب و يتم اعادة صرفها من خلال الميزانية العامة للدولة و يعتقد المراقبون ان السبب فى انخفاض عائدات ذلك الصندوق فى السنوات الأخيرة يرتبط بشكل كبير بنسبة الثقة فى الحكومة الأمريكية و لكنهم يستبعدون أن يتم تفكيك ذلك الصندوق و الغاءه مستقبلا .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *