مع حلول عام 1997 صدر فيلم الخيال العلمي إتصال Contact و كان من بطولة الفنانة جودي فوستر و الفنان ماثيو ماكونهي و من إخراج المخضرم روبرت زيميسكس و الذي أستندت قصته علي إحدي كتب العالم الأمريكي الشهير كارل ساجان و يتناول عثور عالمة علي دليل قاطع عن وجود حياة ذكية خارج كوكب الأرض و من خلال أحداثه يناقش كيفية التعامل مع ذلك الأمر من وجهة نظر العسكريين و الزعماء الدينيين و حتي العلماء المنافسين و علي الرغم من تحقيق فيلم إتصال Contact نجاح كبير في قاعات السينما و حصدت من خلاله الشركة المنتجة وارنر بروس أرباح خيالية إلا أنه كان مصدر إزعاج للرئيس الأمريكي أنذاك بيل كلينتون و مثار إمتعاض لإدارته داخل البيت الأبيض .
كان سبب تلك الأزمة هو أن فيلم إتصال Contact قد أظهر لقطات حقيقية لرئيس ” الولايات المتحدة ” أثناء إنعقاد مؤتمر صحفي عام 1996 و هو يتحدث آنذاك عن صخرة يعتقد أنها أتت من كوكب المريخ و وصلت إلي كوكب الأرض في كشف علمي كبير و خلال المؤتمر ألقي كلمة قال فيها :
“إذا تم تأكيد هذا الاكتشاف فسيكون أحد أكثر الرؤى المذهلة في عالمنا التي كشف عنها العلم على الإطلاق لأن آثاره بعيدة المدى ستكون مذهلة بقدر ما يمكن تخيله و علي الرغم من أنه يحمل إجابات لبعض من أقدم أسئلتنا الا أنه لا يزال يطرح أمامنا أسئلة أخرى أكثر جوهرية و سنواصل الإستماع عن كثب لما يقال و سنواصل البحث عن إجابات من أجل المعرفة التي هي تعتبر قديمة من قدم البشرية نفسها و لكنها ضرورية لمستقبل شعبنا. “
و لكن ما حدث هو أن المخرج ” روبرت زيميسكس ” قد قام بأخذ تلك اللقطات و قام بإستغلالها و تحريرها لجعلها تبدو كما لو أن الرئيس ” بيل كلينتون ” يتحدث من خلال تلك الكلمة داخل غرفة الصحافة مع “جودي فوستر” و “جيمس وودز” و ممثلين آخرين عن الرسائل التي يبدو أنها جاءت من مصادر تابعة لكائنات فضائية خارج كوكبنا كما تتماشي قصة الفيلم تماما كما فعل في فيلمه السابق ” فورست جامب ” حين مزج بسلاسة تفاعل الممثل “توم هانكس” مع الرئيس “نيكسون” الا أنه من الواضح أن الأمر قد تغير مع الإدارة الأمريكية تلك المرة و التى قدمت شكوي إلي الشركة المنتجة بشأن تلك اللقطات .
و كان الجوهر الرئيسي لتلك المشكلة التى أثارت إمتعاض البيت الأبيض هو أن صانعي فيلم إتصال Contact لم يطلبوا الإذن بإستخدام تصريحات الرئيس الأمريكي ” كلينتون ” بزعم أن أستخدام تلك المواد بذلك الشكل كان أمر غير مناسب و من ناحيته أكد متحدث بإسم الشركة المنتجة ” وارنر بروس ” بأن الأستوديو منفتحا مع البيت الأبيض بشأن تسوية تلك المسألة في الوقت الذي تعالت فيه بعض من الأصوات المدافعة عن حق الأستوديو فى إستغلال تلك اللقطات لأن الرئيس يعتبر شخصية عامة و من حق أي شخص الإعتماد علي تلك اللقطات بإعتبارها محاكاة ساخرة بموجب التعديل الأول لدستور “الولايات المتحدة” الذي يجيز ذلك الأمر إلا أن المتحدث الرسمي لكلينتون “مايك ماكوري” قال أن الأمر مختلف لأنه تم إستخدام صورة الرئيس و مشاهده بطريقة تجعل المشاهد يعتقد أنه قال شيئًا لم يقله حقًا .
و مع زيادة الجدل و لمحاولة إنهائه أقرت شركة ” وارنر براذرذ ” بأنهم لم يمتلكوا موافقة رسمية على إستخدام تلك اللقطات داخل فيلم إتصال Contact و في المقابل لم يسعي البيت الأبيض إلى سحب الفيلم أو حتى طلب إعادة تحريره و إزالة تلك اللقطات و ربما كان الهدف الأساسي من من تحرك البيت الأبيض هو أن إدارة الرئيس كلينتون أرادت إثارة قضية الإستخدام غير المصرح به لصورته لثني الآخرين عن تجربة شيء مشابه في المستقبل خاصة و أن تلك هي السابقة الأولي التى يتم فيها إظهار الرئيس الأمريكي الحقيقي داخل سياق الفيلم بعكس ما كان يحدث سابقا من الإعتماد علي أحد الممثلين للقيام بالدور .
أقرأ أيضا : مزرعة الحيوانات .. فيلم الرسوم المتحركة الذى قامت المخابرات الأمريكية بإنتاجه لمحاربة الشيوعية
و لكن نستطيع القول أن ذلك الجدل قد أنتهي بأن ظل المشهد سليما في جميع نسخ الفيلم و بعدها لم يتم إستخدام صورة “كلينتون” مجددا في أفلام أخري و كذلك أي رئيس أمريكي لاحق تجنبا لإثارة تلك الأزمة مجددا .