مايكل مالوي ... الرجل صاحب المناعة المذهلة من القتل

دائما ما يقال ان للقطط سبعة أرواح و لكن هل من الممكن أن يشاركها الإنسان فى تلك المقولة ؟ الاجابة نجدها فى قصة أغرب من الخيال حدثت فى الولايات المتحدة خلال أوائل ثلاثينيات القرن الماضى على يد شخص يدعى مايكل مالوي و الذى نجا من بعض المؤامرات التى حيكت ضده للتخلص من حياته عن طريق خمسة من معارفه بغرض الحصول على قيمة مبلغ مالى قد خصص له كتأمين على الحياة و الغريب أنه كلما تعرض لمحاولة قتل و بطرق مختلفة كان يخرج منها سليما معافى و بشكل طبيعى أثار جنون الجناة كما و لو أن لذلك الشخص ملاك حارس ينقذه من كل تلك المحاولات .

القصة بدأت في يونيو عام 1932 حين وضع “توني مارينو” صاحب إحدى الحانات في منطقة “برونكس” بمدينة “نيويورك” مخططًا لتنفيذ عملية احتيال للتأمين على الحياة بالمشاركة مع بعض الأفراد و هم “جوزيف مورفي … فرانسيس باسكوا … هيرشي جرين … دانييل كريسبيرج ” و الذين عرفوا لاحقًا باسم “The Murder Trust” حيث لم يكن “مارينو” جديدًا بمجال الاحتيال في مجال التأمين على الحياة بعد أن قام بالفعل بحيلة مماثلة في العام السابق بعد قتله امرأة متشردة بلا مأوى و لا يوجد لها أقارب ثم تظاهر بانه قريب لها لتحصيل التأمين على الحياة و بعد نجاح الخطة قرر تكرراها و تلك المرة كانت عن طريق استخدام وكيل تأمين منحرف لخداع واحد من السكارى العديدين الذين يترددون على حانته و إقناعه بالاشتراك في خطة تأمين على الحياة و بعد موافقته يتم اخضاعه للشرب حتى الثمالة و بشكل يؤدى الى وفاته و بعدها يتقدم أحد الأشخاص بصفته قريب له للحصول على المبلغ التأمينى و كان يشترط ان يكون ذلك الشخص ليس لديه عائلة معروفة حيث وجدوا أن ذلك يتحقق فى “مايكل مالوي” الذى ظنوا أنه سيكون نعمة عليهم و لكن سرعان من أنقلب الى نقمة .

المتورطين الخمسة و فى الصورة الكبيرة توني مارينو

كان ” مايكل مالوي ” مهاجرًا أيرلنديًا مشردًا و كان يعمل في السابق رجل إطفاء و فى نفس الوقت بدوام كامل في حانة “مارينو” و معروفًا بأنه شخص سكير و لم يكن لديه عائلة و لا أصدقاء و كان يعتبر الهدف المثالي لخطة الفريق الشائنة و التى بدأوا بتنفيذها على الفور بخداع وكيل التأمين الفاسد لمالوي حيث تمكن بالفعل من الحصول على توقيعه على العديد من خطط التأمين كانت اثنتان منها مع شركة و واحدة مع شركة أخرى و بعد الإنتهاء من تلك المرحلة بدأ الاستعداد للخطوة التالية و هى التأكد من موته و بعد ذلك يتظاهر أحد المتآمرين بأنه قريب وهمي له ليجمع مزايا التأمين و الذى كان من المفترض أن يكون صافي الربح لكل فرد منهم يعادل حوالي 65 ألف دولار من أموال اليوم لذلك كان من المفترض يموت ” مايكل مالوي ” للحصول عليها و الأهم من ذلك أن يبدو الأمر كما و لو أنه عرضيًا .

الشيك الوحيد الذى صرف من شركة التأمين على مايكل مالوي

كانت الخطة الأصلية ببساطة أن يشرب ” مايكل مالوي ” حتى الموت و تحقيقا لهذه الغاية قدم “مارينو” عرضًا سخيًا بمنحه رصيدًا غير محدود في الحضور و البقاء و الحديث مما سمح له بشرب الكثير من الويسكي المهرّب بدون حساب حيث كان من المتوقع أن يسيء “مالوي” استخدام هذا الرصيد المجاني فى أحد الأيام و يشرب أكثر مما ينبغى و لكميات لا يتحملها الإنسان العادى و يؤدى الى وفاته الا أن ذلك لم يحدث بل كل يوم يأتى ذلك الرجل ليشرب أكثر و لا يموت و بعد فترة بدأ “مارينو” الذي نفد صبره في خلط مادة مانعة للتجمد في مشروباته و التى تعتبر بمثابة أحد المواد السامة و لكنها فشلت أيضًا في قتله و عبثا حاول ” مارينو ” اضافة مواد أخرى مثل زيت التربنتين و حتى سم الفئران في المشروبات من دون أى نتائج حيث كان ” مالوي” يشربها كما لو لم يكن هناك أى مشكلة كبيرة على الإطلاق و كان أقصى شئ يحدث له هو فقدانه الوعي ثم يعود في اليوم التالي كالمعتاد و لم ييأس المتأمرين بل حاولوا مجددا و قدموا له جرعات مباشرة من كحول الخشب النقي و كان الرجل يشربها كما لو لم يكن هناك شيئًا فقط يسكر على الرغم من أن كحول الخشب النقي كان يجب أن يقتله بالتأكيد اضافة الى أنه معروف بتسببه فى جعل الناس يصابون بالعمى و لكن ذلك كان ليس مع ذلك الشخص و حاول المتآمرون مرة أخرى و قدموا له شطائر تحتوى على مكونات مسمومه و مليئة بالعفن و زجاجات مكسورة و مسامير السجاد الا انه لم يتأثر على الاطلاق بل إنه حتى طلب المزيد و استمر “مالوي” الذي يبدو أنه لا يمكن إيقافه في القدوم لتناول مشروباته المجانية غير المحدودة و قد اتضح للمتأمرين أن هذا الأمر سيستغرق وقتًا أطول و أكثر تكلفة مما كان يتخيله أي شخص .

الحانه التى جرت فيها محاولات قتل مايكل مالوي

و أصبح من من الواضح أن فكرة التسميم بالطعام والشراب لم يكن لها أي تأثير على الإطلاق لذا قرر المتأمرين في إحدى الأمسيات الشتوية الباردة أن يسحب ” مايكل مالوي ” الذي أغمي عليه من الكثرة الشراب من خارج الحانة و يتم القاءه في الثلج و غمره بالماء البارد و تركه للتجمد حتى الموت لكنه ظهر في اليوم التالي معافى و لا يشتكى من أى شئ سوى البرد الشديد و من ناحيته أستمر المتأمرين المحبطين بالترتيب لدهس “مالوي” عن طريق الخطأ مرارًا و تكرارًا بواسطة سيارة أجرة و نجحت واحدة من تلك المحاولات و أصيب بالفعل بكسر في العظام و ارتجاج في المخ و كان من المنتظر اعلان وفاته الا انه بعد قضائه لعدة أسابيع فى المستشفى خرج منها بأتم صحة فى الوقت الذى بدأ يكتسب ألقاب وسط الناس مثل ” مايك المتين و مايك الحديدى و راسبوتين برونكس “و بدا واضحا للمتأمرين أنه يتعين عليهم قتله بشكل مباشر من أجل التأكد من وفاته و هداهم التفكير الى إطلاق النار عليه من قبل قاتل محترف و لكن استبعدوها الفكرة نظرا لأن العنصر المهم في وفاته هو أنها كان من الضرورى ان تظهر كما و لو أنها موتًا عرضيًا و هكذا في مساء يوم 21 من فبراير عام 1933 لجأوا إلى تركه يغمى عليه و هو في حالة سكر و بعد ذلك وجد خرطوم غاز طريقه إلى أنفه و تم لصق فمه و بعد ساعة من هذه التغذية العرضية للغاز مات ” مايكل مالوي ” أخيرًا بسبب التسمم بأول أكسيد الكربون ثم تم دفع أموال لطبيب فاسد ليوقع الوفاة على أنها التهاب رئوي .

أقرأ أيضا : منزل الأخوين كولير : أغرب مسكن شهدته الولايات المتحدة عبر تاريخها

بمجرد الانتهاء من قتله كان على المتأمرين التأكد من دفن الجثة بسرعة و بعد ذلك يبدأون فى جمع أموال التأمين و يأملون ألا يكون أحد معهم و لسوء حظهم اشتبهت احدى الشركات على الفور فى الأمر عندما لم يتم تقديم الجثة كدليل لأنه تم دفنها بالفعل و أدى هذا إلى مزيد من الشكوك و تم اخطار الشرطة التى قامت باستخراج جثة ” مايكل مالوي ” لفحصها و بعد إجراء تشريح رسمي لها كان من السهل رؤية أن هذا لم يكن التهابًا رئويًا و أنه قتل حيث تم اعتقالهم جميعا و مع التحقيق معهم بدء سيل الاعترافات مع تسليط الضوء على جريمة المرأة المشردة التي قتلت على يد “مارينو” من أجل أموال التأمين على الحياة و ينتهى بهم الأمر في النهاية الى إعدام أربعة منهم بواسطة الكرسى الكهربائى و هم ” جوزيف مورفي … فرانسيس باسكوا … تونى مارينو … دانييل كريسبيرج ” و بالسجن على “هيرشي جرين” و بدا بالتأكيد أن مالوي كان قد ضحك أخيرًا في النهاية و حتى اللحظة لا تزال حالة مايكل مالوي غريبة بعد خوضه كل تلك التجارب المميتة من دون أن يتأثر منها اضافة الى عناد غريب من قبل قاتليه و هو ما ادى الى وقوعهم فى قبضة العدالة .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *