في أواخر الحرب العالمية الثانية و تحديدًا في الأشهر الأولي من عام 1945 شهدت جزيرة رامري الواقعة في خليج البنغال و التي كانت مسرحًا لمعركة شرسة بين القوات البريطانية و اليابانية واحدة من أكثر الحوادث إثارة للرعب في التاريخ العسكري بعد أن لعبت الطبيعة دور في تغيير مجريات الأحداث عبر تحول مستنقعاتها الكثيفة إلي فخ مميت للجنود اليابانيين الذين حاولوا الفرار من قبضة القوات البريطانية بعد أن هاجمتهم أعداد ضخمة من التماسيح التي تعيش بها في حادث عرف بإسم مذبحة تماسيح جزيرة رامري و الذي أسفر عن مقتل مئات الجنود منهم الذين وقعوا ضحايا بين فكوك هذه الزواحف العملاقة.

بدأت القصة بجزيرة رامري الإستوائية في خليج البنغال التي كانت موقعًا إستراتيجيًا مهمًا للقوات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية نظرا لأنهم كانوا ينظرون إليها بإعتبارها من الممكن أن تكون قاعدة جوية محتملة يمكن من خلالها شن هجمات علي القوات اليابانية الموجودة في تلك المنطقة إلا أن المشكلة التي واجهت البريطانيين أن تلك الجزيرة كانت محتلة من قبل آلاف الجنود اليابانيين و هو ما أدي إلي إندلاع معارك طويلة و متعبة إستمرت ستة أسابيع و في النهاية تمكنت القوات البريطانية بدعم من اللواء الهندي السادس و الثلاثين من تقسيم القوة المعادية إلي قسمين و عزل حوالي 1000 جندي ياباني عن باقي القوات و أرسل إليهم البريطانيين رسالة مفادها أنه عليهم الإستسلام الفوري .

و مع تيقن اليابانيين بأنهم وقعوا في حصار محكم كان أمامهم خيارين أولهم الإستسلام للقوات البريطانية أو محاولة الفرار عبر مستنقعات الجزيرة الكثيفة رغم معرفتهم بطبيعة المخاطر الموجودة فيها أبرزها تواجد تماسيح ضخمة يصل طولها إلي أكثر من 5 أمتار و ووزنها 450 كيلوجرام و في بعض الأحيان قد يصل طولها إلي 7 أمتار و وزن يصل إلي الطن حيث تعد تلك المستنقعات هي موطنها الطبيعي و تتميز بأنه لا يمكن مقارنة البشر بسرعتها و حجمها و خفة حركتها و قوتها الهائلة التي تمكنها من سحق أي فريسة بسهولة و بعد جدال و مناقشات إختار العديد منهم عدم الإستسلام و المضي قدما في العبور بالمستنقعات و هو ما كان بمثابة حكم بالإعدام عليهم بعد أن واجهوا فيها ظروفًا قاسية بدءًا بالأمراض و الجفاف و هجمات البعوض و العناكب و الثعابين السامة و العقارب المختبئة في الغابة الكثيفة و تقتل الجنود واحدًا تلو الآخر و إنتهاءً بالهجمات المفاجئة من قبل التماسيح التي تنتظر فريستها في الظلام بمجرد توغلهم في تلك المستنقعات .

و تختلف الروايات حول عدد الجنود الذين لقوا حتفهم في مذبحة تماسيح جزيرة رامري حيث تأتي الرواية الأبرز من عالم الطبيعة ” بروس ستانلي رايت ” الذي شارك في معركة جزيرة رامري و قال فيها أن ليلة 19 فبراير عام 1945 كانت مرعبة جدا لهم لأن التماسيح تجمعت بعد إنتباهها لضوضاء الحرب و رائحة الدم و إستلقت بعيونها فوق الماء في حالة تأهب لوجبتها و مع إنحسار المد تحركت نحو الرجال الموتي و الجرحي و غير المصابين الذين علقوا في وحل المستنقعات و كنا نسمع إنطلاق الطلقات التي يخترقها صرخات الرجال الجرحي الذين يسحقون بفكوك تلك الزواحف الضخمة و كان صوت هجمات التماسيح تشكل سيمفونية من الجحيم نادرًا ما يتم تكرارها علي الأرض و عند الفجر وصلت النسور لتنظيف ما تركته التماسيح .

إقرأ أيضا : شويتشي يوكوي الجندى اليابانى الذى عثر عليه حيا فى الغابة بعد 28 عاما من إنتهاء الحرب
و تشير بعض المصادر إلي أنه من بين 1000 جندي دخلوا المستنقع في جزيرة رامري نجا حوالي 480 جنديًا فقط كما سجل الحادث في موسوعة جينيس للأرقام القياسية بإعتباره أكبر هجوم للتماسيح في التاريخ و تقول مصادر أخري أن ما يعرفه البريطانيين علي وجه اليقين أن 20 رجلاً ياباني خرجوا من المستنقع أحياء و تم أسرهم و أخبروهم عن تلك التماسيح و حتي اللحظة لا يزال العدد الدقيق للرجال الذين ماتوا في مذبحة تماسيح جزيرة رامري محل نقاش لأن لا أحد يعرف علي وجه اليقين كم من الجنود الذين ماتوا بسبب الأمراض أو الجفاف أو الجوع مقابل الإفتراس و لكن تبقي الحقيقة الوحيدة المؤكدة هي أنه عندما تُعطى الخيار بين الإستسلام أو المخاطرة في مستنقع مليء بالتماسيح إختر الإستسلام و لا تحاول العبث مع الطبيعة الأم .